القضاء هو ميزان العدل، وملاذ المظلومين،يلجأ إليه الأفراد لحل نزاعاتهم والدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، والقضاء أيضا هو الذي يضمن فاعلية القانون في المجتمعات، إذ لا قانون بلا قضاء يحميه ويضمن تطبيقه السليم.
وتظهر أهمية القضاء على مستوى حل النزاعات بين الأفراد ، وتزداد حينما يتعلق الأمر بحل النزاعات التي تنشأ بين الأفراد والإدارة ، باعتبارها سلطة عامة ، وهو موضوع القضاء الإداري.
ونقصد بالقضاء الإداري ذلك القضاء المنوط به رقابة مشروعية أعمال الإدارة، وسلامة تصرفاتها من الناحية القانونية ، وحين تتصرف كشخص عام ذا سلطة عامة.
فالإدارة كسلطة عامة في قيامها بأنشطتها تحقيقا للمصلحة العامة ، قد تعرض حقوق وحريات الأفراد في كثير من الأحيان للخطر ، وقد تتجاوز السلطة وتتعسف في استعمالها ، ولحماية الحقوق والحريات ولضمان احترام مبدأ الشرعية ، عملت مختلف الدول على إخضاع الدول على اختلاف أنظمتها على اخضاع على اخضاع أعمال الادارة لرقابة القضاء مع اتساع مجالات تدخل الإدارة.
وقد اتسعت مجالات تدخل الإدارة وذلك بهدف ترتيب آثار قانونية معينة وذلك بإنشاء المراكز القانونية الجديدة أو احداث تعديل في المراكز القانونية القائمة من قبل.أو انهاءها.
وتنقسم هذه الاعمال بدورها الى نوعين ، أعمال قانونية صادرة من جانب واحد ويشمل القرارات الإدارية التنظيمية والقرارات الإدارية الفردية،ثم الأعمال القانونية الصادرة من جانبين ، ويتم على اتفاق بين الإدارة وغيرها من الهيئات أو الأفراد وهي العقود الادار ية .
ويتميز القضاء الإداري أولا بمحاولة التوفيق بين مصالح متعارضة ، مصالح الإدارة العامة ومصالح الأفراد الخاصة والثانيا بالدور الخلاق والإبداعي للقاضي الإداري ، الذي يجتهد في حل المشاكل والنازعات التي تطرأ بين الأفراد والإدارة مادامت أغلب قواعد القانون الإداري غير مقننة بالنظر أيضا إلى تجدد هذه المنازعات بسبب الاتساع الدائم لأنشطة الادارة.
وتعتبر دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة إحدى التطبيقات الاساسية للقضاء الاداري فهي الوسيلة القضائية التي تهدف إلى إلغاء القرارات الادارية غير المشروعة ، بالإضافة الى دعوى التعويض عن الاخطاء الادارية.
وسنحاول في هذا البحث دراسة دعوى الالغاء من خلال الاجابة على الاشكالية التالية:
ماهو مفهوم دعوى الالغاء وما هي شروطها؟ من خلال المنهجية التالية:
المبحث الاول : الإطار النظري لدعوى الإلغاء وشروطها الموضوعية
المبحث الثاني : الإطار العملي لدعوى الإلغاء
المبحث الثاني : الإطار العملي لدعوى الإلغاء
المبحث الاول: الإطار النظري لدعوى الالغاء وشروطها
سنقسم هذا الموضوع إلى مطلبين، المطلب الأول سنتناول فيه الإطار النظري لدعوى دعوى على أن نخصص المطلب الثاني لشروط دعوى الإلغاء
المطلب الأول : الإطار النظري لدعوى الإلغاء
من خلال هذا المطلب سنحاول معالجة نقطتين في الفقرة الأولى مفهوم دعوى الإلغاء وخصائصها وفي الفقرة الثانية التأصيل التاريخي لدعوى الالغاء.
الفقرة الاولى: مفهوم دعوى الالغاء وخصائصها
تعتبر دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة دعوى قضائية ترمي إلى المطالبة بإلغاء وإعدام القرار الاداري لكونه معيبا أو مشوبا بعيب من عيوب عدم المشروعية المعروفة[1].
ويمكن تعريف دعوى الإلغاء بأنها "الوسيلة القضائية التي تمكن القاضي من مراقبه عمل الادارة وإلغاء قراراتها غير المشروعة " وتعد أهم الدعاوى لقضائية وأكثرها قيمة من الناحية النظرية والعملية ، كما تمثل حماية هامة للأفراد وحرياتهم وتمنع خروج الإدارة عن أحكام القانون.
وبموجب دعوى الإلغاء يكون للقاضي أن يفحص مشروعية القرار الإداري ، فإذا تبين مجانبة القرار الإداري للقانون حكم بإلغائه ولكن دون أن يمتد حكمه إلى أكثر من ذلك ، فليس له أن يقوم بتعديل القرار الإداري المطعون فيه أو استبداله بغيره.
ودعوى لإلغاء تمكن من مساءلة الإدارة ومقاضاتها حول الأضرار التي تلحقها بالأغيار من خلال قراراتها وأعمالها ، ومن تم أصبح بإمكان كل متضرر من نشاط الإدارة الحق في رفع دعوى ضد الإدارة بسبب تجاوز استعمال السلطة.
وتتميز دعوى الإلغاء بعدة خصائص سنذكرها كالأتي :
- الطعن بالإلغاء طعن عام: اي ان الطعن بالإلغاء يهدف إلى حماية الشرعية ولا يفلت منه أي مقرر إداري حتى ولو تعلق الأمر بمقرر صدر في إطار قانون ينص على عدم الطعن فيه. مادام مبدأ مراقبة الشرعية مبدأ دستوري. وعليه فالطعن بالإلغاء طعن عام وارد بقوة القانون يسري على جميع القرارات الإدارية ما لم يكن هناك نص صريح يعد من الحدود الواردة على مبدأ الشرعية التي سيتم التطرق إليها في العرض الموالي.
- الطعن بالإلغاء لا يوقف التنفيذ : باعتبار أن القرار الإداري له صفة السند التنفيذي فإنه لا يمكن للطعن بالشطط في استعمال السلطة أن يوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه إلا بصفة استثنائية ، فالإدارة باستهدافها المصلحة العامة تتوفر على إمكانية تنفيذ قراراتها ولا يمكن إيقافها لمجرد التقدم بالطعن فيها. ومع ذلك يمكن لرافع الدعوى ، وبصفة استثنائية أن يطلب من المحكمة أن تأمر بإيقاف تنفيذ القرارات الإدارية التي وقع ضدها الطعن بالإلغاء ، هذا ما نصت عليه المادة 24 من القانون رقم 41/90 التي جاء فيها " للمحكمة الادارية أن تأمر بصفة استثنائية بتوقيف تنفيذ قرار اداري رفع اليها طلب يهدف الى الغائه إذا التمس منها طالب الالغاء صراحة، غير أن القضاء لا يستجيب إلا بصفة استثنائية ، وعادة عند توفر الشروط الثلاثة الاتية: 1 _يجب أن يتقدم به رافع الدعوى بصفة صريحة في نفس الوقت الذي يتقدم فيه بالطعن بالإلغاء (طلب ايقاف التنفيذ ليس مستقلا) 2 _يحب أن يبين فيه رافع الدعوى أن هناك أسباب حقيقية تستوجب إيقاف التنفيذ. 3 _يجب أن يكون الضرر المتوقع حدوثه بتنفيذ القرار الإداري خطير ويصعب إصلاحه.
- الطعن بالإلغاء يستهدف الإلغاء فقط ، أن الطعن من أجل الشطط في استعمال السلطة يستهدف إلغاء القرار الإداري المطعون فيه سواء بصفة كلية أو جزئية ، ودور القضاء يقف عند هذا الحد أي إلغاء القرار الإداري غير المشروع. وعليه فإن مبدأ الفصل بين السلط يمنع على القاضى توجيه أي أمر إلى الادارة.
- دعوى الإلغاء من الدعاوى العينية الموضوعية : فدعوى الإلغاء لا يخاصم فيها رافعها السلطة الإدارية ذاتها بل يخاصم القرار الإداري غير المشروع ، كما أن دعوى الإلغاء لا تستهدف المصلحة الشخصية لرافع الدعوى في حد ذاتها بل تستهدف بالأساس حماية مبدأ الشرعية والنضام القانوني السائد في الدولة.
- دعوى الإلغاء دعوى قضائية : أي أن جميع دعوى الإلغاء تقريبا من خلق مجلس الدولة الفرنسي ، وقد ولدت دعوى الإلغاء في المغرب على أساس النصوص التشريعية التي تضمنتها القوانين الخاصة بالمجلس الأعلى والمحاكم الإدارية على أن تلك القوانين تركت للمجلس الأعلى والمحاكم الإدارية حرية واسعة في الكثير من النواحي.
الفقرة الثانية : التطور التاريخي للدعوى الالغاء
سنحاول معالجة التطور التاريخي لدعوى الإلغاء بالمغرب خلال مرحلتين أساسيتين يكون الفارق بينهما إنشاء المجلس الأعلى، و عليه سيكون تقسيم هذا الفرع إلى:
أولا: تطور دعوى الإلغاء قبل إنشاء المجلس الأعلى
ثانيا: تطور دعوى الإلغاء بعد إنشاء المجلس الأعلى
أولا: تطور قضاء الإلغاء قبل إنشاء المجلس الأعلى
تمتد هذه المرحلة منذ دخول الإسلام إلى المغرب واستقراره به كنظام دين و دولة إلى حين إنتهاء الحماية.
من المعلوم أنه و قبل الحماية عرف المغرب و طبق القانون العام الإسلامي، و هو لا يعترف بقانون إداري متميز و لا قضاء إداري مستقل و متخصص، فلم يكن هنالك قاض مكلف بفض النزاعات بين الإدارة و الخواص، إلا أن هذا لا يعني أنه لم تكن رقابة على أعمال الإدارة إطلاقا لأن مراقبة أعمال الإدارة ليس بغريب في التقاليد الإسلامية، فنجد المدرسة الأندلسية في الفقه الإسلامي مثلا، تقرر و توصي بإنشاء قضاء المظالم، مهمته البث في منازعات السلطة الإدارية.
على كل حال فإنه و خلال هذه المرحلة لا يمكن القول بأن المغرب قد عرف قضاء إداريا أو دعوى للإلغاء بالمعنى المتعارف عليه اليوم، يرجع ذلك لعدة أسباب عل أهمها يكمن في محدودية تدخل الدولة في الحياة الإقتصادية و الإجتماعية للأفراد.
و خلال فترة الحماية بادرت الإدارة الفرنسية إلى إصدار ظهير 12 غشت 1913 للإصلاح القضائي، لكن لا يجب أن نفهم أن الإصلاح هنا كان يقصد به مصلحة المجتمع المغربي، بل كان إصلاحا من أجل خدمة مصالح المستعمر، و بالرغم من أن القضاء الإداري عرفت بوادره منذ الثورة الفرنسية، إلا أن سلطات الحماية كانت ترى فيه عرقلة أمام تحقيق أهدافها في المغرب، فجاء الفصل الثامن من ظهير 12 غشت 1913 لينص على أنه يمنع على المحاكم المغربية أن تتخذ كل ما من شأنه أن يعرقل نشاط الإدارة أو يعرقل نفاذ قراراتها.
و بهذا كانت و لاية المحاكم تقتصر على:
أولا: التعويض
و فيها تنظر المحاكم الإبتدائية إبتدائيا في دعاوى المسؤولية التي ترفع على الإدارة من الأفراد و بهذا يمكن القول بأن قضاء المسِؤولية كان المظهر الوحيد للقضاء الإداري في المغرب إلى حدود 1928.
ثانيا: الدفع بعدم الشرعية
و هنا يكون تقدير شرعية القرارات الإدارية من لدن المحاكم الإدارية لا من أجل إلغائها أو تعطيل نفادها، و إنما بقصد الإمتناع عن تنفيذها إذا ما قدرت عدم شرعيتها.
ولو حاولنا تقييم دور المحاكم قبل 1928 و اختصاصها في و لاية التعويض و في قضاء فحص الشرعية سنجد أنه:
أ- فيما يتعلق بالولاية الأولى يوجد تناقض منطقي و عملي في آن واحد، إذ كيف يمكن أن يسمح للقاضي أن يحكم بجبر الضرر الناتج عن قرار تطبيق القرار المتسم بعدم الشرعية و في نفس الوقت يبقى القرار ساري المفعول.
ب- فيما يتعلق بالولاية الثانية فإن عدم تطبيق القرار يِؤدي من الناحية العملية إلى نفس نتيجة الإلغاء و هو أمر يتناقض مع مقتضيات الفصل 8 المشار إليه أعلاه و الذي يمنع على المحاكم أن تأتي كل ما من شأنه أن يعرقل عمل أو نشاط الإدارة.
و إذا علمنا أن تفسيرات النصوص و الإجتهادات القضائية هي من صنع القضاة الفرنسيين الذين جعلوها في خدمة القضاء الفرنسي ، أمكن القول أنه و إلى غاية 1928 فإن الأفراد حرموا من أهم ضمانة لمبدأ الشرعية و هي دعوى الإلغاء.
هذا ما أدى إلى ظهور ردود أفعال قوية نادت بإنشاء قضاء الإلغاء في المغرب، و أمام الإلحاح المتزايد و الإحتجاجات العديدة المقدمة إلى المقيم العام إضطرت الإدارة الفرنسية إلى الانصياع لهذه المطالب، فأصدرت ظهير 1 شتنبر 1928 الذي يقرر إختصاص مجلس الدولة الفرنسي للنظر في دعاوى الإلغاء المرفوعة من لدن الموظفين ضد القرارات الإدارية المرتبطة بنظامهم الأساسي و الصادرة عن سلطات الحماية.
ومع ذلك، ورغم التطور الذي الحاصل يبقى النظام القضائي في عهد الحماية غير فعال، و لا يوفر ضمانة كافية لحقوق الأفراد و حرياتهم من عدة جوانب، من بينها القصور و التناقض الذي حاولنا الوقوف عليه ونحن بصدد معالجة كل من قضاء التعويض و قضاء فحص المشروعية، كذلك نضيف ضمن هذا الإطار، أنه و بالرغم من منح ظهير 1 شتنبر 1928 للموظفين إمكانية تقديم طعون ضد المقررات الماسة بحقوقهم أمام مجلس الدولة الفرنسي ، إلا أن إدارة الحماية كانت تتدرع أنها تدخل ضمن أعمال السيادة حتى تمنع إمكانية الطعن فيها. كذلك فإن الظهير المذكور قد ساهم في التفرقة و اللامساواة بين المستخدمين في الإدارة و سمح لمن كان يخضع لقانون الوظيفة العمومية بالطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة الفرنسي، ومنع هذا الحق على باقي المستخدمين، هذا بالإضافة إلى أن المغاربة العاملين في الجهاز الإداري كانو قلة كما و كيفا، و هذا يعني أن الأغلبية الساحقة منهم لم تكن تتمتع بحق ممارسة دعوى الإلغاء ضد القرارات الإدارية غير الشرعية وما أكثرها في عهد الحماية.
ثانيا: دعوى الإلغاء في المغرب بعد إنشاء المجلس الأعلى:
كان أول إصلاح طرح بعد إستقلال المغرب هو إعادة إصلاح الجهاز القضائي فصدر ظهير 27 شتنبر 1957 بمقتضاه أنشئ المجلس الأعلى الذي أصبح على رأس جميع المحاكم الموجودة في المغرب على إختلاف درجاتها و أنواعها و له مهمة مزدوجة، فهو من جهة يعتبر محكمة نقض في جميع القضايا حتى الإدارية و من جهة أخرى تعتبر غرفته الإدارية محكمة إلغاء بالنسبة للقرارات الصادرة عن السلطات الإدارية.
واحتراما لمبدأ التخصص قسم المجلس الأعلى إلى خمس غرف من بينها الغرفة الإدارية حددت إختصاصاتها بموجب الفصل 17 من الظهير المذكور في مهمتين:
1- النظر في دعاوى الإلغاء المرفوعة ضد المقررات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية إبتدائيا وانتهائيا.
2- النظر في طلبات الطعن بالنقض المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عن مختلف المحاكم في دعاوى المسؤولية الإدارية المرفوعة على جهات إدارية و التي تلحق ضررا بالأفراد.
نشير كذلك ضمن هذا الإطار أن دعاوى الإلغاء المرفوعة لنظر محكمة النقض معفية من الرسوم القضائية و ذلك ما تؤكده مقتضيات الفصل 56 من ظهير 27 شتنبر 1957.
و خلال مرحلة 1974 إستند الإصلاح القضائي على مبدأ أساسي هو تقريب القضاء من المتقاضين و تقرر في ظله تسهيل مساطر الطعن في مجال دعوى الإلغاء، فجعل الطعن الإداري الذي يسبق الطعن القضائي إختياريا، بعد أن كان في المسطرة القديمة إجباريا، بحيث أمكن للمتقاضي أن يرفع في نفس الوقت طعنا قضائيا و طعنا إداريا و لم يعد ينتظر جواب الإدارة الصريح أو الضمني كما كان عليه الأمر قبل الإصلاح القضائي لسنة 1974.
و أخيرا جاء القانون المحدث بها المحاكم الإدارية عدد 41:90 الصادر في 10 سبتمبر 1993، و الذي و ضع ضمن اختصاصات المحكمة الإدارية النظر في طلبات الإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة و التعويض معا، كدرجة أولى على أن يقع استئناف أحكامها أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى مع مراعاة الاستثناءات المقررة ضمن المادة 9 من نفس القانون.
و قد كان آخر إصلاح عرفه المغرب منذ الاستقلال إلى الآن، فيما يتعلق دائما بدعوى الإلغاء – إحدات محاكم استئناف إدارية - بموجب القانون رقم 80:03 بتاريخ 14 فبراير 2006، و التي عهد إليها بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية، و أوامر رؤسائها ما لم تكن هناك مقتضيات قانونية مخالفة.
و بهذه المقتضيات ينزع اختصاص البث في أحكام المحاكم الإدارية من يد محكمة النقض، كدرجة إستئنافية، على أن المادة 19 من نفس القانون أبقت اختصاص المجلس الأعلى بوصفها جهة إستئنافية في القضايا المسجلة أمامها قبل دخول قانون 80:03 حيز التنفيذ و تكون القرارات الصادرة في هذا الشأن غير قابلة للطعن.
المطلب الثاني : شروط دعوى الالغاء
تنص المادة 20 من القانون المحدث للمحاكم الادارية على ان "كل قرار اداري صدر من جهة غير مختصة او لعيب في شكله او لانحراف في السلطة او لانعدام التعليل او لمخالفة القانون ، يشكل تجاوزا في استعمال السلطة –ويحق للمتضرر الطعن فيه امام الجهة القضائية الادارية المختصة" وبناءا على هذه المادة سنحاول في الفقرة الاولى من هذا المطلب تعريف القرار الإداري باعتباره اساس دعوى الإلغاء ، على ان نخصص الفقرة الثانية لأوجه وحالات الغاء القرار الاداري ، والقرة الثالثة الشروط برفع الدعوى.
الفقرة الأولى تعريف القرار الاداري
قد حضي موضوع القرار الإداري بعناية كبيرة من قبل الفقهاء ، كما ساهم القضاء الإداري في الكشف عن الكثير من ملامحه رغم اختلاف تعريفات الفقه والقضاء للقرارات من حيث الألفاظ ، فإنه ينم عن مضمون واحد فقد عرفه الفقيه lion degu "بأنه عمل إداري يقصد به تعديل الأوضاع القانونية كما هي قائمة وقت صدوره " وقد عرفهJorge videl بأنه " عمل قانوني يصدر عن الإدارة بصفة انفرادية بهدف تغيير التنظيم القانوني انطلاقا من الالتزامات التي يفرضها والحقوق التي يخولها " وقد عرفه الدكتور سامي جمال بأنه "تعبير الإدارة عن الإرادة المنفردة لسلطة إدارية بقصد إحداث أثر قانوني معين"
ومن هذه التعاريف يتضح أن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها المنفردة والملزمة بمقتضى مالها من سلطة عامة تقررها القوانين والمراسيم وذلك بقصد إنشاء أو تعديل أو إلغاء أحد المراكز القانونية متى كان ذلك ممكنا عملا وجائزا قانونا وكان الهدف منه تحقيق مصلحة عامة.
ويتبين مما سبق أن القرار الإداري يجب أن تتوفر فيه ثلاث أمور وهي:
- أن القرار الإداري يصدر عن الإدارة
- أن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها المنفردة والملزمة
- أن القرار الإداري يرتب آثار قانونية
الفقرة الثانية :شروط دعوى الالغاء
سندرس في هذه الفقرة الى شروط الخاصة برافع الدعوى (أولا) على ان نخصص ثانيا الى شرط انتفاء الدعوى الوازية.
أولا : الشروط الخاصة برافع الدعوى
1. الأهلية
يقصد بها أهلية المتقاضي و شرعيته القانونية للتقاضي فلا يجوز رفع الدعوى أو التقاضي أمام المحاكم الإدارية من قبل الشخص القاصر أو المجنون أو الغير متوفر على وضعية قانونية معترف بها.
و أن الأهلية تعتبر من الأمور المتصلة بالنظام العام بحيث لا يصح التعديل فيها أو الاتفاق على ما يخالفها.فمثلا لا يصح للشخص أن يتنازل عن أهليته و على هذا الأساس يتعين على القاضي أن يثير تلقائيا انعدام أهلية أي واحد من المتقاضين و لو لم يثيرها الأطراف أنفسهم و يمكن الدفع بانعدام الأهلية في كافة مراحل الدعوى و لو لأول مرة أمام المجلس الأعلى .
أما الشخص المعنوي فيجب أن يثبت تكوينه القانوني المشروع تبعا للقوانين المتعلقة بتنظيم مختلف أنواعه.
و بالنسبة للجماعات العمومية يتعين تمييز الدولة التي نص بشأنها الفصل 515 من ق م م.
و عليه فان الأصل في الشخص سواء أكان طبيعيا أو معنويا هو أن يكون كامل الأهلية و من ادعى غير ذلك فيكون عليه عبء الإثبات.
<><>
2. الصفة
الصفة هي التي تخول للمدعي أو لطالب الغاء الحق في التقاضي أمام القضاء الإداري و خاصة عندما يتعلق الأمر بدعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة و لمعرفة ما إذا كان شخص ما يتمتع بالحق في التقاضي و مدى توفر شكلية الصفة فيه يجب البحث عما اذا كانت له مصلحة وثيقة بجوهر النزاع و مستند إلى أساس قانوني.
و الصفة تكون شخصية فيما يكون الطاعن (الشخص الطبيعي) هو المتحرك شخصيا و قد تكتب بواسطة مؤهل يقوم مقام الطاعن (الولي- الوصي) أو قانونا (النائب – الوكيل- الغير ) أما إذا كان الشخص شخصا معنويا ( الإدارة - شركة - جمعية – نقابة ) فان الصفة تستلزم بالإضافة إلى الرسم في التقاضي إثبات التمثيلية القانونية لمن يتولى الكلام باسمه أمام القضاء.
3. المصلحة
لا يمكن تصور دعوى الإلغاء كما هو شان الدعاوى العامة بدون وجود مصلحة فان المسلم به انه " لا دعوى بغير مصلحة " فالعبارة تعني أن المصلحة هي المبرر لوجود الدعوى وهي ذاتها المنفعة التي يمكن أن يحصل عليها رافعها.
و من المستقر قضاءا انه لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون إلا أن المصلحة في دعوى الإلغاء تتميز عن تلك التي تتطلبها الدعوى العادية أمام المحاكم العادية أو دعوى القضاء الشامل.
فمن مميزات المصلحة في دعوى الإلغاء ما يلي
· إن المصلحة في دعوى الإلغاء لا يشترط فيها أن تستند إلى حق رافعها اعتدت عليه الإدارة أو هددت بالاعتداء عليه بل يكفي امتلاك رافع الدعوى مصلحة لا ترقى إلى مرتبة الحق و عدم اشتراط استناد المصلحة في دعوى الإلغاء إلى حق الطاعن أدى إلى اتساع ميدانها بوصفها دعوى موضوعية تخاصم القرارات الإدارية غير المشروعة بقصد حماية مبدأ المشروعية.
· يكفي أن يتوفر شرط المصلحة وقت رفع الدعوى على أساس أن دعوى الإلغاء تهدف إلى تحقيق مصلحتين في ذات الوقت مصلحة شخصية لرافع الدعوى و مصلحة عامة للجماعة و ذلك للدفاع عن المشروعية .
· أن يكون للمدعي في دعوى إلغاء القرار الإداري مصلحة شخصية في إلغائه متى كان في مركز قانوني خاص مميز عن سائر الأفراد بحيث يؤثر القرار محل الطعن بالإلغاء على هذه المصلحة تأثيرا مباشرا.
ثانيا خصائص المصلحة التي تجيز الطعن بالالغاء
تتميز المصلحة كشرط لقبول دعوى الإلغاء في ان تكون شخصية و مباشرة من ناحية و تقبل دعوى الإلغاء في حالة توافر المصلحة سواء كانت محققة أم محتملة و يجوز أن تكون المصلحة فيها مادية أو أدبية و يجب أن تكون مشروعة.
أ) المصلحة الشخصية و المباشرة.
· المصلحة الفردية
إن اشتراط شخصية المصلحة لقبول دعوى الإلغاء هو الذي يميزها عن دعوى الحسبة و التي يجوز للكافة إقامتها حماية لمبدأ الشرعية المتصل بها.
حيث إن دعوى الإلغاء لا يكفي لقبولها الاستناد إلى المصلحة العامة فقط بل يجب أن تهدف الدعوى الحصول على حماية مصلحة مرتبطة بحق يهم المدعي بصفة شخصية و مباشرة.
· المصلحة الجماعية
لا يشترط في شرط المصلحة ان يكون فرديا بل قد يكون جماعيا كون المصلحة بالنسبة للأشخاص المعنوية يجب أن تثبت هذه الاشخاص المصالح الجماعية.
و هي عادة ما تكون الأهداف التي من اجلها انشات تلك الأشخاص المعنوية ( جمعية – شركة – نقابة ).
ب) المصلحة المحققة و المصلحة المحتملة
· المصلحة المحققة
من المتفق عليه انه يجب ان يكون لرافع الدعوى مصلحة محققة حتى يمكن قبول دعوى الإلغاء و يتحقق ذلك بصفة عامة اذا تحققت ضرر حال بمصلحة الطاعن.
· المصلحة المحتملة
إن دعوى الإلغاء في الأصل جعلت لحماية المصالح المحققة الحالة إلا انه أحيانا توجد مصلحة محتملة للطاعن ينبغي حمايتها من وراء رفعه لدعواه.
و هي المصلحة التي من غير المؤكد حدوثها أو هي التي من شانها ان تهيئ الفرصة لجلب نفع أو دفع ضرر دون أن يكون ذلك مؤكدا.
ج) المصلحة المادية و المصلحة الأدبية
استقر القضاء الإداري على انه يكفي لقبول دعوى الإلغاء أن يكون للطاعن مصلحة شخصية مباشرة مادية أو أدبية.
· المصلحة المادية
للقرار الإداري آثار مادية يرتبها نفاذه إلى إمكانية الأضرار المادية بمن صدر بشأنه القرار الأمر الذي يجعل له مصلحة مادية معترف بها قضائيا في الطعن بإلغائه للتخلص من أثاره الضارة.
· المصلحة الأدبية
تتمثل المصالح الأدبية أو المعنوية في كل ما يتصل بسمة الشخص أو الموظف أو تشكك في قدراته و كفائت هاو تتعلق بالمشاعر الدينية من جراء غلق مكان العبادة و منع ممارسة الشعائر الدينية فيه.
د) يجب أن تكون المصلحة مشروعة
دعوى الإلغاء جعلت لحماية المشروعية و من ثم فانه يتعين أن تكون المصلحة التي أقيمت دعوى الإلغاء لحمايتها مشروعة.
وحتى تكون المصلحة مشروعة في دعوى الالغاء فانه يجب أن تهدف إلى حماية وضع قانوني أو أخلاقي يقره القانون بمعناه الواسع.
ثالثا: شرط انتفاء الدعوى الموازية
يحيل مفهوم الدعوى الموازية على إن لا يكون في وسع الطاعن اللجوء إلى طريق قضائي أخر يحقق له نفس النتائج التي يريد الوصول إليها عن طريق الإلغاء، ويعود أصل الدعوى الموازية إلى قضاء مجلس الدولة الفرنسي فبعد صدور مرسوم 2 فبراير 1864 التي تقرر بموجبه الإعفاء من دفع الرسوم القضائية وتوكيل محام مجانا لرفع دعوى الإلغاء أمام المجلس نفسه تراكمت القضايا المتعلقة بإلغاء قرارات الإدارة غير المشروعة، مما دفع الاجتهاد القضائي إلى البحث عن حل قضائي أخر يخفف من عدد قضايا الإلغاء من جهة وتعويض المحاميين المتضررين من جراء حرمانهم من امتيازاتهم بسب المرسوم المذكور من جهة أخرى،فقلق مجلس الدولة الفرنسي أمام العدد المرتفع للطعون المتعلقة بتجاوز السلطة أمامه بعد صدور هدا المرسوم ،أدى به إلى البحث عن وسيلة لوقف هذا الغزو لمحاربته فعثر عليها في استثناء الدعوى الموازية ،وتبقى إذن الغاية الأساسية لهده الأخيرة هي الحد من دعاوي الإلغاء .
أما في المغرب ،فالمشرع أكد على شرط الدعوى الموازية صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 14 من ظهير 1957 المحدث للمجلس الأعلى على أن "لا تقبل دعوى الإلغاء الموجهة ضد المقررات الإدارية إذا كان في استطاعة من يعنيهم الأمر المطالبة بحقوقهم لدى المحاكم العادية "وقد اعد المشرع هدا النص في المادة 360 من قانون المسطرة المدنية في الفقرة الأخيرة منه.
و إضافة إلى ذلك تم التأكيد على نفس المقتضيات المذكورة أعلاه في المادة23 من قانون المحاكم الإدارية والتي نصت على أنه "لا يقبل الطلب الهادف إلى إلغاء قرارات إدارية إذا كان في وسع المعنيين بالأمر أن يطالبوا بما يدعونه من حقوق بطريق الطعن العادي أمام القضاء الشامل"
فمن خلال الفصل 360من قانون المسطرة المدنية و المادة 23 من قانون المحاكم الإدارية السالفين الذكر يتضح لنا أن الدعوى الموازية ليست مجرد دفع أو تظلم ،بل هي دعوى قضائية محضة يكون إطارها القضاء الشامل بمفهومه الواسع،سواء كان ذلك متعلقا بالمحاكم العادية أو بالمحاكم الإدارية .
ولكي تطبق نظرية الدعوى الموازية ولا تقبل دعوى الإلغاء يجب أن يكون الطريق الذي نظمه الفانون لصاحب الشأن دعوى لا مجرد دفع أي أن يكون أداة هجوم وليس فقط مجرد وسيلة للدفاع أي عدم أخد الطعن القضائي الذي وفره القانون للمعني بالأمر لصورة دفع بعدم الشرعية، أو تظلم إلزامي ،باعتبار أن الدفع ليس في مرتبة دعوى الإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة، فالدفع بعدم الشرعية لا يقف عقبة في سبيل قبول دعوى الإلغاء ضد القرار الإداري التنظيمي أو ضد القرار الفردي الصادر تطبيقا له ، لما ما بين الطرفين من تفاوت في النتائج ، بحيث أن دعوى الإلغاء تنتهي بحكم قضائي يلغي القرار الإداري ويزيله من الوجود بالنسبة للكافة ودلك بطبيعة الحال إذا كان القرار غير مشرع، بينما لا يترتب على الدفع بعدم الشرعية إلا مجرد الامتناع عن تطبيق القرار الإداري بالنسبة للنزاع المعروض على القاضي ويظل القرار قائما للتطبيق على الحالات المشابهة.
فحتى لا يتم قبول دعوى الإلغاء يجب أن تكن الدعوى الموازية محققة لنفس النتائج التي تحققها دعوى الإلغاء وهو ما عبرت عنه المادة 23 بقولها "...أن يطالبوا بما يدعونه من حقوق..." فدعوى الإلغاء تعد غير مقبولة إذا كان الطاعن يتوفر على دعوى قضائية أخرى عادية أو إدارية غير تلك المتمثلة في دعوى الإلغاء ،تقدم له نفس نتائج دعوى الإلغاء ،أي بعبارة أخرى يجب أن تؤدي الدعوى الموازية إلى حصول المدعي على مركز معادل للمركز الذي يمكنه الحصول عليه بواسطة دعوى الإلغاء .
الفقرة الثالثة: حالات وأوجه الالغاء
أولا : شروط المشروعية الخارجية
: عيب الاختصاص :
قبل الوقوف على ماهية عيب الاختصاص يتعين علينا أن نعرج ولو بعجالة على مفهوم الاختصاص استجلاء لأسباب اللبس و الغموض التي قد تكتنف الموضوع.و ذلك من خلال محاولة الإجابة عن ما يلي:
ما المقصود بالاختصاص ؟ وما مفهوم عيب الاختصاص ؟ و ماهي صوره وحالاته ؟
1- المقصود بالاختصاص:
يقصد بالاختصاص الصلاحية الموكولة لجهة إدارية قصد إتحاد ما يلزم من قرارات، وتحدد اختصاصات السلطات الإدارية المختلفة، إما بواسطة قواعد دستورية أو تشريعات أو تنظيمات أو بقواعد مستنبطة من قبل القضاء استنادا على المبادئ العامة للقانون أو عن طريق القرارات أو العرف.
2- مفهوم عيب الاختصاص:
يقصد بعيب الاختصاص أو عدم الاختصاص صدور القرار المطعون فيه ممن لم يخوله القانون صلاحية إصداره.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن عيب الاختصاص يعتبر العيب الوحيد من أوجه الإلغاء المتعلق بالنظام العام،الأمر الذي يترتب عنه ما يلي:
للقاضي أن يثيره من تلقاء نفسه وإن لم يدل به أحد الخصوم أو لم يدفع به الطاعن أمامه، و يثار في أي مرحلة من مراحل الدعوى.
عدم السماح للإدارة و للأفراد الاتفاق على مخالفة قواعد الاختصاص بتعديلها.
لا يجوز للسلطة الإدارية صاحبة الاختصاص أن تتنازل عن صلاحياتها لجهة أخرى إدارية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك.
مخالفة قواعد الاختصاص لا يسمح بها إلا في حالة الظروف الاستثنائية، و بالتالي فلا يجوز التذرع بوجود حالة الضرورة أو الاستعجال قصد مخالفتها.
لا يسمح للسلطة العليا أن تتخذ قرارا تصحيحيا تصحح بموجبه القرار الإداري المعيب الذي أصدره المرؤوس.
أ. صور عيب الاختصاص:
يتخذ عيب عدم الاختصاص صورتان أساسيتان حددهما الفقه و القضاء الإداريين في:
عيب الاختصاص الجسيم : (اغتصاب السلطة)
و يطلق على عيب الاختصاص اصطلاح اغتصاب السلطة عندما يكون العيب جسيما، ويترتب على ذلك أن القرار لا يعتبر باطلا فحسب بل معدوما وفاقدا لصفته الإدارية.
و تتجلى حالة اغتصاب السلطة في صدور القرار ممن لا يتصف بصفة الموظف العام أي صدور القرار من فرد عادي، أو صدور القرار من سلطة إدارية في أمر يدخل في اختصاص السلطة التشريعية أو القضائية.
- صدور القرار من شخص عادي لا يتمتع بصفة الموظف العام
وفي هذه الحالة يقوم أحد الأفراد العاديين ممن لا يتمتعون بصفة الموظف العام بمباشرة بعض الاختصاصات الإدارية التي لا علاقة له بها، و هنا تعتبر القرارات الصادرة عنه معدومة و لا أثر لها.
و استثناء من ذلك، و طبقا لنظرية الموظف الفعلي التي أقامها مجلس الدولة الفرنسي، تعتبر بعض القرارات الصادرة من أفراد عاديين لا يتمتعون بصفة الموظف العام، صحيحة و منتجة لآثارها وذلك سواء في الظروف العادية أو الاستثنائية.
و تقوم هذه النظرية في الظروف العادية على أساس فكرة الظاهر و التي ترمي إلى حماية الغير حسن النية الذي تعامل دون علم بحقيقة الأمر مع من ظهر بمظهر الموظف العام المعين بطريقة قانونية صحيحة، تم اتضح بعد ذلك عدم صحة تعيينه، و تعتبر التصرفات والقرارات الصادرة عن الموظف الفعلي صحيحة و إن ألغي تعيينه فيما بعد.
أما في الظروف الاستثنائية كحالة الحرب أو اختلال نظام الحكم في الدولة، فإن النظرية تقوم على أساس الضرورات العملية و مبدأ سير المرفق العمومي بانتظام و اضطراد. إذ يقوم أفراد عاديون بإصدار قرارات إدارية ضرورية لاستمرار تشغيل المرافق العامة مثل هذه القرارات صحيحة رغم صدورها من أشخاص عاديين لا يتمتعون بصفة الموظف العام.
- الاعتداء على اختصاص السلطة التشريعية أو القضائية
في هذه الحالة تقوم السلطة الإدارية بإصدار قرار في موضوع يدخل في اختصاص السلطة التشريعية أو القضائية بحكم الدستور.
فهذا القرار يعتبر معدوما لا و جود له و لا أثر له من الناحية القانونية، لأن عيب عدم الاختصاص جسيم، و يظهر اعتداء السلطة الإدارية على اختصاص السلطة التشريعية ،في حالة تدخل الإدارة بإنشاء جهة قضائية جديدة أو تعديل اختصاص جهة قضائية قائمة، و هنا يكون قرارها مشوبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم، أي باغتصاب السلطة أما فيما يتصل بالاعتداء على السلطة القضائية فيظهر في تدخل السلطة الإدارية للفصل في منازعة تدخل ضمن اختصاص السلطة القضائية. ونتيجة لذلك لا يكون قرار الإدارة قابلا للإلغاء بل يكون معدوما لما انطوي عليه من اغتصاب للسلطة.
عيب الاختصاص البسيط:
يمكن تعريف عيب عدم الاختصاص البسيط بأنه مخالفة قواعد الاختصاص في مجال الوظيفة الإدارية مخالفة جسيمة.
و عدم الاختصاص البسيط قد يكون سلبيا أو ايجابيا و تتجلى الحالة الأولى في امتناع موظف عن إصدار قرار يختص به اعتقادا منه أنه لا يدخل في اختصاصه.
أما عدم الاختصاص الإيجابي فيتمثل في قيام أحد الموظفين بإصدار قرار جعله القانون من اختصاص موظف آخر، و لهذا النوع من عدم الاختصاص صور ثلاث هي:
ü عدم الاختصاص الموضوعي
ü عدم الاختصاص الزمني
ü عدم الاختصاص المكاني
-عدم الاختصاص الموضوعي
ويقصد به أن يصدر أحد أعضاء السلطة الإدارية قرارا يدخل في اختصاص عضو آخر، و يظهر عدم الاختصاص الموضوعي في حالات متعددة، كاعتداء سلطة إدارية على اختصاص سلطة إدارية موازية، أو اعتداء الرؤوس على اختصاص الرئيس، أو اعتداء السلطة المركزية على اختصاص الهيآت اللمركزية...
و يتحقق عدم الاختصاص الموضوعي في حالة اعتداء سلطة إدارية مركزية أخرى لا تربطها بها علاقة تبعية أو رقابة، كأن يعتدي أحد الوزراء على اختصاص وزير آخر نظرا لعدم دقة تحديد الاختصاص بين الوزارتين.
-عدم الاختصاص الزماني:
يتمثل الاختصاص الزماني في ممارسة صاحب الاختصاص مهامه خلال المدة الزمنية التي يتبث له فيها هذا الاختصاص طبقا للقانون، فلا يحق لعضو السلطة الإدارية أن يصدر قرارا قبل توليه وظيفته أو بعد تركه لها بسبب النقل أو الترقية أو الاستقالة، كما لا يجوز للمجالس المحلية مزاولة وظيفتها إلا اثناء المدة الزمنية المحددة لها، و لهذا فكل قرار صادر خارج المدة الزمنية التي حددها المشرع يكون باطلا و مشوبا بعيب الاختصاص الزماني.
عيب الاختصاص المكاني:
يرتبط الاختصاص المكاني عامة في المجال الترابي،و يتحقق عدم الاختصاص المكاني عندما يصدر قرار إداري في غير نطاق الإقليم أو المنطقة المحددة للسلطة التي أصدرته، فإذا أصدر مثلا رئيس المجلس الجماعي قرارا يهم جماعة أخرى لا تدخل ضمن نفوذه فإنه يعتبر صادرا من غير مختص. فيكون بذلك القرار مشوبا بعيب الاختصاص المكاني و بالتالي وجب إلغاؤه.
ثانيا:عيب الشكل
يتوجب على أي قرار إداري صادر عن إدارة معينة، أن يراعي الأشكال والإجراءات التي حددها القانون في هذا المجال، حيث أن القاعدة العامة تذهب في سياق أن كل مخالفة من جانب الإدارة لقواعد الشكل والإجراءات يترتب عليها تعرض القرار المطعون فيه للإلغاء.
ومن هذا المنطلق، فأن عيب الشكل يمكن الدفع به في دعوى الإلغاء كلما صدر القرار الاداري دون احترام الاجراءات او الشكليات المتطلبة قانونا، والمنصوص عليها في القانون السالف ذكره.
والاجراءات القانونية التي يجب ان تسبق بعض القرارات الادارية متعددة ومتنوعة، وتعني مجموع العمليات التي يجب على الادارة اتباعها قبل الاقدام على اتخاذ القرار الاداري، وتختلف هذه الاجراءات من قرار لاخر حيث من الممكن ان تتعلق مثلا بضمان الحق في الدفاع، كما يمكن ان تنصب على الالتزام باحترام وقت معين من طرف الادارة.
اما بخصوص الشكل الذي يجب ان يتوفر في القرار الاداري فيقصد به الصورة التي يوضع فيها القرار، ولا يشترط في القرار الاداري ان يصدر في صيغة معينة او بشكل معين الا اذا نص القانون على خلاف ذلك، فيمكن ان يكون القرار مكتوبا او شفويا او ان يأخد شكلا آخر كالاشارة او الايماءة او السكوت الذي يعني الرفض او القبول، "ولا يمكن للقاضي ان يفرض على الادارة كتابة قرارها الشفوي".
ومن بين أهم ما يتضمنه القرار عادة، مكان وتاريخ صدوره ومضمون القرار و تسبيبه إذ ان الاصل ان الادارة ليست ملزمة بتسبيب قرارتها وبصدور قانون 03.01 اصبحت ادارات الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد اليها بتسيير مرفق عام ملزمة بتعليل قراراتها الادارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني تحت طائلة عدو الشرعية وذلك بالإفصاح كتابة في صلب القرار عن الاسباب الواقعية والقانونية التي الداعية الى اتخاذ القرار. والتوقيع عليه من الجهة المصدرة له، حيث يعتبر هذا الأخير (التوقيع) من الشكليات التي يجب ان يتضمنها القرار لمعرفة الشخص الذي اتخده ومعرفة هل يتوفر على الاختصاص لاتخاده.
اما فيما يتعلق بالشكل الشفوي للقرار الاداري، فنجد أن السكوت يعتبر من بين أهم هذه الأشكال، حيث يعني غالبا الرفض وقد يعني القبول في بعض الحالات التي يحددها القانون وهو ما يعبر عنه بالقرار الضمني، وقد نصت المادة 23 من قانون 41.90 على انه "اذا التزمت الادارة الصمت طوال ستين يوما في شأن طلب قدم اليها اعتبر سكوتها عنه ما لم ينص قانون على خلاف ذلك بمثابة رفض ...".
ومنه فإن عدم الإلتزام بهذه الإجراءات والشكليات في القرار الإداري من طرف الإدارة، يعتبر موجبا لقبول الطعن فيه، حسب المادة 20 السالف ذكرها من قانون إحداث المحاكم الإدارية.
ثانيا :عيوب الشرعية الداخلية للقرار الإداري
يمكن أن يؤثر انعدام الشرعية الداخلية على مختلف عناصر القرار الإداري المرتبطة بالهدف أو الموضوع أو المحل والسبب، وتنصب رقابة القاضي على مختلف هذه العناصر ، لذلك يجب دراسة عيوب الشرعية الداخلية من خلال مراقبة انحراف استعمال السلطة (الفقرة الأولى) ثم مراقبة خرق القانون (الفقرة الثانية)، ثم مراقبة الأسباب(الفقرة التالثة)
1:عيب الإنحراف في استعمال السلطة
القرار الإداري ليس غاية في حد ذاته بل هو وسيلة الهدف منها تحقيق الغايات والأهداف والمصالح العامة للمجتمع، فإذا كان القرار يستهدف غاية بعيدة عن المصلحة العامة ، فإن قراره يكون مشوبا بعيب الإنحراف في استعمال السلطة مما يجعل القرار مستحقا للإلغاء.
ويظهر عيب الإنحراف في استعمال السلطة ، عندما يصدر القرار الإداري من قبل سلطة مختصة محترما الشكليات التي يجب أن يصدرفيها القرار لتحقيق غرض غير الذي حدده القانون ، ويتخذ هذا العيب ثلاثة مظاهر أساسية كالآتي:
الإنحراف عن المصلحة العامة :وذلك عندما يتخذ القرار الإداري من أجل تحقيق مصلحة شخصية عوض تحقيق المصلحة العامة
2 الإنحراف عن المصلحة المختصة : عندما تصدر الإدارة قرارا إداريا يهدف إلى تحقيق غاية معينة غير تلك التي حددها المشرع ، كأن تتخذ السلطة المكلفة بالحفاظ على الأمن والسكينة قرارات إدارية خارجة عن هذا النطاق.
الإنحراف عن الإجراءات المسطرية: يقصد به أن تلجأ الإدارة إلى استعمال إجراءات غير تلك المنصوص عليها في القانون قصد بلوغ غرض آخر تسعى إلى تحقيقه، كأن تصدر قرارات تأديبية من الإدارة تقضي بالعزل دون اتباع الإجراءات القانونية ، واحترام الضمانات التي حددها القانون .
2:عيب خرق القانون
ويرتبط عيب خرق القانون بمحل القرار الإداري ، وهذا الأخير هو الأثر القانوني الذي يحدثه مضمونه مباشرة أي أنه جوهر القرار ،بل إن الأركان الأخرى تعتبر أركانا مساعدة لكي يخرج القرار الإداري إلى حيز الوجود، ولكي يتحقق مخالفة القرار الإداري للقواعد القانونية ، يكون محله معيبا بإحدى الحالات التالية:[29]
المخالفة المباشرة: عندما تتجاهل الإدارة القاعدة القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة ، وقد تكون هذه المخالفة عمدية ، كما قد تكون غير عمدية نتيجة عدم علم الإدارة بوجود القاعدة القانونية .
الخطأ في التفسير : تتحقق هذه الحالة عندما تخطأ الإدارة في تفسير القاعدة القانونية ، فتعطي معنى غير المعنى الذي قصده المشرع ، وهو خطأ إما يكون غير متعمد من جانب الإدارة بسبب غموض القاعدة القانونية .
الخطأ فب التطبيق: يحصل هذا الخطأ في حالة مباشرة الإدارة للسلطة التي منحها القانون إياها ، بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها القانون ،ويتخذ الخطأ في التطبيق صورتين أساسيتين هما: حالة صدور القرار الإداري دون الإستناد إلى وقائع مادية ، وحالة عدم وجود تبرير الوقائع للقرار الإداري .
3: عيب السبب
يعتبر ركن السبب عن الحالة الواقعية أو القانونية بعيدة عن رجل الإدارة ومستقلة عن إرادته ، وهو ما جعل بعض الفقه الإداري يعتبره العنصر الأول للقرار ويجب أن تكون الواقعة التي يقوم عليها هذا الأخير موجودة فعلا وصحيحة ، كاقتراف الموظف ذنبا إداريا حقيقيا ، فسبب القرار يجب أن يكون حقيقيا لا صوريا أو وهميا ، وقانونيا تتوفر فيه الشروط التي يتطلبها القانون ، وبالتالي إذا فقد القرار الإداري سببه الصحيح كان معيبا وباطلا.
وعليه فإن السبب هو أحد أركان القرار الإداري التي ينبغي أن تؤسس عليها ، وهو ما يتعلق بالظروف الواقعية والقانونية التي يرتكز عليها ، بصفتها مبررات موضوعية ، ولايهم ما إذا كان السبب يشكل عيبا مستقلا ومتميزا عن باقي العيوب ، أم يتداخل مع عيب الشكل أو الموضوع ولكن المهم هو بحث الصور التي يتخذها السبب كأحد عيوب القرار الإداري ، فقد ينحصر في تبيان الوجود أو عدم الوجود الفعلي للسبب أو مدى شرعية السبب على الصعيد القانوني ، أو في مدى جدارة التقدير للوقائع المنسوبة باعتبارها سببا معتمدا لإصدار القرار الإداري.
الخطأ المادي : وذلك بوجود أو عدم وجود الفعل المنسوب للمتهم ، فقد تصدر الإدارة قرارا في حق شخص على أساس أنه ارتكب خطأ معينا ، ثم يتبث أن ذلك محض افتراء مما يجعل المحكمة تصدر حكما بإلغاء القرار لعدم الوجود الفعلي لركن السبب.
الخطأ القانوني : نكون بصدد خطأ قانوني ، كأن يتبين أن الإدارة أسندت قرارها بالعزل أو التوقيف على أساس أن المعني بالأمر قام بأعمال محظورة قانونا لكن بعد التحري والبحث وإجراء الخبرة يتضح أن الأعمال الخارجة عن القانون المنسوبة إلى المعني بالأمر ، لا ينص القانون على العقوبة نفسها التي أصدرت الإدارة ، وبالتالي يكون تفسيرها وتطبيقها للقاعدة القانونية متسما بالشطط في استعمال السلطة.
خطأ التكييف: تقدير مدى العلاقة الموجودة بين الخطأ المرتكب والتفسير المعطى له، فارتكاب أي خطأمهما كانت خطورته لا يؤدي إلى إصدار عقوبة إدارية مماثلة،فعصيان أوامر الرئيسليس هو تحيته بكيفية خاصة ، أو إغلاق الباب أثناء العمل أو الجلوس بكيفية معينة ، وبالتالي تدخل القضاء لرقابة التكييف المحدد للوقائع من لدن الإدارة ، إلا أن هذه الرقابة تواجهها مشكلات دقيقة عندما يكون الموضوع ذا طابع تخصيصي أو ناتج عن مشكلات ميدانية أو عن أعمال لجنة متخصصة، يتعذر معها على القاضي أن ينظر في طبيعة التكييف للوقائع موضوع النزاع.
المبحث الثاني : الإجراءات المسطرية لدعوى الإلغاء
هناك مجموعة من الإجراءات مخصصة لرفع دعوى الإلغاء بسبب تجاوز حد السلطة , يتعين على ذوي المصلحة احترامها والعمل بها ومخالفتها تتسبب في إبطال الدعوى, لأنها تكتسي طابع النظام العام, حيت تخضع دعوى الإلغاء شأنها شأن باقي الدعاوى المدنية لنفس القواعد الإجرائية المقررة في قانون المسطرة المدنية, وقد أشارت المادة 7 من القانون رقم 90-41 المغربي المحدث بموجبه المحاكم الإدارية إلى أنه: تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في ق.م.م ما لم ينص قانون على خلاف ذلك.
وسنعمل من خلال ما سبق على دراسة إجراءات رفع دعوى الإلغاء "المطلب الأول" ومن تم سنتطرق إلى الإجراءات المتبعة للفصل في دعوى الإلغاء " المطلب الثاني"
<><>
المطلب الأول : إجراءات رفع دعوى الإلغاء
في هذا المطلب سنبحث الإجراءات المتعلقة بمقال دعوى الإلغاء "الفقرة الأولى" ومن تم سنتطرق الإجراءات المتعلقة بإيداع مقال دعوى الإلغاء لدى كتابة الضبط "الفقرة الثانية"
الفقرة الأولى: الإجراءات المتعلقة بمقال دعوى الإلغاء
نعلم أن مقال دعوى الإلغاء بسبب تجاوز حد السلطة تشمله مسطرة كتابية, سواء كان الطرف الخصم في موقع المدعى أو المدعى عليه, ويوقعه محام مقيد في جدول هيئة المحامين بالمغرب
أولا : الطابع الكتابي للمسطرة:
إعتبارالمزايا المسطرة الكتابية, فقد أوجبها المشرع في كل المراحل التي تقطعها الدعوى القضائية.وذلك طبقا للمادة 3 من للقانون المحدث للمحاكم الإدارية المغربي" ترفع القضايا إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب......" وهذا يعتبر إجراءا عاما متطلب في جميع الدعاوى القضائية.
ثانيا: ضرورة توقيع مقال الدعوى من طرف محام
يلعب المحامي بالنسبة لزبونه دورين متميزين, أحدهما كمستشار في مرحلة ما قبل عرض النزاع على أنظار القضاء, حيت يقوم بتوجيه تظلم إداري,استعطافي أو رئاسي إلى السلطة الإدارية التي أصدرت القرار الإداري أو تلك التي تعلوها مباشرة, كما يقوم في هذه المرحلة بمعاضدة الزبون أمام الجهات الـتأديبية .
وثانيهما تمثيليا أمام القضاء الإداري حيت يختار بكل حرية دفوعاته ويخول له كامل الحق في الإطلاع على الملف لدى كتابة الضبط, بل يمكنه أن يحصل على نسخة منه, كما يقع على عاتقه إغناء الملف بكل وثيقة من شأنها إثبات الدليل على تعسف الإدارة أو شططها في استعمال السلطة.
والمقال الذي يودعه لدى كتابة الضبط,يحمل توقيعه, وإغفال هذا الشرط, من شأنه أن يرتب إبطال الدعوى.
ففي حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط جاء فيه " وحيت تنص المادة 3 من قانون 90-41 المحدت للمحاكم الإدارية المتعلقة بالإجراءات المتعلقة بالإجراءات المتبعة أمام هذه المحكمة على أنه:" ترفع القضايا إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب.
وحيت أنه بالرجوع ألى المقال الإفتتاحي للدعوى , يتضح أن تقديمه إلى هذه المحكمة كان بصفة شخصية من طرف الطاعنين وليس بواسطة محام,كما تقضي ذلك المادة المذكورة, الأمر الذي يجعل الطلب عرضة لعدم القبول لهذه العلة....".
وإذا كان هذا الوضع يسري مفعوله على الأشخاص الذاتية الطبيعية حيت ينبغي للموكل أن يبرر وجود الوكالة, فإنه بالنسبة للأشخاص المعنوية أو الإعتبارية كالدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية فإنها معفاة من مؤازرة المحامي طالبة كانت أو مطلوب ضدها...."ا تبعا للفقرة الخامسة من الفصل 354 ق م م .
وجاء الفصل 515 م م من نفس القانون لينص بدوره: ترفع الدعوى ضد:
1: الدولة في شخص الوزير الأول وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الإقتضاء
2: الخزينة في شخص الخازن العام
3: الجماعات المحلية في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم,وفي شخص رئيس المجلس القروي بالنسبة للجماعات
4: المؤسسات العمومية في شخص ممثلها القانوني
ولا يشمل ذلك الإعفاء الشركات العمومية والشركات حق الإمتياز , فهي ملزمة بتعيين محام يدافع عن مصالحها أمام المحاكم الإدارية.
وتجدر الإشارة أن الطعون الرامية إلى إلغاء المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية للشطط في إستعمال السلطة المقدمة أمام أنظار محكمة النقض ترفع بواسطة مقال مكتوب موقع من طرف المحامين المقبولين لترافع أمام محكمة النقض حسب الفصل 354 ق م م وفي حالة المخالفة أي تقديم المقال من طرف طالب النقض نفسه أو من طرف محامي غير مقبول لترافع أمام محكمة النقض يتم التشطيب على القضية تلقائيا من غير استدعاء الطرف.
ثالثا: البيانات المتعلقة بهوية أطراف الدعوى
يخضع مقال دعوى الإلغاء لمجموعة من الشكليات, أوجبها كل من الفصل 355 ق م م والمادة 3 من القانون المحدت للمحاكم الإدارية التي أحالت بدورها على الفصل 32 ق م م .
- بادئ ذي بدء ينبغي أن يرفع مقال دعوى الإلغاء ضد مقرر موصوم بأحد عيوب المشروعية, وهذا المقال ينبغي أن يتضمن عرض مقتضب للوقائع والأحدات كما جاء في الفقرة التانية من الفصل 355 ق م م"... ملخص الوقائع والوسائل وكذا المستنتجات...." أو كما ورد في الفصل 32 ق م م .بحيت يبين في عريضته, موضوع الدعوى بإيجاز وأن يكون واضحا محددا نافيا للجهالة, ويجب أيضا سرد الوقائع المادية التي تسبب في النزاع أو الخصومة التي أقيمت من أجلها الدعوى,[ والأسانيد والأسس القانونية والنصوص التشريعية والأدلة التي يعتمد عليها المدعي لتأييد طلبه.
وتكمن الحكمة التشريعية من وراء ذلك كونها تساهم في تمكين المدعى عليه من تكوين فكرة واضحة عن الدعوى المقامة ضده, لإعداد دفاعه وأجوبته استجابة لمقتضيات العدالة واحترام حقوق الدفاع.
- فضلا عن ذلك ينبغي أن تتضمن عريضة الدعوى الأسماء الشخصية والعائلية لأطراف الدعوى وعناوينهم ومحل إقامتهم, وهكذا ينص الفصل 355 ق م م "....يجب أن تتوفر في المقال تحت طائلة عدم القبول : 1) بيان أسماء الأطراف العائلية والشخصية وموطنهم الحقيقي....." بل إن الفقرة الأولى من الفصل 32 ق م م جاءت أوسع وأكمل بنصها " يجب أن يتضمن المقال الأسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعى عليه والمدعين وكذا عند الإقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي...." وقد صرحت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم صادر عنها بتاريخ 28-07- 1997 بأن عدم التنصيص في الطعن على موطن الطاعن أو المطلوب في الطعن أو هما معا يشكل خرقا لمقتضيات الفصل 32 ق م م ويعرض الطلب بعدم القبول, وأن الإكتفاء بذكر محل المخابرة مع المحامي لا يغني عن ذكر الموطن الحقيقي والمختار حتى يمكن ترتيب الأثار القانونية على ذلك, وأن التبليغ للمحامي لا يعد تبليغا قانونيا.
أما إذا تعلق الأمر بشخص معنوي, وجب أن يتضمن المقال إسم الشركة ومركزها الإجتماعي وكذا لصفة المدعي عليه. الدولة أو الإدارة أو الجماعة العمومية.
- يجب إرفاق عريضة الدعوى بالمستندات والوثائق ويشترط فيها أن تكون أصلية أو مشهود بمطابقتها للأصل من طرف الموظفين الرسميين المختصين وذلك طبقا للفصل 440 ق ل ع تحت طائلة عدم القبول وقد جاء في حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 07-10-1996 عدد 270 " بأن المحكمة من خلال فحصها للوثائق المرفقة بالمقال عاينت أن الطالب أدلى بصورة غير مصادق على مطابقتها للأصل وذلك لإثبات ما جاء في مقاله وأن الحجج المأخوذة من الوثائق لا تكون لها نفس قوة الإثبات التي لأصولها إلا إذا شهد بمطابقتها لأصل الموظفون المختصون بذلك طبقا للفصل 440 ق ل ع ,وإنه بناء على ما ذكر فإنه يتعين التصريح بعدم قبول الطلب.
- وأهم تلك المستندات التي يجب على الطاعن إرفاقها مع عريضة الدعوى نسخة من القرار الإداري المطلوب إلغاءه , ونسخة من قرار رفض التظلم أو ما يثبت تقديمه في حالة سكوت الجهة المختصة,وغيرها من المستندات التي يريد إرفاقها بالمقال وإلا قضى برفض طلب الإلغاء, كما أنه يجب أن تكون العريضة أو مقال الدعوى مرفوق بنسخ تساوي عدد الخصوم المنصوص عليها في الفصول 142- 332 من ق م م. وإذا كان عدد النسخ غير مساو لعدد الأطراف , تطلب كتابة الضبط من الطاعن بأن يدلى بهذه النسخ داخل أجل 10 أيام وعند إنصرام الأجل المذكور وبقي الإنذار بدون مفعول يدرج الرئيس القضية بالجلسة ويصدر قرارا بعدم القبول.
الفقرة الثانية: إيداع مقال دعوى الإلغاء لدى كتابة الضبط
بموجب مقتضيات الفصل 356 ق م م الفقرة الأولى منه : "يودع المقال... بكتابة ضبط المجلس الأعلى( محكمة النقض حاليا) في حالة طلب الإلغاء ضد مقررات السلطة الإدارية.
يسجل المقال في سجل خاص..." .
وأضافت المادة 3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية".... ويسلم كاتب ضبط المحكمة الإدارية وصلا بإيداع المقال يتكون من نسخة منه, يوقع عليها خاتم كتابة الضبط وتاريخ الإيداع...."
وإيداع مقال الإلغاء بسبب تجاوز حد السلطة يتطلب إحترام مجموعة من الإجراءات القانونية الشكلية كأجل الإيداع وأداء الرسوم القضائية ومسك سجلات خاصة بدعوى الإلغاء.
أولا: الأجل القانوني للإيداع:
لرفع دعوى الإلغاء لا بد من إحترام المدة القانونية المحددة لرفعها , وإذا فاتت هذه المدة ولم يتم الطعن في القرار الإداري, سقط حق الطاعن في ممارسة الدعوى وهي معطيات يمكن رصدها من خلال :
ميعاد رفع الدعوى: لقد حدد المشرع المغربي المدة القانونية لرفع دعوى الإلغاء أمام المحاكم الإدارية أو المجلس الأعلى ( الغرفة الإدارية بمحكمة النقض ) يترتب عن عدم احترامها إكتساب القرار الإداري حصانة ضد الإلغاء وبالتالي سقوط حق الطاعن في الطعن. وبناء على الفصل 360 ق م م والمادة 23 من قانون المحاكم الإدارية فإن دعوى يجب رفعها أمام الجهة القضائية المختصة خلال 60 يوم من تاريخ النشر أو التبليغ القرار المطعون فيه أو من تاريخ العلم اليقيني به حسب ما صار عليه الإجتهاد القضائي .
النشر: عموما يتم نشر بعض المقرارت في الجريدة الرسمية حيث تصبح سارية المفعول بمجرد نشرها في غياب وجود نص العام يحدد كيفية النشر، ولا يحتج بالنشر الا بالنسبة للقرارات التنظيمية وحتى اذا كانت القرارات التنظمية تعني عددا محدودا من الأفراد تعرف هويتهم، فالنشر لا يصلح لأحتجاج عليهم به بل لابد من تبلغهم بالمقرر المذكور.
ü الاعلان والتبليغ: هو الطريقة الواجبة اتباعها في القرارات الفردية، ويعتبر اجراء اداريا أساسيا تلتزم به الادارة لضمان مشروعية قرارتها وبالتالي ضمان تنفيذ مقتضيتها واعطائها أثر قانوني، ويتم الاعلان بمجموعة من الوسائل التي من خلالها يتحقق علم صاحب الشأن بالقرار كتسلمه القرار مباشرة أو عن طريق المحضر أو بالصاقه في المكان المخصص أو بالبريد المضمون...
ü العلم اليقيني: أضاف المشرع إلى وسيلتي النشر والإعلام وسيلة العلم اليقيني بالقرار الإداري كإجراء أساسي لإخبار صاحب الشأن بمضمون القرار هي وسيلة من ابتكار الاجتهاد القضائي ويبدأ سريان ميعاد الطعن بالإلغاء من تاريخ العلم اليقيني الذي يحصل في الحالة التي يكون فيها المعنى بالأمر عالما بمضمون القرار المطلوب إلغاؤه وتاريخ إلغاءه وتعليله, ويقع إثبات العلم اليقيني في حالة النزاع على عاتق الإدارة
ü وقف ميعاد الطعن في حالة المساعدة القضائية وتجدده في حالة التظلم الإداري: ويتوقف ميعاد الطعن بالإلغاء عن السريان بسبب طلب المساعدة القضائية ويستأنف من جديد بعد توصل المعنى بالأمر بالجواب عن طلبه الذي يكون قد أودعه لدى كتابة الضبط المحكمة الإدارية أو المجلس الأعلى- محكمة النقض-
ويمتد ميعاد الطعن بالإلغاء إذا تقدم المعنى بالأمر بتظلم إداري لدى رئاسة الجهة المصدرة للقرار أو لدى مصدر القرار نفسه بحيث يتعين آنذاك رفع دعوى الإلغاء إلى المحكمة المختصة خلال 60 يوما من تاريخ تبليغ قرار التظلم الإداري صراحة أو ضمنيا طبقا للمقتضيات المنصوص عليها في المادة 23 من القانون رقم 41-90
ثانيا: أداء الرسوم القضائية: عادة يرفع الأفراد دعوى الإلغاء إلى الجهة القضائية الإدارية بإيداع مقال الدوى إلى كتابة الضبط.
ففي بعض البلدان يستوجب القانون دفع الرسم أو الرسوم إن تعددت أي إلصاق الطابع المالي لصالح الخزينة. أما في المغرب جاء قانون المسطرة المدنية وكرس مبدأ الإعفاء من الرسوم القضائية طبقا للفصل 356 ق م م
ثالتا: تسجيل مقال دعوى الإلغاء: بموجب الفقرة الثانية من الفصل 31 ق م م " .... تقيد القضايا في سجل معد لذلك حسب الترتيب التسلسلي لتلقيها وتاريخها من بيان أسماء الأطراف وكذا تاريخ الأستدعاء...."
وجاءت الفقرة الثانية من الفصل 356 من نفس القانون مؤكدة بدورها ".... يسجل المقال في سجل خاص..."
وهذا السجل يتضمن فضلا عن الرقم الترتيبي أو المتسلسل إسم الموظف المختص, تاريخ تقديم الطلب ,أسماء المدعى والمدعى عليه وموضوع الدعوى وإسم القاضي المقرر, تاريخ أول جلسة وصدور الحكم ومنطوق الحكم.
وبمجرد ما تتم عملية تسجيل مقال الدعوى يعين رئيس الأول للمجلس الأعلى ( محكمة النقض) أو رئيس المحكمة الإدارية القاضي المقرر.
المطلب الثاني: إجراءات الفصل في دعوى الإلغاء
سنناقش في هذا المطلب إجراءات تحضير وسير الدعوى(الفقرة الأولى) منطوق الحكم في دعوى الإلغاء وأثاره(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إجراءات تحضير وسير الدعوى.
بعد تسجيل مقال الدعوى يحيل رئيس المحكمة الإدارية الملف حالا إلى قاضي مقرر يقوم بتعينه يعهد إليه بتحضير الدعوى،و إلى المفوض الملكي لدفاع عن القانون.
وتتمثل مهمة القاضي المقرر في فحص مقال دعوى الإلغاء والقرار المطعون فيه واقتراح وسائل التحقيق وتمكين الخصوم من الإدلاء بدفعاتهم،و هو غير مقيد بأي مسطرة معينة، وله سلطة تقديرية عند مزاولته لمهمة التحقيق في النظر في نقطة محددة يراها مهمة لفصل الدعوى من قبل الهيئة القضائية، كما يمكن له النظر فيما إذا كان المقال قد أحيل على القضاء المختص أم لا ويقترح حسب الحالات الحكم بعدم الاختصاص أو الإحالة على القضاء المختص، بل إذا ظهر له من جراء اطلاعه على المقال الافتتاحي أن حل القضية معروف مقدما بصفة يقينية أن يقرر عدم إجراء البحث.
وفي المرحلة الموالية يضع مخطط دراسة ملف النازلة، يبدأ ببعث الشكاية للأطراف المعنية عن طريق استدعاء كل طرف للجواب على مذكرة الطرف الأخر ويقرر التوقيت الذي يتوقف فيه تبادل المذكرات.
هكذا فالمقال الافتتاحي للدعوى قد يتبع بمذكرة تفصيلية خلال أجل ثلاثين يوما من يوم تقديم المقال، ويمكن أن يخول نفس الأجل لتقديم مذكرة جوابية من تاريخ التبليغ بل قد يمدد هذا الأجل أو يقلص حسب ظروف القضية بل إن القاضي يمكن أن يمنح أجلا جديدا للطاعن من أجل إعداد محضر تكميلي وللأطراف من أجل تقديم دفوعات جديدة.
لهذا فهو يقوم بإصدار أمر يقضي بتبليغ المقال للمدعى عليه، ويعين تاريخ النضر في القضية والجلسة المقبلة، ويعلم بيوم الجلسة العلنية التي خصصت للقضية مع الإشارة إلى وجوب تقديم مذكرات الدفاع والمستندات المؤيدة قبل الجلسة وفي أجل يحدده القاضي المقرر،وإذا لم يقدم الأطراف مستنتجاتهم عند عرض القضية في الجلسة صدر الحكم فيها غيابيا ما لم تقرر المحكمة تأجيل القضية إلى جلسة أخرى طبقا لطلب المدعى عليه أو وكيله قصد تقديم مستنتجاته، ويتخذ القاضي المقرر الإجراءات التي تجعل القضية جاهزة للحكم ويأمر بتقديم المستندات التي يرى ضرورتها لتحقيق في الدعوى.
ويمكن أن نخلص مما سبق أن القاضي المقرر يقوم بتبليغ نسخة من المقال والوثائق المرفقة به إلى المدعى عليه للإدلاء بأجوبته داخل أجل معين، أي أن كل وثيقة أعدت من طرف أحد الأطراف ينبغي أن يتم تبلغيها إلى الطرف الأخر بهدف مناقشتها، ويعطى وقت كاف للإدلاء بالجواب أو بمذكرة تعقبية وهذه العملية تبقى مستمرة الى حين انتهاء كل وسائل الدفاع وصدور الأمر بالتخلي عن القضية من طرف القاضي المقرر.
ويمكن له بناءا على طلب الأطراف أو حتى تلقائيا، بعد سماعهم أو استدعائهم للحضور بصفة قانونية ،الأمر بأي إجراء لتحقيق من بحث وخبرة وحضور شخصي دون مساس بما يمكن للمحكمة أن تأمر به بعد ذلك من إجراءات في جلسة علنية أو في غرفة المشورة.
اذا انتهى التحقيق في الدعوى، أو إذا انقضى آجال تقديم الردود اعتبر المقرر أن الدعوة جاهزة للحكم، يصدر أمرا بتخليه عن الملف ويحدد تاريخ الجلسة التي ستدرج فيها القضية،يبلغ هذا الأمر للأطراف طبقا لقواعد التبليغ المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية،ولا تعتد المحكمة بأية مذكرة ولا مستند قدم إليها من الأطراف بعد الأمر بالتخلي باستثناء المستنتجات الرامية إلى التنازل،و تسحب من الملف المذكرات والمستندات المدلى بها متأخرة ، وتودع في كتابة ضبط المحكمة رهن إشارة أصحابها، غير انه يمكن للمحكمة بقرار معلل إعادة القضية إلى القاضي المقرر إذا طرأت بعد أمر الإحالة واقعة جديدة من شأنها أن تأثر على القرار، أو إذا تعذرت إثارة واقعة قبل ذالك خارجة عن إرادة الأطراف.
وللمحكمة بناءا على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن تأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف على عين المكان أو بحت أو أي إجراء اخرمن إجراءات التحقيق.
هكذا فإذا أمر القاضي المقرر بإجراء الخبرة، عين الخبير الذي يقوم بهذه المهمة تلقائيا أو باقتراح الأطراف واتفاقهم،وعند عدم وجود خبير مدرج بالجدول يمكن بصفة استثنائية للقاضي أن يعين خبيرا لهذا النزاع وفي هذه الحالة يجب على الخبير أن يؤدي اليمين أمام السلطة القضائية ، ما لم يعفى من ذالك باتفاق الأطراف،ويحدد القاضي النقط التي تجرى الخبرة فيها في شكل أسئلة تقنية، ولا يمكنه الإجابة على أي سؤال يخرج عن اختصاصه وله علاقة بالقانون.
إذا كان التقرير مكتوبا، حدد القاضي الأجل الذي يجب على الخبير أن يضعه فيه، وتبلغ كتابة الضبط الأطراف بمجرد وضع التقرير المذكور بها ، لأخد نسخة منه، إذا كان التقرير شفويا حدد القاضي تاريخ الجلسة التي يستدعى لها الأطراف بصفة قانونية ويقدم الخبير تقريره الذي يضمن في محضر مستقل.
نهيك عن أن القاضي المقرر يمكنها أن تأمر تلقائيا أو بناء على طلب الأطراف بالوقوف على عين المكان، فإنها تحدد في حكمها اليوم والساعة التي يتم فيها ذلك بحضور الأطراف الذين يقع استدعائهم بصفة قانونية، وإذا كان موضوع الانتقال يتطلب معلومات لا تتوفر عليها المحكمة، أمرت في نفس الحكم بتعيين خبير لمصاحبتها أثناء المعاينة وإبداء رأيه ، يجوز للقاضي المقرر علاوة على ذالك أن تستمع أثناء الانتقال إلى الأشخاص الذين تعينهم وأن تقوم بمحضرهم بالعمليات التي تراها مفيدة.
يحرر محضر بالانتقال إلى عين المكان ويوقع حسب الأحوال من طرف رئيس الهيئة التي قامت به وكاتب الضبط، أومن طرف القاضي المقرر، وكاتب الضبط ويودع هذا المحضر رهن إشارة الأطراف بكتابة الضبط ،بالإضافة إلى أنه يجوز الأمر بالبحت في شأن الوقائع التي يمكن معاينتها من طرف الشهود والتي يبدو التثبت منها مقبولا ومفيدا في تحقيق الدعوى،يبين الحكم الذي يأمر بالبحت الوقائع التي سيجرى بشأنها وكذلك يوم وساعة الجلسة التي سيتم فيها،يجوز للمحكمة أيضا أن تقرر الانتقال الى عين المكان والاستماع إلى الشهود فيه.
وبعد استيفاء الإجراءات التي تتطلبها كل قضية، وصيرورة القضية جاهزة للبث فيها، يصدر القاضي المقرر أمرا بالتخلي ويعين الجلسة التي ستدرج بها ويشعر الأطراف بذلك وبتاريخ الجلسة، ثم يحيل الملف على المفوض الملكي ليحرر مستنتجاته الكتابية، والتي يقوم بتلاوتها بالجلسة المحددة، وللأطراف حق الاضطلاع عليها وأخذ نسخ منها دون إمكانية التعقيب عليها، ثم تضع الهيئة الملف بالمداولة قصد النطق بالحكم بجلسة يتم تحديدها.
الفقرة الثانية: منطوق الحكم في دعوى الإلغاء وأثاره
عادة تكون جلسات المحاكم الإدارية علنية عدا إذا ظهر هناك استثناء، فيمكن عقدها سرية، والأسباب المستوجبة لهذه السرية أوردها الفصل 43 من قانون المسطرة المدنية والمتمثلة في الحفاظ على النظام العام.
وتبدأ المحكمة المشكلة من ثلاثة قضاة يساعدهم كاتب الضبط بدراسة محضر المقرر الذي يثير خلاصات ووسائل الأطراف وتعطي كلمة للمحامين وممثلي الإدارات لعرض ملاحظاتهم الشفوية إذا طلب ذلك حيث تبقى قاعدة تبادل المذكرات بين الأطراف هي السائدة.
وبسماع أقوال الأطراف تعطى الكلمة للمدافع عن الحق والقانون ليعرض أرائه المكتوبة و الشفوية على هيئة القضاة ، بكل تجرد واستقلال سواء فيما يخص ظروف الوقائع القانونية .
والاستماع لهذه الآراء المعللة يعد إلزاميا بحكم القانون في جميع القضايا كما جاء في الفصل 372 من قانون المسطرة المدنية المغربي ولكونها تسهل مأمورية هيئة القضاة على صعيد المداولة.
خلال المداولة، تقرر هيئة القضاة حلا للنزاع حكما تصدره بعد القيام بالتشاور في منطوقه.
والمداولة تعقد في اجتماع غير عمومي، أي سري، حتى يتمكن القضاة من إبداء وجهة نظرهم بكل حرية واستقلال في تحرير الحكم ومنطوقه الذي يتلى شفويا في جلسة علنية.
والحكم هنا يعتبر صادرا عن الهيئة القضائية بكاملها التي لا يمكن بعد النطق به أن تتراجع عنه أو تعدله.
وتصدر المحكمة الإدارية أحكامها باسم جلالة الملك، ويجب أن تتضمن مجموعة من البيانات:
Ø الأسماء العائلية والشخصية للأطراف وصفاتهم ومهنتهم وموطنهم الحقيقي
Ø المذكرات المدلى بها وكذا الوسائل المثارة ومستنتجات الأطراف ومدى احترامهم الآجال القانونية.
Ø أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم .
Ø الإشارة إلى كون التقرير تمت تلاوته، والى أنه تم الاستماع الى مستنتجات المفوض الملكي .
أسماء المدافعين الذين أزروا الأطراف.
وتقتصر مهمة القاضي في دعوى الإلغاء على التحقق من مدى مشروعية القرار الإداري، فإذا ثبت للقاضي هذه المشروعية حكم برفض الدعوى، أما إذا ثبت له أن القرار المطعون فيه غير مشروع حكم بإلغائه، ولا يجوز له أن يصدر أوامر إلى الإدارة بعمل شيء أو الامتناع عن عمل شيء، فالإدارة وحدها التي تقوم بتعديل القرار الإداري المطعون فيه أو تصحيحه كنتيجة مباشرة للحكم الصادر بإلغائه .
والحكم الصادر بالإلغاء قد يتناول القرار بكامله وكل أثاره وهو ما يسمى بالإلغاء الكامل، وقد يقتصر على جزء منه فيكون الإلغاء جزئيا،ولدلك فان المحكمة الإدارية غير ملزمة بإلغاء القرار الإداري كلية بل قد تكتفي بإلغاء جزء منه.
فالإلغاء يكيف بنطاق طلبات الخصوم وما ينطق به القاضي، ويترتب عنه إعدام القرار الإداري من يوم صدوره واعتباره كأن لم يكن وعلى الإدارة التزام قانوني بتنفيذه وإعادة الحال إلى ما كانت عليه، و الأحكام النهائية الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة فهي أحكام تتمتع بالحجية المطلقة التي تتعدى أطراف الخصومة إلى الغير ، إلا أن هذه الحجية المطلقة تسري فقط على الأحكام الصادرة بالإلغاء القرار الإداري موضوع الدعوى أما الحكم الذي يرفض الطعن بالإلغاء، فان حجيته تكون نسبية وتقتصر على طرفيه فقط دون الغير.
خاتمة
بعد أن تناولنا نهاية القرارات الإدارية عن طريق القضاء حيث يلجأ المتضررمن تعسف السلطة إلى رفع دعوى قضائية بعد استنفاذ طرق التظلم الإداري وهذا مما يحق العدل تجاه الأفراد ومنع التعسف مما يحقق المصلحة العامة ومصداقية الإدارة وحيادها في خدمة المواطنين والسير الحسن لمرافق الدولة وبالتالي تحقيق دولة القانون ومسايرة الإصلاحات الإدارية التي ما فأت السلطة تدعو إليها ممثلة في خطابات القيادة العليا للبلاد في كثير من لقاءات مع إطارات الدولة الذين يمثلون الإدارة ويجسدون مبدأ حياد الإدارة.
وتعكس القرارات الادارية مدى فعالية الادارة وكفاءتها وقدرتها على تحويل التشريعات وخاصة الاصلاحية منها الى واقع عملي ذو اثر ايجابي ملموس على حياة الناس ومستوى الرفاه الاجتماعي، وعلى خلاف ذلك فان الادارة الضعيفة غير الكفؤة تؤثر سلبا على حياة الناس ، وكم من التشريعات الاصلاحية العظيمة افرغت من محتواها الانساني الاجتماعي بسبب ضعف الادارة او فسادها ، ويرى بعض فقهاء القانون ان القرار الاداري اضحى مصدرا من مصادر الحق لقدرته على انشاء الحقوق العينية والشخصية ، تعبيرا عن اهمية القرار الاداري في الحياة المعاصرة.