الوسيط في دعوى الالغاء : دراسة تشريعية قضائية فقهية
مقدمة
إن عبارة دولة القانون تعني الدولة التي ينشئها القانون وتنسب إليه، وهي تصف نظاما مؤسساتيا تكون فيه السلطة العامة خاضعة لقوة القانون. فخضوع الدولة حكاما و محكومين إلى القانون هو تفيعل لمبدأ المشروعية على كل المستويات بالدولة وهو مدلول يعكس مستوى التقدم والتحضر والديمقراطية، والرغبة في الحد من التعسف وإستبداد الإدارة العامة، فإحترام مبدأ المشروعية يشكل قيدا هاما على جميع تصرفات الإدارة بما فيها ما تصدره من قرارات إدارية والتي تشكل عصب العمل الإداري، من ذلك يطلق على الدولة تعبير "الدولة القانونية نظرا لخضوعها فيما تقوم به من إجراءات وأعمال الحكم القانون وإنزال أحكامه حقيقة لا قولا على الجميع حكاما ومحكومين، فلا تقوم بأي نشاط إلا وفقا للأوضاع والشروط المقررة لذلك، وعليه فإن الدولة القانونية تقوم على فكرة أساسية هي أن القانون هو الحاكم. وتفعيلا لمبدأ المشروعية وجب فرض الرقابة على أعمال الإدارة، فتعد الرقابة على أعمال الادارة ضرورة حتمية تستوجبها دولة القانون. وتعتبر الرقابة القضائية على أعمال الإدارة أكثر أنواع الرقابة أهمية وفعالية، نظرا لما يتمتع به القضاء من إستقلال وضمانات قانونية، وإتصاف بالحياد والموضوعية، وتوليه مهمة تحقيق العدالة بواسطة ما يصدره من أحكام تحوز قوة الشيء المقضي فيه بإعتبارها عنوان الحقيقة.
وتعد دعوى الإلغاء أكثر الدعاوى الإدارية فعالية في إرساء فكرة دولة القانون بل وتعتبر الضمانة الأساسية لمبدأ الشرعية والوسيلة القانونية والقضائية الحيوية والفعالة لتحريك وتطبيق الرقابة القضائية على أعمال الدولة والإدارة العامة غير المشروعة. فدعوى الإلغاء حق ووسيلة قانونية مقررة في النظام القانوي تمكن من الإلتجاء للقضاء للمطالبة بالكشف والإعتراف بالحقوق والحريات والمصالح الجوهرية وحمايتها وذلك في نطاق الشروط والإجراءات والشكليات القانونية والقضائية المقررة قانونا. فدعوى الإلغاء وسيلة قانونية وقضائية لإعمال وتطبيق عملية الرقابة القضائية على أعمال هيئات الدولة المركزية واللامركزية بهدف حماية وسلامة وشرعية أعمالها تطبيقا وتجسيدا لفكرة الدولة القانونية وصيانة المبدأ الشرعية وحماية للمصلحة العامة في مفهومها الواسع.
الفصل الأول: مبدأ المشروعية
الفصل الثاني: ماهية دعوى الإلغاء
الفصل الثالث: تنظيم قضاء الإلغاء في الجزائر
الفصل الثالث: شروط دعوى الإلغاء
الفصل الخامس: إجراءات سيردعوى الإلغاء وأثار الحكم فيها
الفصل الأول: مبدأ المشروعية
إن دولة القانون هي ذلك الكيان الذي يسعى إلى تطبيق القانون وتكريس الحقوق والحريات وحمايتها ضد صور التعسف، فعبارة دولة القانون توحي لنا بإطار معيشي وفضاء سياسي وإجتماعي تحترم فيه الحقوق، كما تعني هذه العبارة إسناد الدولة في نشأتها واستمراريتها إلى القانون. فدولة القانون تعني الدولة التي ينشئها القانون وتنسب إليه، وهي تصف نظاما مؤسساتيا تكون فيه السلطة العامة خاضعة القوة القانون. إن خضوع الدولة حكاما ومحكومين إلى القانون هو تفيعل لمبدأ المشروعية على كل المستويات بالدولة وهو مدلول يعكس مستوى التقدم والتحضر والديمقراطية والرغبة في حماية الأفراد من التعسف وإستبداد الإدارة العامة. وحتى نتمكن من الفهم الدقيق لمبدأ المشروعية كان لابد علينا من الإحاطة بكافة عناصره بدءا بالتعريف، المصادر، الإستثناءات الواردة عليه كما سنوضح من خلال المباحث الأتية:
المبحث الأول: مفہوم مبدأ المشروعية
المبحث الثاني: الإستثناءات الواردة على مبدأ المشروعية
المبحث الثالث: ضمانات تفعيل مبدأ المشروعية
المبحث الأول: مفهوم مبدأ المشروعية
يحكم الدولة المعاصرة مبدأ ذو أهمية خاصة وهو مبدأ المشروعية، تفرعا عن مبدأ أعم وهو مبدأ سيادة القانون. ذلك أن الدولة التي نحياها الأن إستقر في تعريفها أنها شخص من أشخاص القانون، تلتزم به وتخضع له، فإنه يتعين ترتيبا على ذلك أن أعمال هيئاتها العامة وقراراتها النهائية لا تكون صحيحة ولا نافذة ولا ملزمة في مواجهة المخاطبين بها إلا إذا صدرت بناءا على القانون وطبقا له. بل وأحيانا أخرى بالتطبيق الصحيح له بحيث إذا أصدرت قراراتها على غير هذا النحو تكون غير مشروعة، ويكون لكل صاحب شأن حق طلب إلغائها ووقف تنفيذها، فضلا عن طلب تعويض الأضرار التي تسببها".
المطلب الأول: تعريف مبدأ المشروعية
يعرف مبدأ المشروعية على أنه سيادة أحكام القانون في الدولة، بحيث تسود أحكامه وقواعده فوق كل إرادة سواء كانت إرادة الحاكم أو المحكومين. ويقصد بالقانون في هذا المقام القانون بمعناه الواسع الذي يشمل كل قواعد القانون الوضعي القائمة في الدولة التي تتضمن الدستور وغيره من التشريعات المكتوبة أو العرف والعادات والتقاليد وأحکام ومبادئ الشريعة الإسلامية الغراء وقواعد القانون الطبيعي والعدالة ومعنى هذا أن مبدأ المشروعية يقصد به أن تخضع الدولة بهيئاتها وأفرادها جميعهم الأحكام القانون وأن لا تخرج عن حدوده، فمن مقتضيات هذا المبدأ أن تحترم الإدارة في تصرفاتها أحكام القانون وإلا عدت أعمالها غير مشروعة وتعرضت للبطلان، إذ لا يكفي
أن يخضع الأفراد وحدهم للقانون في علاقاتهم الخاصة، بل من الضروري أن تخضع له أيضا الهيئات الحاكمة في الدولة على نحو تكون تصرفات هذه الهيئات وأعمالها وعلاقاتها المختلفة متفقة مع أحكام القانون وضمن إطاره".
ويعتبر بذلك مبدأ المشروعية أحد أهم مبادئ القانون على الإطلاق بإرسائه مبدأ سيادة القانون، فخضوع الدولة للقانون يستلزم وجوبا خضوع الأعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية لما تسنه السلطة التشريعية من تشريعات وقوانين ما يعني خضوع الإدارة التام للقانون. فكلما ظهر مبدأ المشروعية وبدت آثاره ومعالمه ونتائجه كلما إختفت مظاهر الدولة البوليسية، فدولة القانون تبدأ بتكريس مبدأ المشروعية في أرض الواقع على نحو يلزم كل هيئات الدولة بمراعاة حكم القانون في نشاطاتها، وتصرفاتها وفي علاقاتها المختلفة، إذ ما الفائدة أن ينظم القانون علاقات وروابط الأفراد و تتحرر هيئات الدولة من الخضوع إليه".
إن إحترام مبدأ المشروعية يشكل قیدا هاما على جميع تصرفات الإدارة بما فيها ما تصدره من قرارات إدارية والتي تشكل عصب العمل الإداري، من ذلك يطلق على الدولة تعبير "الدولة القانونية نظرا لخضوعها فيما تقوم به من إجراءات وأعمال الحكم القانون وإنزال أحكامه حقيقة لا قولا على الجميع حكاما ومحكومين، فلا تقوم بأي نشاط إلا وفقا للأوضاع والشروط المقررة لذلك، وعليه فإن الدولة القانونية تقوم على فكرة أساسية هي أن القانون هو الحاكم، وهذا ما تعارف الفقهاء على تسميته "مبدأ المشروعية"
لتحميل الكتاب على الرابط أسفله