كتاب علم الإجرام و علم العقاب
علم الاجرام وعلم العقاب كلاهما من العلوم المساعدة في رسم السياسة الجنائية المستنيرة وتخطيطها على اسس نابعة من دراسات عميقة ومستفيضة في القانون الجنائي اذ ينهضوا لحماية المصالح الجوهرية العامة والخاصو بتجريم كل سلوك انسانية ينطوي على المساس بها وتحديد العقوبة او التدبير الذي يوقع على مرتكب ذلك السلوك ينهض بجانبه قانون الاجراءات الجزائية باحكامه التي بمقتضاها يتمكن القاضي المختص من النطق بالجزاء الذي يراه محققا الاهداف القانونية التي تتركز في تحقيق استقرار المراكز القانونية وتحقيق العدالة والامن في المجتمع.
فالمقصود بالجزاء ان يرضي شعور الناس بالعدالة كلما كانت متناسبا مع جسامة الجريمة من ناحية وردعها للجاني نفسه لكي لا يعود للاجرام من ناحية اخرى مع مراعاة الظروف المشددة او المخففة في كل حالة على حدة والجزاء دائما ينفذ في مواجهة الجاني قسرا عنه تحقيقا للردع العام والخاص ولضمان استقرار الامن في المجتمع كما يحقق غرضا اخر هو رد الجاني الى حظيرة المجتمع ليصبح مواطنا صالحا ومنتجا يحترم حقوق الغير وحرياته.
وهذا كله تعني التشريعات الجنائية الحديثة بناء على توصيات المؤتمرات الدولية في مختلف العلوم الجنائية والاجتماعية بتفريد الجزاء وافساح مجاله بحيث لا يقتصر على تحديد نوع العقوبة وحجمها عند النطق بها بل يمتد نطاق التفريد الى تنفيذ العقوبة بحيث يشرف القضاء على تعديلها بما يتلائم وظروف في المحكوم عليه. ولما كان الغرض من النظام العقابي كلهم متمثلا في مكافحة ظاهرة الجريمة وهو ما لا ياتي الا بمعرفة اسبابها فقد اصبح واضح وجوب البحث من جانب القاضي في العوامل التي دفعت الجاني الى سلك سبيل الجريمة حتى يتمكن القاضي من ان ينطق بالعقوبة او التدبير الاحترازي الذي يصلح لاستئصال جذور الجريمة من بين جوانح الجاني والخطورة الكامنة فيه للتخفيف من حذتها ومن هنا يظهر الدور العام الذي ينهض به علم الاجرام في كفالة التوافق بين نصوص القانون وواقع الحياه في المجتمع...
لتحميل الكتاب