إجراءات الحجز والبيع العقاري على ضوء القانون المغربي
يعتبر موضوع التنفيذ من المواضيع التي تتسم بالصبغة القانونية والقضائية معا، وتعيشه مختلف المحاكم بالمملكة عند نهاية المراحل الطويلة للنزاعات أمام القضاء، من خلاله يحصل الدائن على اكتساب حقه ووضع حد لتعنت وعناد مدينه. فالأصل هو أن يقوم كل مدين بتنفيذ التزاماته اختيارا والوفاء بها طوعا امتثالا لعنصر المديونية، وبدون تدخل السلطة العامة، لكنه إذا ماطل في ذلك جاز لدائنه أن يلجأ لهذه السلطة لإجباره على هذا الوفاء استنادا لعنصر
المسؤولية، فقواعد العدالة لا تقتضي اللجوء إلى القضاء من أجل استصدار أحكام وحماية الحقوق فقط، بل تتعدى ذلك إلى التمكين من اقتضاء هذه الحقوق لأنه ( لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له )، فالتنفيذ إذن هو الذي يترجم الأحكام إلى واقع ملموس وبدونه تبقى مجرد توصيات لا فائدة منها.
وطبيعي جدا ألا يقوم المحكوم عليه بالتنفيذ التلقائي والاختياري للحكم الصادر ضده، بالنظر إلى غلبة الطابع الإنساني على سلوكه وتصرفاته، وهذا ما يفرض التنفيذ ولو رغم إرادة المحكوم عليه، الشيء الذي من أجله تدخل المشرع بقواعده الآمرة لينظم هذا الموضوع بحيث يوفر الحماية الكافية للأطراف، فمن جهة الاختصاص جعل القضاء هو الوحيد الذي يجوز له التنفيذ جبرا على أموال المدين الممتنع عن الوفاء اختياريا، حيث أصبحت القاعدة تنص على ما يلي: "لا يجوز لأي شخص أن يقتضي حقه بيده"، ومن جهة المسؤولية عن الدين فقد أصبح التنفيذ يقع على أموال المدين دون شخصه، إلا في حالات قليلة، وكذلك من حيث الإجراءات فقد وضع المشرع إجراءات تضمن حق الدائن وتحمي المدين من تعسف الدائن يجب إتباعها في التنفيذ الجبري وإلا كان باطلا.
فقد عرف الدكتور أبو الوفا التنفيذ الجبري: "الذي تجريه السلطة العامة تحت إشراف القضاء، بناء على طلب دائن بيده سند مستوف لشروط خاصة بقصد استيفاء حقه الثابت في السند من المدين جبرا عنه".
و التنفيذ الجبري إما أن يكون مباشرا و إما أن يكون تنفيذا غير مباشر أي عن طريق الحجز.
إذن في إطار الحديث عن التنفيذ غير المباشر أو عن طريق الحجز، لابد من الإشارة إلى كون المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات المقارنة عمل على تناول هذه المساطر في قانون المسطرة المدنية، وأفرد لها أبوابا متفرقة تهم أنواع الحجز، وطرق تفعيلها وفق إجراءات دقيقة مشمولة بضمانات تخص كل طرف على حدة سواء طالب التنفيذ أو المنفذ عليه، كما تجدر الإشارة على أن المشرع لم يكتفي بتحديد الإجراءات بل حدد طبيعة الأشخاص أو الأجهزة المشرفة على احترام حسن تطبيق القانون.
وفي إطار الدراسة التي سنعمد إلى تحليلها والمتعلقة بإجراءات الحجز المنصبة على العقارات، و بيع هذه الأخيرة بالمزاد العلني، ثم تحقيق الغاية من سنها، فإنه لطالما نجد أن المشرع اهتم بالعقار باعتباره مكون أساسي للتنمية، انطلاقا من مختلف الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها هذا من جهة، ومن جهة أخرى تعدد القوانين التي حاول المشرع سد مختلف الثغرات التي قد تعتري إحدى المساطر التي تباشر في إطار الحجوزات العقارية، فبالإضافة إلى قانون المسطرة المدنية نجد قانون التحفيظ العقاري رقم 07-14، وظهير 2 يونيو 1915 المنظم للتشريع المطبق على العقارات المحفظة، والقانون رقم 08-39 المتعلق بالحقوق العينية، ثم مرسوم القرض العقاري والسياحي المنظم لمسطرة الحجز والبيع بالمزاد العلني للعقارات، وحيث أن مسطرة تحصيل الدائن لدينه تأتي بعد إجراءات البيع وإيداع الثمن بصندوق المحكمة فإنه غالبا ما تطرح إشكالية التوزيع أمام قلة المنتوج وكثرت الديون الشيء الذي يستدعي تطبيق مجموعة من النصوص القانونية تتمثل حسب أنواع الدائنين.
انطلاقا من كل ما ذكر أعلاه، وحيث أن أهمية الموضوع تحضا بالدارسة والتتبع بشكل جلي سواء في الساحة العملية أو القانونية، حيث نجد كنه ذلك ليس في الترسانة القانونية المشار إليها سابقا، بل حتى في العمل المتواصل الذي تسعى إلى تحقيقه الوزارة الوصية أي وزارة العدل من خلال تقاريرها المنجزة حول وثيرة عمل أقسام التنفيذ بمختلف المحاكم، ومدى تكريس الضمانات القانونية التي أشار إليها المشرع المغربي من خلال التطبيق القضائي.
إذن بتتبعنا لمختلف هذه المراحل نجد أن تمت إشكاليات عدة تطرح سواء على مستوى الممارسة العملية أي إجراءات ومساطر، أو على مستوى التطبيقات القضائية أي أحكام وقرارات، حيث يستشف مما ذكر آنفا الإشكالية التالية:
ما مدى مساهمة الترسانة القانونية والأجهزة الإدارية والقضائية في إضفاء صبغة الضمانة الممنوحة للدائن والمدين في إطار واقعة حجز العقار وبيعه بالمزاد العلني واستيفاء الدين؟
وعلى ضوء هذه المعطيات سنقتصر في حديثنا عن دراسة الإطار القانوني المنظم لهذه المساطر، مبرزين أهم الأدوار التي تقوم بها الأجهزة المكلفة بهذه الإجراءات، والمشاكل التي تعترضها على مستوى التطبيق، مع الإشارة إلى بعض الأحكام والقرارات الصادرة في إطار هذه العمليات والتي تخص أحد طرفي مسطرة التنفيذ (طالب التنفيذ والمنفذ عليه)، معتمدين على التصميم التالي:
المبحث الأول: الجوانب الشكلية لمسطرة البيع الجبري على عقار محفظ
جرى الفقه على تعريف الحجز أنه وضع المال تحت يد القضاء، وحظر مالكه من التصرف فيه إضرارا بحقوق الدائنين الحاجزين، باعتباره ضمانا عاما للدائنين، ومن ناحية الإجراءات يمكن تعريفه بأنه ذلك الوصف الإجرائي الذي يلحق بمال المدين نتيجة إجراء معين يتخذه الدائن طبقا للقانون يرتب آثارا قانونية معينة.
و نعتقد أن مسطرة الحجز العقاري شرعت لمصلحة الدائن قصد عرقلة حرية المدين في التصرف في حقه العيني العقاري عن طريق تقييده مؤقتا بالرسم العقاري، إلى حين الوفاء الاختياري من قبله، أو بيع العقار المحجوز عليه بالمزاد العلني.
والجدير بالذكر أنه عندما نمعن النظر في إجراءات التنفيذ على العقار ندرك فورا أن المشرع يوليها عناية خاصة، مقارنة مع حجز و بيع المنقولات، حيث أفرد للحجز العقاري فصول هامة في قانون المسطرة المدينة، انطلاقا من الدور النموذجي الذي يسعى إلى تحقيقه المشرع المغربي من خلال الترسانة القانونية المذكورة سابقا، وأمام كم الإجراءات التي تباشر على مستوى جهاز كتابة الضبط فإن أقسام التنفيذ بمختلف محاكم المملكة تعمل جاهدة من أجل ضبط عملها القانوني المتمثل أساسا في توثيق وضبط مختلف الإجراءات من بينها فتح ملفات تنفيذ الحجوزات العقارية (المطلب الأول)، وبعد ذلك تكلف الأجهزة المعهود لها قانونا بترتيب المراحل المسطرية المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية وغيرها من القوانين الخاصة الأخرى (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مكونات ملف البيع الجبري للعقار المحفظ
إن الحديث عن مكونات ملف البيع القضائي يستلزم منا الأمر الإشارة إلى مجموعة من العناصر التي تحظى بالأهمية القصوى في مجال الإجراءات المسطرية بخصوص التنفيذ، فقد ارتأيت كمسار تمهيدي الإحاطة بالجانب المحوري لهذه المسطرة ألا وهما أطراف التنفيذ (الفقرة أولى)، لأنتقل إلى الجانب الثاني والمتعلق بالتزامات هذا الأخير حول تقديم السند التنفيذي المبرر لمطالبته بالدين موضوع البيع الجبري للعقار المحفظ (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: صفة أطراف ملف التنفيذ
~ طالب التنفيذ (الدائن)
لقد نص المشرع المغربي في الفصل 429 من ق م م في فقرته الأولى على ما يلي: "تنفذ الأحكام الصادرة عن محاكم المملكة في مجموع التراب الوطني بناء على طلب من المستفيد من الحكم أو من ينوب عنه..."، يفهم من هذه الفقرة أن المستفيد هو ذلك الشخص سواء كان ذاتيا أم اعتباريا له مصلحة في تقديم طلب حجز وبيع عقار بالمزاد العلني، فقد تنتج الصفة في الغالب من وضعية الطرف الإيجابي في السند التنفيذي كالمحكوم له بموجب حكم قضائي، أو دائن إذا كان السند التنفيذي هو شهادة تسجيل الرهن أو عقد أجنبي مذيل بالصيغة التنفيذية، كما تثبت الصفة أيضا لمن انتقل إليه الحق في التنفيذ، سواء كان خلفا عاما أم خاصا، وفي هذه الحالة فإن هذا الخلف يحل محل الدائن في مواصلة إجراءات التنفيذ لكن شريطة إعلام المدين وتبليغه بالسند المثبت لانتقال الحق، على اعتبار أن أي إجراء خلاف ذلك سوف يؤدي لا محالة إلى بطلان إجراءات التنفيذ.
علاوة على ذلك، فإن العبارة المذكورة في الفقرة أعلاه حول الفصل 429 والتي تشير إلى تقديم طلب التنفيذ ممن ينوب عن المستفيد، جائزة مع إمكانية تتبع النائب القانوني أو القضائي سلسلة مختلف مراحل التنفيذ الجبري ولا يمكن التنازل أو التراجع عنها إلا إذا تم إيقاف تلك الرابطة التي تؤهله للقيام بذلك.
إذن يستشف مما ذكر أعلاه أنه يجوز لكل دائن[14]، أن يتخذ إجراءات الحجز في مواجهة مدينه سواء أكان هذا الدين عاديا أم مرتهنا أم امتيازيا، ويجب أن يكون دائنا وقت الحجز فإن لم تثبت له هذه الصفة إلا بعد الحجز ولو قبل إتمام إجراءات التنفيذ كان الحجز باطلا، نجد مبرر ذلك كون المشرع يؤكد على أن تبدأ إجراءات التنفيذ بالإضافة إلى مقدماته في صورة جدية حتى يتحقق المدين من إصرار الدائن على التنفيذ فيعمل جادا على تفاديه.
~ المنفذ عليه (المدين)
يقصد بهذه الصفة أي المدين ذلك الذي تشترط فيه صفة المديونية، وتثبت هذه الصفة لمن كان مسؤولا عن الدين سواء أكان مدينا أصليا أو تابعا كالكفيل الذي يلتزم بالدين معه.
ويجب توافر الصفة كذلك في خلف المنفذ عليه أيضا سواء أكان خلفا عاما كالوارث أو خلفا خاصا كالموصي له بالدين أو بجزء من التركة في حدود ما استحقه الوارث أو الموصى له من تركة الهالك، على هذا الأساس يتطلب الأمر إتباع الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في القوانين المنظمة لذلك لتحديد مدى التزام الخلف بديون السلف.
فضلا عن ذلك أن هناك أشخاص يمنع القانون اتخاذ إجراءات التنفيذ في مواجهتهم و على أموالهم، كالإدارة وخصوصا على الأموال العامة التي لا تقبل الحجز بحجة أنها تعهد لخدمة المصلحة العامة، وفي هذا الإطار فالدولة المغربية تعمل جاهدة لخلق مسطرة إدارية خاصة تتلاءم والأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية بمختلف درجاتها.
الفقرة الثانية: طلب تنفيذ الحجز على عقار ومرفقاته
قد يختلف الأمر في تقديم طلب التنفيذ الآنف الذكر من وضعية إلى أخرى، حسب خصوصيات الدين والدائن، ومادام كذلك فإنني سأحاول الحديث عن السندات التنفيذية المتعلقة بالأحكام القضائية النهائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به، ثم ننتقل إلى السندات المتعلقة بشواهد التقييد الخاصة:
~ فبالنسبة للأولى أي سند تنفيذي مجسد في حكم قضائي نهائي: حماية لحق الدائن الحائز لهذا الحكم أو القرار أقر المشرع ضرورة السهر على تبليغه حتى ينتهي أجل الطعن و يصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به، علاوة على ذلك يستوجب إرفاق طلب التنفيذ بما يفيد قيام الدائن بالحجز التحفظي على العقار الذي يعمل على مباشرة البيع بخصوصه في إطار المزاد العلني، هذا الأخير يتم تحويله مباشرة بعدما يتضح أن المدين حرر بشأنه محضر بعدم وجود ما يحجز طبقا للفصل 469 من ق م م في فقرتها الأولى، مؤكدين على إضافة مسألة في غاية من الأهمية والمتعلقة بشهادة الملكية التي تثبت أن العقار موضوع البيع مملوك لفائدة المدين، فالأصل هو أن الدائن لما لجأ إلى مسطرة الحجز التحفظي إنما كان له اليقين في ملكية العقار للمدين ولكن رغم ذلك وخصوصا على مستوى إجراءات البيع التي يشرف عليها القضاء لابد من الإدلاء بالوثائق الدالة والهادفة إلى ثبوت الدين وكذا التأكد من وضعية العقار والتقييدات المضمنة في شهادة الملكية.
~ أما بخصوص السندات المتمثلة في شواهد التقييد الخاصة، فإنها تخضع لإجراءات نموذجية أكثر دقة، شأنها شأن باقي إجراءات الحجز في طور التنفيذ، حيث يتطلب تكوين ملف التنفيذ من طلب مؤدى عنه الرسوم القضائية، بالإضافة إلى مجموعة من الوثائق منها شهادة الملكية، الإنذار العقاري - ما يفيد تبليغه إلى كل من المحافظ على الأملاك العقارية وكذا المدين الراهن -، إذن من البديهي التعريف بالدائن صاحب شهادة التقييد الخاصة كون هذا الأخير يتمثل في إحدى المؤسسات المالية أو البنكية التي تمنح قروض مختلفة للأطراف مقابل تسجيل الرهن على العقارات المملوكة لفائدة أصحابها كضمانة، تستوفى ديونهم إذا ما تقاعس أحد هؤلاء عن أداء ما بذمتهم، عن طريق إتباع إجراءات خاصة من بينها التي نحن بصدد دراستها.
وجدير بالذكر أن من بين أهم الوثائق المذكورة أعلاه هو الإنذار العقاري، هذا الأخير الذي نجد تعريفات كثيرة بشأنه منها: "إشهار يوجهه الدائن المرتهن إلى المدين الراهن بواسطة عون التبليغ، يطالب فيه بأداء الدين المضمون بالرهن تحت طائلة نزع ملكية العقار المرهون، وبيعه بالمزاد العلني لتسديد هذا الدين وفوائده ومصاريفه"
والإنذار العقاري له شكليات وبيانات محددة ينبغي أن تلازمه تحت طائلة بطلانه وتتجلى هذه الشكليات فيما يلي:
- إنذار المدين أو الكفيل بالوفاء خلال مدة معينة أي تحديد أجل الوفاء.
- بيان مفصل للعقار المراد حجزه، اسمه، مساحته، حدوده ورقم رسمه العقاري المسجل بالمحافظة العقارية.
- ذكر السند التنفيذي المعتمد في توجيه الإنذار.
- تحديد قيمة الدين المطالب به بما فيه الفوائد القانونية والاتفاقية والمصاريف.
أتمم قراءة الجزء الموالي من المقال
<><>
المطلب الثاني: الإشراف الإداري والقضائي لإجراءات البيع الجبري على عقار
لقد أسندت مهام التسيير والإشراف في مسطرة التنفيذ بصفة عامة إلى مجموعة من الأجهزة الأساسية، وعلاقة بالحجوزات العقارية في إطار البيع بالمزاد العلني، فإن المشرع أوكل مهمة مباشرة الإجراءات إلى نخبة إدارية –كتابة الضبط- (الفقرة الأولى)، وجعل مهمة الإشراف والتتبع لجهاز قضائي –قاضي التنفيذ- (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: كتابة الضبط (المكلف بالتنفيذ)
يعد مأمور إجراءات التنفيذ موظفا عموميا أناط به المشرع مهمة تنفيذ الأوامر والأحكام و القرارات الصادرة عن القضاء فهو بهذه الصفة يعتبر ممثلا للسلطة العامة الموكول إليها تلك الإجراءات، شريطة أن يكون على بينة من القواعد القانونية المطبقة كلما كانوا بصدد مباشرة عملية التنفيذ، وقد وردت ضمن القواعد العامة للتنفيذ الجبري التي حددتها المسطرة المدنية، كما وردت في نصوص خاصة أخرى أوجبها المشرع لحسن سير العمل واعتبرها من النظام العام.
بعد هذا التعريف الوجيز عن المكلف بالتنفيذ وانطلاقا مما ذكر سابقا، حول إجراءات بيع العقارات بالمزاد العلني والتي تبتدئ من إيداع طلب التنفيذ إما بتحويل الحجز التحفظي على عقار إلى حجز تنفيذي، أو بناء على تحويل إنذار عقاري إلى حجز عقاري، كلاهما يقوم مأمور الإجراء بتتبع وتفعيل مقتضيات قانون المسطرة المدنية المغربي، بالإضافة إلى قوانين أخرى خاصة حسب الحالات الواردة في طلبات التنفيذ الجبري.
وحتى نكون حريصين على إضفاء طابع الشمولية لهذه الإجراءات، فإن هناك مساطر أخرى تدخل في نطاق المساطر الجماعية تسمى معالجة صعوبة المقاولة، التي يتم تعيين السنديك في حكم صادر عن الهيئة بقيامه بجميع العمليات التي من شأنها أن تساعد المقاولة سواء في إطار التسوية أو التصفية القضائية، فتعيين السنديك يتم حسب الفقرة الأخيرة من المادة 568 من مدونة التجارة "تزاول مهام السنديك من طرف كاتب الضبط ويمكن للمحكمة، عند الاقتضاء، أن تسندها للغير."، على هذا الأساس سواء عين السنديك من داخل أو خارج المحكمة فهو جهاز مكلف بتطبيق المقتضيات القانونية كما هي سيما تلك المتعلقة بموضوع الدراسة.
الفقرة الثانية: مؤسسة قاضي التنفيذ
في إطار الوعي بأهمية تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية، ساهمت الوزارة الوصية –وزارة العدل- من خلال مجهوداتها المبذولة إلى الإحاطة بهذه المرحلة التي تعتبر النهائية في مسار الدعوى وبالتالي بموجبها يصل أصحاب الحقوق إلى تحقيق هدفهم المنشود، كما أن المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات المقارنة، بادر إلى خلق جهاز قضائي انحصرت مهمته في الإشراف والتتبع على مختلف إجراءات التنفيذ منذ فتح الملف التنفيذي بكتابة الضبط إلى غاية تحرير محضر التنفيذ سواء من طرف مأمور الإجراء أو المفوض القضائي.
فقد عهدت هذه المؤسسة في الاختصاص إلى قاض يتم تعيينه بموجب الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من قانون إحداث المحاكم التجارية رقم 95-53 التي تنص على ما يلي "...يعين رئيس المحكمة التجارية باقتراح من الجمعية العمومية قاضيا مكلفا بمتابعة إجراءات التنفيذ".
علاوة على ذلك نجد الرسالة الدورية الصادرة عن وزير العدل تحت عدد 16 وتاريخ 17 دجنبر 1998 الموجهة للرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية – وإن كانت لا ترقى لمرتبة قانون فهي مؤشر على توجهات الحكومة في هذا المجال - إذ أوصت بضرورة "تكليف قاض من بين قضاة المحكمة الابتدائية لمساعدة الرئيس في الإشراف على متابعة إجراءات التنفيذ... مع تفرغه لذلك عند الاقتضاء"، وتأكيدا على حرص المشرع والتزامه بسد الفراغ التشريعي الذي تعرفه المحاكم العادية فيما يتعلق بمؤسسة التنفيذ، فقد عدل الفصل 429 من ق م م بموجب القانون رقم 03-72 حيث أضاف في فقرته الثالثة ما يلي: "...يكلف قاض بمتابعة إجراءات التنفيذ يعين من طرف رئيس المحكمة الابتدائية باقتراح من الجمعية العامة...".
وفي ختام هذه الفقرة أود أن أشير إلى كون مسطرة بيع العقار المحجوز عن طريق المزاد العلني لا يتضمنها قانون المسطرة المدنية فقط بل هناك مواد في مدونة التجارة نظمها المشرع في إطار نظام معالجة صعوبة المقاولة كما سبقت الإشارة، حيث أقر الحكم أو القرار القاضي بفتح إحدى المسطرتين أي التسوية أو التصفية القضائية ضرورة تعيين جهازين أساسيين هما القاضي المنتدب والسنديك، فعلاقتهما بمسطرة الحجز العقاري والبيع بالمزاد العلني تقتضي بالدرجة الأولى احترام مجموعة من المقتضيات قد تختلف عن باب الحجز العقاري في ق م م من خلال بعض فصوله، و من بينها تتبع وإشراف جهاز مؤسسة التنفيذ التي سبق وأن تكلمنا عنها حيث تتم المراقبة من طرف القاضي المنتدب كونه مشرفا على حسن سير المسطرة منذ افتتاحها إلى غاية قفلها، إضافة إلى ضرورة إبراز غاية المشرع من هذه المساطر ألا وهي الحفاظ على موجودات الشركة ضمانا لحقوق الدائنين وحماية لمصلحة المدين سواء أكان شخصا طبيعيا أم معنويا، وخلاصة القول يتضح لنا أن علاقة رئيس المحكمة أو من ينوب عنه في متابعة إجراءات التنفيذ تختلف تماما عن ما أقره المشرع في الكتاب الخامس من مدونة التجارة، وللإشارة فإن الحديث بتفصيل عن هذه التقنيات التي تباشرها هذه الأجهزة سوف نتطرق إليها عند تحليلنا لأهم المراحل التي يمر منها بيع العقار المحجوز بالمزاد العلني.
أتمم قراءة الجزء الموالي من المقال
<><>
المبحث الثاني:قراءة تقنية لإجراءات الحجز والبيع الجبري على عقار محفظ من خلال القانون المغربي
يجب على المكلف بإجراءات التنفيذ قبل البدء في مسطرة التنفيذ أن ينظر إلى الطلب المقدم إليه ويتأكد من نوعه، هل المطلوب منه حجزا عقاريا بناء على سند تنفيذي، أو إنذار عقاري مبني على رهن رسمي، وما إذا كان العقار محفظا أو غير محفظ انطلاقا من شهادة الملكية المدلى بها، وأخيرا ما إذا كان العقار ملكا مشاعا أم لا، لأن هذا الإجراء رغم أنه سبق وأن أشرنا سلفا إلى حيثياته، فالقصد من إعادته يدخل في ضرورة حرص المكلف بالتنفيذ على ضبط وتوثيق كل مرحلة على حدة لأن ذلك يدخل في اختصاصات كتابة الضبط.
وعملا بمقتضيات قانون المسطرة المدنية و بالضبط في الشق المتعلق بالحجز على العقارات، ونظرا لكون هذه المساطر تحظى بالأهمية القصوى من قبل الممارسين وكذا أصحاب الحقوق علاوة على المدينين ووعيا منا بواقع المسطرتين اللتان سبق ذكرهما، فإننا سنحاول الحديث بشكل موجز عن طلب التنفيذ بناء على تحويل إنذار عقاري إلى حجز عقاري، دون التطرق إلى تحويل حجز تحفظي إلى حجز تنفيذي على عقار، حيث يختلفان في بداية المسطرة على مستوى تبليغ السند للمدين، أما باقي الإجراءات فهي منظمة بنفس الفصول، وقبل الحديث عن المسطرة انطلاقا من المراحل الممهدة لإعداد ملف البيع القضائي (المطلب الأول)، وكذا تاريخ بيع العقار بالمزاد العلني والآثار المترتبة عنه (المطلب الثاني)، سنطل بظلنا على الإجراء الذي كان يعهد سابقا للمكلف بالتنفيذ والمتعلق بتحويل الإنذار العقاري إلى حجز العقاري قبل دخول ق رقم 08-39 حيز التطبيق وفق الآتي:
~ تحويل إنذار عقاري إلى حجز عقاري:
بداية تجب الإشارة إلى أن طلب تبليغ إنذار عقاري إلى المدين يقتضي هو الآخر فتح ملف التبليغ خاص به يؤدى عنه رسم قار محدد في مبلغ 20 درهما، حيث يكلف المفوض القضائي بالسهر على تبليغ وفق الإجراءات التالية:
~ تبليغ الإنذار العقاري إلى المدين: يبلغ هذا الأخير بالإنذار مرفقا بصورة من شهادة التقييد الخاصة وكذا بصورة من عقد الرهن المسجل وذلك عن طريق المفوض القضائي أو المكلف بالتبليغ حيث يبلغ شخصيا أو في موطنه أو محل عمله أو في أي مكان آخر يوجد فيه...(الفصل 37 من ق م م )، والغاية من توجيه الإنذار العقاري إليه هو إعطاءه الفرصة ليؤدي ما عليه داخل أجل 20 يوما، وإذا تعذر التبليغ إلى المدين لعدم العثور عليه تطبق في حقه مقتضيات الفصل 39 من ق م م، كما يمكن أن يعين في حقه قيم إذا كان محل إقامته غير معروف.
~ تبليغ الإنذار العقاري إلى المحافظ على الأملاك العقارية: يوجه هذا التبليغ إلى المحافظ على الأملاك العقارية وذلك قصد تسجيله في السجل العقاري لأن هذا الإجراء يكرس مبدأ الضمانة الممنوحة لفائدة الدائن في استحقاق دينه.
~ تحويل الإنذار العقاري إلى حجز عقاري: مباشرة بعد تبليغ المدين والمحافظ على الأملاك العقارية بنص الإنذار العقاري، وعدم وفاء المدين بأداء الدين في حدود الأجل المذكور وهو 20 يوما، وبعد التأكد من رجوع شهادتي التسليم و صحة التبليغ من الناحية القانونية مخافة من تعرض هذه الوثيقة لأي تزوير أو تغيير في المعطيات التي حررها المكلف بالتبليغ، لأن أي تصرف مخالف للمقتضيات المنصوص عليها قانونا حول بيانات التبليغ قد تعرض المسطر ككل إلى البطلان.
المطلب الأول: المراحل الممهدة لإعداد ملف البيع القضائي
تعد دراسة المراحل الممهدة للحجز العقاري من الأهمية بمكان، كونها أولا تخضع لنظام قانوني جد معقد وبطيء، ثانيا إلى تعدد الإجراءات المزمع القيام بها من قبل مأمور الإجراءات، هذه الأخيرة حددتها فصول قانون المسطرة المدنية وكذا قانون الحقوق العينية سأحاول التطرق إليها بشكل عملي وممنهج:
الفقرة الأولى: الأسس القانونية والعملية لإعداد محضر واقعة الحجز
~ مرحلة حجز العقار: باعتبارها أول مرحلة في المسطرة، ونظرا لأهميتها فإن المشرع المغربي في الفصل 470 من ق م م حاول تأطير مأمور الإجراء بمجموعة من البيانات التي يجب أن يعاينها انطلاقا من وقوفه على العقار، و تضمينه كل ذلك في محضر الحجز، هذا الأخير الذي يفرغ في نموذج معد من قبل وزارة العدل (نموذج رقم 32055/1998)، حيث إن الغاية من ذلك هو ضرورة ملئ جميع الخانات الفارغة حيث إذا ما تم نسيانها أو تجاهلها سوف تعرض إجراءات التنفيذ للبطلان، فباستقرائنا لمقتضيات الفصل 470 من ق م م في فقرته الأولى، سنجد المشرع أوجب تحديد بعض العناصر الضرورية، سنحاول إعطاء مدلول كل واقعة بشكل مختصر كما يلي:
- تاريخ تبليغ الحكم: شرط أساسي يفيد عدم التزام المدين بأداء ما بذمته في مواجهة الدائن.
- حضور أو غيبة المحجوز عليه في عمليات الحجز: تقتضي الوجوب لأن الأمر قد يسهل على مأمور التنفيذ في التعرف على مشتملات العقار وتوابعه في وقت وجيز جدا، وكذا سيساعده على تضمين معطيات يقينية ليست مبنية على فرضيات ربما قد تنعكس على المتزايد الذي سيقبل عرضه وبالتالي يصبح راسي عليه المزاد، كما أن هذه الواقعة هي ضمانة للمدين كونه سيعمل جاهدا على التخلص من هذا العار الذي أحل به.
- موقع العقار: كما هو معلوم أن العقار في إطار البيع الرضائي له ارتباط بالمحيط المتواجد به، فبالأحرى عندما تكون البيوعات بالمزاد العلني لها طابع خاص ربما يجعل الأشخاص تقتني الأشياء ليس بالثمن البخس و إنما بثمن أقل من السوق.
- رسم الحدود بأكثر دقة: حتى يتأكد المشتري من الحدود المرسومة له في العقار المبيع.
- تضمين الحقوق المرتبطة به والتكاليف التي يتحملها إن أمكنت معرفتها وعقود الكراء المبرمة في شأنه: وتهم الحقوق العينية المرتبطة بالعقار المبيع، وبالنسبة للتكاليف أي حقوق الارتفاق كحق المجرى وحق المسيل، وأخيرا عقود الكراء حيث يندرج ضمن ذلك الإشارة إلى وجود أصل تجاري بالعقار من عدمه.
- حالة العقار موضوع الحجز تجاه المحافظة على الأملاك العقارية عند الاقتضاء: يفترض من كل دائن الإدلاء بشهادة الملكية المتعلقة بالعقار موضوع البيع، حتى يتمكن أولا مأمور التنفيذ من تضمين دفتر التحملات بمعطيات صحيحة ومسجلة وكذا تعطى الفرصة للأغيار لمعرفة جميع التقييدات المسجلة بالرسم العقاري.
فانتقال المكلف بالتنفيذ إلى عين المكان يبقى مشروطا بمعرفة المعطيات التي سبق تحديدها، وتضمينها في وثائق ستأتي دراستها فيما بعد، إلا أنه هناك بعد المساطر الخاصة المتعلقة بالحجز والبيع العقاري التي لا ينجز فيها محضر الحجز، وإنما يتم تبليغ الإنذار عن طريق الإشهار في إحدى الجرائد الوطنية، كما نص عليه الفصل 61 من مرسوم 17 دجنبر 1968 وبالتالي يصبح الإشهار المذكور بمثابة حجز على عقار.
وبالمقابل نجد المشرع المغربي في إطار تحديث منظومته القانونية واهتمامه بالشأن العقاري والحقوق العينية بصفة عامة، اتخذ منحى غير الذي اتبعه في قانون المسطرة المدنية بشأن إعداد محضر حجز العقار، فوفقا لمقتضيات القانون رقم 08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، التي تنص في قسمها الثالث المتعلق ب: "في الحجز والبيع الجبري للعقارات" المواد من 214 إلى 221، نجد هناك إجراءات إذا ما تم استقرائها يلاحظ أن المشرع حاول تقليص مدة هذا النوع من التنفيذ خلافا لما كان يتسم به من بطء وتعقيد - نشير إلى أن المشرع استعمل في القانون رقم 08-39 مصطلح مكلف بالتنفيذ عوض عون التنفيذ الذي تضمنته فصول قانون المسطرة المدنية، وهذا إن دل إنما يدل على حرص المشرع على تتبع التعديلات والتغييرات التي تطرأ على مختلف القوانين، من بينها النظام الأساسي المتعلق بهيئة كتابة الضبط.
و ارتباطا بواقعة إعداد محضر الحجز، فإن المادة 216 في فقرتها الثانية أشار المشرع من خلالها إلى مايلي:"...يعتبر الإنذار المذكور بمثابة حجز عقاري وينتج نفس آثاره".
باستقرائنا لهذه الفقرة يتضح أن المشرع حاول تبسيط إجراءات التنفيذ الجبري المتعلق ببيع العقارات، وأعطى للدائن الحاصل على شهادة التقييد الخاصة بتقييد الرهن لفائدته والمسلمة له من طرف المحافظ على الأملاك العقارية الحق في طلب بيع العقار المرهون بالمزاد العلني عند عدم وفاء المدين بدينه في الأجل المحدد، حيث تكتسي الشهادة الخاصة قوة سند قابل للتنفيذ، وبناء على تقديم طلب التنفيذ إلى كتابة الضبط يعمد المكلف بالتنفيذ إلى توجيه إنذار إلى كل من المنفذ عليه أي مالك العقار والحائز لأداء الدين أو التخلي عن العقار موضوع البيع داخل أجل 15 يوما من تاريخ التوصل، كما يبلغ هذا الإنذار إلى المحافظ على الأملاك العقارية بالدائرة التي يتواجد بها العقار حفاظا على حقوق الدائن المرتهن.
أتمم قراءة الجزء الموالي من المقال
<><>
الفقرة الثانية: الجوانب التقنية المعدة للبيع الجبري للعقار
~ مرحلة تعيين خبير: يمكن تسمية هذه المرحلة بالتقنية أو الفنية، حيث يباشر من خلالها أحد الأشخاص اللذين لهم مؤهلات في ميدان المعاينات العقارية الكفاءة والدراية الكافية في معرفة اقتصاد السوق العقاري ومدى التحولات الطارئة عليه، فقد نظم المشرع إطارهم العملي بقانون رقم 00-45، وأعطى الحق للمكلف بإجراءات التنفيذ تقديم طلب إلى السيد رئيس المحكمة أو قاضي التنفيذ حسب التجربة العملية، هذا الأخير يصدر أمره بتعيين أحد الخبراء مع تحديد المهام التي سوف يقوم بها والمتمثلة أساسا في البيانات التي سبق الحديث عنها بخصوص العقار المبيع، إضافة إلى إلزامه بتعيين الثمن الافتتاحي الذي ستنطلق منه المزايدة وفي بعض الأحيان يطلب من الخبير كذلك تحديد الثمن الحقيقي للعقار، على اعتبار أن الثمن الأول هو مجرد اقتراح من الخبير يتضمن مبلغا أقل من قيمة العقار الحقيقية المغزى منه هو تشجيع المتزايدين على الحضور للمزايدة، كما تتضمن المأمورية مبلغ الأتعاب المستحقة للخبير حيث تبقى السلطة التقديرية للقضاء في تحديدها، بعد إنجاز ما تمت الإشارة إليه، يقوم المكلف بالتنفيذ بتبليغ تلك المأمورية للدائن قصد إيداع أتعاب الخبير بصندوق المحكمة، على أن يوجهها بعد إيداع تلك المصاريف إلى الخبير قصد القيام بالمطلوب.
~ مرحلة إعداد دفتر التحملات: يعتبر دفتر التحملات مرجعا قانونيا لشروط البيع بالمزاد العلني يطلع عليه العموم قبل إجراء السمسرة، حيث نظمه الفصل 474 من ق م م ، وقد أفردت له وزارة العدل نموذجا خاصا (32057/98) يتضمن 14 فصلا نذكر من بينهم على سبيل المثال:
- أسماء الأطراف وتاريخ تبليغهم، نوع السند التنفيذي
- موقع العقار المحجوز، صفاته، حدوده...
- الثمن المحدد لانطلاق المزاد العلني
- اعتبار محضر إرساء المزاد كسند ملكية ولا يكون له الحق في المطالبة بسندات التمليك الأخرى.
- يصبح المشتري مالكا للمبيع بعد رسو المزاد عليه ويتسلمه على الحالة التي يوجد عليها...
- قبول ماله وما عليه من حقوق الارتفاق الظاهرة وغير الظاهرة.
- لا يشرع المشتري في التصرف في البيع بعد رسو المزاد إلا ابتداء من اليوم الذي فيه أداء الثمن.
وغير ذلك من الشروط التي يستوجب على كافة المتزايدين الالتزام بها وعدم مخالفتها.
~ إشهار البيع وتلقي العروض: بعد استكمال الإجراءات السابقة الذكر يقوم المكلف بالتنفيذ بتقديم جميع الملفات الجاهزة للبيع إلى السيد قاضي التنفيذ، حيث يتم تعيين تاريخ إجراء السمسرة من قبل هذا الأخير، مع ضرورة احترام الآجال المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية والتي لا يمكن أن تقل عن شهر.
الإشهار: و تتميز مسطرة إشهار البيع بتكريس طابع الشفافية والمصداقية أمام الراغبين بالمشاركة في المزاد العلني، فوسيلة الإشهار بإحدى الجرائد الوطنية وبالضبط في الجرائد التي تحظى بشعبية كبيرة ومتضمنة لمختلف الأحداث الراهنة قد تساهم بدون تأكيد في استقطاب المتزايدين من أجل اقتناء العقار المبيع، و المشرع لم يكتفي في المادة 474 من ق م م بهذا الإجراء فقط الذي يتوقف هو الآخر على إيداع طالب التنفيذ لمصاريف الجريدة التي تقوم بعملية الإشهار، بل حدد وسائل أخرى تهم إطلاع الاغيار على فحوى البيع القضائي من بينها:
- التعليق بباب المسكن المحجوز عليه وعلى كل واحد من العقارات المحجوزة وكذا في الأسواق المجاورة لكل عقار من هذه العقارات.
- التعليق باللوحة المخصصة للإعلانات في المحكمة الابتدائية التي يوجد مقرها بمحل التنفيذ.
- التعليق بمكاتب السلطة الإدارية المحلية.
إضافة إلى ما تضمنه الفصل المذكور نجد على المستوى العملي ومن أجل استقطاب عدد كبير من المتزايدين لإثراء جلسة المزايدة والرفع من مبلغ العقار المراد تفويته، عملت المحاكم على توسيع دائرة النشر بحيث شملت حتى وسيلة الانترنيت، التعليق بمختلف المحاكم التي تدخل في دائرة نفوذ المحكمة المشرفة على البيع...وغير ذلك من الوسائل المتاحة قانونا.
تلقي العروض: لقد نص الفصل 474 من ق م م في فقرته الأخيرة على ما يلي:"يتلقى العون المكلف بالتنفيذ العروض بالشراء إلى غاية إقفال محضر المزاد ويثبتها حسب ترتيبها التاريخي في أسفل محضر الحجز".
يلاحظ من خلال الفقرة الآنفة الذكر أن المشرع لم يحدد بداية تاريخ تلقي العروض بل حدد أجلا لنهاية قبولها وهو إقفال محضر المزاد، علاوة على ذلك لم يحدد شكل وطريقة تقديم تلك العروض هل كتابة أم شفويا؟، للجواب عن هذا التساؤل يستلزم الأمر تقديم العرض كتابة لغرض أساسي أولا وهو معرفة هوية صاحب العرض بما في ذلك اسمه، رقم هاتفه، وعنوانه إضافة إلى المبلغ المقترح للمزايدة، وحتى لا يتعارض مع صريح الفقرة الأخيرة من الفصل 476 من ق م م التي تنص على:" يستدعى في الأيام العشرة الأخيرة من نفس المدة لنفس التاريخ المحجوز عليه والمتزايدين الذين قدموا عروضهم طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 474"، لكن ما تشهده الساحة العملية في كثير من المحاكم أن جل المتزايدين لا يحضرون إلا عند تاريخ إجراء السمسرة وبالتالي قلما تقدم عروض ويتم استدعاء أصحابها وفق ما ذكر أعلاه.
المطلب الثاني: تاريخ إجراء سمسرة بيع العقار المحجوز والآثار المترتبة عنه
من المؤكد أن المكلف بالتنفيذ عند وصوله إلى تاريخ إجراء السمسرة يكون قد قطع أشواطا جد مهمة في التحضير لاستقبال المتزايدين أصحاب العروض المقدمة وفق ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 474 أو عند حضورهم وقت وساعة المزايدة، فأهمية هذه المرحلة لها وقع في غاية من الأهمية إذ على إثرها يتم معرفة حصيلة الملفات المنفذة في هذا الاختصاص، ولكي نقرب تلك الأهمية على مستوى التحليل سنعمد بشكل وجيز للحديث عن إجراءات سمسرة بيع العقار المحجوز (الفقرة الأولى)، على أن نتطرق إلى أهم الآثار الناتجة عن هذه الأخيرة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: ساعة وتاريخ إجراء سمسرة بيع العقار المحجوز
لقد حدد المشرع إجراءات السمسرة في الفصول من 476 إلى 479 من ق م م، وعلى أساسها يتطلب من المكلف بالتنفيذ أن يتبع مقتضياتها علاوة على إشعار مؤسسة التنفيذ في شخص القاضي المعين للتتبع والإشراف على كل المراحل السابقة الذكر، فالحماية التي أولاها المشرع للمنفذ عليه تمتد إلى غاية تاريخ إجراء البيع، تتجلى في ما أقره الفصل 477 من ق م م في فقرته الأولى:" إذا حل اليوم والساعة المعنيان لإجراء السمسرة ولم يؤد المنفذ عليه ما بذمته..."، فرغم قيام المكلف بالتنفيذ بجملة من الإجراءات المذكورة إلا أنه ونظرا لقيمة الحقوق المملوكة للمدين المنصبة على ذلك العقار أو العقارات المبيعة تبقى له الأحقية في مباشرة أداة ما بذمته ولو لآخر فرصة كما سبقت الإشارة إليها.
و تقع السمسرة في كتابة الضبط أو في قاعة معدة لذلك تتواجد بالمحكمة، يحضر لها المتزايدون و المدين الراهن الذي سبق وأن أشعر بتاريخ البيع القضائي، والمقصود بالإشعار ليس فقط التبليغ بيوم السمسرة بل من المفروض الاعتداد بكل المراحل التي أشار إليها المشرع والتي تدخل في إطار إعلام المدين، منها محضر الحجز وفق ما أشارت إليه فصول قانون المسطرة المدنية، و تبليغه بالإنذار حسب ما نص إليه قانون الحقوق العينية رقم 08-39، علاوة على تعليق إعلان البيع بمحل العقار المبيع، إذن نستشف أن كل هذه المساطر إذا ما أضفنا إليها مسطرة التبليغ المتعلق بتاريخ إجراء السمسرة سوف تكون هناك لا محالة مماطلة وتسويف في مختلف الإجراءات بدون قصد بل مستمدة بشكل غير مباشر من فصول والمواد المنظمة لهذه الإجراءات، كما تجدر الإشارة إلى أن تعديل قانون المسطرة المدنية في الفصول المتعلقة بالتبليغ قد أحدثت مجموعة من الإشكاليات، حيث صدرت بشأنها مجموعة من الأحكام والقرارات التي أقرت إبطال إجراءات التنفيذ لعدم تبليغ المنفذ عليه بتاريخ السمسرة.
على هذا الأساس تنطلق السمسرة في التاريخ والساعة المحددين من قبل قاضي التنفيذ، ويتم إخبار المكلف بالتنفيذ جميع الحاضرين بمشتملات المبيع، حسب ما تضمنه دفتر التحملات من حقوق والتزامات مفروضة على الجانبين أي المدين والمتزايدين وفق ما نص عليه الفصل 477 من ق م م في فقرته الأولى، ويلاحظ ما إذا كانت هناك عروض في أظرفة مختومة يبقى على المكلف بالتنفيذ تسطير جميع ما جاء فيها في محضره أي محضر المزايدة، الذي بعد تلاوته يتبين للحاضرين أعلى عرض تم تقديمه، على إثره تفتتح المزايدة و يبدي كل واحد رغبته في تقديم عرض أعلى من أجل اقتناء العقار موضوع البيع أو العقارات، إلى أن يتم الإعلان عن نهاية المزاد مباشرة بعد إطفاء ثلاث شمعات مدة كل منها دقيقة واحدة تقريبا يتم إشعالها على التوالي ويحرر محضر بإرساء المزايدة، هذا حسبا نص الفقرة من الفصل 477.
و تجدر الإشارة إلى أن تاريخ السمسرة لا يمكن تغييره إلا بأمر من رئيس المحكمة الذي يقع التنفيذ بدائرته لسبب خطير ومبرر، أو لعدم حضور أي متزايد، ففي هذه الحالة يتم إشعار قاض متابعة إجراءات التنفيذ بموجب محضر يعده المكلف بالإجراءات على إثره يعين البيع لتاريخ لاحق بنفس الطريقة ووفق نفس الكيفية المستدل بها سابقا.
في حديثنا عن مؤسسة التنفيذ سابقا حاولنا الإشارة إلى أهمية هذه الجهة ومدى فعاليتها على مستوى تحقيق مساعي الوزارة الوصية، بمعنى أن مساهمة قاض التنفيذ ليست بالعبث بل تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه بطريقة قانونية صرفة، كما تستوجب على ممثل هذه المهمة أن يكون له علم بمسار تطور العقارات في السوق الاقتصادية، وملامسة الجوانب الاجتماعية التي يتخبط فيها المدينون المالكون لهذه العقارات، فسند ما تمت الإشارة إليه هو القرار الذي يخلص إليه قاض التنفيذ في قبول أو رفض المبلغ المقترح من طرف المتزايد من أجل اقتناء العقار، فالواقع العملي لا يعتبر مقدم أعلى عرض راسيا عليه المزاد إلا بعد موافقة قاض التنفيذ، حيث آنذاك تحتسب العشرة أيام المذكورة في الفصل 479 من ق م م والتي تعطي الحق لكل من رغب في الزيادة بالسدس التقدم بعرض كتابي يوضح من خلاله رغبته في اقتناء المبيع، مع تحديد مبلغ السدس بشكل واضح يعني أن يتعهد ببقائه متزايدا بثمن المزاد الأول مضافا إليه الزيادة، و بعد إبداء رغبته في ذلك تقع سمسرة نهائية يعلن عنها وفق الإجراءات الأولية للبيع
كما تجدر الإشارة كذلك إلى أن إجراءات الحجز والبيع للعقار أو العقارات المملوكة للأشخاص الذاتية أو المعنوية المفتوحة في حقها المسطرة، لا تختلف عن سابقتها التي يكلف بإعدادها المكلف بالتنفيذ ويشرف عنها قاض التنفيذ، إلا في طريقة تعيين تاريخ السمسرة، حيث تتميز هذه المسطرة بتعيين كل من القاضي المنتدب الذي يشرف على مسطرة التسوية أو التصفية القضائية وكذا السنديك الموكول له الاختصاص بمقتضى مواد الكتاب الخامس من مدونة التجارة بحكم صادر عن غرفة المشورة، وارتباطا بعملية السمسرة، تعقد جلسة رسمية يعلن عنها القاضي المنتدب بحضور كاتب الضبط، والسنديك بعد استدعاء طبعا جميع المتزايدين الذين تقدموا بعروضهم وفق فصول قانون المسطرة المدنية، وبموجب تلك الجلسة وبعد الإعلان عن إرساء المزاد على صاحب أعلى عرض يتم استصدار أمر قضائي باسم جلالة الملك وطبقا للقانون، يمكن لأحد الأطراف التي لها المصلحة استعمال وسائل الطعن الممنوحة قانونا في حالة ما إذا شابت الإجراءات السابقة أحد العيوب، فالخصائص التي ميز بها المشرع هذا النوع من المساطر والتي تسمى بالمساطر الجماعية لا تعني لنا رجحان هذا الأخير لكفة دون الأخرى بقدر ما حاول حسب رأيي الشخصي حماية تلك المقاولة التي تقدم رئيسها أي مسيرها القانوني بطلب فتح المعالجة إما بتسوية وضعيته أو بتصفيتها تجاه كتلة الدائنين.
الفقرة الثانية: الآثار المترتبة عن إجراءات البيع الجبري
يعتبر محضر المزايدة سندا للمطالبة بالثمن وكذا سند ملكية لصالح الراسي عليه المزاد بصفة نهائية بعد أدائه الثمن التي رست فيه المزايدة والمصاريف وتسليمه محضر إرساء المزاد من أجل السهر على تسجيله بالرسم العقاري، هذا المحضر الذي يتطلب تحضيره بطريقة جد مركزة وقانونية على اعتبار أنه يحظى بمثابة العقد الرسمي للبيع وينتج آثار قانونية جد هامة في حالة الإخلال بأحد المقتضيات المتضمنة له، قد يفضي الأمر إلى بطلان البيع، على أساسه سنحاول إبراز البيانات المتضمنة له وفق الآتي:
- اسم المكلف بالتنفيذ الذي قام بالسهر على سير إجراءات السمسرة.
- اسم طالب التنفيذ ومحاميه إن وجد.
- الإشارة إلى السند التنفيذي، مضمونه، تاريخ إنشائه.
- الإشارة إلى أسماء المتزايدين مرتبين حسب التسلسل التاريخي لتقديم العروض مع الإشارة إلى بطاقة تعريفهم.
- مشتملات المبيع وأعني العقار، لأنه بمجرد إيداع هذا الأخير سواء في إدارة التسجيل أو المحافظة العقارية، سوف تحدد مصاريف التسجيل انطلاقا من الوضعية التي هي عليها العقار أو العقارات.
- الثمن الذي رست عليه السمسرة مع تحديد اسم الراسي عليه المزاد ورقم بطاقته الوطنية.
- وأخيرا توقيع المحضر من قبل المكلف بالتنفيذ والراسي عليه المزاد.
وفي إطار انتقال ملكية العقار المبيع إلى الراسي عليه المزاد بعد إيداع ثمن البيع وتسليمه محضر إرساء المزاد النهائي، فإنه من بين الآثار التي تنتج كما سبق القول هو مآل سند الملكية هذه الأخيرة تفضي إلى طرح مجموعة من الأسئلة التي ترتبط بهذا الحق، هل يعتبر هذا السند ناقل للملكية من تاريخ تسليم محضر إرساء المزاد؟، أم من تاريخ تسجيله لدى المحافظة العقارية وفق ما ينص عليه الفصل 212 من ظهير 2 يونيو 1915؟، الأجوبة قد تختلف على أساس أن جل القوانين المنظمة لم تحدد بشكل تلقائي وصريح حدود هذا المقتضى، فالفصل 211 من ظهير 2 يونيو 2015 حاول حصر آثار تسجيل محضر إرساء المزاد فقط على تطهير العقار من الرهون والامتيازات دون الإشارة إلى نقل الملكية، خلافا لما أكدته المادة 220 من ق 08-39 المتعلق بالحقوق العينية[42]، التي تفيد أن انتقال الملكية لا تتحقق إلا بتسجيل الراسي عليه المزاد المحضر بالمحافظة العقارية، علاوة على أن مثل هذه البيوعات تجبر المحافظ بالتشطيب على جميع الرهون والتقييدات المسجلة بالرسم العقاري عدا المتعلقة بالتقييد الاحتياطي، وفي إطار سلسلة الإجتهادات القضائية الصادرة عن محاكم المملكة نسود اجتهادا على سبيل الإستئناس، تأكيدا لما سبقت الإشارة إليه حول أحقية تشطيب المحافظ على الأملاك العقارية على جميع الإمتيازات والرهون عدا التقييد الاحتياطي وفق ما نص عليه الفصل 211 من ظهير 2 يونيو 1915، حيث جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 810-11-2 وتاريخ 10-03-2005 مايلي:
في الشكل: بقبول....
في الوضوع:باعتباره وإلغاء الأمر المستأنف والحكم من جديد بعد التصدي برفض الطلب وتحميل المتأنفة الصائر.
هذا القرار الذي عالج المقال الإستئنافي الذي تقدم به السيد المحافظ على الأملاك العقارية جراء توصله بأمر استعجالي عدد 710-04 وتاريخ 29-09-04 في الملف رقم 610-04 :"...التشطيب على التقييد الإحتياطي المسجل بالرسم العقاري عدد..."
فإمكانية التشطيب على التقييد الإحتياطي لها مبرراتها ومساطرها ولا تدخل في عداد الامتيازات والرهون المقيدة بالرسم العقاري لهذه الأخيرة التي يتم التشطيب عليها في إطار البيوعات الجبرية التي تشرف عليها المحاكم، فقد جاء في إحدى حيثيات القرار المذكور ما يلي:"وحيث إن الفصل 211 من ظهير 2/6/1915 جعل التطهير ينصب على الامتيازات والرهون أي الحقوق الشخصية ولايطال التقييدات الاحتياطية المسجلة بناء على دعاوى متعلقة بالعقار المبيع والتي قد تنتج حقوقا لأصحاب التقييد الاحتياطي على هذا العقار ذلك أن التقييد الإحتياطي هو ضمان لحق عيني عقاري بناء على دعوى عقارية ولا يتأتى رفعه إلا بعد معرفة مآل الدعوى".
إذن كخلاصة للإجراءات المتعلقة بقبول عرض المتزايد واستحقاقه للعقار موضوع البيع وإيداع الثمن الذي رسا عليه المزاد إضافة إلى نسبة 3% من مبلغ البيع مقابل الضريبة والمصاريف القضائية، طبعا بعد موافقة قاضي التنفيذ، فإن المشتري تنتهي مهمته، وتقوم الأجهزة المكلفة بتوزيع منتوج البيع على الدائن (طالب التنفيذ) و المتعرضين إن وجدوا (الدائنين)، على أساس أنه في حالة عدم كفاية المبلغ فإن المسطرة تخضع إلى التوزيع بالمحاصة، وخلال هذه المرحلة يحتكم القاضي إلى جملة من الفصول والمواد القانونية تساعده على توزيع المبالغ وفق صاحب الحق بالامتياز.
خاتمة
يتضح جليا من خلال ما تم عرضه على مستوى جميع المراحل أن هناك اهتمام من قبل المشرع المغربي لمثل هذه الإجراءات والمساطر المتبعة، حيث نجد سند ذلك من خلال الترسانة القانونية والمتمثلة في قانون المسطرة المدنية، قانون التحفيظ العقاري، ثم قانون الحقوق العينية،...الخ، وفي معرض حديثنا عن تلك الإجراءات نلاحظ أن كثرتها أدت إلى مزيد من التعقيد والبطء، - تجب الإشارة إلى أنه من الصعب الحديث عن كل المراحل بتفصيل الشيء الذي سعيت من ورائه تحديد أهم المحاور فتجاوزي للبعض منها ليس نقصانا من قيمتها بقدر تأكيدي على غاية المشرع من سن كل هذه الإجراءات -، مادام أن العقار له أهمية قصوى في المجال الاقتصادي لأي بلد وبالتالي تستوجب حماية مالكيه من تعسف أو سوء تصرف من أي جهة كانت، لكن مع العلم أن الحماية القانونية المقننة من طرف المشرع جاءت مستفيضة في فصولها وموادها وماطرة لكل المراحل، إلا أنه قد تتخللها إشكاليات عدة سواء على المستوى القانوني المذكور أو على المستوى الواقعي الملموس، الشيء الذي يستدعي تضافر الجهود وخلق تعديلات ربما تبتدئ في شكل توصيات لتحقق الهدف المنشود، هذا ما أكدته فعلا معظم الندوات المحلية، الجهوية والوطنية التي أعدت في إطار اجتماع هيئة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة والتي أرى من وجهة شخصية أنها اعتمدت على جوانب نظرية وأخرى تقنية ليس انطلاقا من المشاركة الفعالة للأجهزة المباشرة لمثل هذه المساطر بل مجرد إحصائيات ودراسات عامة .
إذن كاستنتاج لهذا النموذج من المساطر التي تعتزم المحاكم من ورائه تحقيق النتائج المرجوة والتي تسعى إليها الوزارة الوصية، لابد من وضع إطار قانوني خاص أكثر دقة يعتمد على محورين أساسيين:
- الأول: إبراز دور الأجهزة المساهمة في جميع المراحل التي تشهدها عملية الحجز والبيع الجبري للعقارات المحفظة.
- الثاني: وضع إطار أكثر شمولية يتضمن الإحاطة بمجموع الثغرات التي تعتري تلك المساطر على المستوى القانوني.
والله ولي التوفيق