recent
أخبار ساخنة

الإدارة الإلكترونية: المفاهيم - الخصائص - المتطلبات

الإدارة الإلكترونية: المفاهيم - الخصائص - المتطلبات

الإدارة الإلكترونية: المفاهيم - الخصائص - المتطلبات

تقديم


تعتبر العولمة ظاهرة كونية تجسدت في إزالة الحدود بين الدول بحيث أصبح العالم قرية صغيرة, وذلك بفضل التقدم التكنولوجي الذي طال تقنية المعلومات والاتصالات إذ لم يعرف تاريخ البشرية ما شهدته الألفية الثالثة من ثورة هائلة في المجالات العلمية والتقنية .


كنتيجة للتطور التكنولوجي الذي تنامى في ظل الثورة المعلوماتية , شهد العالم بروز مفاهيم جديدة بدء بمفهوم نظم المعلومات الإدارية مرورا بمفهوم التجارة الالكترونية والأعمال الالكترونية والحكومة الالكترونية وانتهاء بالمفهوم الأعم ألا وهو الإدارة الالكترونية , وتعتبر هذه الأخيرة فرعا معرفيا حديثا , يدخل ضمن مواضيع العلوم الإدارية وهي لا تشكل بديلا عن الإدارة التقليدية بقدر ما هي نمط جديد في الإدارة وامتداد لتطور الفكر الإداري ... نتيجة لتحالف هذا الأخير مع تكنولوجيا المعلومات والاتصال


و لقد اهتمت العديد من الحكومات بإدخال البعد التكنولوجي في برامج الإصلاح الإداري بها من خلال إدخال تكنولوجيا المعلومات في إدارتها و استخدام الحاسوب في كافة عملياتها الإدارية خاصة مع ظهور شبكة الانترنيت في التسعينات من القرن المنصرم حيث اعتمد الانترنيت كوسيلة من وسائل الإدارة الالكترونية في توفير الخدمات عن بعد ففي فرنسا , انخرطت الحكومة الفرنسية في ورش الإدارة الالكترونية منذ سنة 1997 وذلك من خلال برنامج العمل الحكومي من أجل مجتمع المعلومات PAGSI ويتعلق الأمر بوضع تكنولوجيا المعلومات في خدمة تحديث المرافق العامة وتحسين فعالية النشاط الإداري للدولة والجماعات المحلية في إطار علاقتها مع المرتفقين , ذلك أن تعزيز التواصل الالكتروني بين مصالح إدارات الدولة فيما بينها و بين المرفق العام والمرتفقين , و بين الجماعات المحلية والفاعلين المحليين يشكل آلية من الآليات الأساسية لإصلاح الدولة .


أما المغرب فبعد دخول شبكة الانترنت لأول مرة في 1995 فقد وعى بأهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التوجه نحو مجتمع المعرفة والمعلومات فكانت الإرهاصات الأولى للإدارة الالكترونية في المغرب على غرار التجربة الفرنسية بسنة 1997 , ففي هذا التاريخ تأسست اللجنة الإستراتيجية لتكنولوجيا المعلومات التي كان هدفها الأساسي هو العمل في المجالات المتعلقة بتنمية مجتمع المعرفة عبر تعميم استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال لمصلحة جميع الأطراف الفاعلة في المجتمع : المواطنين والمقاولات والإدارات وذلك في أفق :


• تنمية وتعزيز شروط الحكامة الجيدة
• تحسين العلاقة بين الإدارة و المواطن
• تسهيل ولوج الجميع إلى المعرفة


وقد قامت هذه اللجنة بتأسيس 5 مجموعات عمل لتحقيق الأهداف السالف ذكرها و قد أسندت مهمة تنمية الإدارة الالكترونية إلى المجموعة الثالثة المسماة ب "اللجنة الوطنية للإدارة الالكترونية" و في هذا السياق جاءت الرسالة الملكية السامية التي تم عرضها ضمن فعاليات المناظرة الوطنية التي نظمتها كتابة الدولة المكلفة بالبريد في عام 2001 تحت عنوان الإستراتيجية الوطنية لإدماج المغرب في مجتمع المعرفة والإعلام حيث أكد الملك محمد السادس على أنه : " سيظل إصلاح الإدارات العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بلادنا إذ يتعين أن نوفر لأجهزتنا الإدارية ما يلزم من أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها الانترنيت ’ لتمكينها من الانخراط في الشبكة العالمية وتقديم خدمات أكثر جودة لمتطلبات الأفراد والمقاولات ".


و في سنة 2002 عرف المغرب المناظرة الوطنية الأولى حول الإصلاح الإداري , هذه المناظرة التي جعلت من تنمية استعمال تكنولوجيا المعلومات و الاتصال بالإدارة من الركائز الأساسية للإصلاح الإداري في المغرب .


ومنذ هذا التاريخ شهد المغرب العديد من مشاريع وبرامج الإدارة الالكترونية في مختلف الإدارات العمومية فمنها من أنجز ومنها ما يزال في طور التنفيذ, مما يحمل على القول بأن برنامج الإدارة الالكترونية في المغرب لم يتبلور بعد في شكله النهائي .


وبناء على هذا التأسيس , يبدو أن موضوع الإدارة الالكترونية يطرح مجموعة من التساؤلات المتعلقة بجوانبها النظرية و العملية, مما يجعل من المفيد التطرق إلى الإدارة الالكترونية من خلال إطارها العام الذي سنسلط فيه الضوء عل جوانبها النظرية المتعلقة بمفهومها و أهميتها ومقوماتها ثم الانتقال إلى الإطار الخاص للإدارة الالكترونية بالمغرب الذي سنتناول فيه بعض تطبيقات الإدارة الالكترونية في النسق الإداري المغربي سواء فيما يتعلق بعلاقتها مع المقاولة أو مع المواطن


وهكذا سيتم معالجة هذا الموضوع وفق التصميم التالي :

المبحث الأول : الإطار العام للإدارة الالكترونية 
المبحث الثاني : الإطار الخاص للإدارة الالكترونية بالمغرب 


المبحث الأول : الإطار العام للإدارة الالكترونية 


قبل التطرق إلى بعض التطبيقات العملية للإدارة الالكترونية في المغرب والتي سنخصص لها مبحثا مستقلا , يبدو من المفيد التطرق إلى بعض جوانبها النظرية سواء من خلال مقاربة مفهوم الإدارة الالكترونية (المطلب الأول) أو من خلال السعي نحو تبيان أهم مقوماتها و وظائفها ( المطلب الثاني )

المطلب الأول : مفهوم الإدارة الالكترونية : 


لتحديد مفهوم الإدارة الالكترونية يبدو من اللازم التطرق إلى تعريفها (الفقرة الأولى) وخصائصها وأبعادها (الفقرة الثانية


الفقرة الأولى : تعريف الادارة الالكترونية :

قبل التطرق إلى مختلف التعريفات التي يمكن إعطائها للإدارة الالكترونية تجدر الإشارة إلى الإشكال المتعلق بوجود العديد من التسميات التي يمكن أن تستخدم للدلالة على استخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصال خلال مزاولة النشاط الإداري ك:الحكومة الالكترونية, الحكومة الرقمية, الحكومة الذكية و الإدارة الالكترونية...الخ ولعل التعدد في التسميات راجع إلى أن مصطلح الإدارة الالكترونية مشتق بالأساس من المصطلح الانجليزي e-goverment والذي يعني حكومة الكترونية بحيث أن ترجمته تمت بشكل جامد وحرفي إلى اللغة العربية و دون مراعاة لمعناه الحقيقي وما يراد به في لغته الأصلية فمصطلح الحكومة يرتبط بشكل أساسي بالقانون الدستوري للدلالة على السلطة التي تتولى ممارسة الحكم في الدولة , أما مصطلح e goverment فليس المقصود به ممارسة الحكم بطريقة الكترونية إنما هو توظيف شبكة الإنترنت لتقديم المعلومات والخدمات الحكومية للمواطنين وبذلك يرى أحد الباحثين أن أفضل تسمية يمكن أن تستخدم للدلالة على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال خدمة للجمهور هي "الإدارة الالكترونية" باعتبارها مفهوما أعم و يشمل الخدمات الالكترونية التي يقدمها المرفق العام و القطاع الخاص على حد سواء .ولكن بما أننا نكتفي في دراستنا هذه على الخدمات الالكترونية التي تقدمها الهيئات الإدارية الخاضعة للقانون العام فإننا نقترح تسمية الإدارة العامة الالكترونية .


و من هنا فالتعريفات التي يمكن إعطائها للإدارة العامة الالكترونية متعددة فقد عرفتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية oced ب"استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولاسيما الإنترنت من أجل تحسين إدارة المرافق العامة " كما يعرفها البعض بأنها توظيف لتكنولوجيا المعلومات والاتصال لتحديث العمل الحكومي بالإضافة إلى جعل العمل الحكومي أكثر كفاءة وأكثر شفافية و يتجه نحو تحقيق احتياجات المواطن " وفي تعريف الدكتور عبد الفتاح بيومي حجازي تعني الإدارة الالكترونية " تحول المصالح الحكومية وجهات القطاع الخاص نحو قضاء وظائفها ومهامها فيما يتعلق بخدمة الجمهور أو فيما بينها وبعضها البعض بطريقة الكترونية عن طريق تسخير تقنية المعلومات ووسائل الاتصالات الحديثة في أداء هذه المهام " , وفي نفس السياق تذهب لجنة ماركيز الدولي في تعريفها للإدارة الالكترونية بأنها : تطبيق التكنولوجيا الرقمية لتحديث وتغيير وظائف الإدارة بقصد تحسين فعاليتها ونتائجها و كذلك جودة الخدمات المقدمة .


و انطلاقا مما سبق يمكن أن نعرف الإدارة الالكترونية بأنها استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال وخاصة الانترنت والبرامج المعلوماتية من طرف الإدارات والمؤسسات العمومية وحتى الجماعات المحلية , بهدف تطوير أدائها الداخلي وتقديم خدمات ذات جودة عالية للمستفيدين سواء كانوا أشخاصا عامة أو ذاتية
و من هنا فللإدارة الالكترونية مجموعة من الخصائص والأبعاد فما هي ؟


الفقرة الثانية : خصائص الإدارة الالكترونية وأبعادها :


أولا : خصائص الإدارة الالكترونية : 



انطلاقا من التعريفات التي تم تقديمها للإدارة الالكترونية يتبين أنها تتسم بمجموعة من الخصائص الأساسية فهي :

• إدارة بلا ورق : حيث أنها إدارة تعتمد على الحاسب الآلي بشكل أساسي ولا تعتمد على الأوراق إلا بشكل ثانوي وتكميلي مثال ذلك توفر الإدارة على الأرشيف الالكتروني و البريد والمفكرات ا لالكترونية ونظم تطبيقات المتابعة الآلية ...الخ
• إدارة بلا مكان بحيث أنها تعتمد على وسائل الاتصال الحديثة كالانترنت فالمسئول الإداري يستطيع أن يتخذ القرار وهو في أي مكان في العالم و لا يرتبط اتخاذه للقرار بالضرورة من خلال وجوده في المقر المادي للمرفق العام , مما يضفي مرونة عالية بحيث يمكن للمدير مثلا تتبع نشاط إدارته و التدخل لحل المشاكل الطارئة عن بعد و اتخاذ القرارات المناسبة ولو في بيته .
• إدارة بلا زمان : بحيث أن الإدارة الالكترونية لا تلتزم بالضرورة بأوقات العمل الرسمية بحيث يمكن للموظف العمومي أن يتخذ قرارا في خارج أوقات العمل لمواجهة بعض المستجدات الطارئة , فبفضل الإدارة الالكترونية العالم أصبح بإمكانه أن يعمل في الزمن الحقيقي 24 ساعة باليوم , وفي ذلك مراعاة لمصلحة المواطنين .
• إدارة بلا تنظيمات جامدة : فبفضل الإدارة الالكترونية صار بإمكاننا الحديث عن تنظيمات ذكية تتسم بالمرونة و قابلة لأن تواكب جميع التغيرات الطارئة وذلك خلافا للإدارة التقليدية التي تتسم بالجمود والروتينية والبطء

ثانيا : أبعاد الإدارة الالكترونية

إن كانت للإدارة الالكترونية مجموعة من الخصائص التي تميزها عن الإدارة التقليدية فان الإدارة الالكترونية باعتبارها مشروعا يستهدف الإصلاح الإداري للدولة لها مجموعة من المستويات و الأبعاد :


• مستوى الإدارة نفسها intra administrative فنجد في هذا النموذج جميع الأبعاد المتعلقة بتطوير أداء الإدارة الداخلي من قبيل توفير أنظمة المعلومات و نظام الشبكات الداخلي...الخ , وذلك بهدف إحلال الآلة محل الإنسان لتبسيط النشاط الإداري و تنمية فعالية الإدارة .
• مستوى العلاقة بين الهيئات الإدارية inter administratives فهذا البعد يتعلق بمختلف علاقات التعاون بين الهيئات الإدارية, من خلال استخدام الإدارة الالكترونية كأساس لتيسير هذا التعاون كاقتسام الخبرات والأعمال بينها. والهدف من هذا البعد هو تحديث المصالح الداخلية للقطاع العام و إعطاء هذه المصالح القيمة المضافة التي يتطلبها تدخل مجموعة من الهيئات الإدارية لدراسة نفس الملفات.
• مستوى علاقة الإدارة بالمواطن : حيث في هذا الإطار نتحدث عن نزع الصفة المادية عن المبادلات فيما بينهما من خلال إنشاء مواقع الالكترونية تابعة للإدارة من أجل توفير معلومات إدارية للمواطن , تبسيط المساطر الإدارية وتعزيز الشفافية و بالتالي تخفيض النزاعات التي تطرأ بين المواطن والإدارة ...الخ
• مستوى علاقة الإدارة بالمقاولة : نجد في هذا الإطار نفس نوعية الخدمات والأهداف الموجهة للمواطن, مع إضافة إمكانية استخدام الإدارة الالكترونية من أجل تيسير ولوج المقاولة إلى الطلبيات العمومية ومن تم إشراكها في تحقيق التنمية .
هكذا وبعد أن تم التطرق إلى مفهوم الإدارة الالكترونية يطرح التساؤل حول أهميتها متعددة الجوانب و كذا مختلف المقومات اللازمة لضمان حسن تفعيلها .

المطلب الثاني : مقومات وأهمية الإدارة الالكترونية

تكتسي الإدارة الالكترونية في يومنا هذا أهمية بالغة تتمظهر في العديد من الجوانب (الفقرة الثانية ) غير أن تحقيقها لوظيفتها في النسق الإداري المغربي بمنطق الفعالية يستلزم توفرها على مجموعة من المقومات اللازمة ( الفقرة الأولى )


الفقرة الأولى : مقومات الإدارة الالكترونية :

تتجلى في العديد من الأسس القانونية و المادية و البشرية أهمها :

• الإطار التشريعي الناظم لها :ذلك أن الحديث عن الإدارة الالكترونية لا يستقيم دون توفر الدولة على مجموعة من التشريعات التي تنظم مختلف العمليات المرتبطة بالإدارة الالكترونية , كالتوقيع الالكتروني و الإقرار الالكتروني والتصديق الالكتروني والتبادل الالكتروني و آليات حماية الإدارة الالكترونية من الجرائم المعلوماتية...الخ فهذه الآليات تستلزم تدخل المشرع لتوفير الإطار القانوني المنظم لها لكي يتم النشاط الإداري الالكتروني في إطار قواعد المشروعية .


<><>
• المراود البشرية المؤهلة : فالموظف العمومي في إطار الإدارة الالكترونية تكون له خصوصيات معينة تميزه عن الموظف في الإدارة التقليدية , ذلك أن ثورة المعلومات والاتصال والتوسع في استخدام الحاسب الآلي فرض على الموظف أن يتوفر على حد أدنى من المعرفة في مجال المعلوميات لكي يكون فاعلا في منظومة الإدارة الالكترونية , وبالإضافة إلى الموظف العادي المتخصص في القانون أو الطب أو الهندسة... فان الإدارة الالكترونية تستوجب التوفر على موظفين متخصصين في مجال المعلوميات , فهناك فئة المبرمجين الذين يختصون بوضع برامج المعلوماتية التي تسير نشاط الحاسب الآلي في مجال عمل الإدارة الالكترونية , وهناك موظفي الشبكات و هؤلاء مختصين بصيانة شبكات الحاسب الآلي و إصلاح الأعطال الخاصة بهذه الشبكات الالكترونية التي تعتمد عليها الإدارة الالكترونية ,و ضمن موظفي الشبكات , هناك فئة تختص بتأمين وحماية نظم ضد محاولات السرقة والإتلاف والتدمير. ومن أجل التوفر على الموارد البشرية المؤهلة السالفة الذكر يتعين القيام ببرامج التكوين المستمر للموظفين في مجال المعلوميات كإجراء بعدي وأيضا القيام بتعميم دراسة مادة المعلوميات في المدارس والجامعات كإجراء قبلي باعتبار أن طالب اليوم هو موظف الغد .

• المجتمع المعلوماتي : تعتبر قدرة المجتمع على التفاعل مع الثورة المعلوماتية و مدى قدرته على استخدامها بشكل سليم شرط أساسي لنجاح مشروع الإدارة الالكترونية , فالأمر يرتبط بمجموعة من المؤشرات منها : درجة تأهيل المواطن القادر على استخدام الحاسب الآلي , مدى الثقة التي يعطيها المواطن لتنفيذ أعماله من خلال الحاسب , حجم التكلفة التي المتوقع أن يدفعها المواطن في مقابل الحصول على الخدمة الالكترونية ثم درجة توفر الأفراد على حاسبات آلية ...الخ و يزداد المشكل تفاقما عندما تتوفر دولة ما على نسبة مرتفعة من الأمية بين أفراد شعبها , فالحديث هنا عن الإدارة الالكترونية والمجتمع الالكتروني يبدو ضربا من الترف فكيف يعقل أن تسعى الدولة إلى محاربة الأمية الالكترونية في حين أنه لم يتم القضاء بعد على الأمية الورقية ...؟؟ !

• التوفر على بنية تحتية معلوماتية إذ لا يمكن تصور قيام نظام الإدارة الالكترونية بدون هذه البنية التحتية لازمة ويدخل هذا الأمر في إطار توفير الوسائل المادية اللازمة لاشتغال الإدارة الالكترونية باعتبارها شرطا أساسيا في قيام التواصل بين الإدارة الالكترونية وبين المرتفقين , وتدور أهم القضايا المرتبطة بهذا العنصر حول النقط التالية : درجة توفر قنوات الاتصال كالحواسيب والهواتف و شبكات الاتصال والأقمار الصناعية القادرة على نقل البيانات بشكل متبادل بين الحكومة والمواطن , درجة أمان هذه الوسائل والقدرة على تأمين المعلومات بها وحمايتها من الاختراق , التكلفة المادية المرتبطة بإنشاء قواعد البيانات وشبكات الاتصال ...الخ
و هكذا بعد الحديث عن مختلف مقومات الإدارة الالكترونية , فأين تتجلى أهميتها ؟؟

الفقرة الثانية : أهمية الإدارة الالكترونية :

يمكننا مقاربة أهمية الإدارة الالكترونية من خلال المستويات الإدارية (أولا) والاقتصادية (ثانيا

أولا : الأهمية الإدارية


من بين الأهداف الأساسية للإدارة الالكترونية تحسين الأداء الإداري ويتجلى ذلك من خلال :


• إعادة النظر في العلاقات الهرمية بين الهياكل الإدارية و ذلك عبر إعادة انتشار الكفاءات والرفع من درجة التنسيق الأفقي والعمودي بين مختلف الوحدات الإدارية وذلك من خلال وضع ابناك للمعلومات الخاصة و المشتركة فيما بينها لتبادل المعلومات بشكل طليق وسليم دون إتباع للإجراءات والمساطر , فالفعالية والقدرة المعالجتية و التخزينية و كذا السرعة التواصلية والمرونة التي تطبع الإدارة الالكترونية سهلت إمكانية تجاوز المركزية و التركيز.

• تحسين عملية صنع القرار , ذلك أن الإدارة الالكترونية تعتمد على وجود قاعدة بيانات ومعلومات تساعد المديرين على التخطيط و اتخاذ القرارات الصائبة و بالتالي فان أهمية الإدارة الالكترونية تقاس بأهمية المعلومات , والتي تؤدي دورا فاعلا ومؤثرا في صنع القرار على المستوى الوطني والمحلي .

• الحد من التعقيدات الإدارية : فالإدارة الالكترونية أحدثت تغييرات جذرية على مستوى المساطر والإجراءات وذلك بتحويلها إلى عملية تقنية ومختزلة لا تحتاج إلى كثير من الجهد والوقت , وذلك من خلال توفير الخدمة للجمهور بشكل مستمر, عبر حصوله على الخدمة عن طريق شبكة الانترنت دون الحاجة الى الذهاب إلى مقر المرفق العام , خاصة وأن هذه الإمكانية غير مقيدة بزمان أو مكان .فالإدارة الالكترونية إذن تقضي على البيروقراطية في النظام الإداري و تحقق درجة كبيرة من مرونة المساطر كما تعمل على تسهيل الأعباء على أفراد المجتمع وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعجزون بصفة كلية عن الالتحاق بالمقر الإداري للحصول على الشواهد الإدارية.

• تخليق الحياة العامة : إن الإدارة الالكترونية باعتبارها تقوم على أساس نزع الصفة المادية عن المساطر والحد من التدخل البشري فيها , فإنها تقوم بذلك بدور أساسي في الحد من الفساد الإداري المتمثل في الرشوة والمحسوبية والزبونية و الوساطة ...الخ وبالتالي فإنها تقوم بإعادة بناء الثقة بين المواطن وبين الإدارة وإقامة علاقة جديدة بينهما قوامها المساواة والشفافية ...الخ

• بناء دولة المشاركة : بحيث يمكن أن تساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تسهيل مشاركة المواطنين في العملية السياسية و تعزيز الانفتاح والمساءلة ، بالإضافة إلى ذلك ، يمكن أن تساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفرد على جعل صوته مسموعا في النقاش العمومي كما أنها يمكن أن تستخدم لتشجيع المواطنين للتفكير بطريقة بناءة على الأسئلة المصلحة العامة ... إذن فالإدارة الالكترونية باعتمادها على الانترنيت يمكن أن تكون عاملا أساسيا في انفتاح النظام السياسي وتعزيز مفهوم الدولة الخدماتية بدل الدولة السلطوية . و الحكامة التشاركية في تدبير الشأن العام وان كانت تكتسي أهمية على المستوى الوطني فإنها تكتسي كذلك أهمية قصوى على المستوى المحلي إذ أنها وسيلة لإشراك الأفراد وفعاليات المجتمع المدني في اتخاذ القرار المحلي وبالتالي النهوض بالديمقراطية المحلية ففي دولة البرازيل مثلا ساهم تطور الانترنيت في ظهور "الميزانية التشاركية على الخط" أما في استونيا فقد ظهرت جمعيات للمشاركة الالكترونية... فبتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال لم تعد المشاركة اليوم نوعا من الكمالية أو شعارا للدعاية بل هي أداة للتخطيط والتدبير التنموي ووسيلة للانخراط والإدماج لتحسين أداء القرارات و تدبير فعال للموارد والحاجيات و الملائمة بالتالي بين الوسائل والنتائج بشكل عقلاني .

ثانيا : الأهمية الاقتصادية


تضطلع الإدارة الالكترونية بدور بارز في تحويل و تغيير أنماط الأداء الاقتصادي في المال والأعمال و التجارة والاستثمار من الشكل التقليدي الى الشكل الفوري وهذا ما أدى إلى بروز مصطلح اقتصاد المعرفة الذي يساعد على زيادة اندماج اقتصاد الدولة في الاقتصاد العالمي , وزيادة فرص التجارة العالمية و الوصول للأسواق العالمية والقطاعات السوقية التي كان من الصعب الوصول إليها في الماضي ومع استمرار التطور يمكن القول بأن الاقتصاديات المتقدمة يوجد فيها قطاع متميز هو قطاع الاقتصاد المعرفي و الذي يمكن أن يشمل الاقتصاد بالكامل ليكون اقتصادا معرفيا تكنولوجيا يعتمد أساسا على المعرفة والتكنولوجيا في كل تعاملاته انطلاقا من التجارة الالكترونية و هذه الأخيرة و باعتبارها أحد أبرز أنماط الإدارة الالكترونية تعتبر وسيلة حديثة للممارسات التجارية الدولية و أحد مقومات العولمة التي تعكس مدى التطور الذي وصل إليه العالم المتقدم .


إذن يمكن فهم الأهمية الاقتصادية للإدارة الالكترونية من حيث احد أنماطها إلا وهو التجارة الالكترونية وذلك سواء على مستوى الإنتاج أو التسويق


• فبالنسبة للإنتاج تعمل التجارة الالكترونية على رفع من مستوى الكفاءة الإنتاجية وذلك من خلال أنها تعمل على خلق أماكن افتراضية تقلص بعد المسافات وتقلص الوقت مما يؤدي إلى تخفيض التكاليف كما أنها تكمن الشركات من الإنتاج حسب الطلب وفقا للدراسات والتوقعات علاوة على الزيادة في القدرة التنافسية كونها تفسح المجال للمشروعات المتوسطة والصغيرة للوصول للأسواق العالمية و بالتالي الرفع من الإنتاجية .

• أما بالنسبة للتسويق فتعمل التجارة الالكترونية على تسهيل إمكانية التسويق عبر العالم بتكلفة محددة وخلق مرونة سوقية تساير مختلف التغيرات الإنتاجية ويرى البعض بأن التجارة الالكترونية تحمل إمكانيات ضخمة لنفاد الدول النامية إلى أسواق التصدير من خلال إنشاء مواقع للشركات على الانترنت .

وهكذا و ارتباطا بموضوع التسويق نجد أنه في بعض الدول المتقدمة أصبح استعمال الانترنت وسيلة هامة للتواصل مع العالم الخارجي ليس فقط للمراسلات الإدارية اليومية بل كأداة فعالة لجلب الاستثمارات والرساميل الدولية , والأمر لا يتعلق بالدولة فقط إنما أيضا بالجماعات الترابية التي أصبحت في الوقت الراهن فاعلا أساسيا في تحقيق التنمية فهي بذلك أصبحت مدعوة إلى استغلال تكنولوجيا المعلومات والاتصال عبر إحداث مواقع للانترنيت تعرف بالجماعة و إمكانياتها و الخدمات التي يمكنها أن تقدمها للمستثمرين الخواص وذلك بهدف القيام بتسويق للمنتج المحلي و جلب الاستثمار وبالتالي تحقيق التنمية المحلية .


و هكذا بعد أن تم التطرق إلى الإطار العام للإدارة الالكترونية الذي لامسنا فيه بعض جوانبها النظرية يبدو من المفيد التطرق أيضا إلى أهم تطبيقاتها في المغرب و من تم التساؤل حول إلى أي حد ساهمت في تحقيق فعالية و الرفع من مردودية النشاط الإداري ؟

المبحث الثاني : الإطار الخاص للإدارة الالكترونية في المغرب :

تمثل تكنولوجيا المعلومات والاتصال رافعة أساسية لتحديث القطاع العمومي فأمام محيط يعرف تحولات متواصلة و اكراهات مختلفة , تجد الإدارة نفسها بكل مكوناتها مدعوة إلى التلاؤم مع هذا السياق والى تبسيط المساطر لإنجاح مشروع التغيير الذي تحدثه الوسائل التكنولوجية في أفق إقرار إدارة الكترونية .


في هذا الصدد فان تبسيط المساطر و الإدارة الالكترونية يشكلان مجموعة غير قابلة للتجزيء حيث تم اتخاذ عدد من المبادرات الحكومية من أجل تنفيذ برنامج متكامل لتطوير الإدارة بالمغرب , وقد ساهمت هذه المبادرات في بلورة عدد من الخدمات على الخط , نذكر منها على سبيل المثال : بوابة الخدمات العمومية وبوابة الصفقات العمومية وبوابة الخدمات الضريبية على الخط والبطاقة الوطنية البيومترية وجوازات السفر البيومترية وغيرها


و من أجل تحفيز القطاعات العمومية على إحداث وتعزيز الخدمات الإدارية على الخط فقد أحدثت وزارة تحديث القطاعات العامة سنة 2005 جائزة امتياز من اجل خلق منافسة بينها على تطويرها لخدماتها الالكترونية... ومن أجل تثمين المجهودات المبذولة في مجال الإدارة الالكترونية تم الإعلان في 2009 عن مخطط "المغرب الرقمي 2013 " ... الخ
وهكذا كما تطرقنا في المبحث الأول , فان الإدارة الالكترونية لها أربع مستويات للتطبيق مستوى الإدارة نفسها ومستوى العلاقات بين الإدارات ومستوى علاقة الإدارة مع المواطن وأخيرا علاقة الإدارة مع المقاولة , وان كان المستويين الأولين لهما أهميتها المتمثلة في تحديث المساطر ووسائل العمل الداخلية, فان المستويين الأخيرين يعدان من الأهمية بمكان لما لهما من علاقة مباشرة مع المرتفقين , ومن تم سنقتصر في عرضنا المتواضع على بعض تطبيقات الإدارة الالكترونية في المغرب في إطار علاقتها مع المقاولة (المطلب الأول) ثم في إطار علاقتها مع المواطن (المطلب الثاني).


المطلب الأول : الإدارة الالكترونية في خدمة المقاولة :


إن المغرب الذي أخذ -أو أعلن عن رغبته في الأخذ- منذ وقت مبكر بالاقتصاد الليبرالي أو ما يعرف باقتصاد السوق , فان هذا النمط من الاقتصاد تلعب فيه المقاولة دورا مهما وأساسيا , باعتبار أنه يقوم على حرية المبادرة وتحفيز الخواص على الاستثمار في المجال الاقتصادي وعدم تدخل الدولة في هذا النشاط إلا استثناءً لتحقيق التوازنات, و هكذا لكي يتم تعزيز دور المقاولة و فعاليتها والرفع من مردوديتها في الاقتصاد الوطني فانه بات من اللازم أن تقوم الدولة بمجموعة من الإصلاحات تستهدف تبسيط المساطر و رفع العقبات التي تقف حجرة عثرة أمام روح المبادرة ,خاصة أن المقاولة أصبحت في يومنا هذا شريكا للدولة في انجاز العديد من المشروعات العامة عبر نظام الصفقات العمومية و أيضا صارت موردا أساسيا لخزينة الدولة عبر الموارد الضريبية... و عليه تعتبر الإدارة الالكترونية من بين أهم هذه الإصلاحات التي تتغيأ تعزيز دور المقاولة في تحقيق التنمية و يتجلى ذلك في العديد من البرامج والمشاريع أهمها في مجال الصفقات العمومية (الفقرة الأولى) ومجال التحصيل الضريبي (الفقرة الثانية )



الفقرة الأولى : دمقرطة ومرونة الولوج إلى الصفقات العمومية :

تعتبر الصفقات العمومية أداة لتحقيق التنمية تضطلع بإعادة توزيع الموارد الوطنية و المحلية ,كما تشكل الصفقات العمومية أداة لتنمية المقاولة المغربية فقطاع البناء والأشغال العمومية مثلا يحقق 70 في المائة من مبيعاته في إطار الصفقات العمومية أما قطاع الهندسة فيحقق 80 في المائة من مبيعاته في هذا الإطار ..., ونظام الصفقات العمومية اليوم منظم بموجب مرسوم 5 فبراير 2007 الذي جاء كبديل لمرسوم 1998 بحيث جاء بمجموعة من التدابير الإصلاحية تتغيأ عقلنة ودمقرطة الولوج إلى الصفقات العمومية بالمغرب و من بين هذه التدابير نجد "نزع الصفة المادية عن المساطر " لتحقيق أكبر قدر من الشفافية و المنافسة الحرة , و ذلك من خلال اجرائين اثنين هما : بوابة صفقات الدولة (أولا) ثم تبادل المعلومات بطريقة الكترونية بين صاحب المشروع والمتنافسين (ثانيا)

أولا: إحداث بوابة صفقات الدولة :



نصت المادة 76 من مرسوم الصفقات العمومية على أنه "ﺗﺤﺪث ﺑﻮاﺑﺔ ﻟﺼﻔﻘﺎت اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺸﺮ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ واﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺼﻔﻘﺎت وﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮص اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ التالية :


- اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻮﻗﻌﻴﺔ للاقتناءات وﺗﺤﻴﻴﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ الاقتضاء ؛
- إعلانات ﻃﻠﺒﺎت اﻟﻌﺮوض ؛
- ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻃﻠﺒﺎت اﻟﻌﺮوض ؛
- ﻣﺴﺘﺨﺮﺟﺎت ﻣﻦ ﻣﺤﺎﺿﺮ ﺟﻠﺴﺎت ﻓﺤﺺ اﻟﻌﺮوض ؛
- ﺗﻘﺎرﻳﺮ اﻧﺘﻬﺎء ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﺼﻔﻘﺎت.


إﻻ إن إدارة اﻟﺪﻓﺎع اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺗﻌﻔﻰ ﻣﻦ ﻧﺸﺮ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﻤﻨﺼﻮص ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻋﻼﻩ ﻓﻲ اﻟﺒﻮاﺑﺔ المذكورة.


كما نصت المادة 76 على أنه ﻳﺘﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﻘﺮ هذه اﻟﺒﻮاﺑﺔ ﺑﻤﻘﺮر ﻟﻠﻮزﻳﺮ اﻷول ﻳﻨﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﺮﻳﺪة اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ واﻟﺬي ﻳﺤﺪد كذلك اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﻮزارﻳﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ وﺷﺮوط ﻧﺸﺮ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ المذكورة ﻓﻲ اﻟﺒﻮاﺑﺔ وﻳﻌﻴﻦ أﻳﻀﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﻤﻜﻠﻔﺔ بتدبيرها , وبالفعل صدر مقرر الرئيس الحكومة (الوزير الأول) الذي حدد ﻣﻘﺮ ﺑﻮاﺑﺔ ﺻﻔﻘﺎت اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻮزارة اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﺨﻮﺻﺼﺔ. كما أناط بالخزينة العامة للمملكة مهام تدبير هذه البوابة , كما أضاف مقرر رئيس الحكومة علاوة على الوثائق أعلاه بعض الوثائق الأخرى التي يتعين نشرها بمقر بوابة صفقات الدولة و هي :


- اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺪورﻳﺔ لل للهاﺳﺘﺸﺎرة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻄﻠﺐ اﻟﻌﺮوض اﻟﻤﺤﺪود ؛
- ﻧﻈﺎم الاستشارة ؛
- دﻓﺘﺮ اﻟﺸﺮوط اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﺻﻔﻘﺔ ﻳﻌﺘﺰم ﻃﺮﺣﻬﺎ ؛
- ﻧﺸﺮ الإعلانات التعديلية أو ﻃﻠﺒﺎت اﻟﺘﻮﺿﻴﺤﺎت أو اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت كذلك وﺛﻴﻘﺔ ﺗﻮﺿﻊ رهن إﺷﺎرة اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻴﻦ ؛
- ﻣﻘﺮرات اﻹﻗﺼﺎء ﻣﻦ المشاركة ﻓﻲ ﺻﻔﻘﺎت اﻟﺪوﻟﺔ .


وهكذا تعتبر بوابة صفقات الدولة من بين أهم تطبيقات الإدارة الالكترونية في مجال الصفقات العمومية بحيث تقوم بتوفير معظم المعلومات والوثائق المتعلقة بالدعوة إلى المنافسة لجميع المقاولات الوطنية والأجنبية المهتمة بالصفقات العمومية مما يؤدي إلى تعزيز المنافسة الحرة بينها وخلق نوع من تكافؤ الفرص , فمثلا نشر البرنامج التوقعي 3 اشهر قبل متم السنة المالية ببوابة صفقات الدولة يسهل من جهة على المقاولات معرفة الصفقات التي تعتزم الإدارة طرحها برسم السنة المالية المقبلة مما يجعلها تقوم بالاستعدادات الكافية ومن تمت القطع مع منطق الفجائية في الإعلان عن الصفقات العمومية , ومن جهة أخرى فان نشره في بوابة صفقات الدولة يسهل نشر المعلومات عن الصفقات المتوقعة وبالتالي فان ذلك يعزز الشفافية والمساواة بين المقاولات كما يقطع مع التسريبات المخلة بالتنافس النزيه ...الخ

ثانيا : تبادل المعلومات بطريقة الكترونية : 


نصت المادة 77 من مرسوم 5 فبراير 2007 على ﺗﺒﺎدل اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺸﺮوع واﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻴﻦ بحيث ﻳﻤﻜﻦ وﺿﻊ ﻧﻈﺎم الاستشارة واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺪورﻳﺔ للاستشارة ودﻓﺎﺗﺮ اﻟﺘﺤﻤﻼت واﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻹﺿﺎﻓﻴﺔ رهن إﺷﺎرة اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻴﻦ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﻃﺒﻖ اﻟﺸﺮوط اﻟﻤﺤﺪدة ﺑﻤﻘﺮر ﻟﻠﻮزﻳﺮ اﻷول ﻳﻨﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﺮﻳﺪة اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ.


وﻣﺎ ﻋﺪا إذا ﻧﺺ إعلان الإشهار ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟﻚ ، ﻳﻤﻜﻦ كذلك إرﺳﺎل اﻟﺘﺮﺷﻴﺤﺎت واﻟﻌﺮوض ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ إﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺸﺮوع وذﻟﻚ ﻃﺒﻖ اﻟﺸﺮوط اﻟﻤﺤﺪدة ﺑﻤﻘﺮر ﻟﻠﻮزﻳﺮ اﻷول ﻳﻨﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﺮﻳﺪة اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ. إﻻ أن ﻣﻘﺘﻀﻴﺎت هذه اﻟﻤﺎدة ﻻ ﺗﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﻘﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﺣﻬﺎ إدارة اﻟﺪﻓﺎع اﻟﻮﻃﻨﻲ."


إذن فتبادل المعلومات بطريقة الكترونية بين صاحب المشروع و المتنافس سيعمل لا محالة على تبسيط المساطر المتعلقة بالصفقات العمومية "ففي إطار التراسل و التجاوب يجوز للمتنافسين التعامل مع صاحب المشروع بطريقة الكترونية في إرسال بعض الوثائق والاستفسار حول مسائل معينة...الخ , ربحا للوقت وسرعة في الأداء" , كما و سيحد هذا التبادل الالكتروني من التدخل البشري فيها وبالتالي الحد من ظاهرة الرشوة و الفساد في هذا القطاع الذي يعتبر من القطاعات المهددة أكثر من غيرها بهذه الآفة .


ومما يجدر الإشارة إلى أن تطبيق الإدارة الالكترونية في الصفقات العمومية من المتوقع أن يتعزز بشكل كبير و ذلك من خلال مشروع مرسوم الصفقات العمومية 2010 الموضوع بالأمانة العامة للحكومة للمناقشة , ففي إطار هذا المشروع صار بالإمكان الحديث عن :سحب وإيداع أظرفة المتنافسين بطريقة الكترونية , فتح الاظرفة وتقييم العروض بطريقة الكترونية ,إحداث قاعدة المعطيات الالكترونية للموردين والمقاولين والخدماتيين , مسطرة المناقصات الالكترونية... خاصة مع صدور قانون 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية الذي يعد بمثابة الإطار القانوني الناظم للإدارة الالكترونية في بلادنا فيما يتعلق بالمعطيات القانونية التي سيتم تبادلها بطريقة الكترونية وفي ما يتعلق بالمعادلة بين الوثائق المعدة على دعامة الكترونية وعلى التوقيع الالكتروني مع تلك المحررة على الورق علاوة على المصادقة الالكترونية وغيرها ...الخ


<><>

الفقرة الثانية :الإقرار والأداء الضريبي بشكل الكتروني :

لتحسين تدخلات الدولة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية بالشكل الذي يستهدف إشباع الحاجات العامة وتسيير المرفق العام , فهي في أمس الحاجة إلى مجموعة من الموارد المالية , نجذ في مقدمتها الموارد الجبائية , و للرفع من الدور التمويلي لهذه الموارد و من أجل مكافحة ظاهرة التملص الضريبي فان الإدارة الضريبية صارت ملزمة بإعادة النظر في شكل علاقتها مع الملزم الضريبي في اتجاه إقرار مجموعة من المساطر المبسطة للإقرار والأداء الضريبي و من هنا , وفي إطار مخطط المغرب الرقمي عملت وزارة الاقتصاد والمالية و المديرية العامة للضرائب على إحداث مجموعة من المساطر الالكترونية للإقرار والأداء الضريبي أهمها خدمة SIMPL أو خدمة الضريبة على الخط التي تم تطويرها من اجل الملزمين لتمكينهم من أداء واجباتهم الضريبية بطريقة الكترونية .

و بالنسبة للخدمات المفتوحة في وجه المقاولات الكبرى التي تحقق رقم أعمال يفوق أو يساوي 50 مليون درهم فتتجلى في SIMPL-IS و SiMPL-TVA , وتتعلق الأولى بالضريبة على القيمة المضافة أما الثانية فتتعلق بالضريبة على الشركات .

هكذا فالشركات المذكورة أعلاه و الراغبة في الاستفادة من هذه الخدمات الالكترونية المتعلقة بالإقرار والأداء الضريبي , مدعوة إلى وضع ملف الانضمام لدى المديرية الجهوية للضرائب على مستوى مصلحة المكلفة ب " المقاولات الكبرى الملزمة ضريبيا" , هذا ويتعين أن يتضمن الملف تصريحا من البنك الموضوعة فيه أصول الشركة الذي يشترط فيه بدوره أن يكون شريكا في مشروع الضريبة على الخط حيث حددت المديرية قائمة من الأبناك المعنية . وبعد ذلك تقوم المديرية العامة للضرائب بإحداث حساب الكتروني لكل المقاولات التي تم قبول طلبها على مستوى خدمة " simpl" كما تسلمهم شهادات الكترونية للقبول و اسم الحساب وكلمة السر عبر مصلحة "المقاولات الكبرى الملزمة ضريبيا " المشار إليها سلفا .

وهكذا فخدمة الضريبة على الخط جاءت في سياق توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال من أجل الرفع من المساهمة الضريبية للمقاولة في تمويل النفقات العمومية من جهة وجاءت أيضا في مصلحة المقاولة عبر استحداثها للإقرار والأداء المرن واليسير والسريع للواجب الضريبي من جهة أخرى, وكل هذا يأتي ملائما للتوجهات الحديثة للسياسة الجبائية القائمة على تحسين علاقة الإدارة الضريبية مع الملزم و تطبيقا لما نصت عليه المادة 155 من المدونة العامة للضرائب على أنه يجوز للخاضعين للضريبة أن يدلوا إلى إدارة الضرائب بطريقة الكترونية بالإقرارات المنصوص عليها في هذه المدونة وتطبيقا كذلك للمادة 169 من م ع ض على الأداء الالكتروني للضريبة .

و هكذا بعد أن تطرقنا لبعض تطبيقات الإدارة الالكترونية في خدمة المقاولة , فما هي أهم تطبيقاتها في اطار علاقتها مع المواطنين و الأفراد ؟


المطلب الثاني : الإدارة الالكترونية في خدمة المواطن

على غرار المقاولة فمخططات المغرب الرقمي جاءت بالعديد من برامج الإدارة الالكترونية في خدمة المواطنين أهمها : جوزا السفر البيومتري, البطاقة الوطنية الالكترونية , بوابة وزارة العدل الالكترونية , بوابة الإدارة , بوابة وزارة الصحة ...الخ و نظرا لكثرة تطبيقات الإدارة الالكترونية في هذا الإطار فإننا سنقتصر على خدمتين أساسيتين الأولى تتمثل في إحداث بوابة الخدمات العمومية (الفقرة الأولى) , أما الثانية فتتجلى في خدمة الشباك الالكتروني (الفقرة الثانية) وذلك لما لهما من أهمية قصوى .

الفقرة الأولى : بوابة الخدمات العمومية :

تعد بوابة الخدمات العمومية مرجعا أساسيا للولوج، عبر الانترنيت، لمجموع خدمات الإدارة المغربية , و تشتمل هذه البوّابة على كل المعلومات المتعلقة بالمساطر الإدارية والخدمات العمومية الإلكترونية باللغتين العربية والفرنسية كما تندرج في إطار البرنامج المغربي للإدارة الإلكترونية، وهي تهدف قبل كل شيء إلى تحسين علاقة الإدارة بالمرتفقين .


ينقسم محتوى البوابة إلى ثلاثة أجزاء كبرى:


الجزء الأول:


يعد هذا الجزء بمثابة نواة للبوابة ويضم وصفا مفصلا لجميع المساطر الإدارية وفقا لنموذج موحد يحدد المعلومات الأساسية لتطبيقها. ولتسهيل تصفح هذا الركن فقد تم تبويبه حسب موضوعات مبسطة ومألوفة ( الوثائق الشخصية، الأسرة، الضرائب...)


الجزء الثاني:


يحتوي هذا الجزء على عدة أركان يمكن استخدامها بشكل مستقل أو حسب الموضوع الذي يختاره المستخدم.
• ركن"ماذا أفعل إذا...":يسمح بالولوج السريع إلى المحتوى البيداغوجي المتعلق بالمساطر والإجراءات الإدارية التي لها صلة ببعض الأحداث التي تطرأ في حياتنا اليومية.
• ركن"المستجدات":المخصص للمستجدات البارزة المتعلقة بالخدمات العمومية.
• ركن"دليل الإدارة":يقدم معلومات الاتصال بالمصالح والمؤسسات الإدارية كالعنوان البريدي أو البريد الإلكتروني، وأرقام الهاتف الخ.
• ركن"خدمات على الخط":يشمل كل الخدمات التي تتم عن بعد والمتعلقة بموضوع معين (الأوراق الشخصية، الضرائب، الجمارك...).
• ركن"الاستمارات":يضم كل الاستمارات المتعلقة بالمساطر الإدارية والتي يمكن تحميلها.
• ركن "اطرح سؤالك": فضاء تفاعلي يسمح بالإجابة على تساؤلات مستخدمي الموقع المتعلقة بالمساطر الإدارية، فبعد الإطلاع على الأسئلة الأكثر تداولا، يمكن لزائر الموقع أن يطرح سؤاله بواسطة البريد الإلكتروني أو، إذا اقتضى، الحال أن يتصل بالهاتف بمركز الاتصال والتوجيه الإداري.
• ركن "الوظائف العمومية":بالإضافة إلى بعض المعلومات حول قانون الوظيفة العمومية، يهم هذا الركن نشر الإعلانات الخاصة بمباريات التوظيف بالإدارات العمومية.


الجزء الثالث:


بالإضافة إلى الوظائف الاعتيادية، يتضمن هذا الجزء الأركان التالية:
• النشرة الإخبارية:بعد التسجيل على الموقع، يتوصل المستخدم، وبصفة منتظمة، بنشرة إخبارية للبوابة، ويمكنه إنهاء انخراطه في أي لحظة.
• محرك البحث:يمنح إمكانية البحث السريع في محتوى البوابة من خلال كلمات مفتاحية أو من خلال الركن.
• "مساهماتكم":وسيلة لقياس مدى رضا مستخدمي الموقع عن محتوى البوابة الإلكترونية.
و تسهر وزارة تحديث القطاعات العامة على إدارة هذه البوابة، كما تشرف على لجنة مشتركة، تضم ممثلين عن كافة الإدارات المعنية، تقوم بتحيين محتواها بشكل منتظم .
و هكذا تعتبر بوابة الخدمات العمومية من بين أهم تطبيقات الإدارة الالكترونية في المغرب فعلاوة على توضيح المساطر الإدارية فإنها ستقلل من فرص الارتشاء لأن المواطن عندما يكون على بينة بالمساطر الإدارية بشكل كافي فانه سيكون في غنى عن أي تدخلات أو معاملات خاصة يحصل عليها عن طريق رشوة الموظفين .


الفقرة الثانية: خدمة الشباك الالكتروني لطلب الوثائق الإدارية :

تعتبر خدمة الشباك الالكتروني لطلب الوثائق الإدارية من الخدمات المهمة التي تقدمها الإدارة الالكترونية للمواطنين حيث تمكن المواطن من الحصول على مختلف الشواهد الإدارية التي يحتاجها في حياته اليومية بشكل الكتروني, وخاصة الوثائق المتعلقة بالحالة المدنية . وقد تم اختيار مدينة الرباط كنموذج لتطبيق تجربة الشباك الإلكتروني لطلب الوثائق الإدارية المتعلقة بالحالة المدنية الذي تقرر أن يفتح في وجه العموم ابتداء من 12 يناير 2012 من خلال الموقع الإلكتروني (وثيقة.إم .أ)، على أن تعمم هذه التجربة على باقي جهات المملكة.


وتندرج عملية رقمنة وثائق الحالة المدنية خاصة تلك المتعلقة بالنسختين الكاملة والموجزة من رسم الولادة، في إطار اتفاقية تم توقيعها منتصف شهر دجنبر الماضي بين وزارة الداخلية ووزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة ومؤسسة بريد المغرب وذلك في إطار مخطط المغرب الرقمي 2013.


وتروم هذه العملية عصرنة هذا القطاع وتطويره من خلال وضع برنامج معلوماتي يتوخى تنظيم وتسهيل المساطر الخاصة بالحصول على الوثائق الإدارية المتعلقة بالحالة المدنية، وتخفيف الضغط على مكاتب الحالة المدنية و تجهيزها بحواسيب وطابعات .


ويقدم الشباك الإلكتروني لطلب الوثائق الإدارية خدمة ميسرة سهلة الولوج وبتعريفات تقدر ب 20 درهم (بالنسبة لإيصال الوثيقة الإدارية داخل المغرب عبر البريد) ويتم الأداء عبر عدة وسائل منها البطاقة البنكية أو عبر رسالة إلكترونية أو عبر الهاتف، كما يمكن متابعة طلب الوثيقة من طرف المواطن.

ومن أجل تسهيل هذه العملية تم تكوين ضباط الحالة المدنية العاملين ب16 مكتبا للحالة المدنية بالرباط.

و رغم أهمية هذه الآلية في تسهيل حصول المواطن على الوثائق الإدارية إلا أنه ما يعاب عليها كلفتها المرتفعة (20 درهما في مقابل درهمان عند الحصول على الوثيقة الإدارية بشكل تقليدي ) , لكن يعلق وزير التجارة والصناعة و التكنولوجيات الحديثة السابق على ذلك بقوله :" قد يبدو أن مبلغ 20 درهما مرتفعا لأول وهلة، بالنسبة للقاطنين قريبا من مكتب الحالة المدنية. ولكن يجب ألا تغيب عن بالنا كلفة الحصول على رسم الولادة بالنسبة للأشخاص الذين يضطرون إلى التنقل بين مدينتين. وعليه، يبقى مبلغ 20 درهما جد زهيد مقارنة بأقل كلفة للتنقل، دون إغفال ساعات العمل الضائعة وعناء التنقل بالنسبة للمواطن الذي قد يضطر إلى التنقل مرتين أو أكثر إلى مكتب الحالة المدنية.


ويجدر التذكير بأن كلفة البريد المضمون هي بسعر تفضيلي ثابث. أما المُتغيِّر الذي قد يرفع الكلفة فهو تعدد التنابر المفروضة على تعدد الوثائق. ".


خاتمة : هكذا يعتبر برنامج الإدارة الالكترونية من بين المشاريع الهامة وذات الفائدة لتحقيق فعالية النشاط الإداري و الرفع من معدلات التنمية يبقى فقط الإشارة إلى ضرورة أن يواكب هذا المشروع وعي اجتماعي يعتمد الحداثة في الفعل و يقطع مع الأساليب التقليدوية في تدبير الشأن العام .


انتهى بحمد الله
author-img
الفكر القانوني

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent