2. الصفة
الصفة هي التي تخول للمدعي أو لطالب الغاء الحق في التقاضي أمام القضاء الإداري و خاصة عندما يتعلق الأمر بدعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة و لمعرفة ما إذا كان شخص ما يتمتع بالحق في التقاضي و مدى توفر شكلية الصفة فيه يجب البحث عما اذا كانت له مصلحة وثيقة بجوهر النزاع و مستند إلى أساس قانوني.
و الصفة تكون شخصية فيما يكون الطاعن (الشخص الطبيعي) هو المتحرك شخصيا و قد تكتب بواسطة مؤهل يقوم مقام الطاعن (الولي- الوصي) أو قانونا (النائب – الوكيل- الغير ) أما إذا كان الشخص شخصا معنويا ( الإدارة - شركة - جمعية – نقابة ) فان الصفة تستلزم بالإضافة إلى الرسم في التقاضي إثبات التمثيلية القانونية لمن يتولى الكلام باسمه أمام القضاء.
3. المصلحة
لا يمكن تصور دعوى الإلغاء كما هو شان الدعاوى العامة بدون وجود مصلحة فان المسلم به انه " لا دعوى بغير مصلحة " فالعبارة تعني أن المصلحة هي المبرر لوجود الدعوى وهي ذاتها المنفعة التي يمكن أن يحصل عليها رافعها.
و من المستقر قضاءا انه لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون إلا أن المصلحة في دعوى الإلغاء تتميز عن تلك التي تتطلبها الدعوى العادية أمام المحاكم العادية أو دعوى القضاء الشامل.
فمن مميزات المصلحة في دعوى الإلغاء ما يلي
· إن المصلحة في دعوى الإلغاء لا يشترط فيها أن تستند إلى حق رافعها اعتدت عليه الإدارة أو هددت بالاعتداء عليه بل يكفي امتلاك رافع الدعوى مصلحة لا ترقى إلى مرتبة الحق و عدم اشتراط استناد المصلحة في دعوى الإلغاء إلى حق الطاعن أدى إلى اتساع ميدانها بوصفها دعوى موضوعية تخاصم القرارات الإدارية غير المشروعة بقصد حماية مبدأ المشروعية.
· يكفي أن يتوفر شرط المصلحة وقت رفع الدعوى على أساس أن دعوى الإلغاء تهدف إلى تحقيق مصلحتين في ذات الوقت مصلحة شخصية لرافع الدعوى و مصلحة عامة للجماعة و ذلك للدفاع عن المشروعية .
· أن يكون للمدعي في دعوى إلغاء القرار الإداري مصلحة شخصية في إلغائه متى كان في مركز قانوني خاص مميز عن سائر الأفراد بحيث يؤثر القرار محل الطعن بالإلغاء على هذه المصلحة تأثيرا مباشرا.
ثانيا خصائص المصلحة التي تجيز الطعن بالالغاء
تتميز المصلحة كشرط لقبول دعوى الإلغاء في ان تكون شخصية و مباشرة من ناحية و تقبل دعوى الإلغاء في حالة توافر المصلحة سواء كانت محققة أم محتملة و يجوز أن تكون المصلحة فيها مادية أو أدبية و يجب أن تكون مشروعة.
أ) المصلحة الشخصية و المباشرة.
· المصلحة الفردية
إن اشتراط شخصية المصلحة لقبول دعوى الإلغاء هو الذي يميزها عن دعوى الحسبة و التي يجوز للكافة إقامتها حماية لمبدأ الشرعية المتصل بها.
حيث إن دعوى الإلغاء لا يكفي لقبولها الاستناد إلى المصلحة العامة فقط بل يجب أن تهدف الدعوى الحصول على حماية مصلحة مرتبطة بحق يهم المدعي بصفة شخصية و مباشرة.
· المصلحة الجماعية
لا يشترط في شرط المصلحة ان يكون فرديا بل قد يكون جماعيا كون المصلحة بالنسبة للأشخاص المعنوية يجب أن تثبت هذه الاشخاص المصالح الجماعية.
و هي عادة ما تكون الأهداف التي من اجلها انشات تلك الأشخاص المعنوية ( جمعية – شركة – نقابة ).
ب) المصلحة المحققة و المصلحة المحتملة
· المصلحة المحققة
من المتفق عليه انه يجب ان يكون لرافع الدعوى مصلحة محققة حتى يمكن قبول دعوى الإلغاء و يتحقق ذلك بصفة عامة اذا تحققت ضرر حال بمصلحة الطاعن.
· المصلحة المحتملة
إن دعوى الإلغاء في الأصل جعلت لحماية المصالح المحققة الحالة إلا انه أحيانا توجد مصلحة محتملة للطاعن ينبغي حمايتها من وراء رفعه لدعواه.
و هي المصلحة التي من غير المؤكد حدوثها أو هي التي من شانها ان تهيئ الفرصة لجلب نفع أو دفع ضرر دون أن يكون ذلك مؤكدا.
ج) المصلحة المادية و المصلحة الأدبية
استقر القضاء الإداري على انه يكفي لقبول دعوى الإلغاء أن يكون للطاعن مصلحة شخصية مباشرة مادية أو أدبية.
· المصلحة المادية
للقرار الإداري آثار مادية يرتبها نفاذه إلى إمكانية الأضرار المادية بمن صدر بشأنه القرار الأمر الذي يجعل له مصلحة مادية معترف بها قضائيا في الطعن بإلغائه للتخلص من أثاره الضارة.
· المصلحة الأدبية
تتمثل المصالح الأدبية أو المعنوية في كل ما يتصل بسمة الشخص أو الموظف أو تشكك في قدراته و كفائت هاو تتعلق بالمشاعر الدينية من جراء غلق مكان العبادة و منع ممارسة الشعائر الدينية فيه.
د) يجب أن تكون المصلحة مشروعة
دعوى الإلغاء جعلت لحماية المشروعية و من ثم فانه يتعين أن تكون المصلحة التي أقيمت دعوى الإلغاء لحمايتها مشروعة.
وحتى تكون المصلحة مشروعة في دعوى الالغاء فانه يجب أن تهدف إلى حماية وضع قانوني أو أخلاقي يقره القانون بمعناه الواسع.
ثالثا: شرط انتفاء الدعوى الموازية
يحيل مفهوم الدعوى الموازية على إن لا يكون في وسع الطاعن اللجوء إلى طريق قضائي أخر يحقق له نفس النتائج التي يريد الوصول إليها عن طريق الإلغاء، ويعود أصل الدعوى الموازية إلى قضاء مجلس الدولة الفرنسي فبعد صدور مرسوم 2 فبراير 1864 التي تقرر بموجبه الإعفاء من دفع الرسوم القضائية وتوكيل محام مجانا لرفع دعوى الإلغاء أمام المجلس نفسه تراكمت القضايا المتعلقة بإلغاء قرارات الإدارة غير المشروعة، مما دفع الاجتهاد القضائي إلى البحث عن حل قضائي أخر يخفف من عدد قضايا الإلغاء من جهة وتعويض المحاميين المتضررين من جراء حرمانهم من امتيازاتهم بسب المرسوم المذكور من جهة أخرى،فقلق مجلس الدولة الفرنسي أمام العدد المرتفع للطعون المتعلقة بتجاوز السلطة أمامه بعد صدور هدا المرسوم ،أدى به إلى البحث عن وسيلة لوقف هذا الغزو لمحاربته فعثر عليها في استثناء الدعوى الموازية ،وتبقى إذن الغاية الأساسية لهده الأخيرة هي الحد من دعاوي الإلغاء .
أما في المغرب ،فالمشرع أكد على شرط الدعوى الموازية صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 14 من ظهير 1957 المحدث للمجلس الأعلى على أن "لا تقبل دعوى الإلغاء الموجهة ضد المقررات الإدارية إذا كان في استطاعة من يعنيهم الأمر المطالبة بحقوقهم لدى المحاكم العادية "وقد اعد المشرع هدا النص في المادة 360 من قانون المسطرة المدنية في الفقرة الأخيرة منه.
و إضافة إلى ذلك تم التأكيد على نفس المقتضيات المذكورة أعلاه في المادة23 من قانون المحاكم الإدارية والتي نصت على أنه "لا يقبل الطلب الهادف إلى إلغاء قرارات إدارية إذا كان في وسع المعنيين بالأمر أن يطالبوا بما يدعونه من حقوق بطريق الطعن العادي أمام القضاء الشامل"
فمن خلال الفصل 360من قانون المسطرة المدنية و المادة 23 من قانون المحاكم الإدارية السالفين الذكر يتضح لنا أن الدعوى الموازية ليست مجرد دفع أو تظلم ،بل هي دعوى قضائية محضة يكون إطارها القضاء الشامل بمفهومه الواسع،سواء كان ذلك متعلقا بالمحاكم العادية أو بالمحاكم الإدارية .
ولكي تطبق نظرية الدعوى الموازية ولا تقبل دعوى الإلغاء يجب أن يكون الطريق الذي نظمه الفانون لصاحب الشأن دعوى لا مجرد دفع أي أن يكون أداة هجوم وليس فقط مجرد وسيلة للدفاع أي عدم أخد الطعن القضائي الذي وفره القانون للمعني بالأمر لصورة دفع بعدم الشرعية، أو تظلم إلزامي ،باعتبار أن الدفع ليس في مرتبة دعوى الإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة، فالدفع بعدم الشرعية لا يقف عقبة في سبيل قبول دعوى الإلغاء ضد القرار الإداري التنظيمي أو ضد القرار الفردي الصادر تطبيقا له ، لما ما بين الطرفين من تفاوت في النتائج ، بحيث أن دعوى الإلغاء تنتهي بحكم قضائي يلغي القرار الإداري ويزيله من الوجود بالنسبة للكافة ودلك بطبيعة الحال إذا كان القرار غير مشرع، بينما لا يترتب على الدفع بعدم الشرعية إلا مجرد الامتناع عن تطبيق القرار الإداري بالنسبة للنزاع المعروض على القاضي ويظل القرار قائما للتطبيق على الحالات المشابهة.
فحتى لا يتم قبول دعوى الإلغاء يجب أن تكن الدعوى الموازية محققة لنفس النتائج التي تحققها دعوى الإلغاء وهو ما عبرت عنه المادة 23 بقولها "...أن يطالبوا بما يدعونه من حقوق..." فدعوى الإلغاء تعد غير مقبولة إذا كان الطاعن يتوفر على دعوى قضائية أخرى عادية أو إدارية غير تلك المتمثلة في دعوى الإلغاء ،تقدم له نفس نتائج دعوى الإلغاء ،أي بعبارة أخرى يجب أن تؤدي الدعوى الموازية إلى حصول المدعي على مركز معادل للمركز الذي يمكنه الحصول عليه بواسطة دعوى الإلغاء .
الفقرة الثالثة: حالات وأوجه الالغاء
أولا : شروط المشروعية الخارجية
: عيب الاختصاص :
قبل الوقوف على ماهية عيب الاختصاص يتعين علينا أن نعرج ولو بعجالة على مفهوم الاختصاص استجلاء لأسباب اللبس و الغموض التي قد تكتنف الموضوع.و ذلك من خلال محاولة الإجابة عن ما يلي:
ما المقصود بالاختصاص ؟ وما مفهوم عيب الاختصاص ؟ و ماهي صوره وحالاته ؟
1- المقصود بالاختصاص:
يقصد بالاختصاص الصلاحية الموكولة لجهة إدارية قصد إتحاد ما يلزم من قرارات، وتحدد اختصاصات السلطات الإدارية المختلفة، إما بواسطة قواعد دستورية أو تشريعات أو تنظيمات أو بقواعد مستنبطة من قبل القضاء استنادا على المبادئ العامة للقانون أو عن طريق القرارات أو العرف.
2- مفهوم عيب الاختصاص:
يقصد بعيب الاختصاص أو عدم الاختصاص صدور القرار المطعون فيه ممن لم يخوله القانون صلاحية إصداره.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن عيب الاختصاص يعتبر العيب الوحيد من أوجه الإلغاء المتعلق بالنظام العام،الأمر الذي يترتب عنه ما يلي:
للقاضي أن يثيره من تلقاء نفسه وإن لم يدل به أحد الخصوم أو لم يدفع به الطاعن أمامه، و يثار في أي مرحلة من مراحل الدعوى.
عدم السماح للإدارة و للأفراد الاتفاق على مخالفة قواعد الاختصاص بتعديلها.
لا يجوز للسلطة الإدارية صاحبة الاختصاص أن تتنازل عن صلاحياتها لجهة أخرى إدارية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك.
مخالفة قواعد الاختصاص لا يسمح بها إلا في حالة الظروف الاستثنائية، و بالتالي فلا يجوز التذرع بوجود حالة الضرورة أو الاستعجال قصد مخالفتها.
لا يسمح للسلطة العليا أن تتخذ قرارا تصحيحيا تصحح بموجبه القرار الإداري المعيب الذي أصدره المرؤوس.
أ. صور عيب الاختصاص:
يتخذ عيب عدم الاختصاص صورتان أساسيتان حددهما الفقه و القضاء الإداريين في:
عيب الاختصاص الجسيم : (اغتصاب السلطة)
و يطلق على عيب الاختصاص اصطلاح اغتصاب السلطة عندما يكون العيب جسيما، ويترتب على ذلك أن القرار لا يعتبر باطلا فحسب بل معدوما وفاقدا لصفته الإدارية.
و تتجلى حالة اغتصاب السلطة في صدور القرار ممن لا يتصف بصفة الموظف العام أي صدور القرار من فرد عادي، أو صدور القرار من سلطة إدارية في أمر يدخل في اختصاص السلطة التشريعية أو القضائية.
- صدور القرار من شخص عادي لا يتمتع بصفة الموظف العام
وفي هذه الحالة يقوم أحد الأفراد العاديين ممن لا يتمتعون بصفة الموظف العام بمباشرة بعض الاختصاصات الإدارية التي لا علاقة له بها، و هنا تعتبر القرارات الصادرة عنه معدومة و لا أثر لها.
و استثناء من ذلك، و طبقا لنظرية الموظف الفعلي التي أقامها مجلس الدولة الفرنسي، تعتبر بعض القرارات الصادرة من أفراد عاديين لا يتمتعون بصفة الموظف العام، صحيحة و منتجة لآثارها وذلك سواء في الظروف العادية أو الاستثنائية.
و تقوم هذه النظرية في الظروف العادية على أساس فكرة الظاهر و التي ترمي إلى حماية الغير حسن النية الذي تعامل دون علم بحقيقة الأمر مع من ظهر بمظهر الموظف العام المعين بطريقة قانونية صحيحة، تم اتضح بعد ذلك عدم صحة تعيينه، و تعتبر التصرفات والقرارات الصادرة عن الموظف الفعلي صحيحة و إن ألغي تعيينه فيما بعد.
أما في الظروف الاستثنائية كحالة الحرب أو اختلال نظام الحكم في الدولة، فإن النظرية تقوم على أساس الضرورات العملية و مبدأ سير المرفق العمومي بانتظام و اضطراد. إذ يقوم أفراد عاديون بإصدار قرارات إدارية ضرورية لاستمرار تشغيل المرافق العامة مثل هذه القرارات صحيحة رغم صدورها من أشخاص عاديين لا يتمتعون بصفة الموظف العام.
- الاعتداء على اختصاص السلطة التشريعية أو القضائية
في هذه الحالة تقوم السلطة الإدارية بإصدار قرار في موضوع يدخل في اختصاص السلطة التشريعية أو القضائية بحكم الدستور.
فهذا القرار يعتبر معدوما لا و جود له و لا أثر له من الناحية القانونية، لأن عيب عدم الاختصاص جسيم، و يظهر اعتداء السلطة الإدارية على اختصاص السلطة التشريعية ،في حالة تدخل الإدارة بإنشاء جهة قضائية جديدة أو تعديل اختصاص جهة قضائية قائمة، و هنا يكون قرارها مشوبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم، أي باغتصاب السلطة أما فيما يتصل بالاعتداء على السلطة القضائية فيظهر في تدخل السلطة الإدارية للفصل في منازعة تدخل ضمن اختصاص السلطة القضائية. ونتيجة لذلك لا يكون قرار الإدارة قابلا للإلغاء بل يكون معدوما لما انطوي عليه من اغتصاب للسلطة.
عيب الاختصاص البسيط:
يمكن تعريف عيب عدم الاختصاص البسيط بأنه مخالفة قواعد الاختصاص في مجال الوظيفة الإدارية مخالفة جسيمة.
و عدم الاختصاص البسيط قد يكون سلبيا أو ايجابيا و تتجلى الحالة الأولى في امتناع موظف عن إصدار قرار يختص به اعتقادا منه أنه لا يدخل في اختصاصه.
أما عدم الاختصاص الإيجابي فيتمثل في قيام أحد الموظفين بإصدار قرار جعله القانون من اختصاص موظف آخر، و لهذا النوع من عدم الاختصاص صور ثلاث هي:
ü عدم الاختصاص الموضوعي
ü عدم الاختصاص الزمني
ü عدم الاختصاص المكاني
-عدم الاختصاص الموضوعي
ويقصد به أن يصدر أحد أعضاء السلطة الإدارية قرارا يدخل في اختصاص عضو آخر، و يظهر عدم الاختصاص الموضوعي في حالات متعددة، كاعتداء سلطة إدارية على اختصاص سلطة إدارية موازية، أو اعتداء الرؤوس على اختصاص الرئيس، أو اعتداء السلطة المركزية على اختصاص الهيآت اللمركزية...
و يتحقق عدم الاختصاص الموضوعي في حالة اعتداء سلطة إدارية مركزية أخرى لا تربطها بها علاقة تبعية أو رقابة، كأن يعتدي أحد الوزراء على اختصاص وزير آخر نظرا لعدم دقة تحديد الاختصاص بين الوزارتين.
-عدم الاختصاص الزماني:
يتمثل الاختصاص الزماني في ممارسة صاحب الاختصاص مهامه خلال المدة الزمنية التي يتبث له فيها هذا الاختصاص طبقا للقانون، فلا يحق لعضو السلطة الإدارية أن يصدر قرارا قبل توليه وظيفته أو بعد تركه لها بسبب النقل أو الترقية أو الاستقالة، كما لا يجوز للمجالس المحلية مزاولة وظيفتها إلا اثناء المدة الزمنية المحددة لها، و لهذا فكل قرار صادر خارج المدة الزمنية التي حددها المشرع يكون باطلا و مشوبا بعيب الاختصاص الزماني.
عيب الاختصاص المكاني:
يرتبط الاختصاص المكاني عامة في المجال الترابي،و يتحقق عدم الاختصاص المكاني عندما يصدر قرار إداري في غير نطاق الإقليم أو المنطقة المحددة للسلطة التي أصدرته، فإذا أصدر مثلا رئيس المجلس الجماعي قرارا يهم جماعة أخرى لا تدخل ضمن نفوذه فإنه يعتبر صادرا من غير مختص. فيكون بذلك القرار مشوبا بعيب الاختصاص المكاني و بالتالي وجب إلغاؤه.
ثانيا:عيب الشكل
يتوجب على أي قرار إداري صادر عن إدارة معينة، أن يراعي الأشكال والإجراءات التي حددها القانون في هذا المجال، حيث أن القاعدة العامة تذهب في سياق أن كل مخالفة من جانب الإدارة لقواعد الشكل والإجراءات يترتب عليها تعرض القرار المطعون فيه للإلغاء.
ومن هذا المنطلق، فأن عيب الشكل يمكن الدفع به في دعوى الإلغاء كلما صدر القرار الاداري دون احترام الاجراءات او الشكليات المتطلبة قانونا، والمنصوص عليها في القانون السالف ذكره.
والاجراءات القانونية التي يجب ان تسبق بعض القرارات الادارية متعددة ومتنوعة، وتعني مجموع العمليات التي يجب على الادارة اتباعها قبل الاقدام على اتخاذ القرار الاداري، وتختلف هذه الاجراءات من قرار لاخر حيث من الممكن ان تتعلق مثلا بضمان الحق في الدفاع، كما يمكن ان تنصب على الالتزام باحترام وقت معين من طرف الادارة.
اما بخصوص الشكل الذي يجب ان يتوفر في القرار الاداري فيقصد به الصورة التي يوضع فيها القرار، ولا يشترط في القرار الاداري ان يصدر في صيغة معينة او بشكل معين الا اذا نص القانون على خلاف ذلك، فيمكن ان يكون القرار مكتوبا او شفويا او ان يأخد شكلا آخر كالاشارة او الايماءة او السكوت الذي يعني الرفض او القبول، "ولا يمكن للقاضي ان يفرض على الادارة كتابة قرارها الشفوي".
ومن بين أهم ما يتضمنه القرار عادة، مكان وتاريخ صدوره ومضمون القرار و تسبيبه إذ ان الاصل ان الادارة ليست ملزمة بتسبيب قرارتها وبصدور قانون 03.01 اصبحت ادارات الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد اليها بتسيير مرفق عام ملزمة بتعليل قراراتها الادارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني تحت طائلة عدو الشرعية وذلك بالإفصاح كتابة في صلب القرار عن الاسباب الواقعية والقانونية التي الداعية الى اتخاذ القرار. والتوقيع عليه من الجهة المصدرة له، حيث يعتبر هذا الأخير (التوقيع) من الشكليات التي يجب ان يتضمنها القرار لمعرفة الشخص الذي اتخده ومعرفة هل يتوفر على الاختصاص لاتخاده.
اما فيما يتعلق بالشكل الشفوي للقرار الاداري، فنجد أن السكوت يعتبر من بين أهم هذه الأشكال، حيث يعني غالبا الرفض وقد يعني القبول في بعض الحالات التي يحددها القانون وهو ما يعبر عنه بالقرار الضمني، وقد نصت المادة 23 من قانون 41.90 على انه "اذا التزمت الادارة الصمت طوال ستين يوما في شأن طلب قدم اليها اعتبر سكوتها عنه ما لم ينص قانون على خلاف ذلك بمثابة رفض ...".
ومنه فإن عدم الإلتزام بهذه الإجراءات والشكليات في القرار الإداري من طرف الإدارة، يعتبر موجبا لقبول الطعن فيه، حسب المادة 20 السالف ذكرها من قانون إحداث المحاكم الإدارية.
ثانيا :عيوب الشرعية الداخلية للقرار الإداري
يمكن أن يؤثر انعدام الشرعية الداخلية على مختلف عناصر القرار الإداري المرتبطة بالهدف أو الموضوع أو المحل والسبب، وتنصب رقابة القاضي على مختلف هذه العناصر ، لذلك يجب دراسة عيوب الشرعية الداخلية من خلال مراقبة انحراف استعمال السلطة (الفقرة الأولى) ثم مراقبة خرق القانون (الفقرة الثانية)، ثم مراقبة الأسباب(الفقرة التالثة)
1:عيب الإنحراف في استعمال السلطة
القرار الإداري ليس غاية في حد ذاته بل هو وسيلة الهدف منها تحقيق الغايات والأهداف والمصالح العامة للمجتمع، فإذا كان القرار يستهدف غاية بعيدة عن المصلحة العامة ، فإن قراره يكون مشوبا بعيب الإنحراف في استعمال السلطة مما يجعل القرار مستحقا للإلغاء.
ويظهر عيب الإنحراف في استعمال السلطة ، عندما يصدر القرار الإداري من قبل سلطة مختصة محترما الشكليات التي يجب أن يصدرفيها القرار لتحقيق غرض غير الذي حدده القانون ، ويتخذ هذا العيب ثلاثة مظاهر أساسية كالآتي:
الإنحراف عن المصلحة العامة :وذلك عندما يتخذ القرار الإداري من أجل تحقيق مصلحة شخصية عوض تحقيق المصلحة العامة
2 الإنحراف عن المصلحة المختصة : عندما تصدر الإدارة قرارا إداريا يهدف إلى تحقيق غاية معينة غير تلك التي حددها المشرع ، كأن تتخذ السلطة المكلفة بالحفاظ على الأمن والسكينة قرارات إدارية خارجة عن هذا النطاق.
الإنحراف عن الإجراءات المسطرية: يقصد به أن تلجأ الإدارة إلى استعمال إجراءات غير تلك المنصوص عليها في القانون قصد بلوغ غرض آخر تسعى إلى تحقيقه، كأن تصدر قرارات تأديبية من الإدارة تقضي بالعزل دون اتباع الإجراءات القانونية ، واحترام الضمانات التي حددها القانون .
2:عيب خرق القانون
ويرتبط عيب خرق القانون بمحل القرار الإداري ، وهذا الأخير هو الأثر القانوني الذي يحدثه مضمونه مباشرة أي أنه جوهر القرار ،بل إن الأركان الأخرى تعتبر أركانا مساعدة لكي يخرج القرار الإداري إلى حيز الوجود، ولكي يتحقق مخالفة القرار الإداري للقواعد القانونية ، يكون محله معيبا بإحدى الحالات التالية:[29]
المخالفة المباشرة: عندما تتجاهل الإدارة القاعدة القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة ، وقد تكون هذه المخالفة عمدية ، كما قد تكون غير عمدية نتيجة عدم علم الإدارة بوجود القاعدة القانونية .
الخطأ في التفسير : تتحقق هذه الحالة عندما تخطأ الإدارة في تفسير القاعدة القانونية ، فتعطي معنى غير المعنى الذي قصده المشرع ، وهو خطأ إما يكون غير متعمد من جانب الإدارة بسبب غموض القاعدة القانونية .
الخطأ فب التطبيق: يحصل هذا الخطأ في حالة مباشرة الإدارة للسلطة التي منحها القانون إياها ، بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها القانون ،ويتخذ الخطأ في التطبيق صورتين أساسيتين هما: حالة صدور القرار الإداري دون الإستناد إلى وقائع مادية ، وحالة عدم وجود تبرير الوقائع للقرار الإداري .
3: عيب السبب
يعتبر ركن السبب عن الحالة الواقعية أو القانونية بعيدة عن رجل الإدارة ومستقلة عن إرادته ، وهو ما جعل بعض الفقه الإداري يعتبره العنصر الأول للقرار ويجب أن تكون الواقعة التي يقوم عليها هذا الأخير موجودة فعلا وصحيحة ، كاقتراف الموظف ذنبا إداريا حقيقيا ، فسبب القرار يجب أن يكون حقيقيا لا صوريا أو وهميا ، وقانونيا تتوفر فيه الشروط التي يتطلبها القانون ، وبالتالي إذا فقد القرار الإداري سببه الصحيح كان معيبا وباطلا.
وعليه فإن السبب هو أحد أركان القرار الإداري التي ينبغي أن تؤسس عليها ، وهو ما يتعلق بالظروف الواقعية والقانونية التي يرتكز عليها ، بصفتها مبررات موضوعية ، ولايهم ما إذا كان السبب يشكل عيبا مستقلا ومتميزا عن باقي العيوب ، أم يتداخل مع عيب الشكل أو الموضوع ولكن المهم هو بحث الصور التي يتخذها السبب كأحد عيوب القرار الإداري ، فقد ينحصر في تبيان الوجود أو عدم الوجود الفعلي للسبب أو مدى شرعية السبب على الصعيد القانوني ، أو في مدى جدارة التقدير للوقائع المنسوبة باعتبارها سببا معتمدا لإصدار القرار الإداري.
الخطأ المادي : وذلك بوجود أو عدم وجود الفعل المنسوب للمتهم ، فقد تصدر الإدارة قرارا في حق شخص على أساس أنه ارتكب خطأ معينا ، ثم يتبث أن ذلك محض افتراء مما يجعل المحكمة تصدر حكما بإلغاء القرار لعدم الوجود الفعلي لركن السبب.
الخطأ القانوني : نكون بصدد خطأ قانوني ، كأن يتبين أن الإدارة أسندت قرارها بالعزل أو التوقيف على أساس أن المعني بالأمر قام بأعمال محظورة قانونا لكن بعد التحري والبحث وإجراء الخبرة يتضح أن الأعمال الخارجة عن القانون المنسوبة إلى المعني بالأمر ، لا ينص القانون على العقوبة نفسها التي أصدرت الإدارة ، وبالتالي يكون تفسيرها وتطبيقها للقاعدة القانونية متسما بالشطط في استعمال السلطة.
خطأ التكييف: تقدير مدى العلاقة الموجودة بين الخطأ المرتكب والتفسير المعطى له، فارتكاب أي خطأمهما كانت خطورته لا يؤدي إلى إصدار عقوبة إدارية مماثلة،فعصيان أوامر الرئيسليس هو تحيته بكيفية خاصة ، أو إغلاق الباب أثناء العمل أو الجلوس بكيفية معينة ، وبالتالي تدخل القضاء لرقابة التكييف المحدد للوقائع من لدن الإدارة ، إلا أن هذه الرقابة تواجهها مشكلات دقيقة عندما يكون الموضوع ذا طابع تخصيصي أو ناتج عن مشكلات ميدانية أو عن أعمال لجنة متخصصة، يتعذر معها على القاضي أن ينظر في طبيعة التكييف للوقائع موضوع النزاع.
المبحث الثاني : الإجراءات المسطرية لدعوى الإلغاء
هناك مجموعة من الإجراءات مخصصة لرفع دعوى الإلغاء بسبب تجاوز حد السلطة , يتعين على ذوي المصلحة احترامها والعمل بها ومخالفتها تتسبب في إبطال الدعوى, لأنها تكتسي طابع النظام العام, حيت تخضع دعوى الإلغاء شأنها شأن باقي الدعاوى المدنية لنفس القواعد الإجرائية المقررة في قانون المسطرة المدنية, وقد أشارت المادة 7 من القانون رقم 90-41 المغربي المحدث بموجبه المحاكم الإدارية إلى أنه: تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في ق.م.م ما لم ينص قانون على خلاف ذلك.
وسنعمل من خلال ما سبق على دراسة إجراءات رفع دعوى الإلغاء "المطلب الأول" ومن تم سنتطرق إلى الإجراءات المتبعة للفصل في دعوى الإلغاء " المطلب الثاني"