مقدمة
من الطبيغي جدا أن تعاني المقاولة من عدة صعوبات تختلف حسب طريقة تسير كل مقاولة و عليه فان التسيير السئ قد یؤدي بالمقاولة الى الوقوع في عدة اختلالات و آن صح القول صعوبات مختلفة من شأنها أن تخل من استغلالية المقاولة وبالتالي تأدي الى مجموعة من الامور داخل المجتمع لما للمقاولة من أهمية في اقتصاد كل الدول وعليه فان الصعوبات التي قد تتعرض لها المقاولة هي مالية وتكون في غالب او اجتماعية او قانونية.
يمكن التمييز بين مرحلتين: - قبل الحماية: في هاته الفترة كانت قواعد الشريعة الإسلامية هي السائدة، وقد تناولت الشريعة والفقه الإسلاميين نظام الفلس والتفليس، وعالجاه بالحكمة والرأفة والتنظيم الدقيق والحزم والصرامة القائمة على التمييز بين الغني والفقير، ، قال تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى مسيرة" سورة البقرة الآية 280. - في عهد الحماية: لقد تم وضع مقتضيات خاصة بالإفلاس بمقتضى ظهير 12 غشت 1913 "الإفلاس والتفالس والتصفية القضائية ورد الاعتبار"، مقتبسة من القانون الفرنسي في هذا المجال و تم إلغاؤه بنظام صعوبات المقاولة الذي جاء نتيجة للتغييرات والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب.
أهمية نظام صعوبة المقاولة:
لقد أحدث هذا النظام الجديد تغييرا جوهريا وجذريا على الطبيعة التقليدية لنظام الإفلاس واهدافه، بحيث لم تعد وظيفة القضاء تقتصر على البث في المنازعات وإصدار الأحكام، والرقابة على تنفيذها، بل أصبح يعمل على البحث عن إيجاد حلول للمقاولة المتعثرة ويتدخل في مساطر الوقاية والمعالجة لإنقاذها أو لتصفيتها عند الضرورة.. وتبدو أهمية الموضوع في تجنب الفشل الذي على حنكة وتجربة القضاة وخبرة وكفاءة الخبراء، وتعاون المقاولين وتفهم الدائنين، تفاهم وتعاون ينبغي أن يجري في جو من النزاهة والشفافية والمصداقية.
القسم الأول: مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة
ويتعين على المقاولة ، أن تقوم بنفسها عن طريق الوقاية الداخلية من الصعوبات بتصحيح ما من شأنه أن يخل باستمرارية استغلالها وإلا تم ذلك عن طريق الوقاية الخارجية بتدخل من رئيس المحكمة التجارية.
الفصل الأول: مسطرة الوقاية الداخلية
* تسمى هذه المسطرة بالوقاية الداخلية لكونها تجري داخليا بين مختلف أجهزة المقاولة من مراقب أو مراقبي الحسابات والشركاء ورئيس المقاولة أو مجلس الإدارة ومجلس المراقبة والجمعية العامة . وتهدف هذه المسطرة إلى فتح حوار ونقاش من داخل المقاولة بين هذه الأجهزة حول مختلف الصعوبات والوقائع التي تم اكتشافها والتي من شأنها الإخلال باستمرارية استغلال المقاولة وتبادل الآراء حولها، والبحث عن حلول لتسوية وضعية المقاولة وإعادة التوازن الاقتصادي أو المالي أو الاجتماعي إلى وضعه الطبيعي. وتعد هذه المسطرة داخلية وسرية تجري بين أجهزة الإدارة فحسب بعيدة عن أعين الدائنين والقضاء.
المبحث الأول: المقاولات الخاضعة لمسطرة الوقاية الداخلية
يقتصر تطبيق مسطرة الوقاية الداخلية على المقاولات التي تتخذ شكل شركة تجارية أو حرفية فقط دون غيرها باستثناء شركة المحاصة التي لا تخضع للوقاية الداخلية حتى ولو كانت شركة تجارية أي حتى لو كان غرضها تجاريا وذلك لعدم تمتعها بالشخصية الاعتبارية.
* وترجع أسس إخضاع الشركات التجارية وحدها لمساطر الوقاية الداخلية إلى كون أجهزة ممارسة الوقاية الداخلية لا يتصور وجودها إلا في الشركات التجارية كمراقب الحسابات، والشركاء، ومجلس الإدارة، ومجلس الرقابة، والجمعية العامة العادية أو الاستثنائية، الأمر الذي يؤدي إلى إبعاد الشركات المدنية أو غير التجارية .
المبحث الثاني: أجهزة تحريك مسطرة الوقاية الداخلية :
إن هيئة الوقاية الداخلية طبقا لما نصت عليه المادة 546 م ت تتمثل في مراقب الحسابات إن وجد والشركاء في الشركة فرادي أو جماعات.
المطلب الأول: مراقب الحسابات:
أن الوقاية الداخلية قد تعززتفعاليتها بإسنادها إلى مراقب الحسابات الذي يعد تعيينه إجباريا في شركات المساهمة وفي شركات التوصية بالأسهم وكذلك الشأن بالنسبة للمجموعة ذات النفع الاقتصادي. ويشترط لقيام مراقب الحسابات بوظيفته أو مهمته على أكمل وجه أن تتوفر فيه عناصر الكفاءة والحياد والاستقلال.
1- الكفاءة :
لا يزاول مهام مراقب الحسابات إلا من طرف المقيدين في جدول هيئة جزاء المحاسبين الذين تتوفر فيهم مبدئيا ضمانات الكفاءة والخبرة، التي توفرها شروط التعيين في هذا الجدول. *
<><>
2- الحياد:
ضمانا لحياد مراقبي الحسابات في جميع أنواع الشركات وضمانا للنزاهة والاستقامة نص المشرع على مجموعة من حالات التنافي التي منع فيها مراقبي الحسابات من مزاولة مهامهم في إحدى الشركات وهكذا لا يمكن تعيين الأشخاص الآتي ذكرهم مراقبي حسابات : / المؤسسون وأصحاب الحصص العينية والمستفيدون من امتیازات خاصة، والمتصرفون، وأعضاء مجلس الرقابة أو مجلس الإدارة الجماعية في الشركة، ، وكذا المجموعات ذات النفع الاقتصادي. وأزوجهم وأقاربهم وأصهارهم. والمتقاضون أجرا كيفما كان نوعه من الأشخاص المشار إليهم أعلاه، أو من الشركة أو من الشركات التابعة أو من المجموعة بالنظر لممارستهم وظائف قد تمت باستقلاليتهم.
3- الاستقلال: لا يمكن لمراقب الحسابات أن يمارس وظيفته كاملة وبفاعلية تامة، إلا إذا كان مستقلا عن أجهزة الإدارة أي أن يكون المراقب مستقلا عن المراقب، لذلك أوجد المشرع عدة ضمانات تسهل لهم ممارسة أعمالهم باستقلال وفي مأمن من تعسف المسيرين. المطلب الثاني: الشركاء: يمكن للشركاء في جميع الشركات التجارية والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التجارية، ما عدا في شركة المحاصة والشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد أو يمارسوا الوقاية الداخلية فرادى أو جماعة .
المبحث الثالث: سير مسطرة الوقاية الداخلية :
تتجلى مسطرة الوقاية الداخلية في 3 مراحل:مرحلة اكتشاف الوقائع التي من شأنها الإخلال باستمرار الاستغلال وتبليغها إلى رئيس المقاولة للقيام بالتصحيح ، ومرحلة دعوة الجمعية العامة المقبلة للانعقاد لفشل المرحلة السابقة ثم أخيرا مرحلة إعداد تقرير من طرف مراقب الحسابات أو رئيس المقاولة يخبران بمقتضاه رئيس المحكمة التجارية بمصير المراحل السابقة التي باءت بالفشل.
المطلب الأول: اكتشاف وقائع من شأنها الإخلال باستمرار الاستغلال أو نشاط المقاولة
يقوم تحريك المرحلة الأولى من الوقاية الداخلية مراقب أو مراقبي الحسابات أو من أي شريك أو مجموعة من الشركاء في الشركة إلى رئيس المقاولة بعد اكتشاف وقائع من شأنها الإخلال باستمرارية الاستغلال، داخل ثمانية أيام من اكتشافها برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل يدعون فيها إلى تصحيح ذلك الإخلال ، والمشرع كان حريصا على تحريك وتسريع المسطرة في وقت ملائم نسبيا، لتفادي تدهور وضعية الشركة، و الحؤول دون الانتقال إلى الوقاية الخارجية أو إلى المعالجة.
لذلك فإن المسؤولية تقع على مراقب الحسابات بالدرجة الأولى ، الذي ينبغي له أن يتسلح بالدقة واليقظة والحذر قبل تحريك مسطرة الوقاية، أي يجب أن يحركها في وقتها لا في وقت متأخر ولا قبل الأوان. و هذا وتبقى مهمة الشريك شكلية وشرفية ونظرية أكثر منها عملية خاصة أن الأغلبية الساحقة في المقاولات والشركات عائلية يهيمن عليها المسيرون المالكون لأغلبية رأس المال، وتجعل باقي المساهمين أو الشركاء مجرد تابعين في أغلب .* وعلى العموم، يجب على مراقب الحسابات إن وجد و على أي شريك، أن يبين بتفصيل نوع الوقائع التي تهدد استمرار الاستغلال أو نشاط المقاولة وطبيعة هذه الوقائع سواء كانت اقتصادية، مالية، اجتماعية، أو محاسبية، ومظاهر الاختلال مع الشروح الضرورية وبيان الأخطار المحتملة ، واقتراح الحلول المناسبة والضرورية للتصحيح.
- وبعدها يدعو رئيس المقاولة برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل إلى العمل على تصحيح هذا الإخلال، ويجب على رئيس المقاولة أن يأخذ هذا الإنذار بجدية والعمل على تصحيح وضعية المقاولة وإلا فشلت هذه المرحلة من الوقاية الداخلية فننتقل إلى المرحلة الثانية.
المطلب الثاني: دعوة الجمعية العامة المقبلة إلى الانعقاد :
رئيس المقاولة يتولى دعوة الجمعية العامة المقبلة إلى الانعقاد الدراسة الوقائع المكتشفة وإيجاد الحلول الملائمة لتصحيحها، و تتداول الجمعية بعد سماعها لتقرير المراقب الحسابات او من ينوب عنه كالشريك. * كما أنه ينبغي أن تنعقد الجمعية العامة المقبلة في أقرب أجل العمل على إيجاد الحلول لتصحيح الوقائع في أقرب وقت ممكن. وتعمل الجمعية العامة المقبلة سواء كانت عادية أو غير عادية على بحث تقرير مراقب الحسابات ، وتناقش هذا التقرير بحضور مراقب الحسابات دون أن يتدخل أو يشارك في اتخاذ القرارات، على عكس المساهمين والشركاء
* وقد تنجح هذه المرحلة فيتعين على رئيس المقاولة اتباع الاقتراحات والحلول التي تم التوصل إليها في هذه المرحلة من أجل تصحيح وضعية المقاولة، وإما إن تفشل هذه المرحلة خاصة إذا لم تنعقد الجمعية العامة بالمرة، أو عدم نجاعة القرارات التي اتخذتها أي أن رئيس المقاولة أو مراقب الحسابات أو الشريك يرى أن استمرار النشاط أو الاستغلال لا زال مختلا بالرغم من هذه القرارات (م 547 مت) المطلب الثالث: إعلام رئيس المحكمة.
بعد فشل المرحلة السابقة فإنه يتم فتح الباب أمام الوقاية الخارجية وذلك عن طريق إخبار رئيس المحكمة التجارية من طرف مراقب الحسابات أو رئيس المقاولة طبقا لما نصت عليه المادة 547 م ت عن طريق تقرير يتضمن مختلف القرارات المتخذة في المراحل السابقة والنتائج التي تم التوصل إليها والأسباب الداعية إلى عدم الاطمئنان إليها لضمان استمرار الاستغلال أو النشاط * والملاحظ في هذه المرحلة هو تغييب دور الشريك في هذه المرحلة مع الإبقاء على مراقب الحسابات ورئيس المقاولة، هذا الأخير الذي يبقى دوره هنا محل جدال ونقاش خاصة مع عدم تمتعه بالحياد والاستقلال التي يتمتع به مراقب الحسابات، وما يمكن أن يثيره تقرير رئيس المقاولة من إشكاليات في حالة تعارضه مع استنتاجات مراقب الحسابات و عموما تعتبر هذه المرحلة بداية لمسطرة الوقاية الخارجية.
الفصل الثاني: الوقاية الخارجية والتسوية الودية
إضغط على التالي للتتمة القراءة
<><>
يطلق على هذه المرحلة بالوقاية الخارجية لأن الأطراف الفاعلة التي تحركها لا تنتمي إلى الأجهزة الداخلية للمقاولة ، وتهدف إلى فتح حوار أو نقاش سري كذلك يجري بين رئيس المقاولة ورئيس المحكمة حول الصعوبات المخلة باستمرار الاستغلال أو النشاط، والبحث عن الحلول وتقديم الاقتراحات الناجعة تفاديا للتوقف عن سداد الديون المستحقة عند حلول أجلها، وما تدخل القضاء في شخص رئيس المحكمة أو تدخل الدائنين لتحقيق التسوية الودية إلا بهدف تصحيح المقاولة أو توفير التمويل الملائم المشاريعها الجديدة.
الفرع الأول: الوقاية الخارجية:
تعتبر مسطرة الوقاية الخارجية مسطرة اختيارية فهي تخضع السلطة التقديرية لرئيس المحكمة التجارية، بمعنى يملك حقا کاملا في تحريكها أو عدم تحريكها، فقد تبينله ان هذه الصعوبات ثانوية مؤقتة و ستزول ولا تعوق استمرارية الاستغلال او النشاط ، و اما يرى أن هذه الصعوبات جدية من شانها الاخلال باستمرارية الاستغلال فيكون من الواجب عليه استدعاء رئيس المقاولة لبدء مسطرة الوقاية الخارجية أو التسوية الودية، وإما يرى أن المقاولة في حالة توقف عن سداد ديونها المستحقة عن حلول أجلها، الأمر الذي يجعلها خاضعة لمساطر المعالجة
المبحث الأول: المقاولات الخاضعة لمساطر الوقاية الخارجية :
حسب مقتضيات المادة 548 من مدونة التجارة فإن الوقاية الخارجية تطبق على كل شركة تجارية أو مقاولة فردية تجارية أو حرفية وكل مقاولة جماعية تجارية أو حرفية مملوكة على الشياع، تواجه صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية استغلالها أو نشاطها.
*. ويظهر من خلال هذه المادة أن نطاق تطبيق الوقاية الخارجية أوسع من ناطق تطبيق الوقاية الداخلية التي تقتصر في تطبيقها على المقاولات التي تتخذ شكل شركة فقط، حيث تشمل بالإضافة إلى الشركة جميع المقاولات الفردية والجماعية التجارية والحرفية وتجري مسطرة الوقاية الخارجية أيضا على شركة المحاصة ، كما تجري أيضا على المجموعات ذات النفع الاقتصادي التجارية.
المبحث الثاني: سير مسطرة الوقاية الخارجية :
- يختص رئيس المحكمة بإثارة وتحريك المسطرة. - وذلك من تلقاء نفسه متى تبين له أن المقاولة تواجه صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية استغلالها . وتبدا مسطرة باستدعاء رئيس المقاولة من طرف رئيس المحكمة التجارية للنظر في الإجراءات لبتصحيح الوضعية - و في حالة عدم حضور الرئيس المحكمة التجارية أن يحيل الملف على المحكمة أو على النيابة العامة لبحث إمكانية فتح مسطرة المعالجة ضد رئيس المقاولة،
اما في حضور رئيس المقاولة تبدأ نقاشات حول الصعوبات التي تم اكتشافها . . فإذا تبين لرئيس المحكمة أن صعوبات قابلة للإنقاذ يكون بمقدوره تعيين الوكيل ك (خبير حيسوبي، محامي، رجل أعمال...) الذي يساعدة المقاول على إنقاذ المقاولة وتصحيح وضعيتها و التفاوض مع العمال لحل نزاعات الشغل، أو إيقاف إضرابات مستمرة، أو الاتصال بالمؤسسات البنكية أو المقرضة أو الممولين قصد تخفیف اعتراضاتهم، في مدة محددة زمنيا، ويمكن تجديدها بقرار من رئيس المحكمة بناء على طلب الوكيل الخاص أو رئيس المقاولة.. وتعتبر مهمة الوكيل الخاص وكالة | قضائية وليست اتفاقية لأن رئيس المحكمة هو الذب يتولى تعيينه ويحدد مهمته ويحدد أجرته * ونخلص إلى أن مسطرة الوقاية الخارجية كمسطرة الوقاية الداخلية قد تنجح وقد تفشل ويحالف المسطرة النجاح إن تم إنقاذ المقاولة وتصحيح وضعيتها، وتفشل المسطرة إن بقيت المقاولة التجارية متعثرة تعاني من الصعوبات بالرغم من الجهود المبذولة ويكون رئيس المقاولة أو المقاول نتيجة لهذا الفشل أمام خيارين: خيار إجراء التسوية الودية إن لم تكن المقاولة في وضعية التوقف عن الدفع، أو خيار فتح مسطرة المعالجة إن كانت المقاولة متوقفة عن الدفع.
الفرع الثاني: التسوية الودية :
تعتبر من مساطر الوقاية من الصعوبات وهي مسطرة تعاقدية أو اتفاق ودي لا يخضع للإجراءات الشكلية المعقدة التي كانت تهيمن على نظام الصلح القضائي في الإفلاس.
المبحث الأول: الشروط الموضوعية :
تتجلى في شروط شخصية أي توفر صفة التاجر، وشروط مادية تتجلى في المعاناة من الصعوبات أو الحاجة إلى التمويل، وعدم التوقف عن الدفع.
المطلب الأول: اكتساب الصفة التجارية :
يشترط لتطبيق مسطرة التسوية الودية أن تكون المقاولة تجارية، سواء كانت مقاولة فردية أو جماعية اتخذت شكل شركة تجارية أو المجموعات ذات النفع الاقتصادي التجارية سواء كانت مقاولة وطنية أو أجنبية موجودة بالمغرب
المطلب الثاني: وجود صعوبات بالمقاولة:
أي إذا كانت المقاولة التي يسيرها تعاني من صعوبات قانونية أو اقتصادية أو مالية أو اجتماعية من شأنها إحداث ارتباك ومشاكل تعيق استمرارية نشاط المقاولة، هذه الصعوبات تفرض القيام بمفاوضات بين المقاول والدائنين قصد إيجاد حلول لتسوية وضعية المقاولة.
المطلب الثالث: الحاجة إلى التمويل:
لقد فتح المشرع باب التسوية أمام المقاولة التجارية التي تكون في حاجة ماسة إلى الأموال لتمويل مشاريع مستقبلية لتوسيع أنشطتها ، فيتم اللجوء إلى فتح إجراء التسوية الودية بين المقاولة والدائنين قصد الوصول إلى اتفاق ودي يهدف إلى تأجيل تاريخ استحقاق الديون أو التخفيض منها أو الاثنين معا لإتاحة الفرصة أمام المقاولة للحصول على تمويل جديد لتصحيح وضعيتها الصعبة.
المطلب الرابع: عدم التوقف عن دفع الديون:
- لتطبيق مسطرة التسوية الودية يجب أن تكون المقاولة غير متوقفة عن دفع ديونها المستحقة عند حلول آجالها، وذلك استنادا إلى م 550 م ت التي جاء فيها "من دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع". - لأن التوقف عن الدفع يؤدي حتما إلى تطبيق مساطر المعالجة لا مساطر الوقاية، لذلك إذا ما تم إبرام اتفاق التسوية الودية بعد توقف المقاولة عن دفع ديونها وقبل الحكم عليها فتح مسطرة المعالجة ، فإن للمحكمة أن تبطل هذا الاتفاق على أساس وقوعه داخل فترة الريبة .
المبحث الثاني: الشروط الشكلية :
المطلب الأول: طلب فتح إجراء التسوية الودية :
يرجع حق طلب فتح إجراء التسوية الودية إلى رئيس المقاولة الذي يعود لها وحده دون سواه القيام بهذا الإجراء، إذ يملك وحده حرية اختيار المسطرة ووقتها وظروف وأسباب طلبها، ويتم ذلك عبر تقديمه لطلب مكتوب يتضمن الوضعية المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة ومدى حاجاته لتمويل طبقا لما نصت عليه المادة 550 مت، وذلك حتى يتأتي لرئيس المحكمة الإطلاع على وضعية المقاولة والتأكد من جدية الطلب ويتم توجيه هذا الطلب بالطرق العادية أو تسليمها يدويا بواسطة رئيس المقاولة شخصيا أو محام ينوب عنه .
المطلب الثاني: المحكمة المختصة :
*وبعد توصل رئيس المحكمة بطلب فتح مسطرة التسوية الودية، يقوم باستدعاء رئيس المقاولة أو مسيرها إن اتخذت شكل شركة عن طريق كاتب الضبط قصد تلقي الشروحات والاستفسارات عن وضعية المقاولة والاقتراحات التي يمكن اتخاذها أو الإجراءات اللازمة لتصحيحها وإنقاذها من الصعوبات .
ويمكن لرئيس المحكمة بعد هذا الاجتماع البحث والإطلاع على كل المعلومات التي من شأنها إعطاؤه صورة حقيقية عن وضعية المقاولة ، كما يمكنه أن يقوم بتعيين خبير لإعداد تقرير حول وضعية المقاولة، ضضفإذا ما تبين لرئيس المحكمة جدية الطلب، قام بفتح إجراء التسوية الودية و عين شخصا يسمى " المصالح " توكل إليه مهمة التقريب والتفاوض بين المقاول أو رئيس المقاولة وبين الدائنين الإنقاذ المقاولة من الصعوبات التي تعترضها أو التي في حاجة إلى التمويل قصد توسيع مشاريعها وأنشطتها.
المبحث الثالث: فتح مسطرة التسوية الودية :
المطلب الأول: تعيين المصالح وتحديد مهامه
الفقرة الأولى: تعيين المصالح
إضغط على التالي للتتمة القراءة
<><>
يقوم رئيس المحكمة التجارية بتعيين " المصالح " الذي ينبغي أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط للقيام بمهمته بحيث يجب أن يكون ذا خبرة وتأهيل ونزاهة، وقادرا على التفاوض والإقناع وإدارة النقاش، وتحليل المعلومات حتى يتسنى له تحقيق الاتفاق بين المقاول ودائنيه، وتبقى السلطة التقديرية لرئيس المحكمة لاختيار الشخص المناسب للقيام بهذه المهمة، حيث يمكن أن يكون أحد الخبراء المحاسبين، أو المستشارين القانونيين، أو من بين القضاة، أو أحد المحامين، أومن بين العمال أو أي شخص آخر يلتمس فيه القدرة على تحقيق الغرض من مهامه أي إنقاذ المقاولة.
الفقرة الثانية: مهمة المصالح
بعد تعيين المصالح يبدأ في ممارسة مهامه والتي تهدف إلى إبرام اتفاق ودي بين رئيس المقاولة المدين ودائنيه ، حيث يقوم بالتفاوض معهم حول الاقتراحات التي تقدم بها رئيس المقاولة حول قبول الآجال الجديدة أو التخفيض من قيمة الديون أو هما معا، ولقيام المصالح بمهمته يمكنه الحصول على المعلومات التي تساعده على ذلك من رئيس المحكمة التجارية طبقا لما نص عليه المشرع، كما خول له أيضا تقديم طلب إلى رئيس المحكمة من أجل الوقف المؤقت للإجراءات الذي من شأنه أن يسهل عملية اتفاق التسوية الودية ويبقي لرئيس المحكمة السلطة التقديرية في قبول أو رفض هذا الطلب .
أولا: طلب الوقف المؤقت للإجراءات
بعد تقديم المصالح طلب الوقف المؤقت للإجراءات إلى رئيس المحكمة وبعد الاستماع إلى آراء الدائنين، وإذا ما تم قبول هذا الطلب فإن رئيس المحكمة يقوم بإصدار أمرا يحدد فيه الوقف المؤقت للإجراءات داخل مدة لا تتجاوز مدة قيام المصالح بمهمته، التي حدد في 3 أشهر، يمكن تمديدها لشهر واحد بطلب من المصالح (م 553 و 555 ) أي أن مدة الوقف المؤقت للإجراءات لا يمكن أن تزيد عن 3 أو 4 أشهر حسب الأحوال.
* ويعني الأمر بالوقف المؤقت للإجراءات توقيف الدعاوى التي سبق رفعها، وإجراءات التنفيذ التي سبق أن شرع في إنجازها، ويمنع أيضا رفع أو إقامة الدعاوى الجديدة أو البدء في مباشرة إجراءات التنفيذ الجديدة . * ويسري الأمر بالوقف المؤقت للإجراءات تجاه جميع الدائنين خلال أجله، سواء كانوا دائنين رئيسيين أو غير رئيسيين، ومهما كانت طبيعة ديونهم سوء كانت عادية أو ممتازة أو مثقلة برهون.
* ولا يقبل هذا الأمر أي وجه من أوجه الطعن، ويترتب عن الأمر الصادر بالوقف المؤقت للإجراءات العديد من الآثار منها ما يتعلق بالدائنين ومنها ما يتعلق بالمدين. ثانيا : اثار طلب الوقف المؤقت للإجراءات : بالنسبة للدائنين:
أ- يوقف الأمر المؤقت للإجراءات كل دعوى قضائية يقيمها سائر الدائنين ذوي دین سابق للأمر والذي تكون غايتها إما: الحكم على المدين بسداد مبلغ مالي او فسخ لعدم سداد مبلغ مالي.
ب - يوقف الأمر أو يمنع كل إجراءات التنفيذ التي يقوم بها الدائنون بشأن المنقولات أو العقارات.
ج- تتوقف جميع الآجال المحددة كاجال أقامة محاضر الاحتجاج وغيرها. بالنسبة للمدين:
منع المشرع في المادة 555 م.ت المدين من القيام ببعض التصرفات ما لم يحصل على ترخيص من رئيس المحكمة التجارية تحت طائلة الإبطال وهي التالية:
-1 السداد الكلي أو الجزئي لأي دين سابق لهذا الأمر
-2 الأداء للضامنين الذين أدوا الديون الناشئة سابقا
-3 القيام بتصرفات خارجة عن التسيير العادي للمقاولة
-4 منع رهن رسمي أو حيازي سواء كان ناقلا للملكية أو غير ناقل للملكية ولقد أعفى المشرع العمال والمستخدمين وقدم لهم حماية خاصة، إذ أعفي ديونهم صراحة من هذه القيود التي يفرضها نظام الحظر أو المنع على المدين.
المبحث الرابع: آثار التسوية الودية :
تختلف آثار التسوية الودية باختلاف أطرافه والغير، وباختلاف ما إذا كان الدائن موقعا أو غير موقع عليها.
المطلب الأول: آثار اتفاق التسوية الودية تجاه المقاول المدين
يعد تنفيذ اتفاق التسوية الودية من أهم الالتزامات التي تنشأ في ذمة المدين، باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين (م 230 ق ل ع) فبمقتضاه يجب على المقاول المدين احترام الآجال الجديدة للآجال، وإنجاز برامج التسوية المتفق عليها، وإجراء التصحيح الضروري لإنقاذ المقاولة تحت طائلة فسخ اتفاق التسوية الودية سقوط أجال الأداء الجديدة (م 588 م ت)
المطلب الثاني: آثار اتفاق التسوية الودية تجاه الدائنين :
يترتب عن اتفاق التسوية الودية آثار هامة تجاه الدائنين الموقعين على الاتفاق أما الدائنين غير الموقعين فلا تشملهم هذه الآثار سواء كانوا رئيسين أو غير رئيسيين وتتجلى في:
-1 إيقاف كل دعوى قضائية وكل إجراء فردي، سواء تعلق بمنقولات المدين أو عقاراته .
-2 حلول الآجال الجديدة المتفق عليها محل الآجال القديمة التي تعطلت آثارها نتيجة الاتفاق.
المطلب الثالث: آثار اتفاق التسوية الودية تجاه الغير :
يقصد بالغير هنا الدائنون غير الموقعين على اتفاق التسوية الودية، لكون ديونهم لم تكن موضوع الاتفاق (م 558 م ت) لكونهم رفضوا الانضمام إليه، أو لم تتم دعوتهم للانضمام إليه، فيكون من حقهم المطالبة بديونهم في آجالها المحددة سلفا، ويمارسون سائر الدعاوى وإجراءات التنفيذ، فإن توقف المقاول المدين عن سداد ديونهم المستحقة عند الحلول، جاز لهم المطالبة بفتح مسطرة المعالجة ضده (م 560 و 563 م ت).
المبحث الخامس: إنهاء اتفاق التسوية الودية
المطلب الأول: نهاية مهمة المصالح
تنتهي مهمة المصالح إما بالفشل وبالتالي عدم التوصل إلى إبرام الاتفاق، وإما بالنجاح وإبرام الاتفاق بين المقاول المدين وجميع الدائنين أو بعضهم خاصة الدائنين الرئيسيين الذين يكون هدفهم هو بقاء واستمرارية المقاولة.
* وفي حالة الاتفاق يقوم المصالح بتدوین بنود ومقتضيات اتفاق التسوية الودية في محرر يوقعه جميع الدائنين الذين وافقوا عليه ويوقعه المصالح الذي تنتهي مهمته بالتوقيع على اتفاق التسوية الودية ورفعه تقريرا بذلك إلى رئيس المحكمة التجارية يطلعه فيه على سير المسطرة ومحتوى الاتفاق، هذا التقرير لازما سواء في حالة نجاح التسوية الودية أو فشلها.
المطلب الثاني: فسخ اتفاق التسوية الودية
يعتبر عدم تنفيذ الالتزامات الناشئة عن اتفاق التسوية الودية من طرف رئيس المقاولة المدين، أو مسيرها، إخلالا ومسا خطيرا بالاتفاق، مما يؤدي إلى فسخه وسقوط كل آجال الأداء الممنوحة بمقتضاه تطبيقا لما نصت عليه المادة 558 م ت. إذا كان الفسخ مرتبطا بعدم تنفيذ المقاول المدين لالتزامه المتمثل في أداء الديون الناجمة عن إبرام اتفاق التسوية الودية وعجزه عن سدادها عند حلولها فيتم فتح مسطرة من مساطر المعالجة وبالتالي نقل المقاولة من مساطر الوقاية إلى مساطر المعالجة التي قد تكون إما مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية (م 560 م ت).
القسم الثاني
مساطر معالجة صعوبات المقاولة
بعد فشل مساطر الوقاية في المرحلة الأولى، وتفاقم المشاكل والصعوبات التي تؤدي إلى توقف المقاولة وعجزها عن أداء الديون المستحقة لا يبقى أمام المقاولة إلا تطبيق مساطر المعالجة التي تؤدي إما إلى إنقاذ المقاولة عن طريق مسطرة التصفية القضائية وإما إلى الإعلان عن نهايتها وموتها عن طريق مسطرة التصفية القضائية.
الفصل الأول: شروط فتح مساطر المعالجة المبحث الأول: الشروط الموضوعية : تنص المادتان 560 و 568 م ت على الشروط اللازمة لفتح مساطر المعالجة والتي تتمثل في الصفة التجارية والتوقف عن دفع الديون المستحقة.
المطلب الأول: الصفة التجارية :
*تنص المادة 560 من م ت على أنه: " تطبق مساطر صعوبات المقاولة على كل تاجر وكل حرفي وكل شركة تجارية ليس بمقدورهم سداد الديون المستحقة عليهم " * لتطبيق مساطر المعالجة يجب أن تكون المقاولة تجارية سواء كانت مقاولة فردية أو جماعية مملوكة على الشياع أو اتخذت شكل شركة أو مجموعة ذات نفع اقتصادي، أما غير التجار من فلاحين أو أصحاب المهن الحرة كالمحاماة والطب وغيرها، والشركات المدنية ومجموعات النفع الاقتصادي المدنية وشركات المحاصة ذات غرض مدني فلا تخضع لهده المساطر بل تخضع لنظام الإعسار وفق القانون المدني.
الفقرة الأولى: بالنسبة للمقاولة الفردية التجارية :
يشترط لاكتساب الشخص الطبيعي صفة التاجر ثلاث شروط: الأهلية، والممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التجارية ثم الاستقلال وعدم التبعية
-1 الأهلية: يجب أن يكون الشخص الطبيعي متمتعا بالأهلية القانونية لكي يكتسب صفة التاجر، وتخضع الأهلية لقواعد مدونة الأسرة (م 209) أي بلوغ سن الرشد القانوني الذي هو 18 سنة شمسية كاملة وخلوه من أي عارض من عوارض الأهلية.
كما يمكن للقاصر أن يكتسب صفة التاجر متى توفرت فيه الشروط المحددة في مدونة الأسرة والتي تختلف بحسب ما إذا كان القاصر مرشدا حيث يعتبر كامل الأهلية ، والقاصر المأذون له الذي يعتبر كامل الأهلية فقط فيما أذن له كما تطبق مساطر المعالجة على الأشخاص الذين يحرم عليهم القيام بالأنشطة التجارية سواء تعلق الأمر بالحظر أو المنع .
-2 الممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التجارية: الشخص الطبيعي أو المعنوي يكتسب صفة التاجر متى مارس هذه الأنشطة على وجه الاعتياد أو الاحتراف.
-3 الاستقلال وعدم التبعية: الاكتساب صفة التاجر يجب أن يمارس الشخص الأنشطة التجارية باسمه ولحسابه، مستقلا وغير تابع لغيره، لذلك فالعمال والمستخدمون في المقاولات التجارية يخضعون لقانون الشغل، أما المقاولون فيخضعون للقانون التجاري.
الفقرة الثانية: بالنسبة للمقاولة التي تتخذ شكل شركة تجارية :
المقاولة الجماعية التي تتخذ شكل شركة تجارية تخضع لمساطر المعالجة متى اتخذت شكل شركة تضامن أو توصية بسيطة أو توصية بالأسهم أو شركة ذات المسؤولية المحدودة سواء كانت فردية أو جماعية، وشركة المساهمة والمساهمة المبسطة، وأن تكتسب الشخصية المعنوية أي بعد تسجيلها في السجل التجاري. بالإضافة إلى هذه الأنواع من الشركات هناك المجموعات ذات النفع الاقتصادي والتي تطبق عليها مساطر المعالجة متى كان غرضها تجاريا ومقيدة في السجل التجاري. - والجدير بالإشارة أنه بالنسبة للشركاء المتضامنين في شركة التضامن والتوصية البسيطة والتوصية بالأسهم فإن فتح مسطرة المعالجة ضد الشركة يترتب عليه فتح نفس المسطرة تجاههم بقوة القانون، سواء كانوا مسيرين أو غير مسیرین ما دام أنهم يكتسبون صفة التاجر بمجرد الاشتراك في الشركة، كما أن مسؤولياتهم عن ديونها تكون غير محدودة وتضامنية، والعكس غير صحيح، أي أنه لا يترتب عن فتح مسطرة المعالجة ضد أحد الشركاء المتضامنين لتوقفه عن أداء الديون المستحقة عليه في تجارته الخاصة فتح نفس المسطرة ضد الشركة التي هو شريك بها. - وفي مقابل ذلك فإن الشركاء الموصون أو الشركاء المساهمون في شركة التوصية البسيطة والتوصية بالأسهم، والشركة ذات م م وشركة المساهمة و ش. المساهمة المبسطة فلا يخضعون لمساطر المعالجة التي تخضع لها الشركة لكونهم لا يكتسبون صفة التاجر، كما أن مسؤوليتهم عن ديون الشركة تكون محدودة أي في حدود الحصة التي قدموها في رأسمالها.
إضغط على التالي للتتمة القراءة
<><>
المطلب الثاني: التوقف عن دفع الديون
عند حلول أجلها من أهم الشروط الجوهرية لتطبيق مساطر المعالجة، حيث يعد الشرارة الأولى لانطلاق مسطرة التسوية أو التصفية القضائية (م 560 ) ويعتبر المعيار الأساسي لتمييز مساطر الوقاية ومساطر المعالجة.
الفقرة الأولى: مفهوم التوقف عن دفع الديون :
* تكون المقاولة متوقفة عن دفع ديونها إذا كانت عاجزة فعلا وغير قادرة عن أداء ديونها عند حلول أجالها مما يؤدي إلى زعزعة الائتمان وتعرض حقوق الدائنين إلى خطر محقق.
- ويقع عبء إثبات التوقف عن الدفع على عاتق من يطلب فتح مسطرة المعالجة، ويبقى للمحكمة كامل سلطتها التقديرية في الأخذ أو عدم الأخذ بها .
* كما يتم على ضوء هذا المعيار أي "التوقف عن الدفع" تحديد المسطرة الواجب تطبيقها في مساطر المعالجة هل هي مسطرة التسوية القضائية أم مسطرة التصفية القضائية، فإذا كانت المقاولة "مختلة بشكل لا رجعة فيها" أي أن تكون وضعية المقاولة ميؤوس من تصحيحها وإصلاحها حيث إن وضعيتها المالية بلغت عجزا لا يمكن علاجه فيتم تطبيق مسطرة التصفية القضائية فيتم بيع أصول المقاولة وتصفية الخصوم، أما إذا كانت المقاولة "ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه" أي أن وضعيتها. غير ميؤوس من تصحيحها وعلاجها، ويمكن معالجة صعوباتها وإخراجها من أزمتها فيتم تطبيق مسطرة التسوية القضائية بتطبيق أحد المخططين: * مخطط الاستمرارية أو مخطط التفويت.
الفقرة الثانية: شروط التوقف عن الدفع
ليست هناك معايير محددة لشروط التوقف عن الدفع، ويبقى للمحكمة عند بثها في القضايا المعروضة عليها بخصوص مساطر المعالجة تحديد المعايير التي تستند عليها للتصريح بوجود توقف عن الدفع وذلك حسب كل قضية وكل حالة على حدة، وقد كرس العمل القضائي بالمحاكم التجارية مجموعة من المعايير التي يمكن اعتمادها في تحديد واقعة التوقف عن الدفع نذكر منها: + أن يكون هناك دين أو ديون ثابتة وحالة ومستحقة الأداء ومطالب بها، وأن تكون المقاولة عاجزة عن سدادها.
+ أن يكون هناك خلل في الموازنة المالية للمقاولة + فقدان الإئتمان التجاري الذي كانت تتوفر عليه المقاولة.
*وتخضع المحكمة لتكييفها لهذه الوقائع خاضعة لرقابة المجلس الأعلى باعتبار التوقف عن الدفع يعد شرطا جوهريا من شروط فتح المسطرة.
المبحث الثاني: الشروط الشكلية.
تتمثل الشروط الشكلية لمساطر المعالجة من الصعوبات في تحريك دعوى فتح المسطرة أمام الجهة القضائية المختصة وفق إجراءات قانونية صارمة.
المطلب الأول: الأطراف المخول لها صلاحية تحريك مسطرة المعالجة :
باعتبار مرحلة فتح المسطرة هي نقطة الانطلاق، من تم نجاحها يبقى رهين بتعدد الأطراف المتدخلة وتزويدهم بالآليات اللازمة لذلك، من أجل الرفع من خطوط إنقاذ المقاولة في الوقت المناسب.
الفقرة الأولى: فتح المسطرة بناء على طلب رئيس المقاولة :
* يجب على المدين أو رئيس المقاولة إذا شعر انه غير قادر على سداد الديون المستحقة عند حلول أجلها أن يتقدم بطلب إلى رئيس المحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة أو أحد فروعها، من أجل فتح مسطرة المعالجة في أجل أقصاه 15 يوما تلي توقفه عن الدفع.
* ويعد هذا الحق خاصا برئيس المقاولة يمارسه وحده دون غيره، إما شخصيا أو عن طريق وكيل أو محام، أو الورثة في حالة الوفاة، وذلك باعتبار رئيس المقاولة أدرى بغيره بوضعية مقاولته، وأقدر الناس على معرفة ظروف نجاحها أو فشلها.
* هذا ويتعين على رئيس المقاولة أن يشير في طلبه إلى الأسباب التي أدت بالمقاولة إلى التوقف عن الدفع، حتى يتمكن القضاء من التأكد من جدية التصريح و كذلك تفادي تطبيق مسطرة الإكراه البدني ، كما يتعين إرفاق هذا الطلب بمجموعة من الوثائق .
.* ولا يعد تقديم رئيس المقاولة لطلب فتح مسطرة المعالجة طوعا واختياريا بالنسبة له، بل هو جبرا وإكراها ووجوبا، وذلك بسبب ان مواصلة الاستغلال بصفة تعسفية وفي ظروف من شأنها أن تؤدي إلى توقف الشركة عن الدفع تعتبر حسب المادة 706 م ت من ضمن الوقائع التي يترتب على ثبوتها فتح نفس المسطرة تجاه المسير المعني بالأمر، والحكم بسقوط الأهلية التجارية عند الاقتضاء
الفقرة الثانية: فتح المسطرة بناء على مقال افتتاحي للدعوى لأحد الدائنين .
* يعتبر الدائن من الأطراف التي خصها المشرع بحق المطالبة بفتح مساطر المعالجة، ويثبت حق طلب فتح مسطرة المعالجة لكل دائن إن لم يقع سداد دينه كيفما كانت طبيعة دينه ، وكيفما كان مقدار و مبلغ الدين، ما دامت ذمة المقاولة عاجزة أو غير قادرة على السداد، ولا يشترط أن يكون الدائن مالكا لسند تنفيذي . * ويشترط في طالب فتح المسطرة أن يكون دائنا، وعلى ذلك لا يمكن للشريك في الشركة أن يطالب بفتح هذه المسطرة إلا إذا كان هو ايضا دائنا لها، ويجوز للمظهر إليه توكيليا وللمحال إليه توكيليا أن يطالب بفتح هذه المسطرة ضد المسحوب عليه المدين أو غيره من الملتزمين بالوفاء بقيمة الورقة التجارية.
وخلافا لما أقره المشرع بالنسبة لرئيس المقاولة لم يقيد حق الدائن في طلب فتحها بأجل معين، فحق الدائن في رفع الدعوى يستمر ويبقى قائما ما دام التوقف عن الدفع قائما ومستمرا، ما لم يدرك الدين التقادم الذي يسقط الدعوي، والذي يختلف بحسب
طبيعة الدين، أي حسب ما إذا كان الدين مدنيا حيث تصل المدة إلى 15 سنة ، أو كان الدين تجاريا حيث تصل مدة التقادم إلى 5 سنوات ، غير أن هناك ظروف غامضة قد تدفع الدائن إلى ضرورة استعمال هذا الحق في أجل محدد ويتعلق الأمر بحالة وفاة التاجر او اعتزاله أو في حالة انقطاعه عن ممارسة التجارة، حيث يلزم في جميع الأحوال رفع دعوى طلب فتح المسطرة داخل أجل سنة من وقوع إحدى تلك الحالات.
الفقرة الثالثة: وضع المحكمة التجارية يدها تلقائيا على المسطرة :
أعطى المشرع للمحكمة التجارية إمكانية وضع يدها تلقائيا على المسطرة، و هذا الحق يعتبر إجراء استثنائيا وخروجا عن القواعد العامة لقانون المسطرة المدنية، ولعل الغاية من هذا التدخل التلقائي كون مساطر المعالجة من النظام العام الاقتصادي نظرا لما تحققه من حماية للمصالح المالية والاقتصادية والاجتماعية القائمة وتجسيدا للرغبة الملحة في إنقاذ المقاولة قبل فوات الأوان. * وتضع المحكمة يدها تلقائيا منها حالات التي يكون فيها المقاولة متوقفة عن سداد الديون، و حالة عدم تنفيذ الالتزامات المالية الناجمة عن الالتزامات المبرمة في إطار اتفاق التسوية الودية، و حالة امتناع المسؤولين أو المسيرين عن إبراء ذمتهم من الدين الذي تم تحميلهم إياه نتيجة نقص في باب الأصول لخطا في التسيير. * كما أن المحكمة لا تتقيد باية آجال لتفتح المسطرة ما لم يدرك الدين التقادم الذي يسقط الدعوى، اضافة الى أن المحكمة حين تضع يدها على المسطرة تلقائيا أن تأخذ الحيطة والحذر من الحصول على معلومات خاطئة أو كيدية، حتى لا يترتب عن تدخلها هذا إضرار بمصالح الشركة وسمعتها.
الفقرة الرابعة: فتح مسطرة المعالجة بناء على طلب من النيابة العامة لدى المحاكم التجارية
* ولم يحدد المشرع المغربي بوضوح الحالات التي يمكن للنيابة العامة طلب فتح مسطرة المعالجة وإنما اكتفى بإدراج حالة وحيدة يمكن لها من خلالها طلب فتح المسطرة والمتعلقة بعدم تنفيذ الالتزامات المالية المبرمة في إطار اتفاق التسوية الودية، ومع ذلك يحق لوكيل الملك طلب فتح المسطرة حتى في الحالة التي يكون فيها الذين يحق لهم طلب فتح المسطرة من خلال وسائل البحث والتحري، أن مقاولة ما تعاني من صعوبات تتمثل في التوقف عن دفع الديون المستحقة عن الحلول. - وتتقدم النيابة العامة بعريضة تتضمن وقائع تبرر مسطرة المعالجة، حيث تنظر المحكمة التجارية في طلب النيابة العامة وفق الإجراءات العادية، اذ يتم استدعاء المدين وإرفاق الاستدعاء بنسخة من عريضة وكيل الملك للمثول أمام المحكمة والاستماع إليه مع إخبار النيابة العامة بموعد الجلسة. كما أن حق النيابة العامة في طلب فتح المسطرة غير مقيد .
- بالرغم من كون المشرع قد وسع من نطاق الأطراف المتدخلة في طلب فتح مسطرة المعالجة، وذلك بتمكين النيابة العامة من طلب فتحها لكونها تحظى بفرصة كبيرة في جميع المعلومات والمعطيات المتعلقة بالمقاولات ، الا ان هذه المهام ليست بالسهلة ، اذ تعرف العديد من الصعوبات التي تحول دون تحقيق ذلك، والمثمثلة أساسا في كون المشرع لم يزود النيابة العامة لدى المحاكم التجارية بالآليات والوسائل الكفيلة بتمكينها من الإطلاع على حالات المقاولة ، و هذا ادى الى اضعاف الدور التدخلي للنيابة العامة في طلب فتح مسطرة المعالجة.
المطلب الثاني: الاختصاص القضائي :
الفقرة الأولى: الاختصاص النوعي:
بالرغم من كون المشرع المغربي لم ينص صراحة في المادة 5 من قانون إحداث المحاكم التجارية على الاختصاص النوعي بشأن مساطر معالجة صعوبات المقاولة مع أن هذه المادة هي المكان الطبيعي لذلك، فإنه مع ذلك جعل هذا الاختصاص النوعي يتحدد من خلال الاختصاص المحلي ، و عليه تختص المحاكم التجارية بالنظر والبث في مساطر صعوبات المقاولة، ويعد هذا الاختصاص من النظام العام، ولا يمكن الاتفاق على خلافه . .
الفقرة الثانية: الاختصاص المحلي:
الاختصاص المحلي ينعقد للمحكمة التجارية التي يتواجد في دائرتها مكان مقاولة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة، وذلك خروجا عن القاعدة العامة التي تقضي بان الاختصاص المحلي ينعقد للمحكمة التي يتواجد بها موطن المدعى عليه وذلك اعتبارا لخصوصيات مساطر صعوبات المقاولة وللدور القضائي المتميز الذي لا ينبغي أن يصطدم بمعيقات القواعد التقليدية وإشكالاتها ما دام الهدف المتوخي من هذه المساطر يتجاوز المصالح الفردية لأطراف الدعوى إلى المصالح العامة للمقاولة.
غير أن الاختصاص المحلي في مساطر صعوبات المقاولة لا يعد من النظام العام أي تبقى للأطراف كامل الحرية في اختيار المحكمة التجارية المختصة.
المطلب الثالث: إجراءات حكم فتح مسطرة المعالجة :
يعتبر حكم مسطرة المعالجة قرارا خطيرا لذلك أحاطه المشرع بسياج من الإجراءات والضمانات القوية والجدية الكفيلة بالتأكد من أن التوقف عن الدفع قائم، ومن تقويم وضعية المقاولة تقويما صحيحا، يخول النطق إما بالتسوية القضائية أو التصفية القضائية ، أو رفض فتح المسطرة لعدم ثبوت التوقف عن الدفع أو لكون وضعية المقاولة ليست مختلة بالمرة.
الفقرة الأولى: استدعاء المحكمة لرئيس المقاولة والاستماع - إليه
تبث المحكمة بشأن فتح المسطرة بعد استماعها لرئيس المقاولة أو استدعاءه قانونا للمثول أمام غرفة المشورة، بصرف النظر عن الطرف الذي قام بتحريك المسطرة. ويعتبر هذا الإجراء من الإجراءات اللازمة التي لها مساس بالنظام العام الاقتصادي والذي يؤدي الإخلال به إلى تعرض الحكم الصادر للإلغاء لعيب في الشكل وللمس بحقوق الدفاع. - وتاخذ غرفة المشورة شكل محكمة سرية ومغلقة، يتكون أعضاؤها من رئيس وعضوين وممثل النيابة العامة، وكاتب الضبط، ويتجلى عملها في مناقشة رئيس المقاولة بخصوص المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة،. وتقضي المحكمة بعد الانتهاء من الإجراءات وتكوين قناعتها إما برفض طلب فتح مسطرة المعالجة أو بفتح المسطرة وذلك داخل أجل 15 يوما من تاريخ رفع الدعوى إلى المحكمة، ويكون ذلك في جلسة عمومية
الفقرة الثانية: التثبت في توفر الشروط الموضوعية والشكلية :
يجب على المحكمة التجارية وكذا محكمة الاستئناف التجارية عند الطعن أمامها بالاستئناف أن تتأكد من ثبوت الشروط الموضوعية التي حددتها المادة 560 م ت أي أن تتأكد من توفر الصفة التجارية، ومن واقعة التوقف عن دفع الديون المستحقة عند الحلول، أو الامتناع عن التأكد من وضعية المقاولة عند الحكم بالتسوية القضائية من كونها ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه، أو مختلة بشكل لا رجعة فيه عند الحكم بالتصفية القضائية، وتسطير كل ذلك في الحكم برهانا وتعليلا، تحت طائلة البطلان أو الإلغاء لأن التثبت من الشروط الموضوعية من النظام العام. * كما يجب التأكد من توفر الشروط الشكلية خاصة الاختصاص النوعي والمحلي وغيرها من الإجراءات الشكلية الأخرى.
الفقرة الثالثة: تحديد تاريخ التوقف عن دفع الديون :
أن تاريخ التوقف عن الدفع مفترض الوجود، ويبدأ من تاريخ الحكم بفتح المسطرة ما لم تعين المحكمة صراحة تاريخا آخر، ولقد قدر المشرع المغربي تعذر تحديد المحكمة لتاريخ التوقف عن الدفع بشكل دقيق على اعتبار أن رئيس المقاولة قد يلجأ إلى وسائل غير مشروعة لإخفاء هذا التاريخ بهدف الإضرار بدائنيه أو محاباة بعضهم على حساب البعض الآخر، فقرر ألا يتجاوز 18 شهرا قبل فتح المسطرة، ويفيد هذا التحديد في تحديد فترة الريبة" التي تبدأ من تاريخ التوقف عن الدفع ولغاية صدور حكم فتح مسطرة المعالجة، والتي تجعل التصرفات التي يبرمها المدين خلال هذه الفترة خاضعة إما للبطلان الوجوبي أو الجوازي بحسب الأحوال .
وقد أعطى المشرع للمحكمة إمكانية تغيير تاريخ التوقف عن الدفع وذلك بطلب من السنديك فقط قبل انتهاء أجل 15 يوما التالية للحكم الذي يحدد مخطط الاستمرارية أو التفويت إذا كانت المسطرة المفتوحة ضد المقاولة المعنية مسطرة التسوية القضائية، اول قبل انتهاء أجل 15 يوما التالية ليوم إيداع قائمة الديون بكتابة ضبط المحكمة إذا كانت المسطرة المفتوحة ضد المقاولة مسطرة التصفية القضائية .
الفقرة الرابعة: تعيين القاضي المنتدب والسنديك:
يعتبر تعيين المحكمة التجارية لقاضي منتدب وللسنديك قصد السهر والإشراف على سير مسطرة المعالجة من النظام العام، تحت طائلة تعرض الحكم القاضي بفتح المسطرة إلى الإلغاء أو النقض.
1- تعيين القاضي المنتدب: يعين القاضي المنتدب من قبل المحكمة التجارية من هيئة القضاة ومن بين أعضاء هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم بفتح مسطرة المعالجة (م 568 مت) وذلك للنيابة عن المحكمة في الإشراف وإدارة المسطرة إدارة فعالة وناجعة، والسهر على حماية المصالح المتواجدة.
2- تعيين السنديك: المحرك الأساسي والأول للآلة الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لمسطرة المعالجة، ومفتاحا لحل مشاكل المقاولة المتعثرة إن كان ذا خبرة وكفاءة عالية لأنه يتمتع بصلاحيات جوهرية واسعة كثيرة تحدد مصير المقاولة.
ويتم تعيين السنديك من بين كتاب الضبط لدى المحكمة التجارية أو من الغير ويكلف السنديك بتسيير عمليات التسوية والتصفية القضائية ابتداء من تاريخ صدور الحكم بفتح المسطرة حتى قفلها، ويسهر على تنفيذ مخططي الاستمرارية والتفويت، ويقوم بتحقيق الديون والمساعدة أو القيام بأعمال التسيير أو بعضها مع احترامه الالتزامات القانونية والتعاقدية المفروضة على رئيس المقاولة.
ويمكن القول أن نجاح أو فشل مسطرة المعالجة يتوقف إلى حد كبير على مدى حنكة وخبرة وكفاءة السنديك.
الفقرة الخامسة: شهر حكم فتح مسطرة المعالجة :
أوجب المشرع القيام بإجراءات الشهر بهدف إعلام جميع الدائنين والأغيار بفتح المسطرة حثالهم على المساهمة فيها ومراقبة سیرها دفاعا عن حقوقهم ومصالحهم، وضمانا للمصداقية والشفافية، زيادة على دعوة الدائنين إلى التصريح بديونهم للسنديك داخل الأجل القانوني. ويقوم بإجراءات الشهر كاتب الضبط المحكمة التجارية التي أصدرت الحكم داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ صدوره. وتجدر الإشارة إلى أن الحكم القاضي بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة، يكون مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون، مما يجعل تنفيذه لا يتأثر بآجال الطعن أو حتى بالطعن الذي قد تتم ممارسته فعلا من قبل الأطراف المعنية بالأمر.
إضغط على التالي للتتمة القراءة
<><>
الفصل الثاني: فترة إعداد الحل
إن صدور حكم القاضي بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة يعد نقطة البداية في سبيل اختيار الحل، والمتمثل في أحد الخيارات الثلاث: حصر مخطط التسوية أو التفويت أو النطق بالتصفية القضائية.
المبحث الأول: إجراءات فترة إعداد الحل
يقصد بفترة إعداد الحل أو الفترة الانتقالية المدة الزمنية التي تفصل بين حكم التسوية القضائية والمدة المحددة لإعداد مخطط التسوية وتعتبر هذه المرحلة ضرورية وإجبارية لتشخيص صعوبات المقاولة والتعرف على الوضعية الاقتصادية والمالية والاجتماعية الحقيقية لها، وقد حدد المشرع لهذه الفترة أجل أقصاه أربعة أشهر على صدور حكم فتح المسطرة قابلة للتجديد المدة واحدة ولنفس المدة بناء على طلب السنديك . وتهدف هذه المرحلة لإيجاد الحل المناسب للمقاولة وإنقاذها من الصعوبات التي تعيقها على متابعة الاستغلال بالرغم من كونها متوقفة عن دفع ديونها ومحكوما عليها بالتسوية القضائية
المطلب الأول: إعداد الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة
إن الموازنة التي يعدها السنديك تكون في شكل تقرير يعكس بصورة شمولية الوضعية المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة المفتوحة ضدها مسطرة المعالجة، فبالنسبة للجانب المالي يجب أن يتضمن تحليل مالي ومحاسبي لوضعية المقاولة يتضمن الإشارة إلى الحسابات السنوية للثلاث سنوات السابقة، الحالة الحقيقية للديون السيولة والمداخيل التي تتوفر عليها المقاولة وغيرها ، أما الجانب الاقتصادي والتجاري فيتضمن جرد لتقنيات التسويق والسوق والمنافسة، التوزيع والتسويق، الجودة وغيرها من المعطيات ثم الجانب الاجتماعي الذي يجب أن يشمل تحليل شامل للعنصر البشري للمقاولة. هذه الموازنة بجميع محاورها يجب أن تؤدي إلى تقديم اقتراح مخطط جدي ومعقول وقابل للتطبيق، وأن يكون مبررا ومعللا ومرفقا بالمعلومات والوثائق والخبرات، حتى يتسنى للمحكمة أن تكون قناعتها، وتقرر عن بنية وإقناع استمرارية المقاولة أو تفويتها إلى أحد الأغيار أو التصفية القضائية، لذلك ولتسهيل مامورية السنديك ، أجاز له المشرع إمكانية الحصول على المعلومات التي من شأنها أن تعطيه فكرة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة، عن طريق مراقب الحسابات والإدارات والهيئات العمومية أو عن طريق أي شخص آخر على الرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة، كما أجاز له الاستعانة برئيس المقاولة وبخبير أو عدة خبراء حتى يقدم التقرير الذي يعده السنديك صورة صادقة في وضعية المقاولة. - ولم يحدد المشرع إذا كان الحكم القاضي بتحديد فترة إعداد الحل قابلا للطعن أم لا.
المطلب الثاني: المبادرات والاستشارات التي يقوم بها السنديك في فترة إعداد الحل
نظرا لأهمية فترة إعداد الحل فإن المشرع أعطى للسنديك صلاحية اتخاذ مجموعة من التدابير تحت إشراف القاضي المنتدب الذي يعد أحد أهم الأجهزة القضائية الراعية للسير السريع للمسطرة ولمختلف المصالح المتواجدة، هذا ويتعين على السنديك إشراك مختلف الأطراف الفاعلة في إطار المسطرة والمتمثلة أساسا في رئيس المقاولة المدين والدائنين والمراقبين.
الفقرة الأولى: تلقي العروض من الغير
لقد أعطى المشرع الحق للأغيار بمجرد علمهم بافتتاح مسطرة المعالجة بتقديم عروض إلى السنديك تهدف إلى اقتناء أو شراء المقاولة أو مساعدتها على الاستمرار في القيام بنشاطها، دون انتظار اختيار المحكمة للحل النهائي، وحفاظا على جدية هذه العروض، فقد حرص المشرع على استبعاد كل الأشخاص الذين سبق لهم أن أشرفوا على إدارة وتسيير هذه المقاولة، وكذا أقاربهم تفاديا لكل شخص أو تحايل . *ويجب أن تتضمن هذه العروض مجموعة من الشروط التي نص عليها المشرع في م 582 م ت والمادة 604 م ت حتى يتمكن السنديك من تحليله ودراستها وإعطاء رأيه حوله قبل أن يرفقه بالتقرير الذي يقدمه إلى المحكمة عند انتهاء فترة إعداد الحل.
الفقرة الثانية: استشارة الدائنين
يقوم السنديك باستثارة كل دائن صرح بدينه من أجل الحصول على موافقته بشأن الآجال والتخفيضات المقترحة لضمان تنفيذ مخطط التسوية، وللإشارة فإن هذه الآجال والتخفيضات تقتصر على مخطط التسوية دون أن تمتد إلى مخطط التفويت أو التصفية القضائية.
* لذلك، يجب على جميع الدائنين التي تعود ديونهم إلى ما قبل صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، أن يقوموا بالتصريح بديونهم إلى السنديك داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر الحكم بالجريدة الرسمية بالنسبة للدائنين القاطنين بالمغرب أو أربعة أشهر بالنسبة للدائنين القاطنين خارج المغرب. ولضمان تنفيذ مخطط استمرارية المقاولة، وتتم هذه الاستشارة إما بصورة فردية أو بصورة جماعية. أ- الاستشارة الفردية : يقوم السنديك بتوجيه رسالة إلى كل دائن صرح بدينه داخل الآجال القانونية تتضمن مقترحات بشأن تسديد الديون والآجال أو التخفيضات المقترحة.
ب - الاستشارة الجماعية: فتتم بناء على استدعاء من السنديك موجه إلى جميع الدائنين الذين صرحوا بديونهم، كما يمكن نشر إعلان بهذا الاستدعاء في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية ، ويكون عدم المشاركة في الاستشارة الجماعية بمثابة موافقة على الاقتراحات المقدمة من السنديك
الفقرة الثالثة: إشراك المراقبين ورئيس المقاولة :
أ- المراقبين على السنديك أن يبلغ المراقبين المقترحات التي يتم التقدم بها من أجل تسديد الديون، والمراقبين يعينون من بين الدائنين الذين يتقدمون بطلب إلى المنتدب القضائي قصد مساعدة كلا من السنديك والقاضي المنتدب في مهامهم، وفي هذا الإطار يمكن للمراقبين أن يطلعوا على كافة الوثائق التي يتوصل بها السنديك، وأن يبلغوا باقي الدائنين خلال كل مرحلة من مراحل المسطرة، بما تحقق من المهمة المسندة إليهم.
ب- رئيس المقاولة: يتعين على السنديك إشراك رئيس المقاولة في تحضير مشروع مخطط الاستمرارية، إذ بالرغم من أن الحكم القاضي بفتح المسطرة قد يقيد أحيانا سلطات رئيس المقاولة في التسيير، فإن هذا لا يعني إقصاؤه من تقديم ملاحظات واقتراحات بخصوص المشروع حول كيفية تسديد الخصوم وحول الضمانات الممكن منحها لبعض الدائنين إن اقتضى الحال، زيادة على استشارة السنديك له بخصوص التقرير الذي يعده حول مخطط الاستمرارية وذلك بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل م 589 م ت.
المطلب الثالث: طرق تسيير وتمويل المقاولة خلال فترة إعداد الحل
يعتبر استمرار نشاط المقاولة من الآثار الهامة في مسطرة التسوية القضائية (م 571 مت)، حيث تستمر المقاولة في مزاولة نشاطها بكيفية عادية أثناء فترة إعداد الحل، وذلك حفاظا على النشاط الاقتصادي ومناصب الشغل، ومن أجل ذلك تعتمد طرق تسيير وإدارة ملائمة من طرف السنديك أو رئيس المقاولة، تستلزم البحث عن إمكانيات التمويل المقاولة خلال هذه الفترة الحرجة بغية إنقاذها.
الفقرة الأولى: طرق تسيير المقاولة خلال فترة إعداد الحل :
تختار المحكمة التجارية التي أصدرت الحكم بفتح المسطرة الأسلوب الإداري المناسب لتسيير المقاولة في المرحلة الانتقالية كما لها الحق في أي وقت تغيير الأسلوب المعتمد طبقا لمقتضيات الفصل 576 م ت التي تنص على : "يكلف الحكم السنديك:
1- إما بمراقبة عمليات التسيير .
2- إما بمساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير أو في بعضها.
3 - إما بأن يقوم لوحده، بالتسيير الكلي أو الجزئي للمقاولة. يمكن للمحكمة أن تغير في أي وقت، مهمة السنديك بطلب منه او تلقائيا "
وعليه فإن تسيير المقاولة خلال الفترة الانتقالية أو المؤقتة، يكون إما من طرف رئيس المقاولة مع تكليف السنديك بالمراقبة، وإما بإشراك السنديك في عمليات التسيير، وإما بإقصاء رئيس المقاولة و غل يده عن عمليات التسيير وإسنادها كليا أو جزئيا للسنديك .
1- الطريقة الأولى: مراقبة السنديك للتسيير الذي يباشره رئيس المقاولة : تبقى المقاولة في يد رئيسها ويتخذ القرارات بمحض إرادته، و استنادا على خبرته ودرايته مع إطلاع السنديك على جميع القرارات المتخذة وطرق تنفيذها من أجل إنجاز تقرير يقوم برفعه إلى المحكمة التجارية لاتخاذ الإجراءات المناسبة - هذه الطريقة لا تقرها المحكمة إلا إذا ثبت أن الصعوبات لا دخل للمسير فيها.
2- الطريقة الثانية: إشراك السنديك في عمليات التسيير حيث قد ترى المحكمة تكليف السنديك بالمشاركة في عمليات التسيير، إذا كان من شأن ذلك أن يساعد على إنقاذ المقاولة وتصحيح وضعيتها، وتستند المحكمة في قرارها إلى الظروف المحيطة بالمقاولة وكذا الصفات المهنية لرئيس المقاولة من قبيل الكفاءة والنزاهة في التسيير والإدارة ويجب على المحكمة أن تتولى تحديد نطاق المشاركة من أجل عدم تداخل الاختصاصات الشيء الذي يؤدي إلى نشوب صراع بين السنديك ورئيس المقاولة .
3- الطريقة الثالثة: حلول السنديك محل رئيس المقاولة: تقوم المحكمة بإقصاء رئيس المقاولة من عمليات التسيير وإعطائها للسنديك، الذي يعتبر المسير الفعلي في هذه الفترة، ويتخذ جميع القرارات والإجراءات التي يراها مناسبة، تحت الإشراف الغير المباشر للقضاء. ويكون هذا نتيجة الأخطاء جسيمة في التسيير للمحكمة إمكانية تغيير مهمته السنديك في أي وقت بطلب منه أو تلقائيا
الفقرة الثانية: تمويل المقاولة :
لقد حرص المشرع على وضع بعض الآليات القانونية التي تهدف إلى تشجيع الممولين والمنعشين الماليين على تقديم الدعم والائتمان للمقاولة خاصة أثناء فترة إعداد الحل، ولهذه الاعتبارات تدخل المشرع لضمان مصالح المتعاملين مع المقاولة ومنح الضمانات التي تكفل لمقدمي القروض استرداد ديونهم عند الاستحقاق ما دام أن هؤلاء أن يجازفوا بمنح الائتمان للمقاولة في هذه المرحلة الانتقالية إلا إذا كانوا على يقين من حصول الأداء بالأسبقية على كل الدائنين وسنميز بين الديون الناشئة قبل صدور الحكم بفتح مسطرة المعالجة والديون الناشئة بعدم الحكم بفتح هذه المسطرة.
1- بالنسبة للديون الناشئة قبل فتح مسطرة المعالجة: لقد ألزم المشرع المغربي الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح مسطرة المعالجة بفتح مسطرة المعالجة بالتصريح بها لدى السنديك داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة بالجريدة الرسمية تحت طائلة سقوط الدين طبقا للمادة 690 م ت وتعزيزا لذلك يتم تطبيق مبدأ وقف المتابعات الفردية وإجراءات التنفيذ، حيث بمجرد صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة تمنع كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون أصحاب دیون نشات قبل الحكم المذكور طبقا للمادة 653 مت، وتعتبر هذه الطريقة دعوة لكل الدائنين لكي ينخرطوا جميعا في مخطط تسوية المقاولة، وتحمي المقاولة المتعثرة من الدائنين الذين يرغبون في اقتراع حقوقهم بمقتضى متابعات فردية، وذلك لكون المقاولة في هذه الفترة تكون في أمس الحاجة إلى أموالها الذاتية لاستعمالها في مخطط التسوية.
2- بالنسبة للديون الناشئة بعد فتح المسطرة: المشرع أعطا امتیازا خاص لهذه الديون على حساب جميع الديون الأخرى، حيث أوجب تحقق ثلاثة شروط أولها ضرورة نشوء الدين بمناسبة مواصلة المقاولة لنشاطها، وأن ينشأ بعد صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، وأخيرا أن يكون الدين قد انشا بصفة قانونية. كما أن هذه الديون لا تخضع لقاعدة وقف المتابعات الفردية ولا لقاعدة وقف سريان الفوائد . ولا يمكن تقديم الرهن أو الرهن الرسمي أو أداء دین سابق للحكم لفك شيء مرهون أو استرجاع شيء محبوس قانونيا إذا كان يستلزم لمتابعة النشاط، إلا بعد الحصول على الترخيص و نفس الشيء بالنسبة إلى التوصل إلى صلح أو تراضي مع أصحاب الديون.
الفقرة الثالثة: مصير العقود الجارية أثناء فترة إعداد الحل :
1- صلاحية تقرير مصير العقود الجارية - تنص المادة 573 من م ت على أنه " بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة ويفسخ العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب لمدة تفوق شهرا " - فمصير العقود الجارية في يد السنديك وحده دون غيره، يملك وحده حق المطالبة بتنفيذها أو الحق في التخلص منها دون إذن مسبق من القاضي المنتدب، ويبقى حق اختيار تنفيذ أو عدم تنفيذ هذه العقود يتم عبر تحليل الأسباب والعراقيل التي تعاني منها المقاولة وقيمة العقد ومدى مساهمته في تحقيق الهدف من فتح المسطرة، و النزاعات التي قد تنشا بمناسبة إعمال حق الخيار سواء بين السنديك واطراف اخرى ترجع لاختصاصات المحكمة.
2-إجراءات تنفيذ أو عدم تنفيذ العقود الجارية: في حالة اختيار مواصلة العقد الجاري التنفيذ ينفذ سنديك هذا العقد برمته وبجميع مقتضياته وشروطه، وأن يلتزم بالأجل المحدد بمقتضى العقد أو القانون لفائدة المتعاقد مع المقاولة والخاضعة لمسطرة التسوية القضائية، أما في حالة عدم استعمال السنديك حق الخيار الممنوح له فإن العقد يفسخ بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب لمدة تفوق شهرا، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى رفع دعوى التعويض عن الأضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم.
إضغط على التالي للتتمة القراءة
<><>
الفصل الثالث: اختيار الحل المناسب لتسوية وضعية المقاولة
يشكل انتهاء فترة إعداد الحل وإعداد الموازنة الاقتصادية والاجتماعية للمقاولة المتعثرة، بداية للمرحلة الموالية وهي مرحلة اختيار الحل المناسب لوضعيتها، حيث تعمل المحكمة على اختيار الحل الذي تراه مناسبا لمستقبل المقاولة ويكون إما بتبني المخطط الرامي إلى استمرارية المقاولة أو إلى تفويتها كليا أو جزئيا لأحد الأغيار ، وإما إخضاع المقاولة للتصفية القضائية الأن وضعيتها مختلة بشكل لا رجعة فيه.
المبحث الأول: مخطط الاستمرارية :
كل الإجراءات المتخذة منذ افتتاح المسطرة هي الوصول إلى هذه الغاية من اجل الحفاظ على مناصب الشغل و تصفية الخصوم، فيبقى رئيس المقاولة على رأس مقاولته، ويحافظ الدائنون على موارد استخلاص ديونهم.
المطلب الأول: معايير اعتماد مخطط الاستمرارية
هناك شرطين أساسيين لتقرير استمرارية المقاولة هما : ا
لفقرة الأولى: وجود إمكانيات جدية لتسوية وضعية المقاولة :
يبقى التقدير للسلطة التقديرية للمحكمة التي تعتمد على التشخيص الدقيق للوضعية المقاولة اعتمادا على التقرير الذي أعده السنديك و تحلیل مجموعة من العوامل أهمها: 1 إقصاء الأسباب التي أدت إلى التوقف عن الدفع 2 تحديد الإمكانيات المتاحة أمام المقاولة للاستمرارية 3 تحديد الآليات التي يتم الاعتماد عليها لتسوية وضعية المقاولة
* الفقرة الثانية: سداد الخصوم -
تتوصل المحكمة إلى توفر إمكانيات جديدة لسداد الخصوم بالاعتماد على التقرير الذي يعده السنديك خلال فترة إعداد الحل حيث يكون قد تلقى تصريحات الدائنين بديونهم، وتفاوض معهم بشان الآجال والتخفيضات التي يمكنهم أن يمنحوها للمقاولة، حيث تقوم المحكمة بالإشهاد عليها.
المطلب الثاني: صلاحية المحكمة بعد حصر مخطط الاستمرارية
من أهم أثار الحكم باستمرارية المقاولة بقاء المقاولة في ملكية صاحبها شرط التقيد بجميع الالتزامات التي تفرضها هذه المرحلة فالمشرع خول للمحكمة أن ترفق مخطط الاستمرارية بمجموعة من التدابير التي تقدر أهميتها لإنجاح المخطط.
الفقرة الأولى: إدخال تغييرات على النظام الأساسي للمقاولة
تفرض المحكمة مجموعة تغيرات تغيير أجهزة التسيير: إذا تعلق الأمر بشخص طبيعي أي مقاولة فردية فإن النشاط يستمر في حالة مخطط الاستمرارية بيد المقاول المدين، ولا يمكن للمحكمة أن تأمر باستبداله إلا باعتماد مخطط التفويت .
أما إذا تعلق الأمر بشخص معنوي فإن للمحكمة الصلاحية في استبدال مسير أو عدة بناء على قرار الشركاء أو المساهمين ويترتب على عدم لجوء الشركاء أو المساهمين إلى اعتماد هذا الحل رفض المحكمة الاعتماد مخطط الاستمرارية والحكم بالتالي إما بالتفويت أو التصفية القضائية إعادة تكوين الرأسمال: وذالك بالرفع من راسمال أو تخفيضه، ويتم تكليف السنديك باستدعاء الجمعية العامة المختص للانعقاد وفق الشكليات المنصوص عليها في القوانين
الفقرة الثانية: توقيف أو تفويت بعض قطاعات النشاط
للمحكمة أن توقيف أو إضافة أو تفويت بعض قطاعات نشاط المقاولة إذا رأت في ذلك فائدة لضمان حسن تنفيذ مخطط الاستمرارية، ، كما يمكن للمحكمة أن تمنع رئيس المقاولة من تفويت بعض الأموال التي تعتبر ضرورية لاستمرارية نشاط المقاولة، حيث يمنع من بيع الأموال التي يحددها مخطط الاستمرارية إلا بعد الحصول على ترخيص مسبق من المحكمة
المطلب الثالث: فسخ المحكمة لمخطط الاستمرارية:
تبقى للسلطة التقديرية للمحكمة تحديد مخطط الاستمرارية على أن لا تتجاوز هذه المدة عشر سنوات ، ولا قضت بفسخ المخطط المذكور وتقضي بالتصفية القضائية ليتعين على جميع الدائنين الخاضعين للمخطط أن يصرحوا بكامل ديونهم وضماناتهم بعد خصم المبالغ التي تم استيفاؤها، كما يصرح الدائنون الذين نشأ حقهم بعد الحكم بفتح مخطط الاستمرارية بما الهم من ديون. وتنطق المحكمة بقفل المسطرة إذا قامت المقاولة بتنفيذ مخطط الاستمرارية إما تلقائيا، أو بناء على طلب من رئيس المقاولة
المبحث الثاني : مخطط التفويت
إن عملية التفويت عملية من نوع خاص ، الطابع الذي يميزها هو أن المشتري لا يلزم فقط بأداء الثمن بل بالتزامات أخرى استجابة لأهداف التسوية ، حيت يتم إستبعاد القواعد العامة للبيع لتحل محلها قواعد خاصة لها ارتباط بالنظام العام رغبة من المشرع في أن يجعل من تفويت المقاولة مؤسسة أصلية .
* إن تفويت المقاولة يهدف إلى نفس الأهداف التي يتضمنها مخطط الإستمرارية ، أي الحفاظ على شاط مقاولة الذي من شاءنة أن يستغل بشكل مستقل مع المحافضة على كل أو بعض مناصب الشغل، فنضام التفويت يتم بنقل ملكية المقاولة من مالكها إلى الغير برأسمال جديد ، وأفكار جديدة و خطط جديدة في التسيير و الإدارة بغية الإنقاد ، حيت تنتقل المقاولة بأصولها فقط دون خصومها أي دون دیونها التي تسدد من ثمن التفويت إن أمكن ذلك .
المطلب الأول : تقديم عروض التفويت :
إن تفوية المقاولة في إطار التسوية القضائية يتم بناؤها على العروض المقدمة في هذا الإطار إلى السنديك من طرف الأغيار ، بحيت تختار المحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة الغرض الذي يسمح في أحسن الظروف باداء مستحقات الدائنين و بضمان أطول مدة لاستقرار التشغيل المرتبط بمجموعة فروع النشاط المفوتة ، و يتم ذلك عبر تقديم كل راغب في إقتناء المقاولة بغرضة إلى السنديك داخل الأجل الذي سبق أن حدده هذا الأخير و أعلم به المراقبين على أن يفصل بين تاریخ توصل السنديك بالعرض و بين الجلسة التي تنظم خلالها المحكمة أجل مدتة 15 يوما ، ما لم يحصل اتفاق ببين رئيس المقاولة و السنديك و المراقبين على خلاف ذلك . كما يمكن للقاضي المنتدب طلب الشروحات التكميلية التي يراها مناسبة و ضرورية بالضافة إلى إلزام السنديك بإخبار المراقبين وممثلي العمال بمضمون العروض قصد إيداء ملاحضاتهم.
* وتبقى السلطة التقديرية للمحكمة في اختيار العرض المناسب بعد التأكد من جديته ، ومن كفائة صاحبه ، والعمل على إيعاد المرشحين المشكوك في أخلاقهم و نزاهتهم ، لذلك يجب أن تكو هوية المفوت إليه واضحة ، حتى لا يتم التحايل على المخطط كذلك من طرف أشخاص لهم علاقة برئيس المقاولة المدين و الذين منع المشرع قبول عروضهم .
المطلب الثاني : إختيار العرض الملائم :
تتمتع المحكمة بسلطة تقديرية واسعة في تقدير قيمة و أهمية العروض و تفضيل بعضها على حساب البعض الأخر ، وهي غير مقيدة بأية شروط إلا تلك التي نصت عليها المادة '605' *حيت بعد إطلاع المحكمة على تقرير القاضي المنتدب و تقرير السنديك إضافة إلى أراء المراقبين و ممثلي العمال تختار المحمكة العرض الذي تراه ملائما لوضعية المقاولة و الذي يحقق الأهداف التي ن عليها المشرع في المادتين 604 و 605 من م ت و المتمثلة في : 1 الإبقاء على النشاط الذي من شأنه أن يسغل بشكل مستقل . 2 المحافظة على كل أو بعض مناصب الشغل الخاصة بذلك النشاط 3 إبراء ذمة المقاولة من الخصوم بتوزيع ثمن التفويت بين الدائنين.
المطلب الثالت : تصفية الخصوم في إطار مخطط التفويت :
إن الهدف من التفويت هو المحافظة على مناصب الشغل و أداء مستحقات الدائنين ، وتختلف طريقة الأداء و إيراء ذمة المقاولة من الخصوم بحسب نوعية التفويت . فإذا تعلق الأمر بالتفويت الكلي للمقاولة فإن جميع الديون الحالة منها وغير الحالة تصبح مستحقة ، ويقوم السنديك تبعا لذلك بتوزيع ثمن التفويت بين جميع الدائنين بحسب مراتبهم. أما في حالة التفويت الجزئي المصاحب لإستمرارية نشاط المقاولة فإن ثمن التفويت لا يوزع بيين الدائنين بل تتم إضافته إلى الرأسمال ، و يتم أداء مستحقات الدائنين حسب الأجال و التخفيضات التي منحوها للمقاولة. ويؤدي الأداء الكامل لثمن التفويت إلى تطهير المقاولة من جميع الديون التي تنقلها كيفما كانت طبيعتها (متلا رهون رسمية أو ذات إمتيازات ..) أما في حالة العكس أي في حالة أي في حالة عدم تسديد ثمن التفويت بكامله ، يبقى المفوت إليه متحملا بكافة الضمانات العقارية و المنقولة التي تضمن سداد ديون المقاولة ، و التي تظل مستحقة إبتداء من تاريخ تفويت الملكية مع مراعات أجال الوفاء التي يمكن أن تفرضها المحكمة الضمان التنفيد السليم لمخطط التفويت.
- حيت في إطار مخطط التفويت لا يمكن للدائنين المستفيدين من حق التتبع ممارسة هذا الحق إلا في حالة تصرف المفوت إليه ، حيت يتعين على المفوت إليه و قبل الإقدام على أي تصرف في المال المفوت بإخبار السنديك بذلك و الذي يقوم بدوره بإخبار الدائنين المستفيدين .
المطلب الرابع : التزامات المفوت إليه :
طبقا للمادة 613 من مدونة التجارة يجب على المفوت إليه أن يحيط السنديك علما بتنفيد المقتضيات المنصوص عليها في مخطط التفويت عند نهاية كل سنة مالية موالية للتفويت . وإن لم يوفي المفوت إليه بالتزامات أمكن للمحكمة تلقائيا أن تقضي بفسخ المخطط ، أو بناء على طلب السنديك أو أحد الدائنين .
- و عامة يبقى الإلتزام بأداء مجموع ثمن التفويت أهم التزامات المفوت إليه ، و التي يعود للمحكمة التأكد من جديته ، لأن المحافضة على النشاط و مناصب الشغل التي من بين أهداف التي أكد عليها المشرع لتطبيق مخطط لإستمرارية لا ينبغي أن ينتج عنه تفويت صوري للمقاولة ، و تبقى للمحكمة السلطة التقديرية الواسعة في قبول الثمن من خلال العروض المقدمة ، بحيت لا تقرر هذه الأخيرة التفويت النهائي للمقاولة إلا بعد أداء المفوت إليه لمجموع ثمن التفيت ضمانا لمصداقية هذه العملية.
- وفي إطار ذلك يمكن للمحكمة أن تنص في مخطط التفويت على شرط يحد حرية المفوت إليه في التصرف في كل الأموال المفوتة أو بعض منها طيلة مدة معينة ، وذلك لإختيار جدية المفوت إليه إنقاد المقاولة تحت طيلة إبطال كل عقد أبرم خرقا الأحكام المادتين 610 و 611 من م ت بناء على طلب كل ذي مصلحة يقدمة داخل 3 سنوات إبتداء من إبرام العقد أو نشره و يمكن أيضا أن يكون هذا سببا في فسخ المخطط .
<><>
المبحث الثالت : التصفية القضائية :
- يبقى للمحكمة التجارية المفتوحة أمامها مسطرة المعالجة السلطة التقديرية للنطق بالتصفية القضائية و ذلك إما بناء على إقتراح السنديك الذي يتبين منه أن وضعية المقاولة الخاضعة للمسطرة غير قابلة لإصلاح بالمرة ، و إما من تلقاء نفسها غندما تقرر بناء على الوثائق المقدمة إليها وما راج من مناقشات أمامها و رفض مخطط التسوية القضائية الذي اقترحه السنديك .. إضافة إلى ذلك إن الحكم بالتصفية القضائية يترتب على تطبيق المقتضيات المنصوص عليها في المواد 619 إلى 636 من م ت.
- يمكن الحكم بفتح مسطرة التصفية إما فورا أي دون حاجة إلى عبور قنطرة التسوية القضائية ، أي بتحويل هذه الأخيرة إلى تصفية قضائية ، إذا تبين على ضوء الموازنة المالية و الإقتصادية و الإجتماعية التي يضعها السنديك أن وقت وضعية المقاولة مختلفة بشكل لا رجعة فيه ، كما يمكن للمحكمة في أي وقت خلال تطبيق مسطرة التسوية القضائية ، أن تأمر بتوقيف عن ممارسة نشاطها كليا أو جزءيا و النطق بالتصفية القضائية بناء على طلب معلل من السنديك أو مراقب أو رئيس المقاولة أو تلقائيا و بناء على تقرير القاضي المنتدب .
ويترتب عن تحويل التسوية القضائية إلى التصفية القضائية نقل سائر الإجراات و القرارات التي تمم إتخادها مباشرة إلى التصفية القضائية لتكامل المسطرتين من حيت الشروط الموضوعية و الشروط الشكلية إجراات فتح المسطرة ، ومضمون حكم المسطرة وتعيين السنديك و القاضي المنتدب و شهر الحكم.
المطلب الأول : أثار التصفية القضائية :
1- إستمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية القضائية :
إن الغرض الرئيسي في التصفية هو إنجاز الأصول و تصفية الخصوم ، وتوزيع العائدات على الدائنين ، ولتحقيق هذا الغرض على أحسن وجه يتطلب في بعض الأحيان إستمرارية النشاط بالرغم من أن المقاولة محكوم عليها بالتصفية القضائية ، خاصة إذا كان إجراء التصفية معرض لطول الإجراأت و التأخير ، مما يجعل تجميد نشاط المقاولة يضر بالمصلحة العامة و ينعكس سلبيا على مصالح الدائنين .
- فالإستمارية في هذه الحالة إستثنائية و مؤقتة و تبقى السلطة التقريرية للمحكمة في تقريرها أو عدم تقريرها .
2- غل يد المدين :
بمجرد صدور الحكم بالتصفية القضائية يتم غل يد المدين و رفع يده عن تسيير المقاولة بقوة القانون ، حيت لا يمكن للمدين إدارة أو تسيير أمواله أو التصرف فيها أو إقامة الدعاوي بشأنه طيلة مدة التصفية ، فلا بيع ولا شراء ولا هبة ولا قرض ولا إقتراضولا إيجار ولا رهن ولا أداء الدين أو إستيفاء له و غيرها من التصرفات ، قفل اليد يعتبر الضمانة الوحيدة و الفعالة لحماية الضمان العام و أموال و حقوق الدائنين من عبت المحكوم عليه بالتصفية ، أيضا يبتدی تاریح غل اليد من تاريخ أو يوم صدور الحكم ، سواء تمت إجراأت الشهر أو لم تتم
.3- سقوط أجال الديون أو حلول أجال الديون المؤجلة
لأن الحكم هدم مبدأ الثقة الذي يقوم عليه الأجل ، ويقرض السرعة في إنجاز التصفية الجماعية
4- تحقق التصفية (بيع الأصول و تحصيل الديون )
وتتم عبر عمليات البيع الشامل لوحدات الإنتاج التي تعد أنفع من بيع العقارات و المنقولات منفردة ، وتخضع عملية التفويت الشامل لإرادة و إختيار القاضي المنتدب ، في حين يقوم السنديك بتنفيد عقود التفويت ، حيت يسعي على غرار مسطرة التفويت في إطار التسوية القضائية إلى الحصول على عروض الشراء أو الإقتناء .
* كما يمكن أن يتم بيع أصول المقاولة غير البيع المنفرد للعقارات و المنقولات عن طريق الحجز العقاري و البيع بالمزاد العلني أو البيع بالمزايدة الودية ، أو بالتراضي و تبقى السلطة التقديرية للقاضي المنتدب في إختيار الطريقة التي يتم بها هذا البيع . المواد 622 و 624 م ت ).
* أما بالنسبة للأموال أو الديون التي تكون للمدين لدى الغير ، فإن السنديك يتولى تحصيلها ، حيت لا يمكنه المطالبة بها إلا عند حلول أجلها ، لأن سقوط و حلول أجال الديون المؤجلة مقرر لفائدة دائني المقاولة و لأجل إجراء التصفية ، ولا يشمل مديني المقاولة الذين لا تطالهم المسطرة إلا إذا توقفو هم أيضا عن سداد الديون عند حلول أجلها.
المطلب الثاني : قفل عمليات التصفية القضائية :
إذا كان فتح المسطرة يتم بناء على حكم من المحكمة التجارية ، فإن قفل عمليات التصفية تتم أيضا بناء على حكم من ذات المحكمة بعد إستدعاء رئيس المقاولة و بناء على تقرير القاضي المنتدب ، كما يخضع حكم قفل التصفية لنفس إجراأت الشهر الخاصة بفتح المسطرة ، (المواد 635 و 636 م ت ) وقد حدد المشرع أسباب قفل المسطرة التي تعتمدها المحكمة في ثلات أسباب رئيسية وهي ما نصت عليه المادة 635 م ت : 1- إذا لم يعد ثمة حصوم واجبة الأداء . 2- توفر السنديك على المبالغ الكفيلة لتغطية جميع الديون . 3- إستحالة الإستمرار في عمليات التصفية للعدم كفاية الأصول .
.