المطلب الثاني: الإشراف الإداري والقضائي لإجراءات البيع الجبري على عقار
لقد أسندت مهام التسيير والإشراف في مسطرة التنفيذ بصفة عامة إلى مجموعة من الأجهزة الأساسية، وعلاقة بالحجوزات العقارية في إطار البيع بالمزاد العلني، فإن المشرع أوكل مهمة مباشرة الإجراءات إلى نخبة إدارية –كتابة الضبط- (الفقرة الأولى)، وجعل مهمة الإشراف والتتبع لجهاز قضائي –قاضي التنفيذ- (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: كتابة الضبط (المكلف بالتنفيذ)
يعد مأمور إجراءات التنفيذ موظفا عموميا أناط به المشرع مهمة تنفيذ الأوامر والأحكام و القرارات الصادرة عن القضاء فهو بهذه الصفة يعتبر ممثلا للسلطة العامة الموكول إليها تلك الإجراءات، شريطة أن يكون على بينة من القواعد القانونية المطبقة كلما كانوا بصدد مباشرة عملية التنفيذ، وقد وردت ضمن القواعد العامة للتنفيذ الجبري التي حددتها المسطرة المدنية، كما وردت في نصوص خاصة أخرى أوجبها المشرع لحسن سير العمل واعتبرها من النظام العام.
بعد هذا التعريف الوجيز عن المكلف بالتنفيذ وانطلاقا مما ذكر سابقا، حول إجراءات بيع العقارات بالمزاد العلني والتي تبتدئ من إيداع طلب التنفيذ إما بتحويل الحجز التحفظي على عقار إلى حجز تنفيذي، أو بناء على تحويل إنذار عقاري إلى حجز عقاري، كلاهما يقوم مأمور الإجراء بتتبع وتفعيل مقتضيات قانون المسطرة المدنية المغربي، بالإضافة إلى قوانين أخرى خاصة حسب الحالات الواردة في طلبات التنفيذ الجبري.
وحتى نكون حريصين على إضفاء طابع الشمولية لهذه الإجراءات، فإن هناك مساطر أخرى تدخل في نطاق المساطر الجماعية تسمى معالجة صعوبة المقاولة، التي يتم تعيين السنديك في حكم صادر عن الهيئة بقيامه بجميع العمليات التي من شأنها أن تساعد المقاولة سواء في إطار التسوية أو التصفية القضائية، فتعيين السنديك يتم حسب الفقرة الأخيرة من المادة 568 من مدونة التجارة "تزاول مهام السنديك من طرف كاتب الضبط ويمكن للمحكمة، عند الاقتضاء، أن تسندها للغير."، على هذا الأساس سواء عين السنديك من داخل أو خارج المحكمة فهو جهاز مكلف بتطبيق المقتضيات القانونية كما هي سيما تلك المتعلقة بموضوع الدراسة.
الفقرة الثانية: مؤسسة قاضي التنفيذ
في إطار الوعي بأهمية تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية، ساهمت الوزارة الوصية –وزارة العدل- من خلال مجهوداتها المبذولة إلى الإحاطة بهذه المرحلة التي تعتبر النهائية في مسار الدعوى وبالتالي بموجبها يصل أصحاب الحقوق إلى تحقيق هدفهم المنشود، كما أن المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات المقارنة، بادر إلى خلق جهاز قضائي انحصرت مهمته في الإشراف والتتبع على مختلف إجراءات التنفيذ منذ فتح الملف التنفيذي بكتابة الضبط إلى غاية تحرير محضر التنفيذ سواء من طرف مأمور الإجراء أو المفوض القضائي.
فقد عهدت هذه المؤسسة في الاختصاص إلى قاض يتم تعيينه بموجب الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من قانون إحداث المحاكم التجارية رقم 95-53 التي تنص على ما يلي "...يعين رئيس المحكمة التجارية باقتراح من الجمعية العمومية قاضيا مكلفا بمتابعة إجراءات التنفيذ".
علاوة على ذلك نجد الرسالة الدورية الصادرة عن وزير العدل تحت عدد 16 وتاريخ 17 دجنبر 1998 الموجهة للرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية – وإن كانت لا ترقى لمرتبة قانون فهي مؤشر على توجهات الحكومة في هذا المجال - إذ أوصت بضرورة "تكليف قاض من بين قضاة المحكمة الابتدائية لمساعدة الرئيس في الإشراف على متابعة إجراءات التنفيذ... مع تفرغه لذلك عند الاقتضاء"، وتأكيدا على حرص المشرع والتزامه بسد الفراغ التشريعي الذي تعرفه المحاكم العادية فيما يتعلق بمؤسسة التنفيذ، فقد عدل الفصل 429 من ق م م بموجب القانون رقم 03-72 حيث أضاف في فقرته الثالثة ما يلي: "...يكلف قاض بمتابعة إجراءات التنفيذ يعين من طرف رئيس المحكمة الابتدائية باقتراح من الجمعية العامة...".
وفي ختام هذه الفقرة أود أن أشير إلى كون مسطرة بيع العقار المحجوز عن طريق المزاد العلني لا يتضمنها قانون المسطرة المدنية فقط بل هناك مواد في مدونة التجارة نظمها المشرع في إطار نظام معالجة صعوبة المقاولة كما سبقت الإشارة، حيث أقر الحكم أو القرار القاضي بفتح إحدى المسطرتين أي التسوية أو التصفية القضائية ضرورة تعيين جهازين أساسيين هما القاضي المنتدب والسنديك، فعلاقتهما بمسطرة الحجز العقاري والبيع بالمزاد العلني تقتضي بالدرجة الأولى احترام مجموعة من المقتضيات قد تختلف عن باب الحجز العقاري في ق م م من خلال بعض فصوله، و من بينها تتبع وإشراف جهاز مؤسسة التنفيذ التي سبق وأن تكلمنا عنها حيث تتم المراقبة من طرف القاضي المنتدب كونه مشرفا على حسن سير المسطرة منذ افتتاحها إلى غاية قفلها، إضافة إلى ضرورة إبراز غاية المشرع من هذه المساطر ألا وهي الحفاظ على موجودات الشركة ضمانا لحقوق الدائنين وحماية لمصلحة المدين سواء أكان شخصا طبيعيا أم معنويا، وخلاصة القول يتضح لنا أن علاقة رئيس المحكمة أو من ينوب عنه في متابعة إجراءات التنفيذ تختلف تماما عن ما أقره المشرع في الكتاب الخامس من مدونة التجارة، وللإشارة فإن الحديث بتفصيل عن هذه التقنيات التي تباشرها هذه الأجهزة سوف نتطرق إليها عند تحليلنا لأهم المراحل التي يمر منها بيع العقار المحجوز بالمزاد العلني.
أتمم قراءة الجزء الموالي من المقال