مقدمة
إن المدخل إلى دراسة أي علم من العلوم، إنما يهدف عادة إلى التعريف بهذا العلم، وإعطاء المعلومات الأولية عنه، وبيان خصائصه التي تميزه من باقي العلوم الأخرى، وشرح مبادئه العامة وأفكاره الرئيسة بصورة تمهد لدراسة ذلك العلم ذاته فيما بعد.
ولا شك في أن المجتمع الذي تخلو ربوعه من ظلال القانون سيكون بمنزلة غابة يأكل القوي فيها الضعيف، فتتعثر مسيرة الحياة، ويطغى الاضطراب وعدم التوازن فيها. ودراستنا للمدخل إلى علم القانون، إنما ه ي دراسة تمهيدية، وشرح للمبادئ العامة المشتركة في العلوم القانونية لكي نسهل الطلاب العلم معرفة القانون، وفهمه، ونساعدهم على استيعاب الأحكام، والمبادئ العامة التي تستند إليها القوانين بكافة فروعها.
فالقانون بكل فرع من فروعه يحفظ حقوق متعددة للأفراد والدولة ويحميها ، وهو يرمي إلى تنظيم المجتمع تنظيما من شأنه العمل على تحقيق الخير العام للأفراد كافة ، ويعمل على صيانة الحريات للأفراد ومصالحهم الخاصة، فالقانون أمر لابد منه، ولا يتسني لمجتمع من المجتمعات مهما كانت درجة ثقافته أن يتملص نهائيا من وضع قواعد يمكنه من خلالها تسيير أموره.
والمدخل إلى علم القانون ليس مرتبطا بفرع معين من فروع القانون التي تنتظم جميعها في إطار عام هو النظام القانوني للدولة، لأنه يرتبط بكل فروع النظام القانوني، فهو يمهد للفروع القانونية جميعها.
ولكن مع التسليم بصحة هذا الرأي، فقد جرى العمل على أن دراسة المدخل إلى علم القانون تلحق بالقانون المدني، وذلك تأسيسا على أن القانون المدني هو القانون العام، إذ نص على أغلب المبادئ والقواعد العامة التي تدخل في الدراسة التمهيدية للقانون.
ونخلص من هذا إلى أن القانون في أي دولة بما يشمله من القانون العام والقانون الخاص بفروعهما، يقوم على أسس ومبادئ ونظريات عامة تستخدم فيها تعبيرات ومصطلحات قانونية مشتركة، لها مدلولات ثابتة لا تتغير، وهي موضوع الدراسة دائمة في المدخل إلى العلوم القانونية، وهي التي تتضمنها بوجه عام النظريتان الأساسيتان، وهما النظرية العامة في القانون، والنظرية العامة في الحق، ولهذا ستكون هاتان النظريتان مع نظرية الالتزام هي موضوع دراستنا. ونعرض لكل من هذه النظريات في قسم مستقل وفق الآتي:
القسم الأول: النظرية العامة في القانون
القسم الثاني: النظرية العامة في الحق
القسم الثالث: نظرية الالتزام