recent
أخبار ساخنة

مسطرة التبليغ في قانون المسطرة المدنية

مسطرة التبليغ في قانون المسطرة المدنية


مسطرة التبليغ في قانون المسطرة المدنية




مـقدمـــة

العمل القضائي هو المحك الحقيقي لتقييم مدى ملاءمة القوانين للمجتمع الذي تطبق فيه، ومدى فعالية هذه القضائية لخدمة أطراف النزاع، وهو من يلمس عن قرب عجز الجانب الإجرائي في العملية، ويحاول عن طريق مجموع الاجتهادات التي تصدر تدارك النقص في هذا الجانب الإجرائي بتنقيحه بتفسيرات تخدم حقوق أطراف النزاع. وقبل ذلك تيسير العمل الإجرائي للأشخاص المؤهلين قانونا للقيام بذلكويدخل التبليغ القضائي كتقنية للإيصال ضمن الجوانب الإجرائية للعملية القضائية.

ونجد الاجتهاد القضائي عبر سنوات العمل المتتالية يحاول الاقتراب من سد النقص داخل النصوص القانونية للمسطرة المدنية وبعض القوانين الخاصة التي تنظم هذا الجانب ويحاول أن ينفذ داخلها ليشملها بالفحص الدقيق ليستكمل ما شابها من ثغرات تعيق السير السليم للتقاضي ويفتح المجال ويدفع أحيانا بالمشرع إلى التفكير في وسائل جديدة تخدم هذه التقنية )أي التبليغ القضائي( التي أصبحت تشكل معضلة كبيرة أمام تصريف المهام داخل المحاكم. وبذلك اهتدى المشرع في مجموعة ممن جوانب التبليغ إلى خلق منافذ جديدة لتخفيف وطأة وحدة التأخيرات التي يعرفها تبليغ الإجراءات والأحكام والقرارات وغيرها من وسائل الإيصال وذلك بإدراج سبل جديدة للتبليغ؛ سواء بالطريقة العادية أو بالطريقة غير العادية كالتبليغ بواسطة مأمور الضرائب أو كتابة نقابة المحامين أو مأموري الخزينة العامة أو بعض الفئات التي سندرجها عبر هذا الموضوع.
أو عن طريق إحداث هيئة جديدة لأشخاص مؤهلين للقيام بمهمة التبليغ وبعض المهام التنفيذية طبقا للظهير المحدث لهيئة الأعوان القضائيين 41/80.
وإن كان ذلك يخدم الجانب الإجرائي لعملية التقاضي فالفاعل الإداري القضائي والممارس لإجراءات التبليغ داخل المحاكم ما زالت تعيقه مجموعة من العقبات تعسر أحيانا إنجازه لمهامه.
وينتظر من الاجتهاد القضائي التغلب على التناقض الحاصل في بعض قراراته ليستطيع الممارس لهذه العملية القيام بها دون تهاون.
وينتظر من المشرع التدخل بحدة وبسرعة لإيقاف زحف التأويلات المتضاربة في هذا الجانب وكثرة المساطر الفرعية التي تتولد عن الغلط في التبليغ وذلك بنصوص واضحة بأدوات عمل سليمة وناجعة وقارة مستكملة الجوانب تخاطب المؤهل للقيام بالتبليغ وتعرفه بالتزاماته وتحدد سبل التبليغ بدقة لتحفظ لأطراف النزاع حقهم في المواجهة مع خصمهم للوصول إلى تحقيق عدالة متينة.
وقبل ملامسة الوسائل التي تقوم عليها عملية التبليغ كتقنية تبدأ مع عملية التقاضي وتستمر معها أثناء المواجهة إلى ما بعد صدور الحكم لتفتح المجال لنهج سبل الطعن بكل وسائله حدد القانون طرقها ومددها؛ هنا لابد من محاولة التعريف بهذه التقنية الشكلية المسطرية التي أوردها المشرع كركيزة أساسية لأهم حق من حقوق الدفاع.

المبحث الأول : التعريف بالتبليغ وبيان أهميته وأهدافه

المطلب الأول : تعريف التبليغ

مبدئيا يعتبر التبليغ القضائي عملية قانونية بين المبلغ إليه ومصلحة التبليغ وكذا بين الخصوم.
وتبليغ الاستدعاء هو إعلان قانوني عن بداية الخصومة. وبصفة عامة عن إجراء مسطري محدد زمنيا ويتشكل فعليا في إيصال واقعة إلى علم المبلغ إليه.
ليكون موجودا بالجلسة وليهيئ مواجهته مع الخصم وليهيئ دفاعه
وليناقش الدعوى التي تمكنه من الوصول إلى مرماه في التقاضي
أو لتفرض عليه التزاما عليه أو القيام به.
أما تبليغ الحكم أو القرار الذي صدر في الدعوى : فهو إعلام المحكوم عليه بصدور الحكم في حقه إما لينفذه طوعا أو لينهج فيه سبل الطعن المتاحة العادية أو غير العادية.
وإذا لم يستعمل المحكوم عليه الطعن المتاح في الحكم الصادر ضده؛ فإن الحكم يكتسب حجية الأمر المقضي به وينفذ جبرا وعلى الفور بعدما يحصل المستفيد من الحكم أو من ينوب عنه على نسخة تنفيذية منه بعد تبليغ الحكم للشخص المراد تبليغه.
وحرصا على حقوق الأفراد وحمايتها؛ نجد المشرع جعل هذه التقنية)أي التبليغ القضائي( وسيلة شكلية لخدمة المتقاضين عند لجوئهم إلى القضاء لأنها تقوم على رسمه القانون لها وليس تبعا لاختيار الخصم في الدعوى.

المطلب الثاني : أهمية التبليغ

أهمية التبليغ تتمثل؛ من الناحية العملية؛ في كونه من صميم القواعد الجوهرية للمرافعات نظرا لما يسعى إليه من حفظ للحقوق.
لذلك أفرد له قانون المسطرة المدنية مجموعة من الفصول من الفصل 36- 37- 38 – 39 – -40 - 41 – 50 – 54 والفصول 103 – 115 – 126 – 151 – 247 – 349 – 367 – 368 – 433 – 441 بالإضافة إلى الفصول من 519 إلى 526 من نفس القانون والتي تتحدث عن الموطن المبلغ فيه بصفة عامة.
هذا بالإضافة إلى نصوص خاصة في القانون المحدث للمحاكم التجارية أو مدونة التحصيل.
فلكي يأخذ الفرد وضع الخصم في الدعوى لابد من الإشهاد إلى علمه بوجودها. ويتطلب ذلك تبليغ المقال إليه بواسطة استدعاء.
وتعتبر تقنية تبليغ الاستدعاء أو بصفة عامة تقنية تبليغ الإجراء شرطا ضروريا لإصدار الحكم على الخصم. لذلك تستوجب أهم النزاعات أمام المحكمة مواجهة أطراف النزاع أو ما يسمى بتحقيق مبدأ التواجهية وإلا كان الحكم باطلا. بل يعتبر الحكم الصادر دون استدعاء الخصم منعدما 1
كما أن جل التشريعات الحديثة أجمعت على أن المواجهة لا تحقق هدفها إلا إذا تم العلم في وقت نافع أي الوقت الذي على إثره يمكن فيه للخصم أن ينظم دفاعه. لذلك اعتبرت عملية التبليغ الركيزة الأساسية لأهم حق من حقوق الدفاع.
وتتجلى أهمية التبليغ كذلك انطلاقا من اعتبار الدفاع من أهم الركائز في القانون الإجرائي وأن العمل القضائي يحرص على احترامه بسعيه إلى تحقيق المساواة في المراكز الإجرائية للأطراف أمام المحكمة دون تفاضل في المواقع.
والقضاء هو من يضمن توازن هذه المواجهة إذا ما استعملت فيها أدوات عمل سليمة وفق ما سطر لها قانونا.
ولأهمية التبليغ فقد حدد له المشرع جهات معينة تسهر عليه وسطر له ضوابـط لا بد من توفرها في أدوات أو وسائل للتبليغ والتي تتمثل في الشكليات التي لابد أن تتضمنها شهادة التسليم وكذا طي التبليغ أو وثيقة التبليغ بصفة عامة.
كما تطرق المشرع لتوقيت القيام بهذا الإجراء وإن كان ذلك لا زال يستلزم كثيرا من التوضيح.

المطلب الثالث : شروط التبليغ

ونظرا لأهمية التبليغ فلا بد أن تتوفر فيه شروط صحة ليعتبر عملا مسطريا.
ولا يمكن اعتبار ذلك إلا إذا توفرت فيه الشروط التالية :
أن يكون العمل قانونيا تترتب عليه آثار قانونية؛ أي أن إجراءاته تخضع لما سطره القانون في قانون المسطرة المدنية أو بعض النصوص الخاصة.
أن يرتب القانون عن الآثار القانونية آثار إجرائية مباشرة بحيث يؤثر في الخصومة بأن تحقق إجراءاته الغاية المرجوة منها من حيث احترام الآجال القانونية للاستدعاء والطعن. إذ التبليغ الباطل يوقف سريان موعد الطعن.

المطلب الرابع : هدف التبليغ

هدفه الأول هو إعمال مبدأ المواجهة بين الخصوم. ثم هو وسيلة وضعها القانون لتمكين الخصوم من العلم بإجراء معين واحترام الأجل القانوني للطعن. ثم على إثره ينطلق بدء سريان موعد الطعن في الأحكام الفصل 54 والفصل 512 من قانون المسطرة المدنية الذي حدد مواعيد الطعن في الأحكام واعتبرها مددا كاملة أي مددا لا يدخل في حسابها لا اليوم الأول الذي تبدأ فيه ولا اليوم الأخير الذي تنتهي فيه.
كما أقر لها تاريخا محددا سيكون لحظة بدء سريان هذه المواعيد في الطعن في الأحكام وهو تاريخ التبليغ.

المبحث الثاني : طرق التبليغ

طرق التبليغ تنحصر في :
تبليغ تلقائــــي
تبليغ بناء على طلب
إنابة قضائــــية

المطلب الأول : التبليغ التلقائي

بعد صدور ظهير رقم 182.222 بتاريخ 15 أكتوبر 1984 المتضمن الأمر بتنفيذ القانون رقم 18.82 المتعلق بتعديل الفصول 428 – 429 – 433 و 435 من قانون المسطرة المدنية؛ أصبح التنفيذ بناء على طلب من المستفيد من الحكم.
ومن تم طرحت إشكالية التبليغ التلقائي بين من يرى بجوازها على اعتبار أن كتابة الضبط لها صلاحية التبليغ التلقائي فيما يخص احتساب أجل الطعن ودون أداء للمصاريف بينما عندما يتعلق الأمر بإعذار المحكوم عليه بأن يفي بما قضى به الحكم أو يعرف بنواياه طبقا للفصل 440 من قانون المسطرة المدنية فينبغي أن يتم بناء على طلب من المستفيد من الحكم
إلا أن جل كتابات الضبط تذهب على اعتبار كلا النوعين من التبليغ أي سواء

فيما يتعلق باحتساب أجل الطعن أو فيما يخص الاعذار طبقا للفصل 440
فينبغي أن يتم بناء علي طلب من المستفيد من الحكم.
كما أن طريقة التبليغ بالجلسة طبقا للفصل 50 من قانون المسطرة المدنية لا زالت تثير مجموعة من الإشكاليات وقبل ذلك لابد من استقراء الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على :
"يبلغ كاتب الضبط عند صدور الحكم حضوريا ومعاينة حضور الأطراف أو وكلائهم بجلسة الحكم الذي صدر ويسلم لهم نسخة من منطوق الحكم ويشار في آخره إلى أن التبليغ والتسليم قد وقعا"
واستقراء هذا الفصل يوضح التبليغ التلقائي الذي يقوم به كاتب الجلسة. وأن الأمر لا يتوقف على طلب المحكوم له؛ إنما يكتفي كاتب الجلسة بتبليغ الخصم بالمنطوق. وحضور الأطراف للجلسة لا يتوفر دائما كما أن شهادة منطوق الحكم تتطلب أن يكون عدد نسخها بعدد الأطراف وهو أمر لا يتوفر دائما كذلك.
وحيث أن جل الأحكام ينطق بها غير محررة؛ فإن المقال الاستئنافي المعتمد على منطوق الحكم فقط يبقى غير مستكمل للشروط المطلوبة فيه قانونا طبقا للفصل 142 من قانون المسطرة المدنية في غياب الوقائع والوسائل المثارة في الحكم الذي لم يحرر رغم النطق به. إضافة إلى أن النيابة العامة عندما تكون طرفا في الدعوى فلا يعتد بحضورها في الجلسة للقول بكونها قد بلغت )إذ اعتبر المجلس الأعلى حضورها عندما تكون طرفا في الدعوى أمر غير كاف لاعتبارها قد بلغت ويتعرض للطعن الحكم الذي اعتبر حضوريا(.
لكل ما سبق يتضح أن عملية التبليغ بالجلسة طبقا للفصل 50 من قانون المسطرة المدنية يتعذر في غالب الأحيان تطبيقها ويستحسن تجنبها لما تثيره من إشكاليات لتعذر توفر كل الشروط التي أقرها الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية.
وإذا كان المقصود من عملية التبليغ هي احتساب أجل الطعن بالحكم وجعله من تاريخ التوصل بالتبليغ؛ فما هي الغاية من اعتبار التبليغ طبقا للفصل 50 من قانون المسطرة المدنية تلقائيا واستبعاده في باقي التبليغات؟
كما أن الفصل 134 من قانون المسطرة المدنية يفيد ابتداء أجل الاستيفاء من تاريخ التبليغ إلى الشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي أو المختار أو بالتبليغ بالجلسة إذا كان مقررا بمقتضى القانون دون أن يشير إلى الجهة التي لها حق المبادرة بالمطالبة بالتبليغ مما تبقى مع إمكانية إنجازه تلقائيا ممكنة.
وكذلك الفصل 339 من قانون المسطرة المدنية فقد أحال بدوره في هذا الشأن على الفصل 54 من قانون المسطرة المدنية الذي يحيل بدوره على الفصول 37 – 38 – 39 - 441.
وباستقراء كل الفصول المنظمة للتبيلغ يتضح أنه لم ترد بها أية إشارة واضحة تشير إلى ضرورة تعليق التبليغ على طلب في الموضوع من طرف المستفيد من الحكم.
وحيث إن إشكالية التبليغ التلقائي لم يحسم في شأنها المشرع بوضوح تبعا لذلك تبقى إشكالية المصاريف القضائية في شأنها بدورها معلقة؛ إلا أنه من الناحية العملية يبقى التبليغ بناء على طلب في الموضوع هو المعمول به.
وقد جاء القسم الأول من الباب الثاني من القانون المتعلق بالمصاريف القضائية في القضايا المدنية ظهير 27 أبريل 1984 يبين تسعرة الصائر القضائي في التبليغ وهو ما يشار إليه في الفصول 22 – 43 – 54 – 55..... من قانون المصاريف القضائية في الميدان المدني.
ولأهمية بعض النوعيات في القضايا؛ فقد أبقى المشرع على إمكانية التبليغ التلقائي في شأنها؛ كما أعطى لها أحقية الأسبقية بمجرد النطق بها نرد منها :
الأحكام التي تقضي بالحراسة القضائية )الفصل 818 من قانون الالتزامات والعقود(
أهلية الدولة للإرث )الفصل 267 من قانون المسطرة المدنية(
القرارات المشمولة بالنفاذ المعجل على الأصل وقبل التسجيل )الفصل 153 من قانون المسطرة المدنية(
الأحكام المتعلقة بنزع الملكية.

المطلب الثاني : التبليغ بناء على طلب

مباشرة بعد صدور الحكم وتوقيعه من طرف الهيئة المصدرة له يتقدم المستفيد من الحكم إلى كتابة الضبط بطلب مؤدى عنه الرسم القضائي أو مستفيد من المساعدة القضائية على حسب طبيعة القضية. ويطلب نسخا تبليغه بعدد المحكوم عليهم. ويسهر مكتب التبليغ على هذا الإجراء؛ إذ ينجز طيا يسمى "طي التبليغ" بمواصفات خاصة )سنتحدث عنها عند الكلام عن البيانات الواجب توفرها في هذا الطي( مع شهادة للتسليم.

المطلب الثالث : الإنابة القضائية

إذا كان الطرف المبلغ إليه يقطن خارج دائرة نفوذ المحكمة التي قدم إليها طلب التبليغ والمصدرة للحكم؛ فإن طلب التبليغ يوجه من طرف الشعبة المعنية بذلك بواسطة إنابة قضائية إلى المحكمة المختصة لتقوم كتابة الضبط المرسل إليها بإنجاز الإجراء وإرجاعه إلى الجهة المصدرة في إطار إنابة.

المبحث الثالث : كيفية التبليغ

المطلب الأول : الجهات المؤهلة للقيام بعملية التبليغ

تعتبر مقتضيات الفصول 37 – 38 – 39 من قانون المسطرة المدنية القانون العام في سائر إجراءات تبليغ الوثائق القضائية كيفما كان موضوعها )إلا ما استثني على سبيل الحصر( بنصوص خاصة.
وللوقوف على الأشخاص الذين خصهم القانون للقيام بعملية التبليغ نجد الفصل 37 من قانون المسطرة المدنية وينص على :
ـ يوجه الاستدعاء بواسطة : أحد أعوان كتابة الضبط
ـ أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل
ـ أو بالطريقة الإدارية
وإذا كان المرسل إليه يسكن خارج المغرب يوجه إليه الاستدعاء بواسطة السلم الإداري على الطريقة الديبلوماسية عدا إذا كانت مقتضيات الاتفاقيات الدولية تقضي بغير ذلك.
استقراء هذا الفصل يوضح أن المشرع سوى بين كتابة الضبط والسلطة الإدارية وإدارة البريد في حالة البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل وهو ما أكده المجلس الأعلى في إحدى قراراته 1لأن الغاية من التبليغ هي حصول فعل التوصيل للمراد تبليغه.
من هنا يتضح أن الوسيلة التي ينهجها المستفيد في التبليغ لم تحدد بالترتيب طبقا للفصل 37 من قانون المسطرة المدنية.

أولا : التبليغ بواسطة مؤسسة كتابة الضبط

يوضح التنظيم الهيكلي لكتابة الضبط أنها تتألف من مجموعة من المكاتب والشعب حددت اختصاصاتها وظيفيا لتقوم كل واحدة منها بتنفيذ قرارات المحكمة والسهر على الجانب الإجرائي حسب طبيعة ونوعية كل قضية داخل الشعبة المختصة بها تحت إشراف رئيس المصلحة مباشرة ورئيس المحكمة بصفة عامة سواء تعلق الأمر بتجهيز الاستدعاءات التي يقوم كاتب الإجراء في كل شعبة بملئها بكل دقة وفق بيانات سطرها القانون.
وبعد ذلك يحيلها على شعبة التبليغ التابعة للمحكمة قصد القيام بالإجراء الواجب قانونا مع احترام الآجال المنصوص عليها في الفصل 40 – 41 من ق.م.م وبعد ذلك يقوم هذا الأخير بتوجيهها إلى الجهة المختصة.
إذا كان الطرف المرسل إليه يقطن بالمدينة وتعذر لطالب التبليغ تعيين العون القضائي فالوثائق توجه في اسم رئيس كتابة الضبط أو العون الموزع.
إذا كان المرسل إليه يقطن بالبادية توجه إلى القائد المختص.
إذا كان يقطن ببلد أجنبي أو في تكنة عسكرية توجه الوثائق باسم السيد وكيل الملك.
هذا فيما يتعلق بتبليغ الاستدعاءات. أما تبليغ الأحكام والقرارات فيتم بعد الإدلاء بطلب من المستفيد من الحكم. بعد ذلك يقوم عون التبليغ بإبلاغ الحكم إلى الشخص المراد تبليغه في المكان الذي يوجد بدائرة نفوذ المحكمة. وقد يتم التبليغ بكتابة الضبط كذلك أو بمقر المبلغ إليه أو أي مكان يوجد به. المهم هو تبليغ الشخص أو من ينوب عنه وفق مقتضيات الفصل 38 من قانون المسطرة المدنية وعلى كتابة الضبط القيام بعملية التبليغ وفق القانون مع مراعاة كل حالة واحترام تاريخ الجلسات. كما أن التبليغ بالجلسة له شكليات خاصة طبقا للفصل 50 من قانون المسطرة المدنية كما سبقت الإشارة إلى ذلك.


<><>

ثانيا : التبليغ بالبريد المضمون مع الإشعار بالتوصل

إذا كان التشريع الفرنسي يعتبر مصدرا تاريخيا للقانون الوضعي المغربي في أغلب فروعه وخاصة الإجرائية منه.
إذا كان العمل القضائي المغربي يستأنس في كثير من جوانبه بنظيره المصري فهل استفاد التشريع المغربي في باب التبليغ من المقتضيات القانونية في كلا التشريعين ؟. هذا ما سنحاول الإشارة إليه في بعض الملاحظات.
قبل ذلك؛ لابد من إثارة الانتباه على أن قانون المسطرة المدنية في فصوله المتعلقة بالتبليغ لم ينص على طريقة التبليغ بالبريد العادي أو برسالة مضمونة دون إشعار بالتوصل. كما أن المجلس الأعلى في إحدى قراراته اعتبر نهج البريد المضمون العادي لتبليغ استدعاء أو إنذار إجراء باطلا.
إذ أشار الفصل 39 من ق.م.م إلى طريقة التبليغ بواسطة البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل. لكن هل هناك قانون خاص ينظم الرسالة المضمونة؟
هناك كرسالة لإدارة البريد تتضمن تعليمات عامة تحت رقم 500 – 34 بتاريخ 12 – 09 – 1977 في الفصل 29 الذي تخصه لكيفية تبليغ الرسالة المضمونة غير القضائية.
وفي الفصل 127 الذي تخصه لكيفية تبليغ الرسالة المضمونة المرفقة بشهادة التسليم والرامية إلى تبليغ إجراء قضائي.
لكن هذه التعليمات لا ترقى إلى مستوى نص قانوني وقد تتعارض معه وبالتالي تصبح غير ملزمة في التبليغات القضائية.
فالفصل 37 عدد طرق التبليغ والفصل38 أوضح من له لاستلام الاستدعاء و أين ينبغي أن تسلم واستقراء الفصل 157 من كراسة إدارة البريد نجده أشار إلى إمكانية تبليغ الحراس والبوابين والأصدقاء إذا غاب المبلغ له ويتم التبليغ صحيحا تبعا لما ذكر بينما الفصل 38 من ق.م.م لا يشير إلى هذه الفئة وبالتالي يكون التبليغ باطلا إذا لم يخضع لمقتضيات الفصل 38 من ق.م.م.
وقد استقر العمل القضائي المغربي على اعتبار التبليغ برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل لا يعتد به إذا تبث توصل المرسل إليه وذلك بتوقيع على المطبوع الخاص لهذا الغرض أو رفض التوقيع عليه أو رفضه التوصل به هو أو من يقوم مقامه أما رجوع المطبوع بملاحظة غير مطلوب فلا يعد تبليغا صحيحا لأنه لا يعني الرفض بمفهوم الفصول 37 – 38 – 39.
التشريع الفرنسي جعل التبليغ حكرا على العون القضائي؛ إلا أنه سمح بسلك طرق التبليغ العادية (أي بواسطة البريد؛ بين المحامين يدا بيد مقابل إيصال)
كما جعل التبليغ بواسطة العون القضائي ممكنا حتى في حالة ما إذا نص القانون على طريقة أخرى.
وقد نظم عملية التبليغ في الفرع الثالث من الفصل الثالث من الباب 17 من قانون المسطرة المدنية الجديد من الفصل 655 إلى 670.
كما أنه في التشريع الفرنسي فالتبليغ بواسطة البريد يلزم أن يتم شخصيا للشخص الطبيعي وأينما وجد ولو في العمل (الفصل 689 من ق.م.م) ولا يكون صحيحا إلا بالتوقيع على الإشعار بالتوصل من طرف المرسل إليه شخصيا بينما مقتضيات الفصل 38 من ق.م.م لا يقتصر فيها التوصل على المرسل إليه شخصيا بل يمتد إلى الغير الموجود في موطنه.
كما أنه في التشريع الفرنسي استثني بعض النوعيات من التبليغات بواسطة البريد المضمون إذ نجد الفصل 651 من ق.م.م.ف.ج يشير إلى تعويض الرسالة المضمونة بعريضة العون القضائي باعتبارها ضمانة لكل الأطراف خاصة من أجل تبليغ إنذار بالإفراغ. كما لا يجوز طبقا للفصل 141 من ق.م.م.ف.ج تبليغ الأمر بالأداء بالبريد المضمون وإنما بواسطة العون القضائي وقد وجهت عدة انتقادات لطريقة التبليغ بواسطة البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل لكونها تفتح باب التحايل لطرفي عملية التبليغ إذ قد يعمل المرسل إلى وضع ورقة بيضاء بالرسالة لا علاقة لها بالشخص المراد تبليغه وقد يدعي المرسل إليه أنه توصل بمجرد ورقة لا تفسد شيئا 1
ونظرا للآثار الخطيرة التي تترتب عن بعض النوعيات من التبليغ نجد الفصل 675 من ق.م.م.ف.ج استثناها من طريق التبليغ بواسطة البريد على أن تبلغ بواسطة الأعوان.
وفي التشريع المصري نجد أن المشرع جعل التبليغ حكرا على المحضرين (أي موظفي المحكمة) وهو ما تنص عليه المادة 6 من ق المرفقات المصري إلا أنه سمح بإنجازه عن طريق البريد في حالات استثنائية نص عليها القانون.

ثالثا : التبليغ بالطريق الإدارية

الفصل 37 من ق.م.م. لم يوضح عناصر السلطة الإدارية التي خولها القانون للقيام بالتبليغ. إلا أنه من الناحية العملية تسند هذه المهمة إلى كل من :
رجال الشرطة
رجال الدرك
رجال السلطة (الشيوخ – مقدمين)
إلا أن الملاحظة على هذه الفئة أن عملها في هذا الجانب يتسم بالتأخير وعدم الضبط بالنسبة للتبليغ بواسطة شيوخ والمقدمين إذ يؤثر كذلك مستواهم التعليمي وضعف تأطيرهم على السير السليم للإجراءات بفعل سوء قيامهم بهذه المهام.

رابعا : التبليغ على الطريقة الديبلوماسية

الفقرة الأخيرة منم الفصل 37 نصت على أنه :
"إذا كان المرسل إليه خارج المغرب يوجه الاستدعاء بواسطة السلم الإداري إلى الخزينة الديبلوماسية عدا إذا كانت مقتضيات الاتفاقيات الدولية تقضي بغير ذلك".
تبعا لهذه المقتضيات التبليغ إلى المرسل إليه القاطن بالخارج يكون :
إما بواسطة السلم الإداري على الطريقة الديبلوماسية
إما على الكيفية التي تحددها الاتفاقية الدولية ثنائية كانت أو متعددة الأطراف
التبليغ لمن سكن ببلد أجنبي لا تربطه مع المغرب أية اتفاقية للتعاون القضائي
التبليغ بالطريقة الديبلوماسية إجراء بطئ المفعول ويمر بمراحل عديدة نادرا يتم إنجازه داخل الأجل المطلوب وكثيرا ما لا ينجوه أصلا.
الفصـل 41 :
إذا لم يكن للطرف الذي وقع استدعاؤه لا موطن ولا محل إقامة في دوائر نفوذ محاكم المملكة فإن أجل الحضور يحدد فيما يلي :
إذا كان يسكن بالجزائر أو تونس أو إحدى الدول الأوروبية : شهران
إذا كان يسكن بدولة إفريقية أخرى أو آسيا أو أمريكـا : 3 أشـهـر
إذا كان يسكن بالإقيانـوس : أربعة أشهـر
تطبق الآجال العادية عدا إذا مددتها المحكمة بالنسبة إلى الاستدعاءات التي سلمت إلى الشخص بالمغرب الذي لا يتوفر بعد على موطن ومحل إقامة.
ويتم الإرسال عبر هذا النهج :
نرسل المحكمة الابتدائية محكمة الاستئناف وزارة العدل الوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية السفارة أو القنصلية وزارة الشؤون الخارجية للبلد مكان التبليغ التي سوف تحيله على الجهة المعنية حسب نظمها الداخلية وقد تكون هذه الجهة وزارة العدل لتحيله على الجهة المختصة التي تتولى التبليغ ثم يعاد تبعا لنفس النهج.
وقد فطنت وزارة العدل لما يثيره التبليغ من مشاكل بواسطة السلم الإداري وأصبح الاستدعاء يوجه مباشرة من طرف السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف إلى البعثة الديبلوماسية والقنصلية في شخص السيد السفير (الرسالة الدورية عدد 25530/2 بتاريخ 9 غشت 1985)
هناك اتفاقية لاهاي المؤخرة في فاتح مارس 1954 تنص على إجراء التبليغ تحت إشراف السلم الإداري وقد انخرط فيها المغرب سنة 1969؛ إلا أنها لا تتسم بمرونة.
غير أن اتفاقية بروكسيل 1969 تمتاز ببساطة إجراءات التبليغ وسهولتها حيث تنص على التبليغ المباشر إلا أن المغرب لم يصادق عليها.
أما بالنسبة للدول التي تربطها مع المغرب اتفاقية للتعاون القضائي فإن التبليغ يتم وفق الاتفاق المنصوص عليه في الاتفاقية الدولية.

خامسا : التبليغ بواسطة العون القضائي

مشكل بطء تصفية القضايا داخل المحاكم ترجع في جزء كبير منها إلى مشاكل التبليغ مما كان يطرح التساؤل دائما عن ضرورة إيجاد بديل عن الأجهزة التقليدية المؤهلة للقيام بعملية التبليغ مما اهتدى معه المشرع إلى التفكير في خلق جهاز حر يناط به القيام بمهمة التبليغ القضائي.
والمتتبع لهذه التجربة يلاحظ أن أغلب الأنظمة القضائية المقارنة اختارت تبني نظام الأعوان المكلفين بالتبليغ والتنفيذ بصفة عامة في إطار قانوني عام كموظف عمومي (أوربا – ألمانيا – النمسا – السويد..)
وكذلك نجد عربيا : (العراق – ليبيا – مصر...) أما النظام الفرنسي فقد صنف العون القضائي في إطار مهنة حرة ودرج نحوه النظام التونسي الذي يعد سباقا في هذا الاقتباس والنظام المغربي يحاول الاستفادة من التجربتين السابقتين.
تنظم مهنة العون القضائي وفقا لمقتضيات قانون 41.80 المحدث لهيئة الأعوان القضائيين بالمغرب.
وقد منح المشرع المغربي العون القضائي الحق في القيام بمهام التبليغ للمادة 22 من ظهير 25 دجنبر 1980.
تبعا لخطورة التبليغ فإن العون القضائي ملزم بتطبيق المقتضيات القانونية في هذا الشأن.
وقد جاء المنشور الوزاري عدد 95/1 حول مهام الأعوان القضائيين والمنشور الوزاري عدد1647 س في شأن سير التبليغ وضح للعون القضائي بعض مناهج التبليغ التي عليه سلكها واحترامها.
كيف تنظم إجراءات التبليغ بالمحكمة قبل تسليمها للعون القضائي؟
يؤثر العون القضائي على المقال أو الإجراء المراد القيام به بعد اختياره من طرف طالب الإجراء أو من ينوب عنه.
وبعد فتح الملف من طرف كتابة الضبط يجهز الاستدعاء وشهادة التسليم وطي التبليغ ويشار فيها إلى اسم العون القضائي.
بعد تهيئ الاستدعاءات وشهادات التبليغ وأغلفة التبليغ من طرف الشعبة المختصة بكتابة الضبط تسلم إلى المنسق (وهو موظف لكتابة الضبط مؤهل للقيام بعملية التنسيق) بين كتابة الضبط والأعوان القضائيين مقابل توقيعه في سجل التداول.
يمسك المنسق سجلا عاما لتقييد جميع الاستدعاءات الواردة عليه من مختلف الشعب ويسلم الإجراءات التي تلقاها إلى العون القضائي المختار صبحية اليوم الموالي مقابل توقيعه في السجل المذكور.
كما أنه على العون القضائي مسك سجلا وفق النموذج المعد من طرف وزارة العدل بمقتضى المنشور الوزاري المؤرخ في 26 أكتوبر 1994 تنفيذا لمقتضيات المادة 15 من مرسوم 24 دجنبر 1986.
وبعد إنجاز العون القضائي للإجراء المطلوب؛ عليه إرجاع الطي إلى المنسق مقابل توقيع المتسلم.
أما تبليغ الأحكام والقرارات والأوامر التي يتقدم بها المحامي أو المتقاضي إلى مكتب التبليغات القضائية فيشار فيها إلى اسم العون القضائي المختار للقيام بالإجراءات.
المادة 22 من القانون 41/80 أشارت إلى مبدأ الطابع الاختياري المؤقت لمهام العون القضائي إلى أجل تحدده وزارة العدل (وهو عكس ما أخذ به النظام الفرنسي والتونسي)
وقد حدد المنشور الوزاري آجالا لإنجاز إجراءات التبليغ
فتبليغ الاستدعاءات يجب إنجازها
في أجل 48 ساعة بالنسبة للقضايا الاستعجالية
في القضايا المدنية بصفة عامة داخل أجل 15 يوما
بالنسبة لتبليغ الأحكام والقرارات فقد حدد أجل 3 أيام
وفي حالة تعذر إنجاز المطلوب يعرض الأمر على رئيس المحكمة أو من ينوب عنه والعون القضائي ملزم بالقيام بمهامه وفقا للقواعد العامة للتبليغ.
وكما أقر المشرع المغربي للعون القضائي الحماية القانونية أثناء مزاولته لمهامه كما هو الشأن بالنسبة للموظف العمومي وهو ما تشير إليه مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 12 من ظهير 25 دجنبر 1980 وهو بذلك يتمتع بالحماية الجنائية المنصوص عليها في المادتين 263 و 267 من ق.ج المغربي.
وكما ضمن له المشرع الحماية القانونية فقد أوجب عليه بعض الالتزامات التي عليه القيام بها أو الامتناع عن القيام بها ومنها عدم مباشرة أي إجراء لنفسه أو لحساب أزواجه أو لأقارب أزواجه أو لأي شخص تربطه مصلحة مشتركة أو متعارضة المادة 15 و 16 من قانون 41/80 وفي حالة مخالفة ذلك يتعرض للمتابعة التأديبية وفقا للمادة 19 من نفس القانون.
وقد تنبه المشرع لعدم كفاية الوسائل التقليدية للتبليغ كما نص على ذلك الفصل 34 من ق.م.م والقانون المحدث لهيئة الأعوان القضائيين 41/80
وحيث جاءت بعض النصوص الخاصة مشيرة على كيفيات أخرى للتبليغ عبر أطراف أخرى ومنها ندرج ما يلي :

سادسا : التبليغ بواسطة كتابة هيأة المحامين

فقد أشار الظهير المنظم لمهنة المحاماة في الفقرة الأولى من المادة 89 إلى أن تبليغ قرارات النقيب والاستدعاءات الصادرة عن مجلس الهيئة تبلغ إلى المحامي شخصيا أو في مكتبه أو منزله عند الاقتضاء عن طريق التوقيع على نسخة من وثيقة التبليغ أو بواسطة الأعوان القضائيين أو كتابة الضبط مما يستنتج منه أن كتابة الهيئة هي من تبلغ المحامي بمقررات الهيئة أو باقي الأطراف بعدها.

سابعا : التبليغ عن طريق مأمور الضرائب

بعد تجاوز المشرع للطريقة التقليدية في تبليغ الإعلام الضريبي بواسطة البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل وتدخله عبر قانون المالية لسنة 1995 بجعل القيام بالتبليغ يمتد إلى الأعوان التابعين لإدارة الضرائب وأعوان كتابة الضبط والأعوان القضائيين أو بالطريقة الإدارية بعد تعذر التبليغ بالبريد المضمون تم تدخل كذلك فيما بعد ليعطي لإدارة الضرائب عبر قانون المالية لسنة 2001 صلاحية اختيار جهة التبليغ التي ترغب فيها.

ثامنا : التبليغ عن طريق البريد العادي

وهو ما جاءت به مدونة التحصيل في المادة الخامسة والقصد منه إخبار الملزم بالضريبة.

تاسعا : التبليغ عن طريق النشر

وهو ما تشير إليه الفقرة الأولى من الفصل 360 من ق.م.م. وكذا المادة 23 من قانون إحداث المحاكم الإدارية التي نصت على أن "أجل الطعن في المقررات الإدارية المشوبة بعيب الشطط في استعمال السلطة يبتدئ من يوم النشر أو تبليغ المقرر المطعون فيه.

عاشرا : التبليغ عن طريق تعليق الإعلان في آخر موطن للمراد إعلانه

وهو ما نصت عليه مدونة التحصيل في المادة 43 حيث يصبح التبليغ صحيحا في اليوم الموالي لتعليق الإنذار في آخر موطن للملزم.

المطلب الثاني : كيفية التبليغ

إذا كان لا بد من شروط صحة للتبليغ للقول بنجاعته وقانونيته فلا بد من توضيح العناصر التي يقوم عليها.
الوثيقة أو الشيء المراد تبليغه
فعملية التبليغ تتكون من ثلاثة عناصر: المكلف بالتبليغ
الشخص المراد تبليغه

أولا : الوثيقة أو الشيء المراد تبليغه

استدعاء محضرا قد تكون هذه الوثيقة : عقدا إنذارا أو غيرها من الإجراءات القضائية أو غير القضائية التي تسبق الدعوى أو تعاصرها أو تأتي بعدها.
ووثيقة التبليغ هذه لا يمكن التحدث عنها إلا إذا وقع الاستدعاء للحضور للجلسة وفقا لمقتضيات الفصول 31 – 32 – 37 – 38 – 39 من قانون المسطرة المدنية مما يفرض علينا تبيان مفهوم هذه الوثيقة ولما تهدف أي الغاية منها وكيفية ملئها باعتبارها وسيلة التبليغ.
أ‌- الاستدعاء :
الاستدعاء وثيقة تحرر مستقلة عن شهادة التسليم القصد منها إحاطة الطرف المدعي عليه علما بأن دعوى رفعت ضده أمام محكمة معينة؛ وعليه الحضور أمامها في التاريخ والساعة المحددين.
وهي تعتبر حجة بين يدي الطرف الذي تم استدعاؤه كأن يحتج بها عندما لا تحترم الأجل المفروض لاستدعائه طبقا للفصل 40 من قانون المسطرة المدنية.
وطريقة استدعاء المدعي في الدعوى الاستعجالية لا تثير إشكالا ما دام يشعر بتاريخ الجلسة فور تقديمه للطلب حيث نص الفصل 150 من قانون المسطرة المدنية في آخر فقرته إلى أن القاضي يعين فورا اليوم والساعة التي ينظر فيها الطلب؛ والفصل 149 من قانون المسطرة المدنية يشير كذلك في آخر فقرته إلى أنه "تعين أيام وساعات جلسات القضاء المستعجل من طرف الرئيس"
بينما استدعاء المدعى عليه يتطلب توضيحا إذ نص الفصل 151 من قانون المسطرة المدنية على أن القاضي يأمر باستدعاء الطرف المدعي طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصول 37 و 38 و 39 باستثناء الحالة التي تتوفر فيها حالة الاستعجال القصوى وهي متروكة لتقدير القاضي حسب ظروف القضية.
وإذا كان الفصل 37 من قانون المسطرة المدنية يحدد الطرق التي بواسطتها يجب أن يتم الاستدعاء، فالفصل 38 من قانون المسطرة المدنية يحدد الحالات التي يعتبر فيها الاستدعاء صحيحا.
بينما الفصل 39 يحدد هذا التسليم.
متى يمكن اعتبار الاستدعاء تم بصفة قانونية ؟
لم يشترط المشرع لصحة تبليغ الاستدعاء وقانونيته أن يبلغ به المدعي أو المدعى عليه شخصيا وإنما نص في الفصل 38 من قانون المسطرة المدنية على أن الاستدعاء يسلم تسليما صحيحا :
للشخص نفسه
أو في موطنه
إلى أقاربه
أو خدمه
أو لكل شخص آخر يسكن معه
ويجب أن يسلم في غلاف مختوم ببيانات سندرجها عند الكلام عن طي التبليغ.
ب‌- شهادة التسليم :
الوثيقة المعتبرة قانونا لإثبات التبليغات القضائية وهي مطبوع يرفق بالطي ويحمل اسم الجهة التي تقم التبليغ.
وقد أجاز المجلس الأعلى إثبات التبليغ المشهود بمطابقتها لأصل شهادة التسليم.
تعتبر شهادة التسليم أهم وسيلة لإثبات حصول التبليغ. وقد أحاطها المشرع بعناية خاصة وضمانات كافية بأن أوجب توفرها على بيانات بنصه في الفصل 39 من ق.م.م.عليها.
ولا بد من توفر مجموعة من البيانات لتصبغ على شهادة التسليم الطابع الرسمي توضح من تسلم – في أي تاريخ – توقع من الشخص الذي تسلمها في موطنه في حالة الرفض يدون فيها ذلك العون المبلغ وبيانات كالقاضي المقرر – المحكمة المصدرة لها – رقم القضية ووجودها المادي هو الإثبات الوحيد للمحكمة.
ج- طي التبليغ :
عبارة عن ظرف أو غلاف مختوم بداخله نسخة حكم أو قرار طبق الأصل موضوع التبليغ على أن يسلم للمعني بالأمر مع البيانات الآتية :
الاسم الشخصي
الاسم العائلي
عنوان سكنى الطرف
تاريخ التبليغ
توقيع العون
طابع المحكمة
وهو وثيقة أساسية لإثبات التبليغ.


<><>
د- كما يعتبر الإشعار بالتوصل بالرسالة المضمونة كذلك وثيقة للتبليغ :
فإذا كان الأصل أن تتم كل التبليغات القضائية بشهادة التسليم فإن المشرع أورد التبليغ عن طريق البريد بواسطة البريد المضمون وورقة الإشعار بالتوصل تسمى أيضا إعلاما بالتوصل وهي تقوم محل شهادة التسليم وهي وثيقة تصدر عن مصلحة البريد ويدون بها ساعي البريد القائم بالتبليغ تاريخ الإعلان وتوقيعه كما يتضمن توقيع متسلم التبليغ أو رفضه.
وقد أوضح المشرع طريقة تبليغ كل من الأحكام والقرارات الاستئنافية.
تبعا لذلك نجد الفصل 54 من قانون المسطرة المدنية أشار إلى تبليغ الأحكام الابتدائية وأحال على الفصل 37 –38 – 39 من قانون المسطرة المدنية و 441 من قانون المسطرة المدنية. كما أن الفصل 349 من قانون المسطرة المدنية أشار إلى تبليغ قرارات محاكم الاستئناف وأحال بدوره على الفصل 54 من ق.م.م فيما يتعلق بتسليمها.
وفي كل من الفصل 54 و 349 من قانون المسطرة المدنية أوجب القانون أن تكون نسخة الحكم أو القرار المطلوب تبليغه مصادقا على مطابقتها للأصل.
وقد أصدر المجلس الأعلى قرارات كثيرة بعدم قبول طلب النقض لكون نسخة القرار المطعون فيه غير مشهود بمطابقتها للأصل من طرف كتابة الضبط.

ثانيا : الشخص المراد تبليغه

وهو الشخص المراد بإعلانه أو من له الصفة في استلام التبليغ عنه بحكم القانون.
تتجلى أهمية التوقيع في عملية التبليغ في اعتباره الدليل الوحيد على أن القائم بالتبليغ خاطب من له الصفة في استلام الإعلان للوفاء بالتزاماته المترتبة عن صدور حكم في قضية معينة.
رفض التوقيع في القانون المغربي :
بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 39 من ق.م.م يتبين أنه بعد أن نص على التوقيع على شهادة التسليم من طرف الشخص المعني بالتبليغ أو من الشخص الذي له الصفة في استلام الاستدعاء بالموطن على القائم بالتبليغ في حالة تسليم الاستدعاء للطرف أو الشخص الذي له الصفة في الاستلام ورفض التوقيع على شهادة التسليم بالاكتفاء بالإشارة إلى هذا الامتناع في تلك الشهادة والتوقيع عليها من طرفه.
هنا يتجلى أن المشرع المغربي لا يعير أي اهتمام لتوقيع متسلم التبليغ رغم أهميته تبعا لرأي بعض الباحثين 1
وإذا كانت حالة العجز عن التوقيع لها ما يبررها في المجال القروي لتفشي الأمية؛ فإن حالة رفض التوقيع ليس لها ما يبررها خاصة إذا صدرت عن غير المراد إعلانه.
لذا كان الأجدر بالمشرع المغربي أن لا يعتبر رفض التوقيع من له الصفة في استلام الاستدعاء تبليغا صحيحا إلا بعد إحاطته بضمانات كافية تسمح بتبليغ الإجراء إلى المعني بالأمر أو على الأقل الإنهاء إلى علمه بحصول واقعة محاولة التبليغ إليه والتي برفض من له الصفة في الاستلام.
تبليغ الشخص نفسه :
نص الفصل 38 من ق.م.م بأن الشخص المبلغ إليه قد يكون المعني بالأمر شخصيا وقد يكون غيره طبقا للفصل المذكور. فإذا تعلق الأمر بالمبلغ إليه شخصيا فإن تبليغه يكون صحيحا سواء قد تم في كتابة الضبط أو محل إقامته أو موطنه المختار أو في أي مكان وجد فيه. وغالبا فهذا النوع من التبليغ لا يثير أي إشكال إلا في حالة التزوير وغيره.
تبليغ الشخص الموجود في موطن المعني بالأمر:
لا يكفي تسليم الطي لفرد وجد بموطن المبلغ إليه بل يلزم تبيان اسم الشخص الذي تسلم الطي وتوقيعه أو رفضه التوقيع أو بيان سبب عدم التوقيع وهو ما نص عليه المجلس الأعلى في القرار رقم 519 في 15 – 09 – 1976 1
كما أشار قرار المجلس الأعلى رقم 188 في 15 – 03 – 0987 أن مجرد تسليم التبليغ لشخص بعنوان المبلغ إليه لا يعتبر صحيحا إلا إذا كان الاستدعاء متوفرا على الشروط المطلوبة في الفصلين 39 و 516 من ق.م.م. ويؤدي النقص في بيانات الاستدعاء بعدم ذكر الاسم الشخصي والعائلي للمتسلم إلى البطلان.
وتوضح الفصول 518-519-520-521-522-523-524-525-526 نوعيات موطن التبليغ.
وقد يكون الموطن إما حقيقيا هو الذي يقيم فيه المعني بالتبليغ
أو مختارا يتخذه لنفسه ولا يحل محل الموطن الأصلي في جواز التبليغ إلا استثناء وفي حالات محددة.
التبليغ في الموطن للأقارب :
لم يحدد المشرع المغربي درجة القرابة بين الأفراد لجواز تبليغهم على بعضهم والمقصود بالقرابة كل من له علاقة نسب أو مصاهرة مع المعني بالأمر وهو إشكال لا بد فيه من تدخل المشرع لتحديد درجة هذه القرابة كما هو الشأن بالنسبة لتبليغ الزوجة (المطلقة) فلا بد أن يثار من أنها تقيم مع المراد تبليغه. كما أن القريب لا بد من توفر إقامته المعتادة.
التبليغ للخدم :
يعتبر خادما الشخص الذي يعمل عند تبليغه وقد ورد في قرار المجلس الأعلى رقم 283 الصادر في 30 – 01 – 1991 أن التبليغ الواقع لخادم المبلغ إليه الذي رفض التوقيع على شهادة التسليم ورفض إعطاء اسمه لعون التبليغ الذي سجل هذا الرفض في شهادة التسليم يكون تبليغا صحيحا وفق الفصل 38 من ق.م.م.
التبليغ لكل شخص يسكن مع المعني بالأمر :
في هذا الجانب نجد أن المشرع المغربي وسع من نطاق من يشترك في السكن بحيث تجاوز الأقارب والخدم وكل شخص آخر يسكن مع المبلغ إليه في نفس محل الإقامة الذي يقصد بها نفس الشقة وليس نفس العمارة أو الدوار.
بينما المشرع الفرنسي ذهب إلى أبعد من ذلك كما تنص على ذلك المادة 655 في مدونة المسطرة المدنية الفرنسية الذي أشار أنه في حالة تعذر تبليغ الشخص نفسه أمكن تسليم الطي في موطنه أو محل إقامته إلى كل شخص متواجد به أو إلى حارس العمارة أو إلى أحد جيرانه لكن شريطة أن يقبل الشخص المتواجد أو الحارس أو الجار تسلم الطي ويدلي باسمه الشخصي والعائلي وصفته وإذا كان جارا أعطى عنوانه وأعطى وصلا عن تسلمه؛ وفي جميع الأحوال وجب على العون أن يترك بموطن المعني بالأمر أو محل إقامته إعلانا بالمرور يحمل تاريخ الإجراء يشعره فيه تسلم الطي ونوع الوثيقة موضوع التبليغ واسم طالب التبليغ وجميع المعلومات المتعلقة بالشخص الذي سلم له.
التبليغ للمحامي :
هنا لا بد من التميز بين ما إذا كان الأمر يتعلق بحكم ابتدائي أو تبليغ قرار استئنافي فقد ذهب المجلس الأعلى في إحدى قراراته (قرار رقم 1057 بتاريخ 02 – 05 –1983) إلى اعتبار التبليغ للمحامي صحيحا ويؤدي إلى سريان أجل الطعن على اعتبار مكتبه يعد موطنا مختارا لموكله مادام أن الشخص لم يثبت أنه جرد محاميه من النيابة عنه وأن المحامي تخلى عن نيابته.
أما عن تبليغ المحامي بالقرار الاستئنافي فلا يجوز طبقا للفصل 358 من ق.م.م. الذي أشار إلى تبليغ الشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي.
التبليغ للأشخاص الاعتباريين :
ينص الفصل 516 من ق.م.م على أنه "توجه الاستدعاءات و التبليغات وأوراق الاطلاع والإنذارات و الإخطارات والتنبيهات المتعلقة بفاقدي الأهلية والشركات والجمعيات وكل الأشخاص الاعتباريين إلى ممثليهم بصفتهم هذه"
ويستنتج من هذا الفصل أن المبلغ إليه في حالة الشخص الاعتباري هو الممثل القانوني بصفته هاته إلا أن المجلس الأعلى في قراره رقم 95 س الصادر في 28 – 02 – 1979 اعتبر تسليم الطي لأحد مستخدمي الشركة موجه فيه التبليغ على مدير الشركة بصفته الممثل القانون لها تبليغا تم بصفة قانونية طبقا لمقتضيات الفصل 516 و 38 من ق.م.م. 1 لوجود علاقة تبعية للمستخدم بالنسبة لمدير الشركة كممثل قانوني.
بالنسبة للشركة الأجنبية التي لها عدة فروع في المغرب فإن طي التبليغ يسلم على هذه الفروع أو الوكيل
باستثناء الشركة التي حدد المشرع في الفصل 522 من ق.م.م موطنها في المحل الذي يوجد بها مركزها الاجتماعي فإن باقي الأشخاص الاعتباريين لم يرد ذكر لموطنهم في نصوص قانون المسطرة المدنية؛ ونتج عن ذلك نقاش فقهي وقضائي إلا أن الفصل 516 من ق.م.م الذي يوضح بأن التنبيهات و التبليغات توجه إلى الممثل القانوني بصفته هاته أي ليس بصفتهم الشخصية وبالتالي ينبغي توجه تلك الإجراءات إليهم في موطنهم.
التبليغ لفاقدي الأهلية :
التبليغ يكون لوليه أو وصيه أو المقدم عليه أو من عينهم القانون حسب ما ورد في الفصل 38 و 39 من ق.م.م.
ووفق الفصل 521 من ق.م.م. الذي جاء فيه : "يكون الموطن القانوني لفاقد الأهلية هو موطن حاجره"
التبليغ للمسجون :
لم يشر إليه قانون المسطرة المدنية لكن يمكن إدراجهم ضمن ما نص عليه الفصل 520 من ق.م.م وبالتالي يكون مكان إقامتهم هو المحل الذي يوجدون به فعلا في وقت معين ولابد من ذكر رقم اعتقاهم في شهادة التسليم
التبليغ للورثة :
هناك التبليغ طبقا للفصل 137 من ق.م.م الذي يقع بعد وفاة أحد الأطراف؛ فيجب تبليغ الورثة في موطن الشخص المتوفى ولو سبق تبليغه للمورث ولكن توفي قبل انتهاء أجل الطعن فيه؛ حيث يوقف أجل الاستئناف ولا تقع مواصلته من جديد إلا بعد مرور خمسة عشر يوما التالية لتبليغ الحكم للورثة بموطن الشخص المتوفى؛ ويمكن أن يقع هذا التبليغ للورثة وممثليهم القانونيين جماعيا دون تنصيص على أسمائهم وصفاتهم.
أما التبليغ طبقا للفصل 443 من ق.م.م فيكتفي فيه بالتبليغ للورثة المعروفين لأنه سبق التبليغ للموروث وأصبح الحكم نهائيا.
ويقوم عون التنفيذ بتبليغ الورثة المعروفين وبعد تبليغهم يواصل إجراءات التنفيذ.
التبليغ للدائنين :
طبقا للفصل 210 من ظهير 02 – 06 –1915 المطبق على العقارات المحفظة وفق الفصل 705 من ق.م.م فإن الدائنين المسجلين بالرسم العقاري يطلب منهم بكتاب مضمون أو إعلان محرر على الشكل العادي للتبليغات الإدلاء بسنداتهم خلال 30 يوما من تسلمهم للمضمون أو الإعلان أو على الأقل داخل الأجل المترتب على الفقرة الثالثة من الفصل المذكور وإلا سقطت حقوقهم ولم يبق لهم الحق في الثمن في حالة تخلفهم رغم استدعائهم.
تبليغي المالكين على الشياع مع المحكوم عليه طبقا للفصل 437 منق.م.م.
هذا النص ينطبق على العقار المحفظ وغير المحفظ جاء فيه "يخطر عون التنفيذ في حالة الشياع عون التنفيذ في حدود الإمكان شركاء المنفذ عليه في الملكية بإجراءات التنفيذ المباشر ضد شريكهم حتى يتسنى لهم المشاركة في السمسرة ".

المبحث الرابع : بعض نوعيات التبليغ

المطلب الأول : تبليغ الأحكام المتعلقة بالتحفيظ العقاري ونزع الملكية

يقصد بالأحكام المتعلقة بالتحفيظ العقاري (العقارات المحفظة والتي هي في طور التحفيظ)

أولا : تبليغ الأحكام المتعلقة بالتحفيظ العقاري

يخضع تبليغ هذا النوع من الأحكام إلى مقتضيات الفصل 40 من مرسوم 12/08/1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري وهو ما أكده المجلس الأعلى في قراره رقم 1100 بتاريخ 16/05/1990 ملف مدني 1140/84 حيث تبلغ الأحكام الابتدائية طبقا للفصل 40 من المرسوم المذكور إلى جميع أطراف النزاع في عناوينهم المختارة ويمكن طلب الاستئناف داخل الآجال المقررة في المسطرة المدنية.
بينما القرارات الاستئنافية فتبلغ بنصيها الكامل إلى جميع الأطراف في عناوينهم الحقيقية أو المختارة مع الإشارة إلى إمكانية الطعن فيها في أجل شهرين ابتداء من يوم التبليغ طبقا للفصل 47 من المرسوم المشار إليه.
وهنا لا بد من إثارة الانتباه إلى الاختلاف بين الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ وباقي الأحكام؛ إذ يلاحظ أن القرارات الاستئنافية المتعلقة بالتحفيظ تبلغ إلى الموطن الحقيقي أو المختار بينما القرارات الأخرى لا تبلغ إلا في الموطن الحقيقي أو للشخص نفسه (الفصل 358 من ق.م.م)
كما أن أجل الطعن بالنقض في الأحكام المتعلقة بالتحفيظ هو شهران ابتداء من تاريخ التبليغ (الفصل 47 من المرسوم المذكور) بينما القرارات الأخرى أجل الطعن فيها هو ثلاثون يوما من تاريخ التبليغ الفصل(358 من ق.م.م)
الأحكام الصادرة في قضايا التحفيظ لا تبلغ إلى القيم إنما تلقائيا بواسطة كتابة الضبط (الفصل 10 من القرار المؤرخ في 03/06/1995) حيث نص الفصل 26 من القرار المذكور على أنه على كل طالب وكل مدخل أو كل متعرض وكل شخص يطلب في اسمه القيام بتسجيل أو تقييد في السجلات العقارية عليه لزوما تعيين موطن للمخابرة بمقر المحافظة إذا لم يكن موطنه الفعلي بدائرة المحافظة المذكورة.
وإذا لم يقم بذلك فإن جميع الإعلامات و التبليغات توجه له إلى النيابة العامة ويكف ذلك لاعتبارها صحيحة (أنظر تبليغ النيابة العامة)

ثانيا : الأحكام المتعلقة بنزع الملكية

نص القانون رقم 7/18 المنف1 بظهير 06 – 05 – 1982 في نصه 26 – 34 على أن القرارات القضائية الصادرة بنزع الملكية أو الإذن بالحيازة تبلغ تلقائيا من طرف كتابة الضبط إلى نازع الملكية وإلى المنزعة ودون مقابل ومن تم فهو إجراء لا يقوم به الأعوان إلا إذا أمروا به من طرف رئيس المحكمة.
ولا يبتدئ أجل الطعن في الأحكام القضائية في هذا الشأن إلا بعد تعلقيها خلال أجل 30 يوما بلوحة معدة لهذا الغرض لدى كتابة الضبط وينشر الحكم على حساب نازع الملكية في جريدتين مأذون لهما في نشر الإعلانات القانونية يعينها القاضي ويلزم أن تتم الإجراءات المذكورة بمجرد توجيه التبليغ إلى القيم ويضفي كاتب الضبط بهذين الإجراءين وشهادته بهما على الحكم الصيغة النهائية التي تسمح بتنفيذه.

المطلب الثاني : التبليغ لجهة الإدارة

أولا : التبليغ لكتابة الضبط

تيسيرا لعملية التبليغ أوجب المشرع في الفصل 33 من ق.م.م على الوكيل أن يتخذ له موطنا بدائرة نفوذ المحكمة التي يترافع أمامها (من غير أن يحدد الجزاء الذي يترتب عن مخالفة النص المذكور)
الفصل 330 من ق.م.م : "يجب على كل طرف يقيم خارج نفوذ محكمة الاستئناف أن يعين موطنا مختارا في مكان مقرها؛ ويجب أن يتضمن كل تبليغ إلى شخص لم يدخل بعد في الدعوى عند الاقتضاء تنبيها بتعيين موطن مختار"
إذا لم يتم هذا الاختيار فإن كل إشعار أو تبليغ ولو كان يتعلق بالقرار النهائي يعتبر إجراؤه صحيحا بكتابة ضبط محكمة الاستئناف يكون تعيين الطرف لوكيل اختيارا للمخابرة معه في موطنه.
لا يكون تعيين الوكيل صحيحا إلا إذا كان له هو نفسه موطن حقيقي أو مختار في دائرة المحكمة.
الفصل 38 من قانون المحاماة : تلزم المحامي في حالة لم يتخذ لدى زميل له بدائرة المحكمة المنصب للدفاع أمامها محلا للمخابرة أن يختار كتابة ضبط نفس المحكمة بدله.
إن التبليغ بواسطة كتابة الضبط يكون صحيحا وينتج آثاره من تاريخ تسلم الإجراء إليها في الحالات التي نص القانون فيها على هذا النوع من التبليغ بغض النظر عما إذا كان المراد إعلانه على علم بهذا الإجراء أم لا وذلك لقيام قرينة قانونية قاطعة تفيد حصول هذا العلم بغير حاجة إلى إشعار المعني بالأمر بتبليغ هذا الإجراء إلى كتابة الضبط ذلك أن المشرع افترض أن المراد إعلانه الذي تقاعس عن تعيين موطن مختار في الحالات التي يلزم فيها القانون ذلك كان متوقعا مخابرته بمكتب الضبط وعليه أن يسعى إليها لاستلام تبليغه 1
الفصل 45 : منه على أنه : يتعين على الأطراف اختيار محل المخابرة معهم عند بداية المسطرة بعنصر المحكمة الابتدائية التابع لها موقع العقار ويمكن أن تبلغ إلى محل المخابرة المذكورة جميع الوثائق المسطرية الابتدائية والاستئنافية.
كما جاء في الفقرة الأولى من الفصل 46 (إذا تعذر تسليم التبليغات الإدارية المنصوص عليها في الفصل 14 من نفس القانون إلى المعني بالأمر اكتفي بتوجيهها إلى وكيل الملك التابع لنفوذه موقع العقار)

ثانيا : التبليغ للقيم

إذا كانت المحاكم تتساهل أحيانا في الالتجاء إلى مسطرة القيم بسبب ضغط كثرة الملفات فإن ما يزيد من خطورة هذه المسطرة عدم إنجاز إجراءاتها عادة وفق ما رسمه القانون (الفصل 39 من ق.م.م)
فمسطرة القيم طريقة استثنائية رسمها القانون لإتمام الإعلان وهي مسطرة مرسومة لتمكن طالب التبليغ في اتخاذ الإجراءات في مواجهة خصمه رغم جهله بموطنه.
إن التبليغ للقيم يلجأ إليه عندما يكون موطن أو محل إقامة الطرف غير معروف وقد نص على ذلك في الفقرة 7 من الفصل 39 من ق.م.م والفصل 441 الخاص بتبليغ الأحكام والفصل 192 من ظهير 02 – 06 – 1915
لكن متى يتم تعيين قيم ؟ وما هي الإجراءات التي يقوم بها ؟
عندما يكون موطن أو محل إقامة الطرف غير معروف و قد أوضح أن فصول المسطرة المدنية من الفصل 518 إلى 526 محل الإقامة والموطن الحقيقي والموطن المختار سواء بالنسبة للمغربي أو الأجنبي.
ومسطرة القيم تطبق في كل مراحل التقاضي وعلى كل نوعيات التقاضي عند عدم معرفة موطن الشخص المعين والفراغ التشريعي هو سبب اللجوء إلى مسطرة تنصيب القيم.
وقد وردت في القسم الثالث من ق.م.م المتعلق بمسطرة الدعوى أمام المحكمة الابتدائية وعلى نفس المقتضيات أحال الفصل 329 من ق.م.م فيما يخص التبليغ أمام محكمة الاستئناف ونفس المقتضيات تطبق في التبليغ أمام المجلس الأعلى الفصل 380 من ق.م.م.
ويمكن اللجوء إلى مسطرة القيم في الإجراءات السابقة للدعوى وذلك باستصدار أمر طبقا للفصل 148 من ق.م.م وذلك تعيين قيم عن الطرف المجهول.
وقد يتم تنصيب القيم أثناء جريان الدعوى وقد يتم تنصيب القيم بعد صدور الحكم بالدعوى وكما سبقت الإشارة فالأصل في تبليغ الأحكام والقرارات يكون طبقا للفصل 54 و 349 من ق.م.م وتحيل على الفصول 37 – 38 – 39 من ق.م.م و إذا تعلق الأمر بتبليغ قيم فيتم طبقا للفصل 441 من ق.م.م.
وهنا لا بد من الإشارة أنه قد يصدر الحكم حضوريا ويصبح المحكوم عليه بعد ذلك مجهول العنوان؛ هنا لكي يتسنى للمستفيد من الحكم تبليغه لا بد له من استصدار حكم طبقا للفصل 148 من ق.م.م بتنصيب قيم.
أما فيما يتعلق بتبليغ الحكم بقيم طبقا للفصل 441 من ق.م.م فلا بد من تعليقه باللوحة وإشهاره حسب أهمية الحكم ولا يصبح الحكم قابلا للتنفيذ إلا بعد انتهاء أجل التعليق والنشر الذي هو ثلاثون يوما بعد ذلك.
وأحيانا قد يصدر الحكم غيابيا بقيم ثم بعد ذلك يظهر المحكوم عليه في هذه الحالة توقف مسطرة القيم ويتم تبليغ المحكوم له شخصيا.
فمجرد تعيين القيم يكاتب النيابة العامة والسلطة الإدارية لمساعدته على معرفة الشخص المجهول العنوان والذي كان يسكن بعنوانه كذا وبطلب من النيابة العامة الاتصال بالسلطات الإدارية والضابطة القضائية للبحث عن غير المعروف قصد تبليغه الإجراء أو الحكم الصادر ثم يقدم المستندات الخاصة به. وإذا عرف بعد ذلك موطن الشخص أخبر القيم القاضي ويخطر الطرف برسالة مضمونة على المسطرة وتنتهي حينئذ نيابة القيم أما إذا لم يعرف فيصدر الحكم معنيا فيه القيم.

المبحث الخامس : توقيت التبليغ

لم يشر المشرع المغربي بوضوح إلى توقيت التبليغ وإنما اكتفى في الفصل 451 من ق.م.م الذي جاء فيه جواز إجراء الحجز بين الساعة الخامسة صباحا والتاسعة مساء وهو جانب في باب التنفيذ.
ويلاحظ أنه وسع مدة جواز الحجز عكس المشرع الفرنسي الذي حظر جواز التبليغ في مدة أقل إذ نص في الفصل 664 من قانون المسطرة المدنية الفرنسية الجديد على عدم جواز التبليغ في أيام العطل الرسمية إلا بإذن من رئيس المحكمة وفي أحوال الضرورة القصوى بين الساعة السادسة صباحا والتاسعة ليلا.
كما أن المشرع المصري نص في المادة السابعة من قانون المرافعات المصري أنه يمنع إجراء أي تبليغ أو تنفيذ قبل الساعة السابعة صباحا؛ وبعد الثامنة مساءا وفي أيام العطل الرسمية؛ إلا بإذن من قاضي الوقتية.
والمشرع المغربي لم يشر في قانون المسطرة المدنية منع التبليغ في أوقات معينة وقد سكت عن حظر التبليغ في أوقات محددة خلال الليل و أيام العطل إنما نجده في الفصل 302 من مدونة التجارة نص على عدم إقامة احتجاج بعدم الدفع يوم عمل.
إلا أن الواقع يفرض إضافة إلى عدم جواز التبليغ في أوقات محظورة كذلك عدم جوازه في ظروف خاصة حتى لا تستعمل هذه الوسيلة كذريعة أحيانا للتشهير بالأفراد والمس بمشاعرهم سيما في مناسبات كالوفاة.



author-img
الفكر القانوني

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent