بقلم الأستاذة صوفيا بومنينة
محامية متمرنة بهيئة طنجة باحثة في قانون الأعمال
يتحدد الإطار القانوني للصفقات العمومية في ظل التشريع المغربي من خلال المرسوم رقم 2.12.349 المتعلق بالصفقات العمومية الصادر بتاريخ 20 مارس 2013، كما تم تعديله وتتميمه[1]، والذي يعد بمثابة الأساس القانوني للصفقات العمومية، حيث حدد القواعد المتعلقة بتدبير الصفقات ومراقبتها، وكذلك الشروط والأشكال التي تبرم وفقها صفقات
الأشغال والتوريدات والخدمات لحساب الدولة والمؤسسات العمومية الواردة في اللائحة المحددة بقرار وزير المالية المنصوص عليها في المادة 19 من القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة، وهيئات أخرى كما وقع تغييره وتتميمه[2].
وبالرجوع لمقتضيات المادة 3 من نفس المرسوم الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ فاتح يناير 2014 فإن المشرع استثنى الاتفاقات أو العقود المبرمة وفقا لقواعد القانون العادي ؛ وكذلك عقود التدبير المفوض للمرافـق والمنشآت العامة ؛ وتفويتات الأموال بين مرافق الدولة أو بين الدولة والجهات والعمالات والأقاليم والجماعات، والأعمال المنجزة بين مرافق الدولة الخاضعة للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ؛ بما في ذلك العقود المتعلقة بالمعاملات المالية المنجزة في السوق المالي الدولي، وكذا الخدمات المرتبطة بها. إلا أنه يمكن الحيد عن مقتضيات هذا المرسوم فيما يتعلق بالصفقات المبرمة في إطار الاتفاقيات أو المعاهدات التي وقعها المغرب مع هيئات دولية أو دول أجنبية إذا نصت هذه الاتفاقيات أو المعاهدات صراحة على تطبيق شروط وأشكال خاصة بإبرام الصفقات.
هذا علما بأنه باستثناء أعمال الهندسة المعمارية الخاضعة لمقتضيات الباب الخامس من مرسوم الصفقات العمومية، تبرم صفقات الأشغال والتوريدات والخدمات عن طريق طلب العروض أو المباراة أو حسب المسطرة التفاوضية.
وتبعا لذلك، فما هي نوعية الآليات التي حاول بها المشرع تحصين الصفقات العمومية ؟
وما هي مساطر إبرامها ؟
وعليه، وللإحاطة بالموضوع يقتضي الأمر التطرق في البداية لطلبات العروض والتباري (المطلب الأول)، قبل الوقوف تفصيلا على أنواع الصفقات وسندات الطلب (المطلب الثاني).
المطلب الأول : طلبات العروض والتباري
تعد الصفقات العمومية، الأداة الإستراتيجية التي وضعها المشرع المغربي في أيدي السلطة العامة لانجاز العمليات المالية المتعلقة بإنجاز، تسيير وتجهيز المرافق العامة، على اعتبار أن نظام الصفقات يعد الوسيلة الأمثل لاستغلال وتسيير الأموال العامة.
وتبعا لذلك، سنتناول في الفقرة الأولى من هذا المطلب مختلف أشكال طلبات العروض ومجالات تطبيقها، وأهم الإجراءات المتعلقة بها، فيما سنتطرق في الفقرة الثانية إلى المنافسة عن طريق المباراة.
الفقرة الأولى : طلبات العروض
يكون طلب العروض مفتوحا أو محدودا، ويدعى " مفتوحا " عندما يمكن لكل متنافس الحصول على ملف الاستشارة وتقديم ترشيحه، ويدعى " محدودا " عندما لا يسمح بتقديم العروض إلا للمتنافسين الذين قرر صاحب المشروع استشارتهم.
ويدعى طلب العروض " بالانتقاء المسبق " عندما لا يسمح بتقديم العروض، بعد استشارة لجنة للقبول، إلا للمتنافسين الذين يتوفرون على المؤهلات الكافية لاسيما من الناحية التقنية والمالية.
كما يمكن أن يكون طلب العروض " بتخفيض أو زيادة " أو " بعروض أثمان " وفي هاته الحالة يوقع المتنافسون التزاما بإنجاز الأشغال أو الخدمات أو تسليم التوريدات التي يقدر صاحب المشروع ثمنها عن طريق تخفيض (أو زيادة) يعبر عنها بنسبة مئوية.
علما أن ملفات طلبات العروض " بعروض أثمان "، لا تبين للمتنافسين إلا طبيعة وأهمية الأشغال أو التوريدات أو الخدمات التي يتولى المتنافسون اقتراح أثمانها، وحصر مبلغها النهائي في عروضهم.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الأنظمة القانونية العالمية استقرت على أن المناقصة والمزايدة هما طريقتان أساسيتان لإبرام العقود الإدارية، وفي كلتا الطريقتين فإن الإدارة تلتزم باختيار أفضل من يتقدمون للتعاقد معها سواء من الناحية المالية أو من ناحية الخدمة المطلوبة.
فأسلوب المزايدة تلجأ إليه الإدارة العمومية عندما تريد أن تبيع أو تؤجر شيئا من أملاكها، في حين تستعمل المناقصة عندما تريد الحصول على توريدات، فتلتزم الإدارة في الحالة الأولى باختيار الطرف المتعاقد الذي يقدم أعلى ثمن ممكن، مثل : قيام جماعة حضرية أو قروية بمزايدة لكراء موقف للسيارات أو كراء سوق أسبوعي ... إلخ.
أما في الحالة الثانية، فإن الإدارة تلتزم باختيار الطرف المتعاقد الذي يقدم العرض الأقل ثمنا.
وفي هذا الصدد، يخضع طلب العروض المفتوح أو المحدود للمبادئ التالية :
أ) دعوة إلى المنافسة؛
ب) فتح الأظرفة في جلسة عمومية؛
ج) فحص العروض من طرف لجنة طلب العروض؛
د) اختيار العرض الأكثر أفضلية من طرف لجنة طلب العروض الواجب اقتراحه على صاحب المشروع؛
ه) وجوب قيام صاحب المشروع الذي يجري طلب العروض بتبليغ الثمن التقديري المنصوص عليه في المادة 5 من مرسوم الصفقات العمومية إلى أعضاء لجنة طلب العروض[3].
وللإلمام أكثر بهذا الجانب من الموضوع سنتعرض بصفة خاصة إلى طلب العروض المحدود (أولا)، قبل أن نعرج على طلب العروض بالانتقاء المسبق (ثانيا).
أولا - طلب العروض المحدود :
قنن المشرع طلبات العروض المحدودة، إذ لا يجوز إبرامها إلا بالنسبة للأعمال التي لا يمكن تنفيذها من طرف جميع المقاولين أو الموردين أو الخدماتيين، اعتبارا لطبيعتها وخصوصيتها ولأهمية الكفاءات والموارد الواجب تسخيرها، والوسائل والمعدات التي يتعين استعمالها، مع وجوب أن يقل مبلغ هذه الأعمال أو يساوي مليوني درهم باحتساب الرسوم.
كما يجب على صاحب المشروع أن يستشير ثلاثة متنافسين على الأقل بوسعهم الاستجابة على أحسن وجه للحاجات المراد تلبيتها.