الفصل الأول: التطور التاريخي لعقد التامين
تعرض الانسان منذ القدم لمجموعة من المخاطر التي قد أصابته في شخصه أو في ممتلكاته او في مسؤوليته المدنية ، الأمر الدافع به الى البحث عن وسائل تعمل على درء هذه المخاطر أو التخفيف من عبئها ، فكانت البداية مع ممارسة التامين التبادلي أو التعاوني الذي يعتبر النواة الأولى للتأمينات الحالية التي يطغى عليها حاليا الطابع الربحي أكثر من الطابع التعاوني الذي هو أساس عقد التامين .
المبحث الأول: فكرة التامين لدى المجتمعات القديمة .
لدى الفراعنة : حيث سادت أشكال من التكافل الاجتماعي ، يمكن اعتبارها بمثابة تامین تجلی بوضوح في جمعيات دفن الموتى ، تتعلق بالأساس باعتقادات كانت سائدة حينها، تفيد بأن هناك حياة أخرى بعد الحياة الأولى .
لدى المجتمعات الفينيقية والبابلية والهنود و الرومان والاغريق : عرفت هذه المجتمعات عقد القرض البحري ، الا أن هذا العقد لم يرقى إلى مستوى التأمين البحري إلا بعد أن عرفت المجتمعات أصنافا من الضمان من الأضرار الناجمة عن الأخطار البحرية .
لكن الفقه الاسلامي يرى في هذه الأنواع من العقود البحرية وجود معنى المقامرة والرهان بشكل جلي ، حيث يراهن المقرض في عقد القرض على السفينة على وصولها سالمة، وهذا الوصول امر غير محقق، فإذا تحقق كسب الرهان المتمثل في مبلغ الفائدة مضاف اليه أصل مبلغ القرض .
المبحث الثاني : فكرة التامين لدى المجتمعات الاسلامية
قال تعالى : " وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة ياتيها رزقها رغدا في كل مكان ، فكفرت بأنعم الله ، فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ".
وكذلك قوله تعالى : " وإذا قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا " .
من أجل درء المخاطر عن الأمة كانت الدعوة صريحة في الشريعة الاسلامية الى اقرار مبادئ التعاون والتكافل الاجتماعيين في كل مجالات الحياة ، ومن الأمثلة الدالة على التعاون ما جاء في قوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ، واتقوا الله عن الله شديد العقاب "
فالتكافل الاسلامي الصريح يتجسد في المحافظة على دفع الاضرار عن مجتمعاتهم وإقامة الأسس السليمة للمجتمع عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ، اذا اشتکی عضو منه تداعى له سائر الجسم بالسهر والحمى " .
وفي ظل الحديث عن التامين في المجتمعات الاسلامية الحديثة سوف نعمل على ايراد نوعين من الآراء الفقهية التي عملت على جواز وعدم جواز التعامل مع التامين .
المطلب الأول : الرأي الذي أجاز التعامل مع التامين
أشهر هؤلاء العلماء الاستاذ مصطفى الزرقاء ، عبد الرحمان عيسى ، والأدلة التي أوردها هذا التيار متشابهة ، وسنقتصر على أدلة مصطفى الزرقاء باعتبارها أكثر شمولا والاقوى حجة من الآخرين .
يقول حفظه الله " غير أنا علاوة على ذلك ، نرى أن في أحكام الشريعة وأصول فقهها ونصوص الفقهاء ما يصلح أن يكون مستندا قياسيا واضحا في جواز عقد التامين ، و أخص بالذكر ما يلي :
. عقد الموالاة : ويتلخص هذا العقد في أن يقول شخص مجهول النسب العربي أنت وليي تعقل عني إذا جنيت وترثني إذا أنا مت . وعقد الموالاة هذا صورة حية من صور عقد التامين ، حيث أن العربي يتحمل مسؤولية مجهول النسب في كل ما يصدر عنه من اضرار .
ضمان خطر الطريق عند الحنفية : ويتلخص في ما يلي : اذا قال شخص لآخر :" اسلك هذا الطريق فإنه آمن وإن أصابك شيء فأنا ضامن " . فإذا حدث له ضرر وجب تعويضه
قاعدة الالتزامات والوعد الملزم عند المالكية : مفاد هذه الفكرة أن الشخص إذا وعد غيره بقرض أو تحمل خسارة أو غير ذلك مما ليس بواجب عليه في الأصل ، يصبح ملزما بالوفاء بوعده.
. نظام العواقل في الاسلام : يتلخص أنه إذا جنى أحد جناية قتل غير عمد بحيث يكون موجبها الاصلي الدية لا القصاص فإن دية النفس توزع على أفراد عائلته الذين يحصل بينه وبينهم التناصر عادة ، وهم الرجال البالغون من أهله وعشيرته .
نظام التقاعد والمعاش لموظفي الدولة : فيقتطع من مرتبات الموظفين مبلغ ضئيل محدد، حتی غذا بلغوا سن الشيخوخة وجدوا من مبلغ المعاش ما يساعدهم على قضاء حوائجهم ، ويستمر المعاش طيلة حياته ثم لأرملته بعد وفاته وأولاده ، وهذا النظام التقاعدي لا يرى فيه العلماء أي ضرر او تحریم وهو يشبه الى حد كبير التامين على الحياة .
المطلب الثاني : الرأي الذي حرم التعامل مع التامين
في هذا الصدد نجد الدكتور عيسى عبده في كتابه " التأمين والبديل "أبرز من حرم التعامل مع التامين تحریما تاما ، حيث اعتبر شركات التامين وسيلة للنهب غايتها ابتزاز الأموال والاثراء بلا سبب ، فلو كانت شركات التامين مؤسسات تجارية كما يدعون ، لوجب أن يخضع كل مساهم في شركة التأمين للربح والخسارة وفق تعاليم الاسلام .
المطلب الثالث : الموازنة والترجيح
لا بد بعد الموازنة من الترجيح حتى لا يعيش المسلم الملتزم لأحكام الشريعة في دوامة من الخيرة والتردد بين من يقول في جواز التامين وبين من يقول في تحريمه ، حيث لا بد من أن يكشف له عن وجه الحق حتى يأخذ به مؤمنا مقتنعا دون أن يعتريه أي التباس أو تشكيك ، والذي يبدو أن الذين ذهبوا في تحريم عقود التامين أقوى حجة واتم دلالة وأرسخ ارتباطا بنصوص الشريعة وقواعدها العامة وذلك أن :
1. المجوزون للتامين اعتمدوا في أدلتهم على استنادات قياسية مستنبطة من استنتاجات الفقهاء والمجتهدين ، بينما الذين قالوا في حرمة التامين استندوا على نصوص شرعية وقواعد اساسية أجمع المجتهدون على الأخذ بها والعمل بمقتضاها .
2. المجوزون للتامين اعتمدوا على تعليلات وتأويلات في الجواز ، أقل ما يقال فيها ، أن فيها معنى المقامرة ومعنی الغرر والريبة ، بينما الذين قالو في الحرمة اعتمدوا على نصوص شرعية تنص بشكل قاطع على أن عقود التأمين تدخل في مضمون النصوص التي تحرم القمار ، وتحرم الغرر والرهان والريبة ، وفرق كبير بين من الأخذ بالتاويل الذي تحوم حوله شبهة الحرام وبين الأخذ بالنص القاطع الجازم .
3. المجوزون للتامين اعتمدوا على مبادئ التعاون والتكافل التي وضع أصولها الاسلام، لتحقيق المجتمع المتكافل كعقد الموالاة ونظام العواقل ونظام التقاعد ، وهي في مضمونها تعتمد على التبرع ، بينما الذين قالوا في حرمة التامين ردوا أن تكون لعقود التامين أي صلة بهذه المبادئ التعاونية التي احتج بها المجوزون لكون عقود التامين الحالية تقوم على الاستغلال لا التبرع .
4- من القواعد المقررة في الشريعة الاسلامية أنه إذا تعارض المحرم والمبيح ، رجح المحرم ، وإذا تعارض المانع والمقتضي قدم المانع ، فبناء على هذه القواعد ناخذ بجانب الحرمة لعقود التامين ، على اعتبار أنه يتعارض مع الجانب المبيح .
5. المجوزون للتامين تناسوا أن تحقيق الأمن والسلامة لكل المواطنين هو من الخدمات الاجتماعية التي هي من خصوصيات الدولة. ومن المعلوم أن فتح باب التأمين على مصراعيه يوصل المجتمعات الإنسانية إلى أخس التصورات وأقبح الافعال في ابتزاز الأموال ، وانتشار الفاحشة كتأمين جمال العاهرات .
وما أعظم ما أشار إليه الشيخ الجليل أبو زهرة من خلال رده على الاستاذ الزرقاء ، على أن التفكير اليهودي هو الذي أوجد فكرة التامين ليبتدع في العالم الانساني أسباب الاستغلال
المطلب الرابع : البديل الذي يجب أن يكون
الخدمات الاجتماعية هي مسؤولية الدولة الاسلامية ، ولا ينبغي لأي هيئة أو شركة أن يستغلوا ذلك لمكاسب مادية ومصالح شخصية حيث الربح الفاحش ، فالاسلام وضع من المبادئ التكافلية والانظمة الاجتماعية ما يحقق الكرامة الانسانية ، والمستوى المعيشي لكل انسان ، ومن هذه المبادئ التي وضعها الاسلام :
. تامين الدولة اسباب العمل للقادرين
. تأمين الدولة كفالة العاجزين والمحتاجين
. تأمين الدولة الحد الأدنى للمعيشة .
. تأمين الدولة أمن الطريق لكل مواطن .
. تأمين الدولة كفالة أصحاب الحوائج .
. تامين الدولة التوازن الاقتصادي بين الأفراد
المبحث الثالث : فكرة التامين لدى المجتمعات الحديثة
يعد التامين بالمفهوم الحديث ، هو القائم على أساس وجود مشروع تجاري يسعى بالدرجة الأولى إلى تحقيق الربح من خلال اضطلاعه بتحقيق التكافل بين طالبي التامين ، إلى حد يجعلنا نكيف هذا العقد بمثابة عقد مقامرة أو غرر . وقد تطورت فكرة التكافل إلى أن انتهت في صورتها الحديثة ، ساعدتها ثلاث عوامل أساسية :
. العامل الأول : محاربة الكنيسة للقروض الربوية على نحو تم التفكير من خلاله في أنماط جديدة لتوفير الضمان .
. العامل الثاني : ويتمثل في ظهور المشاريع الضخمة المتخصصة في توفير الأمان اثر ازدهار الرأسمالية التجارية ، أي تقديم الامان بصيغة جماعية .
. العامل الثالث : المتمثل في ظهور علم الاحصاء وتقدير الاحتمالات بما أتاحه هذا العلم من قياس احتمالات الأخطار واتخاذ هذا القياس أساسا لحساب الأقساط . وقد مر تطور فكرة التأمين أو الضمان من التامين البحري إلى التأمين ضد الحريق إلى التأمين على الحياة و إلى التامين من المسؤولية المدنية إلى التأمين الجوي .
المطلب الأول : تطور فكرة التأمين البحري .
ظهر التأمين البحري كمحل مستقل في المدن الايطالية جينوا فلورانسا في النصف الأول من القرن 14 ، وعرف سكان هذه المدن التي تقع شمال ايطاليا باللومبارديين ، كما يرى البعض الآخر أن عقد التأمين ظهر نتيجة تعديل قام به بعض موثقي العقود الايطاليون لعقد القرض البحري ، وذلك بأن حل مبلغ التعويض محل مبلغ القرض ، وأصبح لا يدفع إلا في حالة تحقق الخطر ، وحل قسط التأمين محل الفائدة في عقد القرض، وأصبح يدفع في كل الأحوال وليس في حالة سلامة الوصول فقط .
وقد عرفوا اللومباردیون بسيطرتهم على عمليات البنوك في لندن عام 1290، وعرفوا بممارسة عملية التامين البحري والقروض ، وبتقديم أسعار فائدة منخفضة نسبيا ، حيث أسسوا شارعا لبيوت الاعمال في لندن ، لا يزال يحمل اسمهم الى اليوم : لومبارد ستريت .
وتعد مقهی لویدز الشهيرة اللبنة الأولى في التأمين البحري في شكل مؤسسة لها هيئة قانونية سنة 1871 ، حيث تم صدور قانون جعلها شخصا قانونيا مهمته تحقيق ثلاثة أغراض : حماية المصالح التجارية والبحرية لاعضائها، تیسسر عملية التامين ، و تجميع المعلومات البحرية .
المطلب الثاني : تطور فكرة التامين البري :
ظهرت هذه الفكرة مع ظهور الرأسمالية الصناعية متمثلة في ظهور تجمعات سكانية كبيرة وازدياد مخاطر الآلة وتنوعها ، ويمكن ايجاز تطور فكرة هذا النوع من التأمينات من خلال الفروع التالية :
تطور فكرة التامين ضد الحريق:
كانت بدايته اثر نشوب حريق مهول استولى على ما يقارب 3000 منزل و100 كنيسة مما ادى الى تفكير الناس في تكوين حماية للأنفس والممتلكات في المستقبل وذلك بتاسيس جمعيات تعاونية للتامين من الحريق سنه 1969 ثم انتقلوا بعد ذلك الى انشاء شركات مساهمة تامينية
فكرة التامين على الحياة:
ظل لمدة طويلة ينظر اليه من العقود المنافية للاخلاق فقد حرمه لويس 14 ووجد معارضة شديدة من قبل فقهاء القانو ن الفرنسيين ولم يكتسب هذا النوع الشرعي القانونية لممارسته الا في 1850
نظام التامين من المسؤولية:
ظهر هذا النوع اسراء انتشار استعمال الالات وازدياد معها وجود المخاطر وكثرة دعاوى المسؤولية عن الاصابات التي تحدث وازدادت حالات المسؤولية وتطورت قواعدها القانونية من المسؤولية الواجب اثبات الخطا فيها الى مسؤولية موضوعية تقوم على اساس نظرية تحمل المخاطر الامر الذي دفع المشرع الى الزامهم بالقيام بهذا التامين.
المطلب الثالث : فكرة التامين الجوي:
بدأت هذه الفكرة بعد الحرب ع 2 ، حيث كانت معظم التجارة الخارجية تتطلب السرعة في التوصيل ، مثل الورود والادوية.
وقد فرضت الكثير من الحكومات الزامية التامين الجوي على الطائرة من أجل درء المفاسد المحدقة بالطائرة ، وكذلك من اجل تخفيض المخاطر من المسؤولية .
المطلب الرابع : تطور فكرة التامين بالمغرب .
ظهر التامين البحري في المغرب ابتداء من سنة 1879، والذي أنشئت من خلاله الشركة التي تدعي بالاسبانية في مدينة طنجة ، تلتها شركتين المانيتين : مانهایم 1886 ، لوید 1893 .
أما التأمين البري فقد ظهر في المغرب سنة 1883 من خلال شركتين فرنسيتين وهما : الإصلاح والمركزية . وفي سنة 1916 تأست اول شركة ذات مرکز اجتماعي بمدينة طنجة أطلق عليها اسم المغرب.
وبعد الاستقلال وصل عدد شركات التامين الى 230 شركة ، وإثر ذلك تدخل المشرع المغربي لتحديد الرأسمال الادنی سنة 1965 ، فأصبح عدد الشركات لا يتجاوز 54 ، وأصبح قطاع التامين اليوم مغربيا بعدما كان أجنبيا , وقد عرف قطاع التامين بالمغرب تطورا تجلى في التشريعات التي أحدثت بشأنه أخرها كان : القانون المتعلق بالمدونة العامة للتأمينات.
المبحث الثاني خصائص عقد التأمين
المطلب الأول : الخصائص العامة
عقد تبادلي
يعني ان لكل من المؤمن والمؤمن له التزامات متبادلة يجب تنفيذها عند التعاقد وبعد تحقق الخطر واثناء العقد وبعباره اخرى يلتزم المؤمن له بدفع الاقساط نظير التزام المؤمن بدفع عوض التامين عند تحقق الخطر المؤمن منه في العقد ويؤخذ على هذه الميزة ان المؤمن له يلتزم بدفع اقساط التامين دفعة واحدة او لاجال مع ينه وهذا الالتزام محقق في تنفيذ ه خلاف للمؤم ن فهو يلتزم بدفع عوض التامين عند تحقق الخطر وهذا الاخير قد لا يتحقق فلا يدفع شيئا.
من العقود المستمرة
او ما يسمى بالعقود الزمنية لان الزمن هو عنصر جوهري في هذا العقد فالتزامات الاطراف هي اداءات مستمره في الزمن حيث يلتزم المؤمن لمدة معينة بان يضمن الخطر المؤمن منه طوال مده التامين بشكل مستمر مقابل التزام المؤمن له بدفع اقساط فهو التزام متكرر في فترات المنظمة خلال مده العقد ويترتب على ثبات الاستمراريه لعقد التامين انحسار اثري فسخ العقد على مرحله مستقبلية ولا ي سري باثر بحيث تبقى الاقساط المدفوعه في الما ضي دون تاثير.
من العقود الرضائية
في العقد الرضائي لا يعد الشكل شرطا ضروريا انما ينعقد بمجرد تراضي الطرفين وقد يستلزم الكتابه لاثبات العقد حيث لا يثبت الا بوثيقه تامين يوقع عليها كل من المؤمن والمؤمن وقد يجوز الاتفاق على جعل الكتابه شرطا لانعقاد التامين وحين اذ يصبح التامين شكليا ولا تتنافى هذه الردائيه مع كون ي عقد التامين اجباريا في بعض الحالات التاميني على المسؤوليه المدنيه الناشئه عن حوا دث التامين من المهنية.
من عقود المعاوضة
يعد معاوضه لان كل طرف يحصل على منفعه مقابل ما يؤديه من التزام بحيث يحصل على اي المؤمن له ع لى الامان ويحصل المؤمن على اقساط التامين ويظل عقد التامين من المعاوضه حتى لو كان الشخص المستفيد من التامين غير المؤمن له فمثل الاشتراك لمصلحه الغير لا يؤثر على طبيعه العقد كالتامين على الحياة.
عقد مدني او تجاري
وذلك حسب صفات كل من طرف العقد فالعقد قد يكون مدنيا لطرف وتجاريا للطرف الاخر فبالنسبه للمؤمن يعد عملا تجاريا في معظم الحالات الا فيما يتعلق بالتامين بالاكتساب اما بالنسبه للمؤمن له فلا يعد عملا تجاريا الا اذا كان تاجرا وكان التامين متعلقا باعماله التجارية.
الفصل الثالث : عناصر عقد التامين
المبحث الأول : الخطر المؤمن منه .
الخطر بصفة عامة يعرفه البعض بأنه : الشك الموضوعي فيما يتعلق بنتيجة موقف معين ، ويعرفه آخر بأنه عدم التاكد الموضوعي الخاص بتحقيق حادث غير مرغوب فيه . أما الخطر في عقد التأمين ، فهو العنصر الجوهري فيه ، وهو بمثابة المحل الذي يرد عليه التامين ، وبسببه يلتزم المؤمن والمؤمن له بالتزاماتهما المتبادلة . والخطر المؤمن ليس دائما حدثا ضارا بل يشمل حادثا سعيدا کتامين المصور مثلا وتامين الأولاد .
المطلب الأول : شروط وأركان الخطر .
أن يكون حادثا محتمل الوقوع : والاحتمال يعني انتفاء اليقين ، والاحتمال يشكل منطقة وسطی بین حدين : حد الاستحالة وحد التاكيد , والخطر يكون محقق الوقوع ، أي مستقبلا ويتجلى ذلك في صورتين : + أن يكون وقوعه غير محتم ، فقد يقع وقد لا يقع كالتامين من الحرق . + أن يكون وقوعه محتم لكن ليس من المعروف وقوعه ، كالتأمين على الحياة كحالة الوفاة . وإذا كان الخطر مستحيل الوقوع كان محل التأمين مستحيلا، وبالتالي كان العقد باطلا . . أن يكون حدثا لا إراديا : وبالتالي يعد العقد باطلا إذا كان الخطر ناتجا عن إرادة أحد الأطراف المتعاقدة . بمعنى أنه لا يجوز التأمين على الخطأ العمدي لمؤمن له وكذلك الخطأ العمدي الصادر من الغير , . أن يكون الخطر مشروعا : غير مخالف للقوانين وللنظام العام والاخلاق الحميدة ، ويعد التأمين ضد الخطأ العمدي غير جائز لمخالفته للنظام العام ، لأن مثل هذا التامين من شأنه أن يشجع المؤمن له على الاضرار بالغير ما دام يعلم أنه مؤمن.
المطلب الثاني : أنواع و أوصاف الخطر .
الخطر الثابت والخطر المتغير : يكون الخطر ثابتا إذا كان احتمال تحققه متكافئا أو ثابتا خلال وحدة معينة من الزمن ، والتي يسري فيها التامين ، مثلا التامين من خطر حوادث السير . ويكون الخطر متغيرا إذا تزاید احتمال وقوعه مثلا التامين كحالة الوفاة . .
الخطر المعين والخطر غير المعين : يكون الخطر معينا إذا أمكن تحديد ثره بتعيين الشيء أو الشخص المستهدف منه، أما الخطر غير المعين فيكون إذا كان المحل الذي يقع عليه الخطر غير معين وقت التامين ، وإنما يتحدد عند تحقق الخطر ، مثلا التأمين من المسؤولية المدنية عن حوادث السير . .
الخطر الموضوعي والخطر الشخصي : الخطر الشخصي هو ذلك الخطر الذي يكون وثيق الصلة بشخص المؤمن له أو خطئه أو خطأ تابعيه . أما الخطر الموضوعي هو الذي لا تدخل فيه إرادة المؤمن له وشخصه ، وإنما يعود لعوامل خارجية كالظواهر الطبيعية ومثال ذلك التامين ضد الصقيع وموت الماشية . .
الخطر المادي والخطر المعنوي : الخطر المادي مثاله التامين من الحريق حيث يأخذ بعين الاعتبار نوع الأبنية و مواد البناء وموقعه وبعده من مراكز الاطفاء . أما الخطر المعنوي فيعود لعوامل معنوية من شانها التأثير على حركته زيادة أو نقصانا كشخصية المؤمن له ، ومدى العناية التي يبذلها من أجل الحفاظ على الشيء المؤمن عليه .
المطلب الثالث : قياس الخطر
هناك شروط فنية غير الشروط القانونية ، يلزم توفرها في الخطر ليكون محلا قابلا للتعاقد في عقود التامين ، وتشمل هذه الشروط ما يلي : . أن يكون الخطر متواترا : أي قابلا للتحقق بدرجة كافية تسمح لقوانين الاحصاء بان تصل الى تحديد درجة احتماله. . أن يكون الخطر موزعا أو منتشرا : يعني أن الخطر عند تحققه يجب ألا يصيب في ذات الوقت عددا كبيرا من الأشخاص أو الأشياء مرة واحدة وإلا استحال اجراء المقاصة بين المخاطر .
. أن يكون الخطر متجانسا : فالاخطار التي هي من نوع واحد يختلف الواحد منها عن الآخر في مجموعة غير محدودة من الظروف ، تجعل كلا منها مغايرا للآخر في إمكانية التحقق وجسامة النتائج ، ولذلك فحتى يكون قياس الاخطار صحيحا ، يجب تصنيفها في فصائل بحسب أهم الظروف المؤثرة في مدى احتمال وقوعها وحجم النتائج المترتبة . . أن يكون الخطر يمكن تحديد نتائج توقعه : يعني أن التأمين يجب أن يكون محله قابلا للتحديد بصورة دقيقة ، وهو ما يعرف بشرط إمكانية تحديد الخسارة ، وهذا التحديد يكون من حيث المقدار ومن حيث وقت الخطر ومکان تحققه .
المبحث الثاني : قسط التأمين ( مقابل التأمين )
القسط هو ما يدفعه المؤمن له للمؤمن مقابل تحمل الأخير الخطر المؤمن منه ، هذا المقابل يسمى القسط في التامين التجاري ، ويسمى الاشتراك في كل من التامين التبادلي والتامين الاجتماعي . والمشرع المغربي عرف القسط في مدونة التأمينات على أنه" مبلغ مستحق على مكتب عقد التامين مقابل ضمانات يمنحها المؤمن " . ويتم دفع القسط إما دفعة واحدة على شكل مبلغ إجمالي ويسمى بالقسط الوحيد، كما يمكن أن يدفع على شكل فترات دورية
المطلب الأول : شروط قسط التأمين
1. أن يكون كافيا لتغطية ما يلي : .
الخسائر المنتظر وقوعها .
. المصروفات التي يتحملها المؤمن في سبيل مزاولة عملية التامين وهي العمولة الادارية . . ربح معقول للمؤمن في حالة التأمين التجاري .
2. أن يكون عادلا ومتناسقا: بمعنى أن كل مؤمن له يدفع للمؤمن مبلغا يتناسب مع مقدار الخطر المؤمن منه .
3. أن يراعي في تحديد القسط عامل المنافسة : حيث أنه لا يمكن أن يتحقق النجاح للشركة التي تطلب قسطا أعلى من القسط الذي تطالب به غيرها من الشركات .
المطلب الثاني : عناصر قسط التأمين:
يشمل هذا القسط نوعين :
1. القسط الصافي : وهو القسط الذي يكفي فقط لدفع التعويضات التي تستحق بسبب وقوع الخطر المؤمن منه ، أي أنه لا يشمل المصاريف والضرائب وغيرها التي يتحملها المؤمن بسبب ممارسة مهنة التامين ، وكذلك لا نصرف إلى الأرباح التي ينتظرها المؤمن من هذه العملية . ولتحديد هذا النوع من القسط يعتمد المؤمن على عدة عوامل يمكن إجمالها في أربعة عوامل : الخطر / مبلغ التأمين | المدة / سعر الفائدة .
2 القسط الفعلي أو التجاري : في هذا القسط ، المؤمن له لا يدفع إلا القسم التجاري ، بحيث يتكون هذا الأخير من قيمة القسط الصافي مضافا إليه الأعباء الكافية لسداد جميع النفقات التي يتحتم على هياة التأمين تحملها من أجل إصدار الوثيقة ، وتسمى هذه الأعباء الإضافية بعلاوات القسط . إذن القسط الصافي مضاف إليه علاوات القسط ينتج عنه ما يسمى بالقسط التجاري .
المطلب الثالث : مبلغ التأمين ( العوض ):
وهو العنصر الثالث لاكتمال عقد التامين بعد الخطر والقسط بحيث أن هذه العناصر الثلاثة مرتبطة ببعضها البعض ، ولا يمكن أن ينفعل إحداها عن الآخر ، وإلا فقد العقد صفة التامين . ويعرف العوض بأنه ذاك المبلغ الذي يدفعه المؤمن وفقا لمقتضيات العقد كتعويض عن الضرر اللاحق بالمؤمن له أ, بالضحية . حسب المادة 1 من مدونة التامينات .
المطلب الرابع : أشكال العوض
وهو إما أن يكون في شكل تعویض نقدي أو في شكل تعویض عيني .
1. على شكل تعویض نقدي : ويختلف هنا التزام المؤمن بدفع التعويض باختلاف نوعية التامين ، فإذا كان التامين على الأشياء ، الأصل هو في تحديد الضرر الذي لحق المؤمن له ، ثم يقاس التعويض على قدر هذا الضرر . أما إذا كان التامين على الأشخاص فإن مبلغ التأمين النقدي يحدد مقدما في العقد. أما إذا كان التأمين من الأضرار فإن مبلغ التأمين النقدي يتم تقديره على أساس الضرر الحاصل وقت تحقق الخطر المؤمن منه . 2. على شكل تعویض عيني : وهذا ما يحدث عندما يحتفظ المؤمن أثناء إبرام العقد بحقه في إصلاح الضرر الذي اصاب المؤمن له عينا، ويحدث هذا غالبا في التأمين من الحريق . 3. على شكل خدمات : يعني أن يلتزم المؤمن للمؤمن له فضلا عن العوض المالي ببعض الالتزامات التي يكون محلها عملا من الاعمال ، كما إذا التزم المؤمن في التامين من المسؤولية مثلا بمباشرة إجراءات دعوى المسؤولية التي ترفع على المؤمن له بسبب وقوع الخطر المؤمن منه .
المطلب الخامس : تحديد مبلغ العوض.
أولا :في التأمين على الأضرار
عنصر الضرر: استنادا إلى قاعدة تناسب مبلغ التأمين مع الضرر الحاصل التي تدخل في النظام العام ، فإنه يكون هناك تعويض عن الضرر بقدر هذا الاخير ، وذلك وفقا لمضمون المادة 39 من مدونة التأمينات .
المبلغ المؤمن به: قد يحصل اتفاق في عقد التأمين على مبلغ معين ، ويراعي في ذلك أن يكون المبلغ المؤمن به مساويا لقيمة الشيء المؤمن عليه ، سواء في | التأمين على الأشياء أو من المسؤولية.
قسمة الشيء المؤمن عليه : نجد هذا العنصر في التامين على الأشياء دون التامين من المسؤولية.
ثانيا . في التامين على الأشخاص .
يعتبر مبلغ التأمين في التامين على الأشخاص بلا حدود لانه مبني على اتفاق الطرفين على وثيقة العقد ، فيكون مبلغا متفقا عليه وهو أساس تحديد التزام المؤمن . . تامين الأشخاص ليس له صفة تعويضية ، وهو يهدف إلى التخفيف من وطأة الضرر أو الاحتياط للمستقبل أحيانا دون أن يكون هدفه تعویض الضرر . ومثال ذلك : حالة الوفاء . . في حالة التأمين على الحياة، يجب في الوثيقة تحديد المستفيد بعد الوفاة ، وقد أشارت المادة 79 من مدونة التامينات: " لا يشمل إرث المؤمن له المبالغ المشترط دفعها بعد وفاته لمستفيد معين او لورثته ، ويبقى المستفيد ، كيفما كان شكل وتاريخ تعيينه ، الوحيد الذي يحق له الحصول على هذه المبالغ ابتداء من يوم العقد... " .
ولا تنسى أخي القاري الكريم مشاركة البحث مع أصدقائك , فبمشاركتك هذه تساعد على إيصال محتوى هذه المدونة
ولك جزيل الشكر