صحة تقييد النفقات في أبواب الميزانية المتعلقة بها.
تقديم الوثائق المثبتة الواجب طلبها قبل أداء النفقات طبقا للنصوص التنظيمية السارية المفعول.
عدم القيام بمراقبة مشروعية تحصيل وتنزيل المداخيل المرصودة في صناديقهم.
إخفاء المستندات أو الإدلاء بوثائق مزورة أو غير صحيحة للمحاكم المالية.
الحصول على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية.
? الرفع من قيمة الغرامات الممكن الحكم بها على مرتكبي المخالفات المالية، وفي حال ثبوت تسبب المخالفات المرتكبة في خسارة لأحد الأجهزة الخاضعة لرقابة المحاكم المالية، فإنه يمكن لهذه الأخيرة الحكم على المعني بالأمر بإرجاع المبالغ المطابقة لهذه الخسارة لفائدة الجهاز المعني بالأمر من رأسمال وفوائد.
? إحداث درجة ثانية من التقاضي سواء بالمجلس الأعلى للحسابات، حيث يمكن استئناف القرارات النهائية الصادرة ابتدائيا عن الفروع التابعة للمجلس الأعلى للحسابات أمام هيئة الغرف المشتركة بهذا المجلس.
ثانيا: الاختصاصات الخاصة بالمجلس الأعلى للحسابات:
تعتبر مؤسسة المجلس الأعلى للحسابات هيئة عليا للرقابة عل المال العام، وقد أفردها دستور 2011 حيزا هاما ، حيث خصها بمقتضيات تمنحها اختصاصات ذات طبيعة رقابية وقضائية حقيقية، وضمن استقلاليتها وخولها مهاما تتعلق بمراقبة تنفيذ الميزانية يمكن إجمالها فيما يلي:
E التدقيق والبث في الحسابات المتعلقة بمرافق الدولة أو المؤسسات العمومية والمقاولات التي تملك الدولة رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية.
E ممارسة المهام القضائية في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة للمخالفات التي يرتكبها كل مسؤول أو موظف أو عون بمرافق الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة مشتركة، أو تملك فيها بصفة مشتركة مع الجماعات الترابية أغلبية رأسمالها.
E القيام برقابة التسيير على مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والمقاولات المخولة الامتياز في مرفق عام أو معهود إليه بالتسيير، والشركات والمقاولات التي تملك فيها الدولة أو مؤسسات عمومية على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية رأسمالها.
E مراقبة استعمال الأموال التي تجمع من الجمعيات من خلال التماس الإحسان العمومي بطلب من رئيس الحكومة، وذلك للتأكد من مطابقة استخدام هذه الأموال للأهداف المبتغاة من التماس الإحسان العمومي.
E ممارسة رقابة التسيير على أجهزة الضمان الاجتماعي المستفيدة من أحد الأجهزة العمومية من إمدادات مالية على شكل مساهمات من أرباب العمل أو على شكل إعانات.
E تقديم المساعدة للبرلمان في الميادين المرتبطة بمراقبة المالية العامة، حيث يجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المرتبطة بالمالية العامة وهذا ما ينص عليه الدستور الحالي في الفصل 148؛ إذ فسح المجال لتطوير الدور الرقابي للبرلمان على تدبير المالية العامة وجعلها أساس ترشيد التدبير العمومي.
E بذل المساعدة للحكومة بطلب من رئيس الحكومة حول تقييم البرامج والمشاريع العمومية أو مراقبة إحدى الأجهزة الخاضعة لمراقبة المجلس، مما يجعل من هذا الأخير هيئة دستورية داعمة بشكل مباشر للتمثيلية الديمقراطية التي تجعل من البرلمان الهيئة الرقابية الرئيسية على عمل الحكومة خصوصا في مجال التدبير المالي. وتبدو بوادر فعالية هذه الرقابة جلية من خلال التقرير الأخير المتعلق بصندوق المقاصة، وتعد لجنة مراقبة المالية العامة المحدثة بمجلس النواب من الآليات الرئيسية التي ستعمق التعاون بين المؤسستين الدستوريتين: البرلمان والمجلس الأعلى للحسابات.
E نشر التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات الذي يرفع إلى الملك في الجريدة الرسمية، مع إمكانية نشر القرارات المتضمنة لأحكام بالغرامات.
إلى جانب وظيفة المجلس الأعلى للحسابات في مراقبة تنفيذ المالية هناك مهام أخرى أوكلت إليه في إطار الدستور الجديد مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية؛ فقد أنيطت به مهمة مراقبة هذه العملية لمحاربة كل أشكال النهب والتلاعب بالأموال العمومية.
ثالثا: العلاقة بين المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات:
تتجلى هذه العلاقة فيما يلي:
- تعتبر المجالس الجهوية للحسابات كمحاكم ابتدائية، إذ يمكن استئناف قراراتها النهائية أمام المجلس الأعلى للحسابات في أجل 30 يوما الموالية لتاريخ تبليغ هذه القرارات إلى المعنيين بالأمر.
- قيام المجلس الأعلى للحسابات بمهمة تفتيش دائمة للمجالس الجهوية للحسابات لتقييم تسييرها وتسيير المصالح الموالية لها والمناهج المتبعة وطريقة عمل القضاة والموظفين الإداريين.
- تخصيص ميزانية واحدة لكل من المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوبة للحسابات تندرج ضمن الميزانية العامة للدولة ويتولى صرفها الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات باعتباره آمرا بالصرف، ولا يخضع تنفيذ هذه الميزانية لأية رقابة سابقة من أجل توفير ضمانات أكثر لاستقلالية المحاكم المالية عن الأجهزة الحكومية.
- إشراف المجلس الأعلى على مهام المجالس الجهوية؛ إذ تلزم هذه الأخيرة بتوجيه نسخ من كل التقارير المتعلقة بمراقبة التسيير ومراقبة استخدام الأموال العمومية للمجلس المذكور، كما أن الرئيس الأول لهذا المجلس يسير الشؤون الإدارية للقضاة وبقية الموظفين الإداريين التابعين للمحاكم الإدارية.
المطلب الثالث: الرقابة السياسية:
ينهض البرلمان بهذه الرقابة حيث نص عليها دستور 2011 في فصله 75، وتتجسد هذه المراقبة أولا في التصويت على القانون المالي، بحيث يحق دستوريا للبرلمان أن يرخص للحكومة بتحديد طبيعة ومقدار موارد الدولة وتوزيع النفقات العمومية، وتحقيق التوازن بين الموارد والنفقات، ومتابعة تنفيذ بنود الميزانية بكيفية مستمرة في الاستخبار حول تدبير المؤسسات العمومية والشبه عمومية.
ويمكن تقسيم هذه المراقبة إلى مراقبة سابقة على تنفيذ الميزانية، ومراقبة مزامنة لهذا التنفيذ، وأخرى لاحقة له.
المراقبة السابقة: هي تلك التي يجريها البرلمان على النشاط المالي للحكومة من خلال دراسته ومناقشته لمشروع قانون المالية والتصويت عليه.
المراقبة المزامنة: وتجرى عن طريق:
الأسئلة الكتابية والشفوية التي توجه إلى الوزراء حول مختلف أوجه استعمالات الاعتمادات المخصصة لوزاراتهم، وذل كأن الفقرتين 1 و2 من الفصل 100 من دستور 2011 تنص على أنه "... تخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلس البرلمان وأجوبة الحكومة.
تدلي الحكومة بجوابها خلال 29 يوما التالية لإحالة السؤال إليها ".
والأسئلة البرلمانية كوسيلة من وسائل المراقبة غير المثيرة للمسؤولية السياسية للحكومة فهي أسئلة كتابية وأخرى شفوية، الهدف منها مطالبة السلطة التنفيذية بتقديم الأجوبة عنها والتي تهم الرأي العام وتمس قضايا وهموم المواطنين طبقا لما تم التنصيص عليه في الفصل 10 من دستور2011.
التصويت على القوانين المعدلة لقانون المالية السنوي: يعتبر مشروع القانون المعدل لقانون المالية من أهم وسائل المراقبة الموازية على تنفيذ الميزانية على تنفيذ الميزانية، حيث تقوم اللجنة المالية بدراسة القانون المالي المعدل، ومناقشة محتوياته ، مرفقا بوجهات النظر حول التعديلات المقترحة، ومحددة مواطن الضعف الموجودة في المشروع التعديلي، والأسس والتوجهات اللازم نهجها لتقويته، قصد تقديمه للبرلمان لأجل المصادقة والتصويت عليه بنفس الطريقة المتبعة فيما يخص القانون المالي السنوي. ويتم تقديم القوانين التعديلية في 3 فترات من السنة في الصيف والشتاء ثم الربيع وذلك بناء على متغيرات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، حيث تعمل السلطة التنفيذية على الاستجابة لهذه الأوضاع من خلال تقديم القوانين التعديلية، ومن خلالها يمكن للبرلمان مطالبة الحكومة بتقديم توضيحات حول ظروف تنفيذ الميزانية ومستويات الإنفاق والجباية وسير المصالح المالية وغير ذلك من البيانات التي تمكن البرلمان من الوقوف على حقيقة الوضعية المالية والتدخل لتكييفها من خلال القانون المالي التعديلي، وفق ما تقتضيه المصلحة العامة.
إحداث لجان تقصي الحقائق طبقا للفقرة الثانية من الفصل 67 من الدستور والتي تنص على ما يلي: "علاوة على اللجان الدائمة...، يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين، لجان نيابية لتقصي الحقائق، يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو تدبير المصالح أو المؤسسات أو المقاولات العمومية وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها" ويتم توقيف عملها على الفور بمجرد فتح تحقيق قضائي في الوقائع المراد التحري بشأنها. ويمكن القول بأن هذه اللجان تلعب دورا كبيرا في تتبع السياسة المالية العامة للحكومة، حيث خول لها المشرع الاطلاع على جميع الوثائق والمستندات التي من شأنها أن تسهل مهمتها، وقد تلعب دورا كبيرا في كشف أهم القضايا نهب المال العام، كما وقع سنة 2000 حين إحداث لجنة لتقصي الحقائق حول مؤسسة القرض السياحي والعقاري من طرف مجلس النواب، كما أحدثت لجنة مماثلة سنة 2001 من قبل مجلس المستشارين حول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
إمكانية تقديم ملتمس الرقابة ضد الحكومة؛ حيث تعتبر تقنية من آليات المنظومة الرقابية البرلمانية، إذ تمكن المعارضة من الانخراط الفعلي في رقابة الحكومة في مختلف مجالات عملها خصوصا فيما يتعلق بالمجال المالي، فهي إحدى الأدوات الرقابية المثيرة للمسؤولية السياسية للحكومة، فبمجرد التلويح باستعمال ملتمس الرقابة قد يشكل ضغطا على الحكومة بغض النظر عن آثاره في إسقاط الحكومة أو عدمه، مما يدفعها إلى تنفيذ الميزانية بما يتوافق مع ما التزمت به أمام المؤسسة البرلمانية وعليه فالفصل 105 من دستور 2011 ينص على أنه: "لمجلس النواب أن يعارض مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس الرقابة ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس ولا تصلح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي 3 أيام كاملة على إيداع الملتمس وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة جماعية وإذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة فلا يقبل بعد ذلك ملتمس رقابة أمامه طيلة السنة".
المراقبة اللاحقة: فتجرى من خلال التصويت على مشروع قانون التصفية أو ما يسمى بالحساب الختامي وفي بعض الحالات إحداث لجان تقصي الحقائق. وتكمن أهمية قوانين التصفية في تعزيز المهام الرقابية للبرلمان على استعمال المال العام، ونظرا لهذه الأهمية فإن المشرع المغربي خصها في القانون التنظيمي للمجلسين بنصوص تتضمن كيفية مناقشتها والتصويت عليها، خاصة المادة 47 من القانون التنظيمي للمالية رقم 7.98 الذي جاء فيه: "يثبت في قانون يسمى قانون التصفية، المبلغ النهائي للمداخيل المقبوضة، والنفقات المأمور بصرفها والمتعلقة بنفس السنة المالية، ويحصر فيها حساب نتيجة السنة، ويجب أن يودع مشروع قانون التصفية بمكتب أحد مجلسي البرلمان في نهاية السنة الثانية الموالية لتنفيذ قانون مالية السنة".ويمكن القول بأن قانون التصفية هو قانون مالي كباقي القوانين المالية الأخرى؛ فهو يهتم بتصفية حسابات للقانون المالي الأصلي، كما ترد في قانون التصفية كل الجداول بما في ذلك جدول التوازن بين التكاليف والمداخيل، أما باقي المقتضيات القانونية الأخرى فلا ترد، وذلك لأن المقصود بقانون التصفية هو تصفية الحساب لا غير، وعلى هذا الأساس يمكن القول بأنه قانون مالية في كل شيء كما أن الأرقام تكون حقيقية عكس قانون المالية الأصلي فتكون الأرقام تقديرية.
فبدون هيئات عليا حقيقية للرقابة على المال العام سواء التفتيشية أو القضائية سنجد أنفسنا أمام نظامين للتدبير العمومي؛ نظام خاضع لرقابة شكلية ومحدودة على تنفيذ الميزانية، وجزء خارج أية رقابة، وتتم إدارته خارج رقابة البرلمان، والتي تضم حاليا ثلثي التدبير المالي العمومي كالوكالات والمؤسسات العمومية والشركات الوطنية، بالإضافة إلى تدبير الملك الخاص للدولة الذي يبقى أهم مجالات غموض التسيير العمومي.
المبحث الثاني: المراقبة على ميزانية الجماعات الترابية:
تعتبر الجماعات المحلية جزءا لا يتجزأ من الدولة؛ إذ أنها تلعب دورا هاما في التكفل بحاجيات المواطن وتحقيق التنمية الشاملة، وقد سماها الدستور الجديد بالجماعات الترابية وتضم الوحدات الترابية التالية: الجهات والجماعات الحضرية والقروية والعمالات والأقاليم، وتتمتع بنوع من الاستقلال المالي، لكنها تخضع لرقابة هيئات متعددة تراقب ميزانيتها على مراحل (المطلب الأول)، وتصنف هذه المراقبة إلى 3 أصناف شأنها شأن مراقبة تنفيذ الميزانية العامة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مراحل مراقبة الميزانية:
تتم المراقبة على مرحلتين هما:


أولا: المراقبة من طرف سلطات الوصاية:
أ- مراقبة صحة الالتزام بنفقات الجماعات الترابية:
تجرى هذه المراقبة من طرف موظفين معنيين بمقرر لوزير المالية وتهدف إلى التحقق من أن الالتزام:
منجز بشأن اعتماد متوفر.
مطابق لباب الميزانية المقترح اقتطاع الاعتماد منه.
صحيح بالنسبة للقوانين والأنظمة المطبقة عليه.
تجرى المراقبة قبل أي التزام وتتم إما بوضع تأشيرة على مقترح الالتزام أو برفض التأشيرة مدعم بالأسباب. وإذا رفضت التأشيرة من طرف العون المكلف بالمراقبة أمكن العدول عن هذا الرفض بطلب من الآمر بالصرف بناء على مقرر يصدره وزير الداخلية بعد تأشيرة وزير المالية. وإذا رفضت التأشيرة من قبل هذا الأخير عرض مقترح الالتزام على نظر رئيس الحكومة. وفي حال أحس العون المكلف بالمراقبة عند دراسة الالتزام بعدم أهمية النفقة الملتزم بها أخبر بذلك وزير الداخلية ووزير المالية دون أن يترتب عن هذا الإخبار إيقاف وضع التأشيرة. ويوجه إليهما كل شهر البيان العام للاعتمادات المفتوحة والملتزم بها.
ب- مراقبة صرف الآمرين بالصرف والقباض والمحاسبين:
تجرى هذه المراقبة على تصرف الآمرين بالصرف من طرف وزير الداخلية والسلطات والأعوان المفوض إليهم من طرفه في هذا الصدد وهيئات ولجان المراقبة المختصة وكذا وزير المالية. أما القباض والمحاسبون فتجرى مراقبتهم عن طريق الهيئات المختصة بالمفتشية العامة للمالية، كما تحدد مسؤوليتهم بالنسبة للقرارات التي ينفذونها أثناء ممارسة مهامهم، ويتعرضون للمسؤولية التأديبية أو المدنية أو الجنائية، إضافة إلى العقوبات التي يصدرها كل من المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات.
ثانيا: المراقبة من طرف المجالس الجهوية للحسابات:
تم إنشاء المجالس الجهوية للحسابات بناء على القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-02-124 بتاريخ 13 يونيو 2002 بعد دراسة المشروع في المجلس الوزاري بتاريخ 23 يناير 2003. والقانون رقم 52.06 المغير والمتمم بموجبه القانون رقم 62.99.
وتتألف من قضاة ورؤساء المجالس الجهوية الذين يتولون الإشراف العام عليها وتنظيم أشغالها كما يترأسون جلساته، ووكلاء الملك الذين يمارسون مهام النيابة العامة لدى هذه المجالس فيما يخص مسائله القضائية، ومستشارين، كما تتوفر هذه المجالس على كتابات عامة وكتابات للضبط.
وتسند لهذه المجالس ممارسة نفس الاختصاصات التي يمارسها المجلس الأعلى للحسابات على المستوى الترابي سواء فيما يتعلق بالتدقيق والبث في الحسابات والتسيير الفعلي أو بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أو بمراقبة التسيير أو بمراقبة استخدام الأموال العمومية:
1- التدقيق والبث في الحسابات:
يقوم المجلس بالتدقيق والبث في حسابات الجماعات الترابية وهيئاتها، وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاولات التي تملك كليا جماعات ترابية ومؤسسات عمومية تخضع لوصاية الجماعات والتي تتوفر على محاسب عمومي، ويلزم المحاسبون العموميون بتقديم حساباتهم سنويا إلى المجلس طبق الكيفية والآجال المقررة في النصوص التنظيمية.
2- مراقبة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية:
يمكن لوزير الداخلية أو الوالي أو العامل في حدود الاختصاصات المخولة لهم أن يعرض على أنظار المجلس الجهوي كل قضية تخص الإجراءات المتعلقة بتنفيذ ميزانية جماعة ترابية أو هيئة. وفي حال لم تتم المصادقة على الحساب الإداري المفروض والمداولات المتعلقة بهذا الرفض والمستندات المقدمة من طرف المحاسب العمومي المعني بالأمر، يصدر المجلس رأيه حول شروط تنفيذ الميزانية في أجل أقصاه شهرين ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليه.
3- مراقبة التسيير ومراقبة استخدام الأموال:
تضم مراقبة المجلس الجهوي كل لأوجه التسيير وصدق العمليات المنجزة ومشروعيتها، وكذا تسيير المقاولات المعهود إليها بتسيير مرفق عام ترابي، والمقاولات والشركات التي تملك فيها الجماعات الترابية أو هيئات ومؤسسات عمومية جهوية وجماعية أغلبية الأسهم في الرأسمال، وتلزم هذه الأجهزة بتقديم وثائقها المحاسبية سنويا إلى المجلس الجهوي.
4- مراقبة استخدام الأموال العمومية:
يراقب المجلس الجهوي استخدام الأموال العمومية التي تتلقاها المقاولات والجمعيات وكل الأجهزة الأخرى التي تستفيد من مساهمة الرأسمال أو أية مساعدة أخرى من طرف جماعة ترابية أو هيئة خاضعة لمراقبة المجلس، وذلك للتأكد من مطابقة استخدام الأموال العمومية المحصلة للأهداف المتوخاة من المساهمة أو المساعدة.
5- مهمة المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية:
في حال اكتشف المجلس الجهوي أفعالا تستوجب عقوبة تأديبية أخبر وكيل الملك الذي يخبر السلطة المعنية بالتأديب التي تخبر بدورها المجلس بالتدابير التي اتخذتها في بيان معلل. أما إذا كانت تستوجب عقوبة جنائية أخبر وكيل الملك بذلك الوكيل العام للملك الذي يرفع النازلة لوزير العدل لاتخاذ التدابير اللازمة ويخبر بها المجلس. وفيما يخص مهمة المجلس القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، فإن الأحكام الصادرة يمكن استئنافها أمام الغرفة المختصة بالمجلس من طرف المعني بالأمر ووزير الداخلية ووزير المالية.
المطلب الثاني: أصناف الرقابة على ميزانية الجماعات الترابية:
تصنف الرقابة الممارسة على ميزانية الجماعات الترابية إلى ثلاثة أصناف:
1- رقابة سياسية
2- رقابة إدارية
3- رقابة قضائية
أولا: رقابة سياسية:
يمارسها المجلس التداولي للجماعات الترابية، وتصنف بدورها إلى رقابة قبلية ورقابة بعدية:
1- الرقابة القبلية: وتتمثل في المناقشة التي تتم فيما يخص اعتماد الميزانية والتي تعتبر في حد ذاتها رقابة ذاتية للمجلس على عمل الآمر بالصرف، مثلا: استيفاء الشروط، ومواكبة الميزانية للمشاريع التنموية،... كما يتمثل هذا النوع من الرقابة أيضا على التعديلات التي تقع على الميزانية.
2- الرقابة البعدية: تتمثل في التصويت على الحساب الإداري الموضوع من طرف الآمر بالصرف عند نهاية كل سنة مالية بالرفض أو القبول، أي أن للمجلس التداولي للجماعة الترابية الحق قبل التصويت على الميزانية أو الحساب الإداري الذي يضعه الآمر بالصرف في الاستعانة بأجهزة خارجية محاسباتية خاصة لدراسة الميزانية أو التدقيق فيها وإعداد تقارير يتم الاطلاع عليها من طرف المجلس التداولي، وتوجه نسخة منها إلى وزير الداخلية (مع إبراز الأخطاء المحاسباتية للآمر بالصرف) كما هو منصوص عليه في الميثاق الجماعي. والاستعانة بهذه المكاتب تمكن المجلس من الوقوف على مختلف الاختلالات، كما أن فيه تدعيما لرقابة المجالس فيما يخص ميزانية الجماعة الترابية.
وعليه يمكننا القول بأن الرقابة السياسية هي رقابة ذاتية للجماعات الترابية.
ثانيا: رقابة إدارية:
تصنف هي الأخرى إلى:
1- رقابة قبلية.
2- رقابة مواكبة.
3- رقابة بعدية.
1- رقابة قبلية: تتمثل في المصادقة على الميزانية من طرف سلطات الوصاية:
بالنسبة لميزانية العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والجهات: يصادق عليها وزير الداخلية بعد تأشيرة وزير المالية. وفي حالة رفض هذا الأخير التأشيرة المذكورة، تعرض على رئيس الحكومة للمصادقة عليها.
بالنسبة لميزانية الجماعات القروية: يصادق عليها العامل المعني بالأمر بعد تأشيرة قابض المالية الذي يعمل بتفويض من وزير المالية، وإذا رفض القابض التأشيرة المذكورة تعرض على رئيس الوزراء للمصادقة عليها.
ومن أهم الأسباب التي تجعل سلطات الوصاية ترفض المصادقة على الميزانية:


وفي حالة وجود خلل في الميزانية فإنها ترفض ولا تتم المصادقة عليها، ويتم إرجاعها لإعادة النظر فيها من طرف المجلس التداولي، ويستمر العمل بالمداخيل ونفقات التسيير طبقا لميزانية السنة السابقة إلى أن تتم المصادقة على الميزانية؛ إما بقرار يصدره وزير الداخلية فيما يخص الجهات والعمالات والأقاليم والجهات والهيئات، أو العامل فيما يخص الجماعات القروية، مع تحديد المدة التي يستمر بها العمل حسب ميزانية السنة السابقة.
وبعد إجراء دراسة جديدة من طرف المجلس التداولي وتبين أن هذا لأخير لازال متمسكا بمقرراته بعد الدراسة الجديدة يمكن لرئيس الوزراء باقتراح من وزير الداخلية البث في المسألة بمرسوم معلل في أجل ثلاثة أشهر.
2- الرقابة المواكبة: ويتمثل هذا النوع من الرقابة بالأساس في تتبع المشروعية المالية للنفقات المحلية والتصرفات المالية للآمر بالصرف، ويمارسها المحاسب المحلي المكلف بأداء النفقات؛ إذ لا يمكن صرف أية حوالة إلا بعد التأكد من وجود التزام، وفي حالة عدم وجوده يرفض التأشير على الحوالة فلا يتم صرفها تبعا لذلك. وكذا مراقبة تصرفات الآمر بالصرف من طرف وزير الداخلية ولجان المراقبة التي توضع لتحقيق هذا الغرض. كما تراقب تصرفات الآمر بالصرف من قبيل التأكد من توقيع الآمر بالصرف في الحوالة المطلوب صرفها أيضا، والتأكد من عدم إخلال الآمر بالصرف ببنود الميزانية.
هذا النوع من المراقبة يتجلى كذلك في التأكد عند تحصيل الموارد من عدم الإخلال بأي مورد من الموارد كإلغاء ضريبة معينة لأن العلاقات الشخصية قد تؤدي لتصرفات مخلة، وبالتالي إصدار المال العام.
3- الرقابة البعدية: وتتمثل في:
رقابة القابض من طرف وزارة المالية؛ وتتمثل في هيئات تابعة لوزارة المالية مثل المفتشية العامة للمالية -التي سبق ذكرها سابقا- والخزينة العامة للمملكة. وتتمثل هذه الرقابة في التأكد من صحة العمليات المحاسبية فيما يخص المداخيل أو النفقات.
الرقابة الممارسة على تصرفات الآمرين بالصرف من طرف وزير الداخلية والسلطات والأعوان المفوض إليهم من طرفه في هذا الصدد وهيئات ولجان المراقبة المختصة، وكذا وزير المالية. إذ يوجه كل شهر إلى وزير الداخلية ووزير المالية البيان العام للاعتمادات الملتزم بها.
إلا أنه في حالة وجود خلل توضع تقارير تدفع للخازن العام الذي يتخذ إجراءات ردعية كالإجراءات التأديبية. وقد يتم التغاضي، وعليه فالمفتشية العامة تضع تقارير، إلا أنه تنقصها الإجراءات الردعية.
أما الخزينة العامة للمملكة فتمارس رقابة تسلسلية. فالخازن العام هو الرئيس التسلسلي لمحصلي المالية؛ فهو الذي يراقب التدبير المالي عن طريق مراجعة الحسابات الإدارية للمحاسبين المحليين قبل تقديمها للهيئة العليا للرقابة.
ثالثا: رقابة قضائية:
وتتمثل في الرقابة الممارسة من طرف المجالس الجهوية للحسابات، وفي مرحلة أخيرة من المجلس الأعلى للحسابات.
وتتولى المجالس الجهوية مراقبة حسابات الجماعات الترابية وهيئاتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها، فالمجلس الجهوي يمارس الاختصاصات التي سبق ذكرها في الفقرة السابقة؛ أي:
P التدقيق والبث في الحسابات.
P مراقبة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية.
P مراقبة التسيير ومراقبة استخدام الأموال.
P مراقبة استخدام الأموال العمومية.
P مهمة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
وهكذا فإن إسناد مهمة البث في الحسابات الإدارية للمجالس الجهوية يجعلها تساهم في وضع حد للنزاعات التي يثيرها رفض هذه الحسابات من طرف المجالس التداولية، مما يؤثر سلبا على السير العادي لمرافق الجماعات المعنية. كما أن تفعيل مجموع المقتضيات الدستورية الجديدة المرتبطة بالشفافية والمسؤولية والمحاسبة في تدبير المال العام سواء على المستوى العمومي أو الترابي، رهين بالدور المحوري الذي بات يضطلع به المجلس الأعلى للحسابات، باعتباره الهيئة العليا الموكول إليها مراقبة المالية العمومية مع تفويض بعض مهامها للمجالس الجهوية لمراقبة المالية الترابية. فإلى جانب وظيفته في مراقبة تنفيذ قوانين المالية، أصبح المجلس الأعلى للحسابات يمارس كذلك مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة أي الشفافية والمحاسبة بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية. فتبعا للفصل 149 من الدستور الحالي؛ فإن المجالس الجهوية للحسابات تتولى مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها، وكيفية قيامها بتدبير شؤونها. وتعاقب عند الاقتضاء، عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة.
خاتمة:
وخلاصة القول، فإن الجماعات الترابية تعاني من ضعف في الموارد الذاتية، لذا لطالها لجأت إلى الدولة لتغطية نفقاتها؛ إذ أنها تملك موارد مالية ذاتية وموارد مرصودة من قبل الدولة كما ينص على ذلك الفصل 141 من الدستور الحالي، وقد تم اللجوء إلى الجهوية الموسعة لحل إشكالية الجماعات الفقيرة وتحقيق تعاون بين الجماعات غنية كانت أم فقيرة للوصول إلى تحقيق تنمية محلية، فقد نص الفصل 142 من نفس الدستور على أن يحدث لفترة معينة ولفائدة الجهات صندوق للتأهيل الاجتماعي، يهدف إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية، والبنيات التحتية والأساسية والتجهيزات ويحدث أيضا صندوق للتضامن بين الجهات، بهدف التوزيع المتكافئ للموارد قصد التقليص بين التفاوتات بينها. وفي الأخيرة من الفصل 143 ينص على أنه كلما تعلق الأمر بإنجاز مشروع يتطلب تعاون عدة جماعات ترابية، فإن هذه الأخيرة تتفق على كيفيات تعاونها. في حين ينص الفصل 144 على أنه يمكن للجماعات الترابية تأسيس مجموعات فيما بينها، من أجل التعاضد في الوسائل والبرامج.
وفي المقابل، فإن حماية المال العام تعد رهانا أساسيا في سياق الحديث عن الإصلاحات السياسية وفي ظل تنصيب حكومة ديمقراطية منتخبة بالمغرب. فبدون تفعيل الرقابة القضائية على المالية العمومية والمحلية وتعزيز دورها وتوسيع مهامها، لا يمكن الحديث عن اعتماد مبادئ الحكامة المالية.
وتبقى الأسئلة المطروحة في هذا السياق هي إلى أي مدى تفعل هذه الأنواع من الرقابة وكذا تنزيل مقتضيات الدستور الجديد على أرض الواقع، باعتبار المغرب أكثر دولة عربية ديمقراطية؟ ومن جهة أخرى، لماذا كل هذه الأنواع من الرقابة على المال العام؟ ألا يجد بالمغاربة أن يكونوا أمناء على أموال بلادهم؟